في أواخر القرن الـ18 استطاع القاجاريون -وهم الذين تعود أصولهم إلى التركمان القراغوز أو "العيون السوداء"- أن يستولوا على حكم بلاد فارس، بعد أن نجح قائدهم محمد خان القاجاري في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه.

وقد تمكن المؤسس محمد خان القاجاري أن ينتقل بقبيلته من طور البداوة والرعي والتبعية لحكم الصفويين إلى التمدد في الوظائف المفصلية والمهمة في إيران، ثم القضاء على حكم الأفشاريين وبقايا الصفويين.

محمد خان القاجاري (مواقع التواصل)

وفي عام 1797، اغتيل محمد خان القاجاري في شوشا، عاصمة خانية قراباغ، وخلفه ابن أخيه فتح علي شاه القاجاري، الذي حرص على توسيع بلاده ولا سيما المناطق الشمالية التي تقع في القوقاز الشمالي، والتي كانت روسيا استولت على كثير منها طوال القرنين الـ17 والـ18، تارة من العثمانيين وتارة من الإيرانيين بحسب خضوع هذه المناطق.

واضطر فتح شاه إلى الدخول في صراع ضد الروس في الفترة ما بين 1804 وحتى عام 1813 حتى تعرّض لهزيمة كبيرة اضطر على إثرها إلى عقد اتفاقية مع القيصر ألكسندر الأول.

سُميت هذه الاتفاقية باسم "كلستان" وفيها اعترفت إيران بالسيادة الروسية على داغستان وجورجيا وأذربيجان الشمالية وأرمينيا الشرقية وأجزاء من سواحل بحر قزوين وجورجيا واعتُبر نهر آراس والحدود الجنوبية لنهر أذربيجان هي الحدود الفاصلة بين الدولتين حينئذ.

حصار قلعة كنجة عام 1804 أثناء الحرب الروسية الفارسية 1804-1813 (مواقع التواصل) النفوذ الأجنبي

وبعد عقد أو يزيد على تلك الاتفاقية وإدراك القاجاريين مدى الهزيمة الثقيلة التي تعرضوا لها، اضطروا للدخول في صراع جديد ضد الروس ولكنهم انهزموا أيضا في نهايته، واضطروا إلى عقد اتفاقية جديدة عام 1828عُرفت باسم معاهدة "تركمنشاي" كانت بنودها أشد قسوة؛ حيث استولى الروس في هذه المرة على معظم أراضي القوقاز الجنوبية، وتم إعطاؤهم وحدهم حق تعيين الحدود بين الجانبين.

كانت إيران تستند في حروبها ضد الروس على عون ومساعدة الفرنسيين والبريطانيين؛ ولا سيما الذين حرصوا على إبعاد الروس دائما عن التمدد ناحية الهند سواء من خلال إيران أو عن طريق آسيا الوسطى وأفغانستان، ولهذا السبب كان النفوذ البريطاني والروسي يزداد في إيران بمرور الزمن.

ولئن استولى الروس على المناطق الشمالية، وأُعطي تجارهم حرية الحركة والتجارة داخل إيران، بل وفرض ضرائب لا تتعدى 5% على بضائعهم، فإنه سرعان ما امتد المرسوم إلى البضائع البريطانية والأجنبية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة نفوذ الأجانب التجاري والاقتصادي داخل البلاد، وتضرر قطاعات كثيرة من التجار والحرفيين المحليين.

وفي الجهة المقابلة، كان البريطانيون قد استولوا منذ فترة مبكرة من القرن الـ18 على مناطق بوشهر ومواقع إيرانية مهمة مطلة على الخليج العربي.

ويشير أول سفير أميركي تم تعيينه في طهران وهو س. بنيامين في كتابه الذي نشره عام 1878م أن زيادة نفوذ الأجانب في البلاد ولا سيما الروس والبريطانيين أدى إلى تركز الثروات لدى تجار هذه الدول، وتحول البلاد السريع إلى شبه مستعمرة تابعة للدول الكبرى في العقود الأخيرة من القرن الـ19.

ولهذا السبب كتب أحد الرحالة الأوروبيين يقول: "إذا رغب التاجر الإيراني في تصدير بضاعته إلى الخارج، فعليه أن يدفع عند كل مدينة ضريبة محددة، أما التاجر الأوروبي فإنه مستقل ويدفع مرة واحدة فقط؛ لذا يكلفه تصدير بضاعته أقل بكثير مما يُكلّف التاجر الإيراني".

معاهدة "تركمنشاي" كانت بنودها قاسية حيث استولى بها الروس على معظم أراضي القوقاز الجنوبية (غيتي) تحولات اجتماعية

ومع مرور الزمن كان حكام إيران من القاجاريين يدينون بالولاء للبريطانيين، ويسمحون أكثر لزيادة النفوذ الأجنبي في البلاد، وقد تزامن ذلك مع انتشار روح الحداثة والأفكار الغربية التي كانت تمتد بين قطاعات ليست هينة بين طبقات المتعلمين وطلاب المدارس والجامعات ممن كانوا يقرؤون عن الديمقراطية ومشاركة الشعوب في حكم بلادها، ومطالبتهم بالإصلاح الدستوري والتشريعي في البلاد.

وبحسب كمال مظهر أحمد في كتابه "دراسات في تاريخ إيران الحديث والمعاصر" فإنه لم يكن بوسع رجال الدين أن يبقوا بمعزل عن التحولات الاجتماعية والانهيار الاقتصادي الذي كانت تشهده البلاد، فإن جزءا كبيرا منهم استولى على أراضي الأوقاف، وأقبلوا على اقتناء أنواع أخرى من الأراضي.

وهكذا كانت إيران في فاتحة القرن الـ20 تتصارعها قوى مختلفة سمحت بهيمنة التجار الأجانب وقلة من التجار المحليين التابعين لهم على ثروات البلاد، الأمر الذي أدى إلى فساد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتبعية نظام القاجاريين للسفارة البريطانية في طهران.

وفي عددها 21 الصادر عام 1314 هـ/1897م تهكّمت صحيفة "حبل المتين" -المعارضة للنظام القاجاري والتي كانت تصدر في كلكتا بالهند- من جميع حكام إيران وولاتها آنذاك بأنهم كانوا يفتخرون ويعتزون حينما يضمن لهم الروس أو الإنجليز أو الأميركان أو الألمان بالنعيم والرفاه في حياتهم الخاصة.

وأمام هذه التطورات كانت تندلع الانتفاضات الشعبية بصورة مكثفة منذ أواخر القرن الـ19 وحتى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، منها انتفاضة كيلان بزعامة مرزا كوجك خان، وانتفاضة خراسان بقيادة محمد تقي خان، وانتفاضة كردستان إيران بقيادة سمكو وغير ذلك، وكثير من الانتفاضات كانت تحمل الطابع القومي والاستقلال الجهوي عن نظام القاجاريين.

وكانت تطورات الحرب العالمية الأولى وصعود الشيوعية والثورة البلشفية عام 1917 سببت قلقلا لدى البريطانيين وخوفا من انتشار هذه الأفكار بين الإيرانيين وهو ما كانت أماراته تتضح منذ عام 1918 وما تلاها.

ورغم التبعية المطلقة للنظام القاجاري لما كان يأمر به السفير البريطاني في طهران؛ فإن البريطانيين رأوا في الوقت عينه ضعف وتفسخ وانهيار هذا النظام، والكراهية العميقة له من قبل الشعب، فضلا عن كثرة الانتفاضات وتململ قطاعات كثيرة من الجيش وعلى رأسهم فرقة القوازق وهي الأقوى.

مظفر الدين شاه خامس سلاطين السلالة القاجارية (متحف بروكلين) انقلاب رضا خان وإعلانه شاها

وفي وسط تلك الأحداث ظهر اسم القائد رضان خان بهلوي، وهو رجل عسكري كان ينتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد أشاع بعد ارتقائه للعرش الإيراني أنهم يعودون للنسب البهلوي الساساني القديم، توفي والده وهو ابن عام واحد فقط، فالتحق برعاية خاله الذي أرسله طفلا إلى أسرة الجنرال أمير تومان كاظم -الذي كان على معرفة وثيقة بأسرته ووالده- فشبَّ في وسط هذه الأسرة.

وحين بلغ الـ15 من عمره التحق رضا خان بإحدى كتائب فرق الجيش التي كانت تُسمى "القوازق"، وهي فرق أنشأها الروس لإصلاح الجيش الإيراني في بداية القرن الـ19، وانضم لها في العاصمة طهران عام 1893.

وسرعان ما تدرج في الرتب العسكرية من عريف إلى ملازم ثم مقدم وعقيد وما فوق ذلك، وقد بدأ يهتم بالشؤون السياسية في بلاده، ويتابع الصحف المعارضة، وسرعان ما أصبح مشهورا وقائدا مقبولا وسط أفراد الجيش، وكانت القيادة العليا للجيش وكذا قيادة فرقة القوازق العليا في يد الضباط الإنجليز والأجانب.

وقد لفتت هذه الشهرة أنظار البريطانيين، وتابعوه عن كثب، ورأوا في منطلقاته الفكرية التي كانت تكره الديمقراطية وتؤيد الإصلاح على الطريقة الدكتاتورية توافقا مع أهدافهم بعيدة المدى في إيران، فهم من جانب يريدون استمرار هيمنتهم وسيطرتهم على البلاد ومن جانب آخر يريدون أن يأتي حليف لهم لسدة الحكم بعد القضاء على الأسرة القاجارية.

رضان خان بهلوي (الصحافة الإيرانية)

ولهذا السبب أبدى الجنرال إدموند آيرونسايد -وكان من كبار قادة الجيش البريطاني في إيران ومن كبار ضباط المخابرات العسكرية في الوقت نفسه- إعجابه برضا وشاركه في هذا الإعجاب السفير البريطاني في طهران الذي توقع في وقت مبكر أن رضا خان هو الشخص المؤهل لإجراء التغيير المطلوب في إيران.

وعقب إبرام الشاه القاجاري مع البريطانيين اتفاقية فتحت الباب واسعا لخضوع البلاد الشامل للبريطانيين في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتعاقب الوزارات وسرعة تغيرها وسوء الأوضاع المعيشية، اشتعلت المعارضة في البلاد عام 1919.

وأمام هذه الأحداث، قام رضا شاه وصديقه الصحفي الليبرالي ضياء الدين طبطبائي بانقلاب في فبراير/شباط 1921، عُين فيه ضياء الدين طبطبائي رئيسا للوزراء، بينما أصبح رضا شاه قائدا للجيش والقوات المسلحة، وتم بمقتضى هذا الانقلاب تقييد سلطة القاجاريين، واعتبار مُلكهم شكليا.

ضياء الدين طبطبائي عين رئيسا لوزراء إيران بعد انقلاب 1921 (مواقع التواصل)

وطوال السنوات التالية غاصَ طبطائي في المشكلات الاقتصادية، وبعمالته في الوقت نفسه للإنجليز، ولم يتحسن الوضع العام داخل البلاد، بينما انزوى رضا شاه بعيدا ليعزز مكانته ونفوذه داخل الجيش ليكسب نفوذا أكبر عدد ممكن من الضباط من كافة الرتب.

وعزز من قبضته الأمنية حين ضم قوات الجندرمة "الدرَك"، وهي التي أنشأها الإنجليز لحراسة آبار وحقول النفط لوزارة الحربية على خلاف رغبة صديقه طبطائي الذي أرادها تابعة لوزارة الداخلية.

وفي النهاية أُقصي الطبطائي من الوزارة وأجبر على السفر خارج إيران، وارتقى رضا شاه لمنصب رئيس الوزراء وقائدا للجيش في الوقت نفسه في السنوات ما بين 1923 وحتى القضاء على الحكم القاجاري بالكلية في ديسمبر/كانون الأول عام 1925م وتعيينه من قبل الجمعية الوطنية "البرلمان" شاها على إيران، يورّث الحكم في عقبه.

مصطفى كمال أتاتورك (يسار) ورضا شاه (غيتي) رضا شاه من سدة الحكم إلى الانقلاب

كان رضا شاه مؤمنا بالدكتاتورية التحديثية، وكان في كثير من خطواته يرى في مصطفى كمال "أتاتورك" في تركيا نموذجا يُحتذى به في التحديث ومواجهة رجال الدين والقضاء على سلطتهم الدينية والاجتماعية إن لزم الأمر.

ولتعزيز سلطته، قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية، فسعى لاستصلاح الأراضي الزراعية البور أو المهملة عن طريق تمليكها لصغار الفلاحين، وأصدر في عام 1928 قانون العلاقة بين المالك والمستأجر.

وأولى جُل اهتمامه للصناعة والجيش، وشرع في تأسيس "الشركة الإمبراطورية" و"الشركة المركزية" المملوكتين للدولة لتصدير المنتجات الصناعية المحلية، وأسّس شركة "المنسوجات القطنية" وألزم المستثمرين بتسجيل شركاتهم في وزارة الاقتصاد، وأصدر قانون إنشاء الشركات الصناعية ووسائل عملها.

وارتفع عدد المصانع الحكومية إلى 80 مصنعا علاوة على 200 مصنع صغير للقطاع الخاص، وازدهرت الصناعات اليدوية التقليدية وأصبحت قادرة على المنافسة الأجنبية، وأنشأ مصانع لصناعة السكر من البنجر، واهتم بتشغيل المناجم والتجارة ولكن التجار الأجانب كانوا يغرقون الأسواق الإيرانية ببضائع مناسبة وبأسعار تنافسية الأمر الذي كان يجلب غضب التجار والمستثمرين المحليين.

وبدأت العلاقة مع بريطانيا وأميركا في التوتر حين استدعى رضا خان -الذي أصبح اسمه الشاه رضا خان بهلوي- خبيرا أميركيا يُدعى "ملسيو" لإصلاح مسار الاقتصاد النقدي، واستطاع هذا الخبير زيادة عائدات الجمارك من 91 مليون ريال إلى 421 مليون ريال، كما استطاع تنظيم ضريبة الدخل لتشمل المناطق الشمالية والجنوبية على حد سواء.

رضا بهلوي قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية وأولى جُل اهتمامه للصناعة والجيش لتعزيز سلطته (مواقع التواصل)

ولكن رضا شاه عزله بعد عامين من عمله في أعقاب طرد البعثة الدبلوماسية من إيران سنة 1927م قائلا: "لا يمكن أن يكون هناك شاهان في البلاد، وسأكون أنا الشاه الوحيد". ونفهم من ذلك أن الخبراء الأجانب كانوا يتدخلون في السياسة الداخلية والقرارات العليا في البلد.

لهذا السبب أعلن رضا شاه في العام التالي 1928 تقليص نفوذ الامتيازات الأجنبية، تمهيدا لعقد معاهدات تجارية مع تلك الدول تباعا، الأمر الذي جرّ نقمة البريطانيين، ولكنه حرص على تطبيق هذا القرار، وألغى المحاكم القنصلية الخاصة التي أُنشئت زمن القاجريين، وفرض خضوع الأجانب للقضاء الإيراني، وفتحت باب الزيادة الجمركية على البضائع الأجنبية في البلاد بعد أن ظلت ثابتة على نسبة 5% لعقود طويلة.

وبدأ رضا شاه في تقليص نفوذ الأجانب البريطانيين والبلجيك والأوروبيين عدا الألمان في وظائف الدولة، واسترد جميع البعثات التبشيرية الأميركية والمدارس الأجنبية، وزاد حصة بلاده من النفط.

وسيرا على النهج التحديثي الغربي في مجال التعليم، واجه رضاه شاه نفوذ المؤسسة الدينية واستولى على ممتلكات الأوقاف التي كانت تابعة لهم، وأحد أهم أعمدة استقلال العلماء ورجال الدين، وكانت تتكون من مساحات هائلة من الأراضي الزراعية والعقارات وغير ذلك، وآلت كلها لسيطرة الشاه الشخصية، وقرر تقليص نفوذ رجال الدين في المجال العام بتخفيض أعدادهم في البرلمان فأصبح عددهم 6 أعضاء بدلا من 24 عضوا.

رضا شاه أصدر قانونا يلزم الإيرانيات بخلع حجابهن عام 1936 (مواقع التواصل)

وقرر إنشاء جامعة طهران عام 1934 وسمح للنساء بدخولها، وسيرا على النمط الغربي فرض رضا بهلوي على كبار رجال الدولة وموظفيها اصطحاب نسائهم إلى السينما والمسارح والكازينوهات والفنادق العامة، وأصدر قرارا بإلغاء الحجاب بصورة نهائية عام 1936، وقلص بصورة كبيرة بل وقف عائقا أمام بناء المدارس الدينية في البلاد، وهو الأمر عينه الذي كان يجري في تركيا الأتاتوركية في نفس الفترة.

وكان من المتوقع في ظل سياسة الرجل الواحد أن يقمع رضا شاه الحركة الدستورية والحياة السياسية في البلاد، وأن يصنع على عينه طبقة أرستقراطية جديدة موالية بالكامل له، وأصبح البرلمان يتكون من هذه العناصر الجديدة الموالية.

كما أعاد تقسيم إيران إداريا إلى 49 محافظة و10 مقاطعات، وتم تعيين المحافظين من غير سكان المنطقة لقطع أي علاقة قرابة أو نسب بالمكان، ولهذا السبب كان أشدَ المعارضين له والكارهين لاستبداده وتأييده لسفور النساء واستيلائه على الأوقاف وتقليص المدارس الدينية؛ هم فئة رجال الدين ممن كانوا ينتشرون في طول البلاد وعرضها، وهو الأمر الذي سيظهر بصورة جدية في عصر ابنه محمد رضا بهلوي وإعلان ثورة الخميني عليه فيما بعد.

رضا شاه يلتقي المسؤولين في قصر سعد آباد، 1940(مواقع التواصل)

والخلاصة كما تقول آمال السبكي في كتابها "تاريخ إيران السياسي بين ثورتين" أن "سياسة رضا بهلوي اتسمت بالاستبداد المطلق النابع من دكتاتورية القرار، وأحادية التفكير، فرغم أن مشروعاته الإصلاحية جميعها استهدفت تحديث إيران فإن وسائل تحقيقها قامت على القهر، وفرض التغيير عنوة، مما دفعهم (رجال الدين وكثير من رجال الدولة) لمناوأتها وعدم الإخلاص في تنفيذها".

كانت نهاية الشاه غير متوقعة، فحين اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 أبدى تعاطفا واضحا مع أدولف هتلر زعيم النازية وقوات المحور، الأمر الذي دفع البريطانيين والروس السوفيات ليتحالفوا ضده، ويعلنوا عن عملية عسكرية باسم "الإحياء" لخلعه وحفظ حقول النفط الإيرانية من سيطرة الألمان عليها.

وهو الأمر الذي نجحوا فيه عام 1941، فخُلع ونُفي خارج البلاد وتوفي سنة 1944م، بينما عُين ابنه محمد رضا بهلوي في عرش إيران بدلا منه تحت الوصاية البريطانية حتى عام 1946، وبعدها ارتمى الشاه الأخير محمد رضا بهلوي في أحضان بريطانيا والولايات المتحدة، الأمر الذي ستتجلى آثاره الكارثية فيما بعد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مواقع التواصل ولهذا السبب الأمر الذی رجال الدین فی البلاد التی کانت فی الوقت فی طهران فی إیران الذی کان

إقرأ أيضاً:

8 ملفات حرجة كانت على طاولة مباحثات السيسي وأردوغان

الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم إلى أنقرة بدعوة من نظيره التركي رجب طيب أردوغان هي الأولى من نوعها منذ وصوله إلى السلطة. وهي تدشن صفحة جديدة في علاقات البلدين بعد قطيعة دامت أكثر من عقد إثر أحداث 30 يونيو 2013.

تتوج هذه الزيارة سلسلة من خطوات تخفيف التوتر بين البلدين شهدتها الأعوام القليلة الماضية، وهي اللقاء الرابع بين الرئيسين، فقد زار أردوغان القاهرة في فبراير الماضي. وقبلها التقى الرجلان في 2022 في الدوحة خلال افتتاح بطولة كأس العالم، ثم في قمة العشرين في نيودلهي في سبتمبر 2023، ثم في القمة الإسلامية الطارئة بالرياض في نوفمبر من العام نفسه.

وفي يوليو 2023 خطت تركيا خطوة هامة لإنهاء القطيعة، فرفعت التمثيل الدبلوماسي مع مصر إلى مستوى السفراء، تلا ذلك زيارة وزير خارجيتها هاكان فيدان إلى القاهرة في أغسطس الماضي، للتحضير للزيارة المرتقبة للرئيس المصري.

ملفات الزيارة

جاء السيسي إلى تركيا حاملا ملفات حيوية تتعلق بالمصالح المشتركة للبلدين، يتوقع مناقشتها ضمن اجتماعات مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، الذي تم تدشينه خلال زيارة أردوغان إلى القاهرة. ويعد إنهاء التوترات السياسية التي استمرت عقدا بين البلدين أبرز هذه الملفات.

التحول في مواقف البلدين يتيح فرصا جديدة لتعاونهما سياسيا واقتصاديا، وهو ما يبدو رغبة مشتركة لدى البلدين في الوقت الحاضر إزاء التهديدات الإقليمية المحيطة.

أولا: غزة
ملف غزة يحتل بلا شك مكانة بارزة على طاولة المباحثات، فالطرفان يسعيان إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، وضمان انسحاب إسرائيل من غزة، وتسهيل إدخال المساعدات الدولية، التي قال الرئيس التركي في مؤتمره الصحفي اليوم مع الرئيس السيسي أن بلاده قدمت نحو 32٪ من إجماليها.
وتتشارك تركيا ومصر الرؤية بخصوص الحل النهائي للقضية الفلسطينية، الذي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وتُعد مصر طرفاً أساسياً في مفاوضات وقف العدوان الإسرائيلي، وهي تسعى لحشد دعم دولي للتخلص من الضغوط الإسرائيلية المستمرة على معبر صلاح الدين الحدودي. وفي المقابل، تعتبر تركيا شريكًا مهمًا في جهود إعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب.
ومن المتوقع أن تطلب القاهرة من أنقرة استغلال علاقاتها الوثيقة بحركة حماس لدفعها إلى مزيد من المرونة في مفاوضات وقف الحرب، ولا سيما فيما يتصل بالانسحاب الإسرائيلي من غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، وذلك للتغلب على تعنت حكومة نتنياهو، التي تسعى لمواصلة الحرب والمفاوضات إلى أجل غير مسمى. ثانيا: سد النهضة والقرن الإفريقي
يمثل هذان الملفان أهمية قصوى لمصر، وهي تتطلع إلى دعم تركي فعّال فيهما، بما لها من نفوذ متزايد في منطقة القرن الإفريقي، اقتصاديا وعسكريا في إطار مساعيها لمنافسة القوى الإقليمية والدولية كالصين والدول الغربية.
أبرمت تركيا اتفاقيات عسكرية مع جيبوتي في فبراير 2023، كما تملك قاعدة عسكرية كبيرة في الصومات، هي الثانية من حيث الحجم خارج أراضيها. كما أنها لعبت دوراً محورياً في دعم حكومة آبي أحمد في إثيوبيا، خلال الصراع مع جبهة تحرير شعب تيغراي. عندما أمدته بطائرات بدون طيار، ساعدت الجيش الإثيوبي على استعادة السيطرة على زمام الأمور.
هذا الحضور التركي يعزز رغبة مصر في طلب دعم أنقرة في ملف سد النهضة. فالسيسي قد يناقش مع أردوغان إمكانية الوساطة بين مصر وإثيوبيا لحل الخلاف حول ملء السد وتشغيله دون مراعاة لاحتياجات مصر المائية. فمصر باتت تشعر بنفاد الصبر إزاء السياسة الإثيوبية المتعنتة، ما دفعها مؤخرا إلى إرسال قوات عسكرية إلى مقديشو لحماية مصالحها الإقليمية.
ستسعى مصر أن توضح لتركيا موقفها الرافض لأي هيمنة أجنبية على البحر الأحمر، باعتباره ممراً حيوياً للتجارة العالمية الذي تشكل قناة السويس جزءاً أساسياً منه. وفي هذا السياق، تأتي المساعي الإثيوبية الحثيثة، منذ أن أصبحت دولة حبيسة في عام 1993، للحصول على منفذ بحري، وكان أحدث هذه المحاولات عبر جمهورية أرض الصومال، مما دفع مصر إلى اتخاذ خطوات عسكرية لحماية مصالحها الاستراتيجية في تلك المنطقة. ثالثا: ليبيا
كان الملف الليبي واحداً من أبرز مصادر الخلاف بين البلدين. مصر دعمت قوات المشير خليفة حفتر التي تسيطر على الشرق الليبي، في حين كانت تركيا تدعم حكومة الوفاق الوطني في غرب ليبيا بقيادة فايز السراج، ثم حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة. استمر هذا الصراع فترة طويلة، حيث رأت القاهرة أن حفتر يمثل الاستقرار في مواجهة الفوضى المسلحة التي اجتاحت ليبيا، فيما اعتبرت أنقرة أن دعم الحكومة المعترف بها دولياً هو السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار.
لكن الوضع تغير اليوم. وأصبح الخلاف حول الملف الليبي في طريقه للحل. أكد السيسي وأردوغان خلال المؤتمر الصحفي المشترك على ضرورة إخراج الميليشيات الأجنبية من ليبيا، وهو ما يعكس توافقاً جديداً بين البلدين حول ضرورة إعادة الاستقرار لليبيا.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تفاهمات أوسع بين البلدين حول هذا الملف، حيث بدأتا في توحيد جهودهما لدعم استقرار ليبيا ومنع تسلل الجماعات الإرهابية عبر الحدود. وبعدما كانت مصر تعتمد على دعم حفتر لتحقيق الأمن على حدودها الغربية، تبدو اليوم أكثر انفتاحاً على التعاون مع تركيا لإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية واستعادة سيادتها. رابعا: غاز المتوسط
كان هذا أحد أكثر الملفات حساسية بين البلدين. فمصر أسست منتدى غاز شرق المتوسط بالتعاون مع قبرص واليونان، وهو ما اعتبرته تركيا استفزازاً لها، وإجهاضا لمحاولاتها لترسيم الحدود البحرية لتعظيم استفادتها بثروات الغاز في شرق المتوسط، ولا سيما أنها تعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز لتلبية احتياجاتها.
وبدأت مصر وتركيا في الأشهر الأخيرة مفاوضات لإعادة ترسيم الحدود البحرية بينهما. بهدف إنهاء الخلاف حول مناطق التنقيب عن الغاز، مع فتح الباب أمام إمكانية انضمام تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون بين دول المنطقة في مجال الطاقة.
وتسعى القاهرة لأن تكون مركزاً إقليمياً لتصدير الغاز عبر منشآت التسييل في دمياط وإدكو، وهو ما قد يتحقق بالتعاون مع تركيا، التي تستورد 90% من احتياجاتها من الغاز. ولذلك فإن التعاون في هذا المجال سيفتح آفاقاً جديدة للبلدين، ويخفف الاعتماد المصري على الغاز الإسرائيلي، الذي توقفت إمداداته بسبب الحرب على غزة. خامسا: السودان
مع تصاعد الأزمة السودانية في أبريل 2023، اتخذت تركيا موقفًا داعمًا للشرعية بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي استقبلته في أنقرة في سبتمبر من نفس العام، وقد تكون دعمته عسكرياً ببعض الطائرات المسيرة، إلا أن مصر وتركيا اليوم اليوم يتفقان على أهمية حل الأزمة السودانية بالطرق الدبلوماسية، وهما تسعيان للتعاون في دعم المساعي الدولية والأممية لحل النزاع الذي يؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة بأسرها. سادسا: الدفاع والطائرات المسيرة
الملف الدفاعي يحتل حيزًا هامًا في المباحثات بين السيسي وأردوغان، حيث أظهرت الحروب الأخيرة أهمية الطائرات المسيرة في تحقيق الأهداف العسكرية. وقد برزت تركيا كدولة رائدة في تصنيع تلك الطائرات، التي كان لها دور حاسم في تغيير مسار عدة نزاعات، من أبرزها خلال الحرب الروسية الأوكرانية، حيث زودت أوكرانيا بمسيرات "بيرقدار".
وفي إطار سعي مصر لتنويع مصادر تسلحها، باتت مهتمة بشراء الطائرات المسيرة التركية من طرازات "بيرقدار  TB2" و"بيراقدار أقنجي"، وقد زار رئيس الأركان المصري تركيا في أبريل الماضي للاطلاع على الإمكانيات الدفاعية التركية. كما تشارك تركيا حالياً في معرض مصر الدولي للطيران والفضاء، الذي يقام في العلمين، مما يعكس تطور التعاون الدفاعي بين البلدين. سابعا: التعاون الاقتصادي
على الجانب الاقتصادي، وقّعت مصر وتركيا خلال اليوم الأول للزيارة 17 اتفاقية، ما يعكس الاهتمام الكبير بملف التعاون الاقتصادي بين البلدين. ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فقد بلغت صادرات مصر إلى تركيا 2.8 مليار دولار خلال عام 2023، بينما وصلت صادرات تركيا إلى مصر إلى 3.8 مليار دولار في نفس العام. وتسعى الدولتان إلى زيادة حجم التبادل التجاري ليصل إلى 15 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الخمس القادمة.
وتعتبر تركيا الشريك التجاري الأكبر لمصر في إفريقيا، وساهمت اتفاقية التجارة الحرة، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2007، في تعزيز حجم التجارة بين البلدين، ودمج الصناعات التركية والمصرية، ما يساعد على الوصول إلى أسواق أوروبا وإفريقيا عبر اتفاقية الكوميسا. ثامنا: التعليم والصحة
في مجال التعليم، تُعد مصر واحدة من أكبر الدول التي تضم أقساماً لتعليم اللغة التركية في جامعاتها، ويتوقع أن تبحث الزيارة تعزيز التعاون الأكاديمي بين البلدين عبر زيادة في المنح التركية للطلاب المصريين، والتعاون مع الجامعات التركية لتأسيس كلية تكنولوجيا مصرية-تركية بالتعاون مع جامعة الزقازيق.
وفي مجال الصحة، تم الاتفاق في فبراير 2023 بين وزير الصحة المصري والسفير التركي بالقاهرة على تأسيس مستشفى تركي مصري بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى التعاون في مجال زراعة الأعضاء والتدريب الطبي المشترك.

هكذا، تتضح معالم التعاون بين مصر وتركيا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والدفاعية، في خطوة تعكس تحولا إيجابيا في العلاقات الثنائية، بعد سنوات من الخلافات. ويبشر المستقبل بمزيد من التقارب المثمر، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويسهم في استقرار المنطقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مرغم: ثورة فبراير كانت من أجل الحرية لا من أجل السلطة ولا الثراء والثوار أثبتوا ذلك
  • المترشح الحر تبون: الحملة الانتخابية كانت نظيفة.. الجزائر في مرحلة مفصلية
  • المرشح تبون: الحملة الإنتخابية كانت نظيف.. الجزائر في مرحلة مفصلية
  • إيران اضطرت لدفع فدية بعد اختراق واسع هدد نظامها المصرفي
  • مسؤول استخباراتي أمريكي كبير: إيران أكثر نشاطا من السابق وكثفت جهودها للتأثير على الانتخابات في البلاد
  • مسلسل عمر أفندي الحلقة الأخيرة: أحمد حاتم ينتقم من محمود حافظ ويورطه مع الإنجليز
  • إيران دفعت فدية مليونية بعد اختراق ضرب نظامها المصرفي
  • محامٍ : العقود الشفوية عند البيع والشراء لا يعمل بها إذا كانت فوق الـ 100 ألف .. فيديو
  • بوليتيكو: إيران دفعت ملايين الدولارات لإنهاء هجوم إلكتروني ضخم على بنوكها
  • 8 ملفات حرجة كانت على طاولة مباحثات السيسي وأردوغان