يعقد الكونغرس الأميركي بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) جلسات مشتركة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتنعقد هذه الجلسات لعدة أهداف أبرزها المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، والاستماع إلى خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس الأميركي كل سنة، أو أي خطاب رئاسي تستدعيه التطورات أو المناسبات. وإضافة إلى ذلك قد يلقي رؤساء وزعماء أجانب خطابات أمام الكونغرس بغرفتيه.

على مر تاريخ الكونغرس اجتمع المشرعون في غرفتيه عشرات المرات في جلسات مشتركة -يرأسها غالبا نائب الرئيس الأميركي- للاستماع إلى خطابات رؤساء وزعماء أجانب، من دول وقارات مختلفة، أبرزهم رؤساء أو رؤساء وزراء، وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من ألقى خطابات في الكونغرس (أربع مرات).

وتحدث أمام الكونغرس الأميركي زعماء نحو خمسين دولة، أبرزهم رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا والعاهلان الأردنيان الملك حسين بن طلال وابنه الملك عبد الله الثاني والبابا فرانشيسكو، بابا الفاتيكان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وفي ما يلي أبرز الزعماء العالميين الذين تحدثوا أمام المؤسسة التشريعية الأميركية، والخطوط العريضة لما تحدثوا عنه:

ونستون تشرشل

في يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 1941، وأثناء الحرب العالمية الثانية، ألقى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك وينستون تشرشل خطابا أمام الكونغرس، وعندما انتهى منه صفقت له القاعة طويلا.

وكان الغرض الأساسي من الخطاب أن يحث تشرشل الولايات المتحدة الأميركية على مزيد من الانخراط في الحرب العالمية الثانية، وأن تزيد من دعم بلاده وحلفائها (بريطاينا وفرنسا والاتحاد السوفياتي) ضد ما عرف آنذاك بدول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان).

وأشاد تشرشل بوالدته الأميركية، وقال إن الفضل يعود إليها في ما حققه من نجاح في حياته، وإنه كان يتمنى لو أنها كانت حية لتراه وهو يخطب أمام الكونغرس.

كما أشاد بأصوله الأميركية وقال إنه يشعر أنه في بيته وأنه ليس "سمكة خارج الماء في برلمان يتحدث أعضاؤه اللغة الإنجليزية".

وعاد تشرشل للحديث أمام الكونغرس في مناسبتين أخريين، الأولى عام 1943، والثانية عام 1952.

محمد أنور السادات

في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1975 ألقى الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات خطابا أمام الكونغرس خلال زيارة إلى الولايات المتحدة استمرت عشرة أيام.

وحث السادات أميركا على "التواصل مع الفلسطينيين ونسج علاقات معهم"، وقال إن "موقفا أميركيا متعاطفا مع آمال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة سوف يسهم كثيرا في الإسراع بحل المشكلة".

وأضاف السادات أن "التعهد الحقيقي المطلوب من الولايات المتحدة هو الالتزام بالعمل من أجل السلام"، ودعا إلى "نظام دولي سليم قادر على الوفاء بمتطلبات الغد وحل مشاكل العصر المقبل"، و"نظام اقتصادي دولي جديد يقضي على مظالم الماضي ويمهد الطريق أمام تحديد أكثر عدلا للحقوق والواجبات".

وقال إن الولايات المتحدة "تتحمل مسؤولية خاصة في عملية إدخال التعديلات اللازمة وتسهيل التحول إلى البنيان الدولي الجديد"، واستشهد بمقولات لرؤساء أميركيين سابقين مثل أبراهام لنكولن وجورج واشنطن وجون كيندي.

الملك حسين بن طلال

في 26 يوليو/تموز 1994 تحدث ملك الأردن الملك حسين أمام الكونغرس، وجاء ذلك قبل أسابيع من توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية المعروفة بـ"اتفاقية وادي عربة" (وقعت في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1994).

وقال الملك حسين في خطابه "لقد أصبحنا الآن شركاء في صنع مستقبل جميع شعوبنا… ونحن إذ ننشد لهم مستقبلا من السلام والاستقرار والأمن..، فإن ذلك قد أصبح أمام أعيننا.."، وأضاف "ما نشهده اليوم هو الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلام.. إن هذه الظروف الفريدة تمكننا من اتخاذ الخطوات الشجاعة".

وقال أيضا "أخاطبكم اليوم لأقول إننا مستعدون لتدشين صفحة جديدة في علاقاتنا مع إسرائيل.. وسنتمكن من تحقيق السلام الذي ننشد..".

وتابع "آمل أن تقرؤوا رسالة واضحة موجهة إلى الشعب الأميركي والعالم أجمع.. بأننا عازمون معا على العمل الدؤوب لنزيل إلى الأبد الظروف الشاذة التي تحكمت في حياة شعبنا.. إننا نتوخى أن تعود الحياة لطبيعتها وإنسانيتها.. ليصبح ذلك هو المنحى الاعتيادي لها".

وأضاف "ومن جانبنا فلن ننسى فلسطين للحظة.. فقد كنّا أول من تحمّل المسؤولية وكنا أكثر من تضرر من نتائج المأساة الفلسطينية".

نيسلون مانديلا أثناء استقباله بالكونغرس الأميركي في يونيو/حزيران 1990 (الفرنسية) نيلسون مانديلا

في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1994 شكر مانديلا الولايات المتحدة على دورها في إنهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) في جنوب أفريقيا، وأعرب عن امتنانه للسلطات الأميركية على إرسالها وفدا رفيعا لحضور مراسيم تنصيبه رئيسا لبلاده.

وقال مانديلا "فبينما انحنى ممثلو قرون من حكم الأقلية البيضاء أمام نتائج العملية الديمقراطية، كان الناس، مثل مواطنكم مارتن لوثر كينغ الابن، يهتفون: أحرار أخيرا، أحرار أخيرا، الحمد لله تعالى أننا أحرار أخيرا".

وتابع مانديلا -الذي خطب قبل ذلك في الكونغرس في يونيو/حزيران 1990- "ندرك تماما أن القليلين جدا، ممن قدموا من خارج شواطئ هذا البلد، هم الذين يحق لهم الوقوف في هذه القاعة الرفيعة لمخاطبتكم معشر المشرعين في الولايات المتحدة الأميركية".

وأضاف لقد جئت من قارة تعرفون جيدا معاناتها ومصاعبها. ومن ثم فسوف تفهمون بسهولة لماذا أقف لأقول إن الديمقراطية والسلام والرخاء في أفريقيا، بالنسبة لدولة قوية مثل بلدكم، تشكل مصلحة وطنية لكم بقدر ما تشكل مصلحة لنا".

ودعا الزعيم الأفريقي إلى عالم جديد تسوده العدالة والسلام، فقال "ولأنني أفريقي، فإنني على يقين من أنكم ستفهمون لماذا يجب أن أقف هنا وأقول إن اعتقادنا الراسخ هو أن النظام العالمي الجديد الذي يجري تشكيله يجب أن يركز على خلق عالم من الديمقراطية والسلام والازدهار للبشرية جمعاء".

الملك عبد الله الثاني

في السابع من مارس/آذار 2007 ألقى ملك الأردن عبد الله الثاني خطابا أما الكونغرس دعا فيه الولايات المتحدة للتدخل بفعالية لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط وإنهاء ما وصفه بالميراث المؤلم من اليأس وخيبة الأمل.

وقال "ستون عاما من التشريد وأربعون عاما تحت الاحتلال وعملية سلام تسير ثم تتوقف، كل ذلك أدى إلى ميراث مؤلم من اليأس وخيبة الأمل في جميع الجوانب"، وأشار إلى أن إنكار السلام العادل والشامل في فلسطين هو مصدر الانقسامات الإقليمية وحالة الاستياء والإحباط".

كما اقترح في هذا السياق دعم مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت عام 2002، وقال إنه يتعين على الولايات المتحدة التحرك بشكل أسرع خلال هذا العام لترسيخ ما وصفه بالرؤية الأخلاقية لأميركا.

وقال "في كل مرة انخرط فيها الأميركيون في العملية بنشاط حدث هناك تقدّم نحو السلام: في كامب ديفيد، ومدريد، وواي ريفر؛ وكل إنجاز جديد تحقق تقريبا عندما صممت أميركا على مساعدة الأطراف لتحقيق النجاح".

أنجيلا ميركل ألقت خطابها في الكونغرس عام 2009  (رويترز) أنجيلا ميركل

في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ألقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كلمة أمام الكونغرس دعت فيها الولايات المتحدة للانضمام إلى الجهود الأوروبية لمكافحة التغير المناخي.

وحثت ميركل واشنطن على توقيع اتفاقية دولية ملزمة تسعى إلى منع زيادة درجة الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين، وعرجت على قضية الحرب الأميركية في أفغانستان، والتي انطلقت في 2001 وبلغت آنذاك سنتها الثامنة.

كما تحدثت المسؤولة الألمانية عن البرنامج النووي الإيراني، وقالت إن "وجود سلاح نووي في يدي من ينكر الهولوكوست ويهدد حق إسرائيل في الوجود هو شيء غير مقبول".

البابا فرانشيسكو

في 23 سبتمبر/أيلول 2015 قال بابا الفاتيكان فرانشيسكو في خطاب أمام الكونغرس إن "التطرف الديني والوحشية الناجمة عنه ليسا حكرا على دين واحد"، ودعا الغرب إلى حسن التعامل مع المهاجرين، وقال إن على الولايات المتحدة "ألا تكرر خطايا وأخطاء الماضي" عندما تتعامل مع اللاجئين.

وأشار البابا فرانشيسكو -في خطاب هو الأول لبابا أمام الكونغرس- إلى أنه لا ديانة محصنة ضد التطرف الديني، داعيا إلى تحقيق التوازن في محاربة هذا النوع من التطرف، وقال إن حلم مارتن لوثر كينغ بالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية للسود الأمريكيين "لا يزال مصدر إلهام لنا جميعا".

واعتبر أن "أماكن متفرقة من العالم أصبحت وعلى نحو متزايد مكانا للصراع العنيف والكراهية والفظائع الوحشية التي ارتكبت باسم الدين"، وقال إن "المطلوب هو التوازن الدقيق لمواجهة العنف الذي يرتكب باسم الدين.. مع الحفاظ على الحرية الدينية والفكرية الفردية".

البابا فرانشيسكو أثناء إلقاء خطابه في الكونغرس عام 2015 (أسوشيتد برس) إيمانويل ماكرون

في 24 أبريل/نيسان 2018 ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الكونغرس بما سماه النزعة القومية والانعزالية، وقال إن "مثل هذه السياسات تشكل تهديدا للرخاء العالمي".

وأشاد الرئيس الفرنسي بـ"الروابط القوية غير القابلة للكسر" بين الولايات المتحدة وفرنسا، وقال "يجب أن نُبقي أعيننا مفتوحة على المخاطر الموجودة أمامنا، إذا فتحنا أعيننا على نطاق أوسع، فسنصبح أقوى".

كما انتقد ماكرون الحرب التجارية واعتبر أنها "تدمر الوظائف وتزيد الأسعار"، وقال "يجب أن نتفاوض من خلال منظمة التجارة العالمية، فقد وضعنا هذه القواعد، ويجب علينا اتباعها".

وفي الملف النووي الإيراني قال ماكرون "هدفنا واضح في إيران، وهو ألا تمتلك أبدا سلاحا نوويا، لا الآن ولا بعد خمسة أعوام ولا بعد عشرة أعوام. أبدا"، وتابع "يجب ألا تقودنا سياسة إيران إلى حرب في الشرق الأوسط". كما أكد أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين القوى الكبرى وإيران.

فلوديمير زيلينسكي

في 21 ديسمبر/كانون الأول 2022 ألقى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي خطابا أمام الكونغرس انتقد فيه الحرب الروسية على بلاده، والتي انطلقت في 24 فبراير/شباط من العام نفسه، وقال إن بلاده لن تستسلم أبدا للقوات الروسية.

وشكر زيلينسكي الولايات المتحدة على مساعدة بلاده، وقال "أود أن أشكركم جزيل الشكر على المساعدة المالية التي قدمتموها لنا والتي قد تقررون" تقديمها لاحقا، وتابع "أموالكم ليست صدقة، بل استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية، ونحن نديرها بأكثر الطرق مسؤولية".

بنيامين نتنياهو

في 23 يوليو/تموز 2024 تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس للمرة الرابعة في تاريخه، ليكون بذلك أكثر رئيس أو رئيس وزراء تحدث أمام المؤسسة التشريعية الأميركية.

ودعا نتنياهو إلى "غزة منزوعة السلاح"، وشدد على أن أعداء إسرائيل هم أعداء أميركا، وطالب بمزيد من السلاح لمواصلة حربه على قطاع غزة .

وقال "بعد انتصارنا، بمساعدة شركائنا الإقليميين، فإن غزة منزوعة السلاح وخالية من المتطرفين يمكن أيضا أن تفضي إلى مستقبل من الأمن والازدهار والسلام. تلك هي رؤيتي حيال غزة".

وأضاف "نحن لا نحمي أنفسنا فقط. نحن نحميكم.. أعداؤنا هم أعداؤكم، معركتنا هي معركتكم، وانتصارنا سيكون انتصاركم".

ودعا الولايات المتحدة إلى تسريع وتيرة دعمها العسكري لإسرائيل للمساعدة في وضع حد للحرب في غزة، بعدما كان قد اتهم واشنطن بتعليق مساعدات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکونغرس الأمیرکی الولایات المتحدة أمام الکونغرس أنجیلا میرکل فی الکونغرس الملک حسین وقال إن یجب أن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يلتقي بالسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية و ممثلي منظمات الامم المتحدة المعتمدة بالسودان

استقبل السفير د. علي يوسف أحمد الشريف، وزير الخارجية، يوم الثلاثاء بمقر الوزارة، السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية، بالإضافة إلى ممثلي منظمات الأمم المتحدة المعتمدين في السودان.

في كلمته، رحّب الوزير برؤساء البعثات وممثلي المنظمات الدولية، مجددًا تأكيد استعداد حكومة السودان ووزارة الخارجية للتعاون الكامل معهم والعمل على تذليل أي عقبات قد تواجههم في أداء مهامهم.

كما تطرق الوزير إلى زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، التي تأتي ضمن جهود تعزيز التواصل بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية. وأشار إلى الزيارات الأخيرة التي قام بها عدد من المبعوثين والمسؤولين الدوليين إلى السودان، والتي تعكس انفتاح البلاد على المجتمع الدولي واستعدادها للتعامل الإيجابي مع المبادرات الدولية الهادفة إلى وقف الحرب، وفقًا لإعلان جدة، في إطار مساعي السودان لتحقيق السلام والاستقرار على أراضيه.

سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أبرزهم القناص ونجم الفراعنة.. كولر يطيح بـ9 لاعبين من قائمة الأهلي أمام الاتحاد
  • محافظ القطيف يلتقي سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى المملكة 
  • اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
  • الخارجية الروسية: "فيتو" الولايات المتحدة يعقّد مساعي السلام في غزة
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • وزير الخارجية يلتقي بالسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية و ممثلي منظمات الامم المتحدة المعتمدة بالسودان
  • الولايات المتحدة تعلن منح أوكرانيا مساعدات عسكرية إضافية.. كم بلغت قيمتها؟
  • المبعوث الأميركي يغادر بيروت إلى إٍسرائيل لبحث التوصل إلى هدنة في لبنان
  • الولايات المتحدة تغلق سفارتها في كييف بسبب “هجوم جوي محتمل كبير”
  • نزوح المستخدمين من منصة إكس بعد استلام إيلون ماسك منصبا بالحكومة الأميركية