اتفق محللون سياسيون على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول الظهور كرجل دولة قوي ومدعوم من خلال خطابه أمام الكونغرس الأميركي، لكن مقاطعة نحو 90 نائبا للجلسة كان أمرا غير مسبوق رغم احتفاء أغلب النواب به.

وألقى نتنياهو خطابًا أمام الكونغرس الأميركي، دعا فيه الولايات المتحدة للوقوف مع إسرائيل ضد ما وصفها بأذرع إيران في المنطقة، مضيفا: "أعداؤنا هم أعداؤكم ومعركتنا هي معركتكم ونصرنا سيكون نصركم".

وفي حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد"، يرى الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، أن الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس لم يمنع الحقيقة من الظهور، حيث شهدت واشنطن مظاهرات عارمة ضده، كما قاطع 90 من أعضاء الكونغرس جلسته، بمن فيهم نائبة الرئيس كامالا هاريس.

وأشار البرغوثي إلى أنه رغم محاولات نتنياهو الظهور بمظهر قوي خلال الخطاب فإن ضعفه كان واضحا لعدة أسباب، أهمها فشله في تحقيق أهداف عدوانه على قطاع غزة، موضحا أن هذه الجلسة ستصنف في التاريخ الأميركي بأنها "جلسة عار" لما تضمنته من خطاب نتنياهو المقزز والمليء بالأكاذيب، على حد تعبيره.

ويشدد السياسي الفلسطيني على أن الرئيس الأميركي جو بايدن كان منحازًا بشكل مطلق لإسرائيل خلال الحرب على غزة، وهو ما جعل الولايات المتحدة شريكة في ما وصفها بجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بالقطاع، لافتا في هذا السياق إلى مشاركة بايدن وعدد من قيادات إدارته في اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي.

تحالف إسرائيلي أميركي عربي

وأشار الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول خلق تحالف إسرائيلي أميركي عربي، وأن هذا التحالف لن يكون ضد إيران فقط بل ضد فلسطين أيضًا، مؤكدا أن هذه المحاولة لن تنجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو المقاومة.

كما أكد البرغوثي أن نتنياهو لا يريد إحراز أي تقدم في مفاوضات صفقة تحرير أسراه في غزة، وإنما يسعى إلى استمرار الحرب، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية الحالية عاجزة عن ممارسة أي ضغط عليه أو القيام بوساطة نزيهة.

بدوره، يرى الدكتور حسن أيوب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، أن نتنياهو كان حذرًا في خطابه أمام الكونغرس بعد انسحاب بايدن من سباق الرئاسة، حيث لم يكن يتوقع ذلك، مستبعدا أن يسعى الرئيس الأميركي لإحداث أي تأثير جوهري بشأن الوضع في قطاع غزة بعد انسحابه.

وقال أيوب إن نتنياهو كان غامضًا بشأن صفقة تحرير الأسرى ووقف الحرب في غزة، وكذلك في أي أمر يتعلق بمحوري نتساريم وفيلادلفيا، مؤكدًا أن أفعال جيشه على الأرض هي المعبر الحقيقي عن رسالته وأهدافه التي يسعى لها.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن تصريحات قيادات بالحزب الديمقراطي، مثل تصريح رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي عن سوء خطاب نتنياهو، تشير إلى مظهر من مظاهر تراجع الدعم لإسرائيل، مشيرا إلى أن الخلاف الأساسي بين نتنياهو والإدارة الأميركية يتعلق بخطة اليوم التالي للحرب، وهو الخلاف الذي لا يزال قائما.

انتصار بحد ذاته

فيما يرى ماثيو دوس، نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية، أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الكونغرس بحد ذاته يُعد انتصارًا له، مشيرا إلى أن نتنياهو مصر على مقاومته لتنفيذ طلبات بايدن، الذي بدوره لم يفعل الكثير للضغط عليه، وهو ما يجعل من غير المتوقع حدوث أي تغيير كبير بعد اللقاء.

وأوضح دوس أن بايدن، رغم عدم ترشحه، لم يظهر أي نية لفرض تبعات على نتنياهو حتى قبل قرار عدم الترشح، معتبرا تصفيق الكونغرس لنتنياهو رغم جرائمه في غزة، أمرا مثيرا للخزي لدى أي أميركي.

لكنه في الوقت ذاته، يرى أن مقاطعة نصف النواب الديمقراطيين تقريبا للجلسة اعتراضًا على أفعال نتنياهو أمر غير مسبوق وجزء مهم من الرواية الحالية.

ويرى ماثيو دوس أن خطاب نتنياهو يهدف في الأساس لحشد الدعم داخل إسرائيل، لكنه لن يغير السياسة الأميركية، بل سيزيد من استعداء الديمقراطيين، مؤكدا أن النخبة السياسية في الولايات المتحدة تدرك أن أفعال نتنياهو تهدف لتحقيق أهداف شخصية وللحفاظ على مسيرته السياسية وسط ضغوط لوقف الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أمام الکونغرس إلى أن

إقرأ أيضاً:

المتغير السوري يعيد ترتيب الأولويات: “صمت مؤقت” إزاء الوجود الأميركي بالعراق

25 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة:  أثار إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن العدد الحقيقي لقواتها في العراق، الذي بلغ 2500 فرد على الأقل، بالإضافة إلى قوات مؤقتة يتم نشرها بشكل دوري، تساؤلات عديدة في الساحة السياسية العراقية.

وفي حين بررت واشنطن تحفظها عن الكشف عن تفاصيل إضافية بالاعتبارات الدبلوماسية، فإن الصمت الواضح من قبل القوى السياسية العراقية، خصوصاً الشيعية منها، يعكس تعقيد المشهد الداخلي إزاء ملف الوجود الأميركي.

المتحدث باسم البنتاغون الميجور جنرال بات رايدر أكد في بيان أن هذه القوات جزء من جهود التحالف الدولي في دعم العراق ضد تنظيم “داعش”، إلا أن هذا التبرير لم يهدئ من هواجس بعض القوى السياسية، خاصة تلك المرتبطة بمحور إيران، والتي ترى أن واشنطن تستغل اتفاقية الإطار الاستراتيجي لنقل قواتها داخل العراق والمنطقة دون رقابة واضحة من الجانب العراقي.

الحكومة العراقية وخطط تطوير التسليح

على صعيد آخر، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله وفداً من شركة (كاي) الكورية للصناعات الجوية والفضائية، أن الحكومة تعمل على تنويع مصادر التسليح ضمن خطة شاملة لتعزيز قدرات القوات الأمنية. السوداني أشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار تحقيق الإصلاح الأمني ورفع الجهوزية أمام التحديات الداخلية والخارجية.

هذا التوجه الحكومي لتنويع مصادر التسليح يعكس رغبة بغداد في تقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية التي هيمنت على المنظومة الدفاعية العراقية منذ سقوط النظام السابق عام 2003. لكنه في الوقت ذاته يضع الحكومة أمام معادلة صعبة بين الحفاظ على العلاقات الأمنية مع واشنطن وبين استيعاب مطالب القوى المعارضة للوجود الأميركي.

مواقف القوى السياسية الشيعية

القوى السياسية الشيعية المرتبطة بإيران، مثل تحالف الفتح وبعض الفصائل المسلحة، لا تزال تصر على ضرورة إنهاء الوجود الأميركي. التحالف اتهم واشنطن باستغلال الاتفاقيات الثنائية لنقل قواتها دون علم بغداد بما يجري في القواعد العسكرية مثل “عين الأسد” و”حرير” في أربيل.

لكن هذا الموقف المتشدد يقابله صمت ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة، ما يعكس إما إعادة ترتيب الأولويات السياسية أو رغبة في تجنب مواجهة مباشرة في ظل التطورات الإقليمية الراهنة، لا سيما مع احتدام الصراع بين القوى الكبرى في المنطقة.

التحديات أمام بغداد

تواجه الحكومة العراقية تحديات معقدة في التعامل مع ملف الوجود الأميركي، خاصة في ظل استمرار النقاش حول مستقبل الحشد الشعبي ودوره في المعادلة الأمنية العراقية. ورغم طلب بغداد إنهاء مهمة التحالف الدولي في وقت سابق من العام، إلا أن استمرار وجود القوات الأميركية يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرار العراقي في ظل الضغوط الدولية والإقليمية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • المتغير السوري يعيد ترتيب الأولويات: “صمت مؤقت” إزاء الوجود الأميركي بالعراق
  • WP: تحول مواقف الأمريكيين تجاه إسرائيل شهد فورة في عهد بايدن
  • من يدعم بقاء السودان موحدا هو من يدعم بقاء الدولة
  • خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يحاول شراء الوقت ولا يريد صفقة أسرى
  • الحوثي ردا على تهديد نتنياهو ,, قريبا مصيرك السجن
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية ضعيفة أمام حكومة نتنياهو
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية تعاني تشرذما أمام حكومة نتنياهو
  • يديعوت أحرونوت: صفقة الأسرى ربما لا تتم قبل نهاية ولاية بايدن
  • مدرب المنتخب اليمني: لماذا لا نكون مثل "اليونان"؟