سواليف:
2024-11-16@06:44:42 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 15 من سورة الحجرات: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ”.
جاءت هذه الآية تالية للآية التي تبين أن ليس كل من دخل الإسلام هو مؤمن، فالإيمان ليس بمجرد الانتساب الى الإسلام قولا بل تصديق بالأفعال، ولا تقية أو تكسبا، ولا هو بحكم الأمر الواقع كون المرء ولد لأب مسلم ويعيش في مجتمع مسلم.


وهذه الآية هي واحدة من أكثر من سبعين آية تحث على الجهاد وتعلي من قيمته، بل وتعتبره أحد أهم الفياصل التي تحدد صدق الإيمان.
من المهم التنبه الى ابتداء الآية بـ (إنما)، لأنه متى ما جاء النفي (ما) متصلا بالتوكيد (إن)، فيعني ذلك الحصر فيما تلاه فقط دون غيره.
وعليه فقد حصر الله المؤمن بالشخص الذي أدى المتطلبات الثلاث التالية مجتمعة:
1 – الإيمان بالله إلها واحدا لا شريك له، وقرن ذلك مع الإيمان برسوله محمد عليه الصلاة والسلام، مستخدما واو العطف التي تفيد المصاحبة على الدوام، مما يعني أن إيمان المرء بالله من غير الإيمان بما جاء به رسوله ناقض لإيمانه، ومبطل لاتّصاف المرء بالمؤمن أصلا.
من هنا جاء مسمى الدين بالإسلام، سواء ما جاء بالرسالة المحمدية أوما نزل منه بالرسالات السابقة، فلا يوجد مسمى الأديان في كتاب الله، بل جاءت لفظة الدين دائما بصيغة المفرد لتفيد أنه واحد، وبناء على ذلك فمن يقول (الأديان السماوية) فعقيدته زائغة يجب أن يصححها، فهنالك دين واحد دعا اليه جميع الأنبياء منذ نوح الى محمد عليهم الصلاة والسلام: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” [الشورى:13] ، رغم أنهم جاءوا بشرائع سماوية متباينة قليلا لأنها خصصت لأقوام محددين وزمن محدد، لكنها جميعها نسخت بالشريعة التي أنزلها الله بالقرآن: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ” [المائدة:48].
2 – الشرط الثاني هو الثبات على العقيدة الإيمانية، ومقاومة كل ما يصرف عنها، اتباعا للشهوات والمغريات، أو التشكيك بها سواء جراء محاولات معادي منهج الله رد المؤمنين عن دينهم: “وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا” [البقرة:217]، أو بالاستماع لتشكيكهم واستطابته بسبب الهوى أو الجهل ونقص الثقافة، وخير وسيلة لتجنب الريبة والشك والتصدي لحربهم الفكرية، هي طلب العلم وسؤال أهله، فكلما ارتقى المرء علما وفهما تعمق إيمانه.
3 – الشرط الثالث هو الجهاد، وهو الفيصل العملي الذي يثبت مصداقية الإيمان، فالشرطان الأوليان نظريان متعلقان بالقناعة الشخصية الخفية على الآخرين، لكن الجهاد ممارسة منظورة لا تظاهر فيها.
السؤال المهم: لماذا قدم الله تعالى الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في جميع الآيات، مع أن من يضحي بنفسه يكون قد ضحى بكل شيء؟.
لعل الإجابة – والله أعلم – أنه تعالى يعلم ما سيكون حال المسلمين في قادم الأيام، صحيح أنه في زمن الدعوة تكون أهمية القتال عظيمة لأن الدعوة مستهدفة بالاجتثاث، والمؤمنون قلة، لكن الله العالم بالمستقبل قريبه وبعيده، يعلم أن الأمر سيستتب للدين، وسيبلغ مشارق الأرض ومغاربها، ولن يكون هنالك خشية على الدعوة، فستظل الى أبد الدهر تنمو وتتوسع، الخشية فقط على هيبة المسلمين وأمنهم في ديارهم.
وهذا مما أنبأ الله به رسوله الكريم، وبناء على ذلك جاء حديث تداعي الأمم عليهم رغم كثرتهم لكنهم غثاء، لأن ولاة أمورهم غلب عليهم الران وهو حب الدنيا والبقاء على الكراسي، لذلك لن يقيموا فريضة الجهاد بالنفس، وسيمنعون الجهاد بالمال موالاة للأعداء.
بالمقابل ستبقى طائفة متمسكة بالجهاد لا تنتظر دعما من هؤلاء ولا يضيرها من خالفوها.
هؤلاء تكفل الله بنصرهم على قلتهم وضعف حيلتهم، كما نصر الأوائل، لكنه من رحمته بالمؤمنين الصادقين المحرومين من القتال الى جانبهم أبقى لهم الجهاد بالمال.
وتكفل بإمداد مجاهدي القطاع المحاصرين، فهو يعمي العيون عن موصلي الأموال والعُدد الى المقاتلين رغم الحظر والرقابة، وهنالك كثيرون يخاطرون لإيصالها، وكثيرون في جميع أقطار الأمة لا يمكنهم الجهاد إلا بالمال، فيبحثون عن الموثوقين ليوصلوها.

مقالات ذات صلة لا أسى على الرئيس الأمريكي الراحل ولا خوف من القادم 2024/07/24

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية

إقرأ أيضاً:

آيات قرآنية قبل الغرق.. رسالة مهاجر غير شرعي تلخص مأساة قوارب الموت

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع آيات قرآنية كتبها مهاجر غير شرعي على ما يبدو في لحظاته الأخيرة، قبل أن يفقد حياته غرقًا في عرض البحر.

الكلمات التي خطها المهاجر، والتي عُثر عليها في ملابسه بعد وفاته، حملت في طياتها مشاعر ألم وأمل، حيث تضمّنت آيتين من القرآن الكريم.

وعثر الناشط الإسباني فرانشيسكو خوسيه كليمونت مارتين، الذي يعمل في مركز استقبال المهاجرين غير الشرعيين في إسبانيا، على الورقة، التي وجدها في ملابس أحد الأشخاص الذين توفوا في البحر خلال محاولة للهجرة غير الشرعية.

نشر مارتين الصورة على حسابه في فيسبوك، وطلب من متابعيه مساعدته في ترجمة محتوى الورقة التي كتبها المهاجر، والتي يُرجّح أن تكون من إحدى الدول المغاربية.

وأرفق مارتين المنشور ببعض الثياب التي تخص المهاجر، آملاً أن يساعد ذلك في تحديد هويته والتواصل مع عائلته.

هذه الواقعة أظهرت حجم المعاناة التي يعيشها المهاجرون في محاولة يائسة للهروب من ظروف حياتية قاسية بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا.



الآيات القرآنية ورمزيتها
تضمنت الورقة التي عثر عليها المهاجر عبارة عن آيتين من سورة النور، آية 87 و88، التي تحكي قصة النبي يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت وهو في البحر، وظل في ظلمات بطنه يناجي ربه قائلاً: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)".

هذه الآيات تحمل في طياتها رسالة قوية عن الإيمان والأمل في النجاة، حتى في أحلك الظروف، وعكست الكتابة قبل وفاته حالة المهاجر الذي كان يواجه مصيره وسط البحر، وهو يأمل في الخلاص كما نجّى الله سبحانه وتعالى النبي يونس من الغم.



ردود الأفعال والتفاعل المجتمعي
الخبر أثار موجة من الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من النشطاء عن أسفهم لما آلت إليه أوضاع المهاجرين في المنطقة. يعتقد الكثيرون أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في دول المغرب العربي أصبحت السبب الرئيسي في إقدام العديد من الشباب على المغامرة بحياتهم عبر البحر للوصول إلى أوروبا، دون التفكير في العواقب المحتملة.

وقد حمّل الكثير من المتفاعلين عبر منصات التواصل الاجتماعي الحكومات مسؤولية هذه المأساة، مشيرين إلى الحاجة الماسة لتوفير حلول جذرية للتحديات الاقتصادية التي تدفع الكثير من الشباب إلى المخاطرة بحياتهم.

ويعد البحر الأبيض المتوسط واحدًا من أخطر طرق الهجرة غير الشرعية في العالم، حيث يحاول الآلاف من المهاجرين سنويًا عبوره هربًا من الحروب، الفقر، والمشاكل الاقتصادية في بلادهم.


وفي السنوات الأخيرة، أصبحت السواحل الليبية والمغاربية نقاط انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا، ومع تصاعد التشديدات الأمنية والسياسات الأوروبية الصارمة التي تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين، يُجبر العديد من هؤلاء الأشخاص على الركوب في قوارب غير صالحة للإبحار، ما يعرّض حياتهم لمخاطر جسيمة.

منذ عام 2014، وثقت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 22,000 حالة وفاة نتيجة الغرق في البحر الأبيض المتوسط، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية المستمرة.

مقالات مشابهة

  • «الحصاد الأسبوعي».. 4863 مقرأة قرآنية و7565 مجلساً لبرنامج «صحح قراءتك» و5546 ندوة ثقافية وعلمية
  • سياسي أنصار الله يدين العدوان الصهيوني على منازل سكنية لحركة الجهاد الإسلامي في دمشق
  • سياسي أنصار الله يدين العدوان الصهيوني على سوريا
  • في ذكرى ميلاده.. "مارجرجس" أيقونة الإيمان والقوة في تاريخ الكنيسة
  • في ذكرى تجليس البابا تواضروس.. 12 عامًا من الإيمان والعمل الجاد من أجل مستقبل الكنيسة
  • كيف تحمي صحتك النفسية من الأخبار السيئة؟
  • نور الإيمان يشفي.. معجزة ظهور رأس القديس لونجينوس
  • شاهد.. إسرائيل تقصف مقر حركة الجهاد في دمشق
  • أمراض ثقافـية
  • آيات قرآنية قبل الغرق.. رسالة مهاجر غير شرعي تلخص مأساة قوارب الموت