في أواخر القرن الـ18 استطاع القاجاريون -وهم الذين تعود أصولهم إلى التركمان القراغوز أو "العيون السوداء"- أن يستولوا على حكم بلاد فارس، بعد أن نجح قائدهم محمد خان القاجاري في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه.

وقد تمكن المؤسس محمد خان القاجاري أن ينتقل بقبيلته من طور البداوة والرعي والتبعية لحكم الصفويين إلى التمدد في الوظائف المفصلية والمهمة في إيران، ثم القضاء على حكم الأفشاريين وبقايا الصفويين.

محمد خان القاجاري (مواقع التواصل)

وفي عام 1797، اغتيل محمد خان القاجاري في شوشا، عاصمة خانية قراباغ، وخلفه ابن أخيه فتح علي شاه القاجاري، الذي حرص على توسيع بلاده ولا سيما المناطق الشمالية التي تقع في القوقاز الشمالي، والتي كانت روسيا استولت على كثير منها طوال القرنين الـ17 والـ18، تارة من العثمانيين وتارة من الإيرانيين بحسب خضوع هذه المناطق.

واضطر فتح شاه إلى الدخول في صراع ضد الروس في الفترة ما بين 1804 وحتى عام 1813 حتى تعرّض لهزيمة كبيرة اضطر على إثرها إلى عقد اتفاقية مع القيصر ألكسندر الأول.

سُميت هذه الاتفاقية باسم "كلستان" وفيها اعترفت إيران بالسيادة الروسية على داغستان وجورجيا وأذربيجان الشمالية وأرمينيا الشرقية وأجزاء من سواحل بحر قزوين وجورجيا واعتُبر نهر آراس والحدود الجنوبية لنهر أذربيجان هي الحدود الفاصلة بين الدولتين حينئذ.

حصار قلعة كنجة عام 1804 أثناء الحرب الروسية الفارسية 1804-1813 (مواقع التواصل) النفوذ الأجنبي

وبعد عقد أو يزيد على تلك الاتفاقية وإدراك القاجاريين مدى الهزيمة الثقيلة التي تعرضوا لها، اضطروا للدخول في صراع جديد ضد الروس ولكنهم انهزموا أيضا في نهايته، واضطروا إلى عقد اتفاقية جديدة عام 1828عُرفت باسم معاهدة "تركمنشاي" كانت بنودها أشد قسوة؛ حيث استولى الروس في هذه المرة على معظم أراضي القوقاز الجنوبية، وتم إعطاؤهم وحدهم حق تعيين الحدود بين الجانبين.

كانت إيران تستند في حروبها ضد الروس على عون ومساعدة الفرنسيين والبريطانيين؛ ولا سيما الذين حرصوا على إبعاد الروس دائما عن التمدد ناحية الهند سواء من خلال إيران أو عن طريق آسيا الوسطى وأفغانستان، ولهذا السبب كان النفوذ البريطاني والروسي يزداد في إيران بمرور الزمن.

ولئن استولى الروس على المناطق الشمالية، وأُعطي تجارهم حرية الحركة والتجارة داخل إيران، بل وفرض ضرائب لا تتعدى 5% على بضائعهم، فإنه سرعان ما امتد المرسوم إلى البضائع البريطانية والأجنبية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة نفوذ الأجانب التجاري والاقتصادي داخل البلاد، وتضرر قطاعات كثيرة من التجار والحرفيين المحليين.

وفي الجهة المقابلة، كان البريطانيون قد استولوا منذ فترة مبكرة من القرن الـ18 على مناطق بوشهر ومواقع إيرانية مهمة مطلة على الخليج العربي.

ويشير أول سفير أميركي تم تعيينه في طهران وهو س. بنيامين في كتابه الذي نشره عام 1878م أن زيادة نفوذ الأجانب في البلاد ولا سيما الروس والبريطانيين أدى إلى تركز الثروات لدى تجار هذه الدول، وتحول البلاد السريع إلى شبه مستعمرة تابعة للدول الكبرى في العقود الأخيرة من القرن الـ19.

ولهذا السبب كتب أحد الرحالة الأوروبيين يقول: "إذا رغب التاجر الإيراني في تصدير بضاعته إلى الخارج، فعليه أن يدفع عند كل مدينة ضريبة محددة، أما التاجر الأوروبي فإنه مستقل ويدفع مرة واحدة فقط؛ لذا يكلفه تصدير بضاعته أقل بكثير مما يُكلّف التاجر الإيراني".

معاهدة "تركمنشاي" كانت بنودها قاسية حيث استولى بها الروس على معظم أراضي القوقاز الجنوبية (غيتي) تحولات اجتماعية

ومع مرور الزمن كان حكام إيران من القاجاريين يدينون بالولاء للبريطانيين، ويسمحون أكثر لزيادة النفوذ الأجنبي في البلاد، وقد تزامن ذلك مع انتشار روح الحداثة والأفكار الغربية التي كانت تمتد بين قطاعات ليست هينة بين طبقات المتعلمين وطلاب المدارس والجامعات ممن كانوا يقرؤون عن الديمقراطية ومشاركة الشعوب في حكم بلادها، ومطالبتهم بالإصلاح الدستوري والتشريعي في البلاد.

وبحسب كمال مظهر أحمد في كتابه "دراسات في تاريخ إيران الحديث والمعاصر" فإنه لم يكن بوسع رجال الدين أن يبقوا بمعزل عن التحولات الاجتماعية والانهيار الاقتصادي الذي كانت تشهده البلاد، فإن جزءا كبيرا منهم استولى على أراضي الأوقاف، وأقبلوا على اقتناء أنواع أخرى من الأراضي.

وهكذا كانت إيران في فاتحة القرن الـ20 تتصارعها قوى مختلفة سمحت بهيمنة التجار الأجانب وقلة من التجار المحليين التابعين لهم على ثروات البلاد، الأمر الذي أدى إلى فساد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتبعية نظام القاجاريين للسفارة البريطانية في طهران.

وفي عددها 21 الصادر عام 1314 هـ/1897م تهكّمت صحيفة "حبل المتين" -المعارضة للنظام القاجاري والتي كانت تصدر في كلكتا بالهند- من جميع حكام إيران وولاتها آنذاك بأنهم كانوا يفتخرون ويعتزون حينما يضمن لهم الروس أو الإنجليز أو الأميركان أو الألمان بالنعيم والرفاه في حياتهم الخاصة.

وأمام هذه التطورات كانت تندلع الانتفاضات الشعبية بصورة مكثفة منذ أواخر القرن الـ19 وحتى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، منها انتفاضة كيلان بزعامة مرزا كوجك خان، وانتفاضة خراسان بقيادة محمد تقي خان، وانتفاضة كردستان إيران بقيادة سمكو وغير ذلك، وكثير من الانتفاضات كانت تحمل الطابع القومي والاستقلال الجهوي عن نظام القاجاريين.

وكانت تطورات الحرب العالمية الأولى وصعود الشيوعية والثورة البلشفية عام 1917 سببت قلقلا لدى البريطانيين وخوفا من انتشار هذه الأفكار بين الإيرانيين وهو ما كانت أماراته تتضح منذ عام 1918 وما تلاها.

ورغم التبعية المطلقة للنظام القاجاري لما كان يأمر به السفير البريطاني في طهران؛ فإن البريطانيين رأوا في الوقت عينه ضعف وتفسخ وانهيار هذا النظام، والكراهية العميقة له من قبل الشعب، فضلا عن كثرة الانتفاضات وتململ قطاعات كثيرة من الجيش وعلى رأسهم فرقة القوازق وهي الأقوى.

مظفر الدين شاه خامس سلاطين السلالة القاجارية (متحف بروكلين) انقلاب رضا خان وإعلانه شاها

وفي وسط تلك الأحداث ظهر اسم القائد رضان خان بهلوي، وهو رجل عسكري كان ينتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد أشاع بعد ارتقائه للعرش الإيراني أنهم يعودون للنسب البهلوي الساساني القديم، توفي والده وهو ابن عام واحد فقط، فالتحق برعاية خاله الذي أرسله طفلا إلى أسرة الجنرال أمير تومان كاظم -الذي كان على معرفة وثيقة بأسرته ووالده- فشبَّ في وسط هذه الأسرة.

وحين بلغ الـ15 من عمره التحق رضا خان بإحدى كتائب فرق الجيش التي كانت تُسمى "القوازق"، وهي فرق أنشأها الروس لإصلاح الجيش الإيراني في بداية القرن الـ19، وانضم لها في العاصمة طهران عام 1893.

وسرعان ما تدرج في الرتب العسكرية من عريف إلى ملازم ثم مقدم وعقيد وما فوق ذلك، وقد بدأ يهتم بالشؤون السياسية في بلاده، ويتابع الصحف المعارضة، وسرعان ما أصبح مشهورا وقائدا مقبولا وسط أفراد الجيش، وكانت القيادة العليا للجيش وكذا قيادة فرقة القوازق العليا في يد الضباط الإنجليز والأجانب.

وقد لفتت هذه الشهرة أنظار البريطانيين، وتابعوه عن كثب، ورأوا في منطلقاته الفكرية التي كانت تكره الديمقراطية وتؤيد الإصلاح على الطريقة الدكتاتورية توافقا مع أهدافهم بعيدة المدى في إيران، فهم من جانب يريدون استمرار هيمنتهم وسيطرتهم على البلاد ومن جانب آخر يريدون أن يأتي حليف لهم لسدة الحكم بعد القضاء على الأسرة القاجارية.

رضان خان بهلوي (الصحافة الإيرانية)

ولهذا السبب أبدى الجنرال إدموند آيرونسايد -وكان من كبار قادة الجيش البريطاني في إيران ومن كبار ضباط المخابرات العسكرية في الوقت نفسه- إعجابه برضا وشاركه في هذا الإعجاب السفير البريطاني في طهران الذي توقع في وقت مبكر أن رضا خان هو الشخص المؤهل لإجراء التغيير المطلوب في إيران.

وعقب إبرام الشاه القاجاري مع البريطانيين اتفاقية فتحت الباب واسعا لخضوع البلاد الشامل للبريطانيين في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتعاقب الوزارات وسرعة تغيرها وسوء الأوضاع المعيشية، اشتعلت المعارضة في البلاد عام 1919.

وأمام هذه الأحداث، قام رضا شاه وصديقه الصحفي الليبرالي ضياء الدين طبطبائي بانقلاب في فبراير/شباط 1921، عُين فيه ضياء الدين طبطبائي رئيسا للوزراء، بينما أصبح رضا شاه قائدا للجيش والقوات المسلحة، وتم بمقتضى هذا الانقلاب تقييد سلطة القاجاريين، واعتبار مُلكهم شكليا.

ضياء الدين طبطبائي عين رئيسا لوزراء إيران بعد انقلاب 1921 (مواقع التواصل)

وطوال السنوات التالية غاصَ طبطائي في المشكلات الاقتصادية، وبعمالته في الوقت نفسه للإنجليز، ولم يتحسن الوضع العام داخل البلاد، بينما انزوى رضا شاه بعيدا ليعزز مكانته ونفوذه داخل الجيش ليكسب نفوذا أكبر عدد ممكن من الضباط من كافة الرتب.

وعزز من قبضته الأمنية حين ضم قوات الجندرمة "الدرَك"، وهي التي أنشأها الإنجليز لحراسة آبار وحقول النفط لوزارة الحربية على خلاف رغبة صديقه طبطائي الذي أرادها تابعة لوزارة الداخلية.

وفي النهاية أُقصي الطبطائي من الوزارة وأجبر على السفر خارج إيران، وارتقى رضا شاه لمنصب رئيس الوزراء وقائدا للجيش في الوقت نفسه في السنوات ما بين 1923 وحتى القضاء على الحكم القاجاري بالكلية في ديسمبر/كانون الأول عام 1925م وتعيينه من قبل الجمعية الوطنية "البرلمان" شاها على إيران، يورّث الحكم في عقبه.

مصطفى كمال أتاتورك (يسار) ورضا شاه (غيتي) رضا شاه من سدة الحكم إلى الانقلاب

كان رضا شاه مؤمنا بالدكتاتورية التحديثية، وكان في كثير من خطواته يرى في مصطفى كمال "أتاتورك" في تركيا نموذجا يُحتذى به في التحديث ومواجهة رجال الدين والقضاء على سلطتهم الدينية والاجتماعية إن لزم الأمر.

ولتعزيز سلطته، قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، فسعى لاستصلاح الأراضي الزراعية البور أو المهملة عن طريق تمليكها لصغار الفلاحين، وأصدر في عام 1928 قانون العلاقة بين المالك والمستأجر.

وأولى جُل اهتمامه للصناعة والجيش، وشرع في تأسيس "الشركة الإمبراطورية" و"الشركة المركزية" المملوكتين للدولة لتصدير المنتجات الصناعية المحلية، وأسّس شركة "المنسوجات القطنية" وألزم المستثمرين بتسجيل شركاتهم في وزارة الاقتصاد، وأصدر قانون إنشاء الشركات الصناعية ووسائل عملها.

وارتفع عدد المصانع الحكومية إلى 80 مصنعا علاوة على 200 مصنع صغير للقطاع الخاص، وازدهرت الصناعات اليدوية التقليدية وأصبحت قادرة على المنافسة الأجنبية، وأنشأ مصانع لصناعة السكر من البنجر، واهتم بتشغيل المناجم والتجارة ولكن التجار الأجانب كانوا يغرقون الأسواق الإيرانية ببضائع مناسبة وبأسعار تنافسية الأمر الذي كان يجلب غضب التجار والمستثمرين المحليين.

وبدأت العلاقة مع بريطانيا وأميركا في التوتر حين استدعى رضا خان -الذي أصبح اسمه الشاه رضا خان بهلوي- خبيرا أميركيا يُدعى "ملسيو" لإصلاح مسار الاقتصاد النقدي، واستطاع هذا الخبير زيادة عائدات الجمارك من 91 مليون ريال إلى 421 مليون ريال، كما استطاع تنظيم ضريبة الدخل لتشمل المناطق الشمالية والجنوبية على حد سواء.

رضا بهلوي قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية وأولى جُل اهتمامه للصناعة والجيش لتعزيز سلطته (مواقع التواصل)

ولكن رضا شاه عزله بعد عامين من عمله في أعقاب طرد البعثة الدبلوماسية من إيران سنة 1927م قائلا: "لا يمكن أن يكون هناك شاهان في البلاد، وسأكون أنا الشاه الوحيد". ونفهم من ذلك أن الخبراء الأجانب كانوا يتدخلون في السياسة الداخلية والقرارات العليا في البلد.

لهذا السبب أعلن رضا شاه في العام التالي 1928 تقليص نفوذ الامتيازات الأجنبية، تمهيدا لعقد معاهدات تجارية مع تلك الدول تباعا، الأمر الذي جرّ نقمة البريطانيين، ولكنه حرص على تطبيق هذا القرار، وألغى المحاكم القنصلية الخاصة التي أُنشئت زمن القاجريين، وفرض خضوع الأجانب للقضاء الإيراني، وفتحت باب الزيادة الجمركية على البضائع الأجنبية في البلاد بعد أن ظلت ثابتة على نسبة 5% لعقود طويلة.

وبدأ رضا شاه في تقليص نفوذ الأجانب البريطانيين والبلجيك والأوروبيين عدا الألمان في وظائف الدولة، واسترد جميع البعثات التبشيرية الأميركية والمدارس الأجنبية، وزاد حصة بلاده من النفط.

وسيرا على النهج التحديثي الغربي في مجال التعليم، واجه رضاه شاه نفوذ المؤسسة الدينية واستولى على ممتلكات الأوقاف التي كانت تابعة لهم، وأحد أهم أعمدة استقلال العلماء ورجال الدين، وكانت تتكون من مساحات هائلة من الأراضي الزراعية والعقارات وغير ذلك، وآلت كلها لسيطرة الشاه الشخصية، وقرر تقليص نفوذ رجال الدين في المجال العام بتخفيض أعدادهم في البرلمان فأصبح عددهم 6 أعضاء بدلا من 24 عضوا.

رضا شاه أصدر قانونا يلزم الإيرانيات بخلع حجابهن عام 1936 (مواقع التواصل)

وقرر إنشاء جامعة طهران عام 1934 وسمح للنساء بدخولها، وسيرا على النمط الغربي فرض رضا بهلوي على كبار رجال الدولة وموظفيها اصطحاب نسائهم إلى السينما والمسارح والكازينوهات والفنادق العامة، وأصدر قرارا بإلغاء الحجاب بصورة نهائية عام 1936، وقلص بصورة كبيرة بل وقف عائقا أمام بناء المدارس الدينية في البلاد، وهو الأمر عينه الذي كان يجري في تركيا الأتاتوركية في نفس الفترة.

وكان من المتوقع في ظل سياسة الرجل الواحد أن يقمع رضا شاه الحركة الدستورية والحياة السياسية في البلاد، وأن يصنع على عينه طبقة أرستقراطية جديدة موالية بالكامل له، وأصبح البرلمان يتكون من هذه العناصر الجديدة الموالية.

كما أعاد تقسيم إيران إداريا إلى 49 محافظة و10 مقاطعات، وتم تعيين المحافظين من غير سكان المنطقة لقطع أي علاقة قرابة أو نسب بالمكان، ولهذا السبب كان أشدَ المعارضين له والكارهين لاستبداده وتأييده لسفور النساء واستيلائه على الأوقاف وتقليص المدارس الدينية؛ هم فئة رجال الدين ممن كانوا ينتشرون في طول البلاد وعرضها، وهو الأمر الذي سيظهر بصورة جدية في عصر ابنه محمد رضا بهلوي وإعلان ثورة الخميني عليه فيما بعد.

رضا شاه يلتقي المسؤولين في قصر سعد آباد، 1940(مواقع التواصل)

والخلاصة كما تقول آمال السبكي في كتابها "تاريخ إيران السياسي بين ثورتين" أن "سياسة رضا بهلوي اتسمت بالاستبداد المطلق النابع من دكتاتورية القرار، وأحادية التفكير، فرغم أن مشروعاته الإصلاحية جميعها استهدفت تحديث إيران فإن وسائل تحقيقها قامت على القهر، وفرض التغيير عنوة، مما دفعهم (رجال الدين وكثير من رجال الدولة) لمناوأتها وعدم الإخلاص في تنفيذها".

كانت نهاية الشاه غير متوقعة، فحين اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 أبدى تعاطفا واضحا مع أدولف هتلر زعيم النازية وقوات المحور، الأمر الذي دفع البريطانيين والروس السوفيات ليتحالفوا ضده، ويعلنوا عن عملية عسكرية باسم "الإحياء" لخلعه وحفظ حقول النفط الإيرانية من سيطرة الألمان عليها.

وهو الأمر الذي نجحوا فيه عام 1941، فخُلع ونُفي خارج البلاد وتوفي سنة 1944م، بينما عُين ابنه محمد رضا بهلوي في عرش إيران بدلا منه تحت الوصاية البريطانية حتى عام 1946، وبعدها ارتمى الشاه الأخير محمد رضا بهلوي في أحضان بريطانيا والولايات المتحدة، الأمر الذي ستتجلى آثاره الكارثية فيما بعد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مواقع التواصل ولهذا السبب الأمر الذی رجال الدین فی البلاد التی کانت فی الوقت فی طهران فی إیران الذی کان

إقرأ أيضاً:

الأردن يطوي صفحة سوريا الأسد.. كيف كانت العلاقة خلال 54 عاما وما مستقبلها؟

سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد حكم دام 24 عاما، سبقه حكم والده حافظ الأسد لنحو ثلاثين عاما، وأعلن الأردن فتح صفحة جديدة من العلاقات مع دمشق..

وزار وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي العاصمة السورية دمشق، والتقى بقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، وأكد له دعم الأردن للعملية الانتقالية في سوريا.

وسبق ذلك استضافة الأردن لقاء في مدينة العقبة، ضم وزراء عرب وغربيون، إضافة إلى ممثلين عن الائتلاف السوري المعارض.

وقالت أستاذة العلوم السياسية الأردنية أريج جبر، إن لقاء العقبة يعد خارطة طريق تؤسس إلى طبيعة العلاقات القادمة، منوهة إلى أن الأردن منفتح على التعاطي بروح إيجابية مع أحمد الشرع وفريقه الحكومي الجديد، والذي يترأسه محمد البشير.

وأضافت لـ"عربي21" أن هناك حالة تلازم بين البلدين، بوجود العديد من الملفات المشتركة التي تمس الأردن وسوريا على حد سواء.

الأردن المجاور لسوريا، وفي ظل حكم حزب البعث وحافظ الأسد ونجله بشار، مرت علاقته بدمشق بفترات وردية، تلاها عداء معلن دام لسنوات.

حافظ الأسد الذي انقلب على صلاح جديد عام 1970، وقام بما يعرف بـ"الحركة التصحيحية بحزب البعث"، كان قد اعترض قبيل وصوله إلى الحكم، على إرسال قوات سورية إلى الأردن لقتال الجيش الأردني والاصطفاف إلى جانب الفدائيين.

وبعد وصوله إلى الحكم بشهور، قطع حافظ الأسد علاقة سوريا مع الأردن بحجة محاولة الأخيرة "تصفية القضية الفلسطينية"، قبل أن تعود العلاقات في العام 1973.


وحدة لم تدم
تطورت العلاقات الأردنية السورية مطلع سبعينات القرن الماضي، وشهدت تحسنا كبيرا على كافة الأصعدة، وزار حافظ الأسد الأردن صيف العام 1975، وهي أول زيارة لرئيس سوري إلى عمّان منذ شكري القوتلي عام 1956.


وتوّج التناغم الكبير في العلاقة بمشروع لم يدم للوحدة بين البلدين، حيث اتفق الملك حسين خلال استقباله حافظ الأسد مرة أخرى عام 1976، على أن يكون دخول مواطني البلدين عبر الهوية الشخصية وليس جواز السفر، كما تم الاتفاق على توحيد المناهج الطلابية للمرحلة الأساسية.

وتم الاتفاق أيضا على "العمل المشترك لحشد الطاقات العربية من أجل التحرير، وتأمين الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية".

تصعيد غير مسبوق
ومع مطلع الثمانينات، بدأت العلاقة بين عمّان ودمشق بالتوتر، عقب اتهام حافظ الأسد للأردن بشكل علني بدعم جماعة الإخوان المسلمين السورية، وذلك عقب صدور القانون الشهير رقم "49" بإعدام كل منتسب إلى "الإخوان"، ما دفع بأعداد كبيرة من السوريين إلى اللجوء للأردن.

وفي نهاية العام 1980، حشد حافظ الأسد 20 ألف مقاتل و600 دبابة موزعين على 3 فرق عسكرية، على الحدود السورية مع الأردن،  وهو ما دفع الملك حسين إلى إجراء اتصالات عربية وعالمية تحسبا لتدهور الموقف.


واتهمت دمشق، الأردن بإقامة معسكرات تدريبية لجماعة الإخوان المسلمين السورية في محافظة إربد (شمالا)، فيما حذر الملك حسين من أن جيشه سيدافع ببسالة عن البلاد في حال تعرضت لأي هجوم.


وبرغم انتهاء التوتر بوساطة سعودية، إلا أن النظام السوري حاول اغتيال رئيس الوزراء الأردني حينها مضر بدران، عام 1981، بيد أن الأمن الأردني أحبط العملية واعتقل شخصين تم تكليفهما بالاغتيال،ـ وعرض اعترافاتهما على التلفزيون الرسمي، والتي تضمنت إقرارهما بالمشاركة في مجزرة سجن تدمر.




وتمكن النظام السوري من إخراج المعتقلين بصفقة تبادل بعد اختطاف مليشيا تابعة له في لبنان للملحق العسكري الأردني هشام المحيسن، في العام 1981 أيضا.

وبدأت العلاقة بين البلدين بالتحسن تدريجيا بعد الأزمة العاصفة، وزار الملك حسين دمشق ملتقيا بحافظ الأسد نهاية العام 1985، وبعدها بعدة شهور زار الأسد عمّان.

وشهدت السنوات اللاحقة إلى غاية وفاة الملك حسين وحافظ الأسد علاقات جيدة وحذرة بين الأردن وسوريا.

وفتح الملك عبد الله الثاني، وبشار الأسد فصلا جديدا من العلاقة، لم يشهد التوترات التي حصلت في عهد الآباء، واستمرت العلاقة بتبادل تجاري وتمثيل دبلوماسي على أعلى المستويات، إلى حين اندلاع الثورة عام 2011.


مرحلة الثورة
بعد ثورة الشعب السوري على نظام بشار الأسد عام 2011، أخذت العلاقة الأردنية السورية شكلا مغايرا، لا سيما مع استضافة المملكة نحو مليوني لاجئ، فرّوا من قصف النظام.

وفي تشرين ثاني/ نوفمبر 2011، أي بعد نحو 8 شهور من اندلاع الثورة، صرح العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بضرورة تنحي الأسد من منصبه "من أجل مصلحة بلاده وتهيئة الأجواء لمرحلة سياسية جديدة قبل التنحي". وقال الملك بعبارة صريحة حينها خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC "لو كنت مكانك لتنحيت".

وقبل ذلك، قال الملك عبد الله في حوار مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه قدم نصائح لبشار الأسد، إلا أن الأخير "لا يبدو أنه قبل النصح".

الأردن الذي استضاف غرفة عمليات مشتركة لعدد من فصائل المعارضة في الجنوب، أكد خلال السنوات الماضية على ضرورة وحدة الأراضي السورية.

ومع تعقد المشهد في سوريا، والاقتتال الداخلي بين الفصائل، وعودة النظام إلى السيطرة على جل محافظات البلاد، أعاد الأردن تدريجيا علاقته مع دمشق، علما أن العلاقة الدبلوماسية لم تنقطع بالكامل، وبقيت سفارة النظام في عمّان تعمل وتقدم خدماتها للاجئين السوريين.

وأعيد افتتاح المعابر الحدودية بين البلدين عام 2018، علما أنها أغلقت عدة مرات لاحقة لدواع أمنية، ومع مطلع 2019 أعلن الأردن رفع تمثيله الدبلوماسي في سوريا، حيث عيّن دبلوماسيا بدرجة مستشار ليكون قائما بالأعمال بالإنابة في السفارة بدمشق.

إلا أن العلاقة لم تتطور بشكل كبير بسبب تسهيل النظام المخلوع لعمليات تهريب المخدرات المنظمة التي تستهدف الأردن.

وأعلن الأردن مرارا إحباط عمليات تهريب مخدرات تتم بعضها بواسطة طائرات مسيّرة من الجانب السوري، عبر عصابات منظمة أكدت وسائل إعلام حينها ارتباطها بالنظام.

وخسر الأردن العديد من عناصر وضباط حرس الحدود خلال المعارك مع عصابات التهريب المسلحة.


المطلوب من سوريا الجديدة
بحسب أريج جبر، فإن الأردن لا يسعى لأن يكون الرابح الوحيد من العلاقة مع سوريا ويؤمن بأن "اللعبة متعددة الأطراف"، مشيرة إلى أن زيارة الصفدي كانت لجس النبض ليس للأردن فقط، بل لانفتاح عربي عربي يفضي إلى تطبيع مع الإدارة الجديدة.

وأشارت إلى أن عمّان تريد بشكل أساسي تعاونا سوريا لتأمين الحدود الجنوبية المشتركة مع الأردن، والتي تعتبر خاصرة رخوة خلال السنوات الماضية، وتنشط فيها عصابات التهريب، ومليشيات وخلايا نائمة، بحسب أريج جبر.

وتابعت أن هناك عدة ملفات تؤرق الأردن، بينها قضية المياه، والتوغل الإسرائيلي المستمر في جنوب سوريا، المحاذية للحدود مع الأردن.

وقالت أريج جبر إن الأردن لن يتدخل في الشأن الداخلي السوري، لكنه سيراقب عن كثب مآلات الوضع السياسي السوري، وسيكون حريصا على توصل السوريين إلى دستور جامع يلم شملهم ويوصلهم إلى الاستقرار بعد سنوات من التناحر.

ما مستقبل العلاقة؟
ذكرت أريج جبر أن مستقبل العلاقة بين الأردن وسوريا يعتمد على استقرار الأخيرة، بعد التوصل إلى حكم ديمقراطي مدني، مضيفة أن المهم بالنسبة لعمّان أيضا الحفاظ على أمن الحدود، وعدم استمرار حالة الفلتان التي كانت خلال السنوات الماضية.

وأوضحت أن الأردن سيسعى الى النأي بسوريا أي شكل من أشكال الوصاية الإقليمية أو الدولية، أو عبث القوى الفاعلة في المنطقة، ويريد بشدة إعادة سوريا إلى عمقها العربي، وهي خطوات بدأها الأردن في آخر سنوات عهد بشار الأسد.

وتابعت جبر أن وجود سوريا مستقرة كبلد مجاور، هو ما يريده الأردن، وستكون عوائد ذلك إيجابية على أمن المملكة، وإيجاد جبهة عربية قوية موحدة لمواجهة أي مطامع إسرائيلية مقبلة، وأيضا لمواجهة خطر إعادة إحياء تنظيم الدولة "داعش".

ونوهت إلى أن الأردن سيضع بعين الاعتبار أيضا أنه سيحدد العلاقة مع سوريا، ويدفعها نحو الجمود في حال لم تسر الأمور هناك على نحو مستقر، وفي حال تدخلت القوى الكبرى فيها على غرار إيران وتركيا، والاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت "حينها الأردن سيتوقف عند مصالحه، وسيعالجها بكل الأدوات الدبلوماسية والقانونية، بما يحمي مصلحة المملكة واستقرارها".

مقالات مشابهة

  • نقص الوقود يعطل 80 محطة كهرباء في إيران
  • في اليمن.. ما الذي يدفع إسرائيل الى الجنون..! 
  • رئيس ألمانيا يعلن عن انتخابات مبكرة: ما الذي ينتظر البلاد؟
  • حث عليها النبي.. صلاة في آخر جمعة من سنة 2024.. تغفر ذنوبك لو كانت كالجبال
  • الأردن يطوي صفحة سوريا الأسد.. كيف كانت العلاقة خلال 54 عاما وما مستقبلها؟
  • نقابة الأطباء: مصر كانت في حاجة إلى صدور قانون المسئولية الطبية
  • خاتمي: إيران أمام وضع خطير في الساحة الدولية
  • هل تفقد إيران قدراتها التاريخية في النقل بالسكك الحديدية؟
  • إيران تحذر سوريا: لا تفرحوا قبل الأوان
  • حركة الجهاد: مفاوضات صفقة تبادل الأسرى كانت جدية ونحن في مرحلة عض الأصابع