عين ليبيا:
2024-09-07@16:47:18 GMT

التطور التاريخي لمبدأ السيادة (1 – 5)

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

لقد سبق لي تناول موضوع مفهوم السيادة في القانون الدول العام في مقال سابق نشر بشبكة “عين ليبيا” بتاريخ 21 سبتمبر 2017م.

ولأهمية الموضوع ولما تتعرض له بلادنا من انتهاكات صارخة لسيادتها الوطنية أعود اليوم من جديد لإعطاء لمحة بسيطة حول التطور التاريخي لمبدأ السيادة للمهتمين بهذا الموضوع  باعتباره موضوع إنساني عميق، وهو – بوصفه نتاجا إنسانيًا لا يرقى إلى الكمال أبدا، بل هو وفي المراحل التاريخية المختلفة – يصور عرضا مستمرا للصراع الإنساني بين قوى الخير وقوى الشر، وبين المثل العليا والأطماع مما يجعل منه مأساة إنسانية.

ولا يتسع المجال في هذا المقال لعرض كافة مراحل هذا الصراع في تاريخ البشرية، فتاريخ هذا الصراع مستمر ومتصل منذ بدء الخليقة، وحتى الآن.

ففي مصر القديمة نجد السلطة في الدولة قد قامت على دعامتين: المادية والدينية، وكانت الدعامتان تزدوجان في شخص الملك في أول الأمر، ثم استقلتا بعد ذلك في هيئتين منفصلتين: تزاول إحداهما السلطة على الإقليم وعلى الرعايا وتباشر الثانية، وهي هيئة الكهنوت السلطة على الرعايا والملك عن طريق الدين.

إن لفظ السيادة لم يكن معروفا في مصر، إذ كانت الحياة تسير، ولم تكن في حاجة إلى تبرير قيام دولة فالحاكم كان الإله المفوض في خلق الكون.

وعلى هذا المنوال صارت الأمور في حضارة الفرات.

أما اليونان القديمة كانت مقسمة إلى مدن مختلفة، وكانت كل مدينة مستقلة، وترتبط فيما بينها بعلاقات وقت السلم ووقت الحرب، على أن السيادة بمفهومها الحالي لم تكن معروفة لدى اليونانيين، على الرغم من اهتمامهم بوضع نظرية عن الدولة، كما يدل على ذلك كتاب “أرسطو عن السياسية” الذي استخدم فيه لفظ السيادة 3 مرات.

أما بالنسبة لروما فكانت تنظر إلى علاقاتها مع الدول الأخرى نظرة الرئيس إلى المرؤوسين، وكان القانون الروماني يقسم هذه الشعوب وفق ما يلي:

الشعب الروماني صاحب الصدارة والرئاسة الشعوب الصديقة لروما المتمتعة بالحكم الذاتي الشعوب الحليفة لروما- لشعوب الخاضعة للحكم الروماني الممالك المستقلة والتي توارث عروشها الأباطرة الرومانيون

وبالرغم من هذا فإن الإمبراطورية الرومانية بدأت تفقد سيطرتها على بعض الشعوب الأوروبية، لقد تحررت إنجلترا من رابطة الأمبراطورية، وبدأت في صورة الدولة المستقلة، وكذلك فرنسا، وقد ترتب على بدء ظهور هذه الدول المتحررة أن تكونت حركة فكرية أدركت مفهوم السيادة، وتقنين مدلولها وما يدخل فيها أو يتفرع عليه من حقوق، وكانت هذه الحركة الفكرية تذهب إلى أن للسيادة وجهين:

وجه ينظر الى العلاقات الخارجية وجه ينظر إلى الداخل وذلك بعنايته بسلطة الأمة في تنظيم شؤونها الداخلية

ثم جاء الإسلام في أوائل القرن السابع وانتشر دينه انتشارا سريعا، والإسلام دين ودولة، والأصل الأول فيه كتاب الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، والذي وضع مبادئ عامة وقواعد كلية، ولم يتعرض إلى تفصيل الجزئيات المتغيرة بتغير الزمان والمكان وباعتباره صالحا للتطبيق لكل الأزمنة والأمكنة، بل نص على الأسس الثابتة والقواعد الكلية التي يبنى  عليه تنظيم الشؤون العامة للدولة، وسنبحث ذلك عند الحديث عن السيادة في الدولة الإسلامية.

هذا هو التطور التاريخي لمبدأ السيادة قديما وباختصار، ومنه يتضح بأن مبادئ (السيطرة والتحكم) وجدت منذ أن وجد التجمع الإنساني، وأن الصراع استمر قائما في الإمبراطورية الرومانية إلى أن بدأت الدول في الاستقلال عنها وأن الدولة الإسلامية هي نظام قام على تحرر الفرد والمجتمع من السيطرة والتحكم وأحل بدلها العدالة، والشورى، والمساوة، والحرية.

هذا باختصار التطور التاريخي لمفهوم السيادة قديما.

ساتناول في المقال القادم مفهوم السيادة في العصر الحديت إن شاء الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التطور التاریخی

إقرأ أيضاً:

فيلم “بليتز” الدرامي التاريخي يفتتح مهرجان لندن السينمائي

متابعة بتجــرد: من المقرر أن يفتتح فيلم “بليتز” الدرامي التاريخي للمخرج البريطاني ستيف ماكوين فعاليات مهرجان لندن السينمائي في تشرين الأول المقبل، والذي يتمحور حول الحرب العالمية الثانية، وفق وكالة “فرانس برس”.

ويُعرض الفيلم الروائي الجديد للمخرج الذي فاز شريطه “تويلف ييرز إيه سليف” Twelve Years a Slave بجائزة الأوسكار في مستهل مهرجان لندن الذي ينطلق في 9 تشرين الأول ويستمر 12 يوما في العاصمة البريطانية.

وقالت مديرة المهرجان كريستي ماثيسون إن فيلم “بليتز” الذي يشكّل نوعا من “لوحة غن الحياة البريطانية” خلال القصف الألماني لإنكلترا عامي 1940 و1941، كان الخيار الأمثل لبداية المهرجان.

وأضافت خلال مؤتمر صحافي عن المهرجان عُقد الأربعاء في “بريتيش فيلم إنستيتيوت” في لندن أن هذا الفيلم الطويل الذي يتولى بطولته ساويرس رونان وهاريس ديكنسون “مبهر بصريا”.

وسيحظى المشاهدون أيضا بفرصة الاطلاع على لمحة عن المسلسل التلفزيوني الجديد لمبتكر مسلسل “بيكي بلايندرز” ستيفن نايت بعنوان “إيه ثاوزند بلوز” A Thousand Blows، من بطولة الممثل البريطاني ستيفن غراهام.

ويتناول هذا المسلسل الذي يُعرض السنة المقبلة على منصة البث التدفقي “ديزني +” في المملكة المتحدة ودول أخرى، وعلى “هولو” في الولايات المتحدة، العالم المظلم للملاكمة غير القانونية في لندن في ثمانينات القرن التاسع عشر.

وتشهد الدورة الثامنة والستون للمهرجان أيضا العرض العالمي الأول لفيلم “جوي” Joy عن القصة الحقيقية للبريطانيين الثلاثة الذين كانوا وراء ولادة أول طفل في العالم عن طريق الإخصاب في المختبر، ويتولى الأدوار الرئيسية فيه بيل نايي وتوماسين ماكنزي وجيمس نورتون.

ومع أن هذا المهرجان ليس واحدا من الأحداث السينمائية الكبرى في أوروبا كمهرجانات كان والبندقية وبرلين، اشتهر باختياره مجموعة قيّمة من الأفلام في برنامجه، وبتسليطه الضوء على المواهب البريطانية الناشئة.

وتتضمن هذه الدورة عرض 253 فيلما روائيا أو قصيرا أو مسلسلا أُنتِجَت في نحو 80 دولة في 63 لغة.

ويختتم المهرجان في 20 تشرين الأول بالعرض الأوروبي الأول لفيلم الرسوم المتحركة “بيس باي بيس” Piece by Piece للمخرج مورغان نيفيل، والذي يتناول حياة الموسيقي ومصمم الأزياء فاريل وليامز، وهو أيضا ممثل ومنتج.

ويروي هذا الفيلم الطويل القائم كليا على قطع لعبة التركيب “ليغو” قصة طفولة الفنان في الولايات المتحدة و”رحلته” نحو الشهرة.

ومن فعاليات المهرجان الأخرى أيضا العرض الأوروبي الأول للفيلم الوثائقي الجديد “إلتون جون: نيفر تو لايت” Elton John: Never Too Late عن جولة حفلات المغني في الولايات المتحدة، وهو من إخراج آر.جاي كاتلر وديفيد فورنيش، زوج النجم البريطاني الشهير.

main 2024-09-05 Bitajarod

مقالات مشابهة

  • نحو النهضة – 3
  • بعد زيارة تاريخية إلى الصين – رئيس مجلس السيادة يعود إلى البلاد
  • الإمارات وإفريقيا.. علاقات تاريخية متنامية
  • الشعوب المحتكرة للحرية
  • محمد بن زايد يؤكد اهتمام الإمارات ‬⁩بتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية
  • كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟
  • فيلم “بليتز” الدرامي التاريخي يفتتح مهرجان لندن السينمائي
  • مدير عام «كونا»: السرد القصصي في الإعلام الحكومي أسلوب يواكب التطور التكنولوجي
  • الهداف التاريخي لمنتخب أوروغواي سواريز يعلن اعتزاله اللعب دوليا
  • خبراء ومسؤولون: مستقبل اقتصادات العالم مرهون باستقطاب المواهب