عين ليبيا:
2025-04-07@07:48:04 GMT

التطور التاريخي لمبدأ السيادة (1 – 5)

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

لقد سبق لي تناول موضوع مفهوم السيادة في القانون الدول العام في مقال سابق نشر بشبكة “عين ليبيا” بتاريخ 21 سبتمبر 2017م.

ولأهمية الموضوع ولما تتعرض له بلادنا من انتهاكات صارخة لسيادتها الوطنية أعود اليوم من جديد لإعطاء لمحة بسيطة حول التطور التاريخي لمبدأ السيادة للمهتمين بهذا الموضوع  باعتباره موضوع إنساني عميق، وهو – بوصفه نتاجا إنسانيًا لا يرقى إلى الكمال أبدا، بل هو وفي المراحل التاريخية المختلفة – يصور عرضا مستمرا للصراع الإنساني بين قوى الخير وقوى الشر، وبين المثل العليا والأطماع مما يجعل منه مأساة إنسانية.

ولا يتسع المجال في هذا المقال لعرض كافة مراحل هذا الصراع في تاريخ البشرية، فتاريخ هذا الصراع مستمر ومتصل منذ بدء الخليقة، وحتى الآن.

ففي مصر القديمة نجد السلطة في الدولة قد قامت على دعامتين: المادية والدينية، وكانت الدعامتان تزدوجان في شخص الملك في أول الأمر، ثم استقلتا بعد ذلك في هيئتين منفصلتين: تزاول إحداهما السلطة على الإقليم وعلى الرعايا وتباشر الثانية، وهي هيئة الكهنوت السلطة على الرعايا والملك عن طريق الدين.

إن لفظ السيادة لم يكن معروفا في مصر، إذ كانت الحياة تسير، ولم تكن في حاجة إلى تبرير قيام دولة فالحاكم كان الإله المفوض في خلق الكون.

وعلى هذا المنوال صارت الأمور في حضارة الفرات.

أما اليونان القديمة كانت مقسمة إلى مدن مختلفة، وكانت كل مدينة مستقلة، وترتبط فيما بينها بعلاقات وقت السلم ووقت الحرب، على أن السيادة بمفهومها الحالي لم تكن معروفة لدى اليونانيين، على الرغم من اهتمامهم بوضع نظرية عن الدولة، كما يدل على ذلك كتاب “أرسطو عن السياسية” الذي استخدم فيه لفظ السيادة 3 مرات.

أما بالنسبة لروما فكانت تنظر إلى علاقاتها مع الدول الأخرى نظرة الرئيس إلى المرؤوسين، وكان القانون الروماني يقسم هذه الشعوب وفق ما يلي:

الشعب الروماني صاحب الصدارة والرئاسة الشعوب الصديقة لروما المتمتعة بالحكم الذاتي الشعوب الحليفة لروما- لشعوب الخاضعة للحكم الروماني الممالك المستقلة والتي توارث عروشها الأباطرة الرومانيون

وبالرغم من هذا فإن الإمبراطورية الرومانية بدأت تفقد سيطرتها على بعض الشعوب الأوروبية، لقد تحررت إنجلترا من رابطة الأمبراطورية، وبدأت في صورة الدولة المستقلة، وكذلك فرنسا، وقد ترتب على بدء ظهور هذه الدول المتحررة أن تكونت حركة فكرية أدركت مفهوم السيادة، وتقنين مدلولها وما يدخل فيها أو يتفرع عليه من حقوق، وكانت هذه الحركة الفكرية تذهب إلى أن للسيادة وجهين:

وجه ينظر الى العلاقات الخارجية وجه ينظر إلى الداخل وذلك بعنايته بسلطة الأمة في تنظيم شؤونها الداخلية

ثم جاء الإسلام في أوائل القرن السابع وانتشر دينه انتشارا سريعا، والإسلام دين ودولة، والأصل الأول فيه كتاب الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، والذي وضع مبادئ عامة وقواعد كلية، ولم يتعرض إلى تفصيل الجزئيات المتغيرة بتغير الزمان والمكان وباعتباره صالحا للتطبيق لكل الأزمنة والأمكنة، بل نص على الأسس الثابتة والقواعد الكلية التي يبنى  عليه تنظيم الشؤون العامة للدولة، وسنبحث ذلك عند الحديث عن السيادة في الدولة الإسلامية.

هذا هو التطور التاريخي لمبدأ السيادة قديما وباختصار، ومنه يتضح بأن مبادئ (السيطرة والتحكم) وجدت منذ أن وجد التجمع الإنساني، وأن الصراع استمر قائما في الإمبراطورية الرومانية إلى أن بدأت الدول في الاستقلال عنها وأن الدولة الإسلامية هي نظام قام على تحرر الفرد والمجتمع من السيطرة والتحكم وأحل بدلها العدالة، والشورى، والمساوة، والحرية.

هذا باختصار التطور التاريخي لمفهوم السيادة قديما.

ساتناول في المقال القادم مفهوم السيادة في العصر الحديت إن شاء الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التطور التاریخی

إقرأ أيضاً:

غزة تصرخ.. والأمة صامتة

 

 

يوسف بن علي الجهضمي

 

منذ أن اشتعلت نيران العدوان في غزة، والدماء تسيل، والدمار يحصد الأرواح والبيوت، والشاشات تنقل صور المجازر التي تقشعر لها الأبدان. ومع ذلك، نجد الأمة الإسلامية والعربية في سباتٍ عميق، وكأنَّ ما يحدث هناك لا يعنيها، أو كأنَّ غزة باتت مجرد "عنوان إخباري" آخر في نشرة المساء.

 المفارقة المؤلمة بين من لا يعرف عن الإسلام شيئًا، لكنه يتحرك بإنسانيته، وبين أمة حملت رسالة العدل والرحمة، لكنها اليوم غارقة في التخاذل، و"المفارقة المؤلمة أن الغرب يتحرك والأمة نائمة، في مشهدٍ غريبٍ ومؤلم؛ حيث نرى أن الشعوب الغربية التي لا تدين بالإسلام، ولا تعرف عن تعاليمه سوى ما يُشاع خرجت إلى الشوارع، تطالب بوقف الحرب، وتندد بالإبادة في غزة، وتقاطع الشركات الداعمة للاحتلال. ترى الطالبات والطلاب في الجامعات، والعمال والنقابات، يرفعون أعلام فلسطين، ويهتفون بالحرية، ويقفون وقفة أخلاقية لا غبار عليها.

وفي المقابل، نجد أمة الإسلام، التي من المفترض أن تكون أول من يغضب وينتصر ما زالت غارقة في السكون، مُشتتة بين البيانات الجوفاء والمواقف الرمادية. وكأن القرب الديني والثقافي والإنساني لم يعد دافعًا كافيًا للتحرك؛ بل أصبح الغريب أقرب، والبعيد أصدق في المواقف.

أيُعقل أن يرفع غير المسلم صوته من أجل غزة، بينما المسلم يُكمم صوته خوفًا أو ترددًا أو خضوعًا؟ إنها مُفارقة تستدعي الحزن؛ بل والخجل.

إنَّ ما يجري في غزة لا يكشف فقط عن وحشية العدو، بل عن هشاشة الضمير في واقعنا. وحين يصبح الغريب أكثر غيرة على دمنا من القريب، فذلك جرس إنذار للأمة كلها. حان الوقت لنُفيق، لا بالكلام فقط، بل بالفعل، بالضغط، بالتنظيم، بالوعي، وبأن نستعيد أولوياتنا. فلا كرامة لأمة تخون مبادئها، ولا مكان في التاريخ لمن يرى الدم ويصمت.

أين الرجال؟ سؤال يطرق أبواب الضمير في كل بيت، وكل مجلس، وكل منبر: أين نخوة الرجال؟ أين أولئك الذين لا تنام عيونهم أمام الظلم؟ أليس في هذه الأمة من بقي على عهد الفروسية والشهامة؟ الحقيقة أن الشعوب لم تمت، ولكنها مكبّلة بأنظمة وحكومات قيّدت صوتها، وقمعت حركتها، فصارت تصرخ في الداخل، دون أن تجد وسيلة للفعل.

وكم من حدود تفصل بين الشعوب اليوم، وتمنع قوافل النجدة، وتحاصر أي محاولة لفك الحصار؟ لكن الحقيقة الكبرى أن الرجولة لا تعرف الحدود. حين تهب النخوة، لا تسأل عن جواز سفر، ولا تتوقف عند نقطة تفتيش. المشكلة ليست في الحدود الجغرافية، بل في الحدود السياسية والعقلية، التي جعلت من التضامن مع المظلوم "جريمة".

تكتفي الأنظمة ببيانات الشجب والإدانة، وكأنها تؤدي واجبًا بروتوكوليًا، لا إنسانيًا ولا دينيًا، بينما الشعوب تصرخ، وتغلي قلوبها، وتبحث عن أي نافذة للتعبير. لكن السؤال المرير: هل يكفي الغضب دون فعل؟ وهل يكفي الدعاء دون ضغط سياسي حقيقي يغير المعادلة؟

غزة ليست وحدها غزة اليوم تقف وحيدة في الميدان، لكنها ليست وحدها في القلوب. من موريتانيا إلى إندونيسيا، من عُمان إلى المغرب، هناك ملايين يقفون معها، ولكنهم بحاجة إلى من يقود، لا من يخذل. بحاجة إلى قرار، لا إلى تردد. بحاجة إلى وحدة، لا إلى مزيد من الانقسام.

يا أمة الإسلام.. زمن السبات يجب أن ينتهي ما يحدث في غزة ليس أزمة إنسانية فقط، بل هو اختبار أخلاقي وتاريخي للأمة كلها. إما أن تصحو وتستعيد كرامتها، أو تبقى في سباتها العميق، حتى يأتي يوم لا ينفع فيه ندم. فالتاريخ لا يرحم الصامتين، والدم لا يغفر له من خذله.

مقالات مشابهة

  • مدير الموانئ: خطوات لتنفيذ مصفوفة تطوير الهيئة ومواكبة التطور العالمي فى مجال صناعة النقل البحري
  • معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العرب والعربية
  • عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر يؤكد حرص الحكومة على تقديم كافة التسهيلات لوكالات الأمم المتحدة
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • قائد الجيش: نكافح التهريب ونحمي السيادة رغم الصعوبات
  • غزة تصرخ.. والأمة صامتة
  • علماء المسلمين: التدخل العسكري فرض عين على الشعوب والحكومات للتصدي للعدوان على غزة
  • ليفربول يقف على أعتاب «الإنجاز التاريخي» في «البريميرليج»
  • ملتقى التأثير المدني: لاستعادة السيادة واستكمال تطبيق إتفاق الطائف
  • مؤسس مايكروسوفت يكشف كيف سيغير الذكاء الاصطناعي سوق العمل