عملية “يافا” تكبح التهور السعودي
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
تعود السعودية خطوة إلى الوراء وتتراجع عن إجراءاتها الاقتصادية العدائية ضدّ اليمن، بعد أيام من إطلاق السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي تهديدًا صريحًا ضدّ أمنها الاقتصادي ومصالحها، وإعلانه عن معادلة “البنوك اليمنية بالبنوك السعودية، ومطار صنعاء بمطار الرياض والموانئ بميناء الحديدة”.
عملية “يافا” المباركة آتت أكلها سريعًا، وجدية اليمن في إسناد غزّة وثباته على الموقف رغم التحالفات الأميركية والغربية ضدّه دفعت السعودي لإعادة التفكير وقراءة الأحداث من زاوية التأثيرات والمخاطر المحتملة على بنوكه وموانئه ومنشآته الحيوية في حال التصعيد مع اليمن، لا سيما والأخير يمتلك من القدرات في هذه المرحلة ما لم يمتلكه خلال حرب السنوات الثماني الماضية.
وبعد أيام من المباحثات والمداولات أصدر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جراندبرغ بيانًا كشف فيه عن اتفاق يتضمن عدة تدابير لخفض ما أسماه التصعيد في ما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.
بنود الاتفاق حسب الإعلان الأممي وتأكيد رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام هي:
– إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضدّ البنوك والتوقف مستقبلًا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.
– استئناف طيران “اليمنية” للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميًّا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميًا أو بحسب الحاجة.
– عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة.
– البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق.
تلك هي مضامين الاتفاق الذي حرص المبعوث الأممي كعادته على أن يقدمها على أنها اتفاق بين الأطراف اليمنية، متجاهلًا دور السعودية في اختلاق الأزمة ورفع منسوب التوتر ومن ثمّ التراجع والنزول عن الشجرة. والمفارقة العجيبة إشارة غروندبرغ إلى ما أسماه الدور الهام الذي لعبته السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق.
محاولات تلميع السعودية وإظهارها كوسيط أصبحت لازمة في بيانات الأمم المتحدة في ما يخص الأزمة اليمنية وديباجة اعتاد الناس على قراءتها وسماعها. وهذا أمر لافت يظهر حجم قلق ابن سلمان من تداعيات عدوانه على اليمن واحتمالية استئناف المواجهات في العمق السعودي.
في قراءة أولية لنص الاتفاق فصنعاء أجبرت حكومة المرتزقة على التخلي عن إجراءاتها التصعيدية في ما يخص نقل البنوك ومنع التحويلات المالية بتهديد مشغلها السعودي ليتأكد أن هذه السلطة شكلية ولا تملك أي قرار، في المقابل الثقة بين السلطة في صنعاء والبنوك الخاصة والأهلية، وكذلك التجار ورؤوس الأموال، تتعزز أكثر وأكثر.
أزمة نقل البنوك نستطيع أن نقول إنها انتهت، والرحلات من مطار صنعاء إلى الأردن ستعود، لكن المطب في الاتفاق هو في ما يخص زيادة الرحلات إلى القاهرة والهند بقصد العلاج. فرغم وضوح النص باعتماد رحلتين إلى هذين البلدين إلا أن الأمم المتحدة تركت الباب مواربًا للتنصل والمماطلة لطرف العدوان بما أبدته من استعداد للتواصل مع السلطات الهندية والمصرية للقبول بفتح الأجواء واستقبال الرحلات من صنعاء. ففي هذه الحالة تستطيع السعودية أن تمارس الضغط على مصر لعدم الموافقة على التعاون مع صنعاء كما حدث مع أول اتفاق لخفض التصعيد قبل أكثر من عامين والأمر ينسحب على الهند بمطالبتها بالامتناع عن استقبال رحلات صنعاء.
الحديث عن التعاون والتنسيق لحل الخلافات الإدارية والمالية مع شركة “اليمنية” من أجل التوصل إلى اقتصاد يخدم جميع اليمنيين ويدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة يخضع للرغبة السعودية في إنهاء تدخلها في اليمن ومن خلفها الأميركي الذي يريد بقاء الحال على ما هو عليه للضغط على سلطة صنعاء وابتزاز العملاء في الإقليم.
الاتفاق في مضمونه خطوة مهمّة لنزع فتيل التوّتر لكن الأزمة ما تزال قائمة والاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني طويلة، وتحتاج إلى ممارسة الضغط على السعودي وداعميه لوقف دائم لإطلاق النار ورفع الحصار وخروج قوات الاحتلال والمضي في صرف المرتبات وإعادة الإعمار، وما سبق شروط اليمن لأي اتفاق شامل مع دول العدوان.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مخاطر “التصعيد” على اليمن.. الأعداءُ سيدفعون الثمن
يمانيون – متابعات
يواصلُ العدوُّ الأمريكي البريطاني شَنَّ غاراته العنيفة على اليمن، في مساندة واضحة ومباشرة للعدو الإسرائيلي الذي يرتكبُ جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
وخلال الأيّام الماضية كثّـف العدوان الأمريكي البريطاني من غاراته على عدة محافظات يمنية، بما فيها أمانة العاصمة، ومحافظات عمران وصعدة والبيضاء والحديدة، محاولًا ثنيَ اليمن عن موقفه المبدئي والثابت المساند لغزة، وهو تصعيدٌ أكبرُ من ذي قبل، ويحمل الكثير من المؤشرات والدلالات على أن العدوّ الأمريكي قد يتجه إلى مغامرة جديدة غير محسوبة في اليمن، حَيثُ يساعده في ذلك الحماسُ غير المبرّر من العملاء اليمنيين الذين يؤكّـدون في تصريحاتهم جهوزيتَهم العالية لإعادة الحرب وإشعال الجبهات من جديد ضد القوات المسلحة اليمنية، في تماهٍ واضح مع العدوّ ومخطّطاتها.
ويرى رئيس الدائرة السياسية لحزب العدالة، الدكتور فرحان هاشم، أن هذا العدوان يأتي في ظل الوضع المتأزم للحكومة الأمريكية المهزومة في الانتخابات التي تسعى إلى إيصال رسائلَ إلى الشعب اليمني، وإلى القيادة اليمنية؛ نظرًا لموقفنا الثابت والمساند للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية.
ويؤكّـد الدكتور هاشم خلال لقاء له على قناة “المسيرة” أن “القوات المسلحة اليمنية استطاعت أن توجّـه ضرباتٍ موجعةً وقاسية للبحرية الأمريكية، في البحر الأحمر والبحر العربي، والبحر المتوسط، وكذلك أوقفت الملاحةَ الصهيونية في المياه الإقليمية اليمنية، وحتى رأس الرجاء الصالح، مع استمرار المجازر الصهيونية في لبنان وفلسطين”.
وكمحاولة لثني اليمن عن موقفه المساند لغزة ولبنان، فَــإنَّ هناك رغبةً وترتيبات أمريكية لتحريك العدوان السعوديّ الأمريكي من جديد، وهو ما أشار إليه السيد القائد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- في خطاباته حول مستجدات الوضع في المنطقة والعالم الخميس الماضي، حَيثُ وجّه السيد القائد رسائلَ تحذيرٍ لدول العدوان الأمريكي السعوديّ، وصفها مراقبون بالرسائل النارية والتحذيرية.
وقال السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي: إن “على دول الجوار عدمَ الانجرار وراء الضغوط الأمريكية، أَو التواطؤ في أي عدوان على اليمن”، موضحًا أن هناك نوعًا من التحضيرات والضغوط من الأمريكيين على طرف العدوان لإعادة الحرب من جديد في اليمن.
ويرى هاشم أن “ثمة ضغوطًا مُستمرّة وتحضيرات تقوم بها أمريكا لإعادة الحرب والعدوان على اليمن عبر أدواتها في المنطقة الإمارات والسعوديّة ومرتزِقتهم، والذي كان في العام 2015، ولا يزال مُستمرًّا، فهو يتوقف أحيانًا وترتفع وتيرته أحيانًا أُخرى”.
ويضيف أن “أي تحَرّك للعدو سواء في جبهات الحدود، أَو جبهات التماس في الداخل، سيقابَلُ بقوة وحزم، وستفشل كُـلّ الجهود والمحاولات أمام اليمن داخليًّا وخارجيًّا، وهذا لن يثنيَ اليمن عن موقفه الواضح أمام العدوان الصهيوني على فلسطينَ ولبنان، مهما كان حجم التضحيات وحجم التحديات والتهديدات، فنحن جاهزون ومستعدون لكل السيناريوهات”.
ويشير إلى أن “القيادة تدرك أن التفاهمات التي وصلنا لها مع طرف العدوان قبل (طُـوفَان الأقصى)، وكدنا نقتربُ من نقطة التوقيع على الاتّفاق، لكن الولايات المتحدة تدخلت بكل ثقلها لكي توقفَ هذه الاتّفاقات، لا سِـيَّـما بعد الموقف اليمني المشرِّف والتاريخي والمتصاعد لإسناد القضية الفلسطينية ومقاومته الشريفة، وكذلك المقاومة الإسلامية في لبنان”.
حالةُ حرب مُستمرّة:
ويؤكّـد هاشم أن “أمريكا تحاولُ من خلالِ هذه الإدارة المهزومة والتي يتبقى لها بضعة أشهر، أن تفجِّرَ الوضعَ أمام الإدارة الأمريكية القادمة، وكذلك مواصلة استهداف كُـلّ الشعوب الحرة، وعلى رأسها الشعب اليمني، وقيادته الحكيمة ممثلة بالسيد القائد السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، الذي قاد اليمنَ نحوَ معركة تحرّر واستقلال شاملة؛ وإسنادًا لكل أطراف محور المقاومة وإعادة صياغات مفهوم التحرّر الوطني والقومي والإسلامي”.
ويوضح أن “اليمن يدرك أنه في عين العاصفة، وأن موقفنا المتقدم لإسناد فلسطين ولبنان، ندفع ثمنَه من خلال هذه الغارات الأمريكية البريطانية، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تثنيَنا عن موقفنا، ومستعدون لأي تصعيدٍ أمريكي ولكل السيناريوهات التي قد يضعُها أمامنا العدوُّ أيًّا كانت”.
وتحاولُ الإدارة الأمريكية منذ أَيَّـام الدفع بالنظامين السعوديّ والإماراتي لتحريك المرتزِقة، وفتح جبهات قتالية ضد أبطال القوات المسلحة الذين يسطّرون أروع البطولات في مواجهة ثلاثي الشر أمريكي وبريطانيا و”إسرائيل”.
وفي السياق يؤكّـد الخبير العسكري هاشم وجيه الدين أننا “لا نزال في حالة حرب مفتوحة، مع السعوديّة والإمارات وأدواتهم في الداخل، وكذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني والبريطاني بشكل مباشر ومُستمرّ منذ العام 2015 وحتى اللحظة”.
ويوضح أن الغارات الأمريكية الصهيونية على اليمني هي امتداد للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن؛ فالغارات التي استهدفت اليمن في صنعاء العاصمة والمحافظة وعمران والحديدة، “جاءت من طائرات انطلقت من قاعدة على الأراضي السعوديّة وعادت إليها”.
ويضيف أن “هذا العدوان تصاعَدَ بتصدُّرِ الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي المشهد منذ (طُـوفَان الأقصى)، والموقف اليمني المساند للمقاومة الفلسطينية”، مؤكّـدًا أن “القيادة السياسية والعسكرية وفي مقدمتهم القيادة الثورية، أرسلت أكثرَ من رسالة قوية تحذر كُـلّ القوى التي قد تتورط في العدوان على اليمن، بأن الثمن سيكونُ باهضًا والنتائج ستكون كارثية على العدوّ ومن تورّط معه”.
ويشير إلى أن “الموقف سيتم تقديره من قبل القيادة العسكرية اليمنية”، مؤكّـدًا أن “أي طرف في الداخل أَو في الإقليم، أَو أية قوى دولية، تقدم الدعم للعدوان على اليمن بأي شكل من الأشكال، عليها أن تدرك، أن يمن اليوم يختلف عن يمن الأمس، فنحن جاهزون، والجميع سيدفع الثمن وفي مقدمتهم دول الجوار المتواطئة مع الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني”.
—————————–
المسيرة| محمد الكامل