أثارت مصادقة مجلس النواب على تعديل في قانون المسطرة المدنية يتعلق بالمادة 17، جدلا في الأوساط الحقوقية. التعديل قدمته الحكومة لأنه يعطي الحق للنيابة العامة لطلب إبطال حكم « من شأنه المس بالنظام العام »… وجاء في التعديل:
يمكن للنيابة العامة المختصة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى ودون التقيد بآجال الطعن المنصوص عليها… أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام.


ويتم الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا ».
وقال المحامي محمد طبيح في مقال له نشره موقع « اليوم 24″، إن هذه المقتضيات غير دستورية، لإنها لم تعرض على مكتب المجلس، كما لم تعرض على لجنة العدل ولم تناقشها ولم تصوت عليها، كما أنها تشرع لإصدار تعليمات من النيابة العامة للقاضي لإلغاء حكمه بسبب « مسه بالنظام العام، أو من شأنه المس بالنظام العام ».

وكانت لجنة العدل بمجلس النواب عندما عرضت عليها المادة 17 ضمن مشروع قانون المسطرة المدنية، تداولت بشأنها وقررت حذف مقتضياتها من المشروع بإجماع أعضائها أي معارضة وأغلبية وكذا بموافقة الحكومة.
واعتبر طبيح أن المادة 17 أضافت شيئا جديدا، وهو أن حق النيابة العامة في التقدم بطلب التصريح ببطلان حكم لم يبق يقتصر على المقررات القضائية التي خالفت النظام العام، بل منحت للنيابة العامة نفس الحق حتى بالنسبة للمقررات القضائية التي من شأنها أن تخالف النظام العام.
وقال إن هذه الصيغة تفرض وضع السؤال حوال من هي الجهة التي ستتنبأ بكون مقرر قضائي سيخالف النظام العام مع أنه قد يصدره قاض فرد أو 3 قضاة أو غرفة أو مجموع غرف محكمة النقض.

وأوضح طبيح أن ذلك المقرر (الحكم) أحدث مراكز قانونية لأطراف الدعوى ولكل المتدخلين الآخرين. وهنا تصطدم المادة 17 الجديدة مع الشروط الأولى لصياغة قاعدة قانونية كما هي متعارف عليها دوليا.

كما أن صياغة المادة 17 الجديدة تتوجه للقاضي وتقول له إن الحكم الذي ستصدره قد يكون مقررا قضائيا من شأنه مخالفة النظام العام. وقد لا يكون من شأنه مخالفة النظام العام. أي أن النيابة العامة هي التي ستقرر فيما بعد ذلك.
غير أنه لا يمكن لوكيل الملك أن يتقدم بطلب تلقائيا من أجل بطلان مقرر قضائي. بل لا بد أن يتوصل بأمر من الوكيل العام لمحكمة النقض.

واعتبر طبيح أن هذه المادة 17 لم تتوقف عند الوكيل العام وتمكينه من إصدار الأمر للنيابة العامة لتقدم طلب التصريح ببطلان حكم قضائي، بل أعطت هذا الحق كذلك للرئيس المنتدب للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف.

وانتقد طبيح محرر هذه الصياغة لأنه لم ينتبه إلى أنه يكتب قاعدة قانونية تؤسس لإعطاء التعليمات لقضاء الحكم من طرف الرئيس المنتدب الذي هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يتكلف بتأديب وترقية القاضي الذي سيبت في طلب التصريح ببطلان حكمه.

وتساءل « كيف تصاغ قاعدة قانونية تقول بأن الرئيس المنتدب من حقه أن يطلب من قاضي حكم بأن يبطل حكمه الذي سبق له أن أصدره لكونه حكم من شأنه أن يخالف النظام العام؟ »

وأشار أيضا إلى أنه يتبين من صياغة المادة 17 الجديدة، أنها حددت الجهة التي سيعرض عليها طلب التصريح ببطلان الحكم، وعينتها بكونها هي المحكمة مصدر القرار المطلوب التصريح ببطلانه. أي أن القاضي أو القضاة أو غرفة بمحكمة النقض أو كل غرف محكمة النقض سيطلب منها أن تقضي ببطلان قرارها الذي أصدرته.

كلمات دلالية الغاء حكم المادة 17 المسطرة المدنية المغرب

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الغاء حكم المادة 17 المسطرة المدنية المغرب للنیابة العامة النظام العام المادة 17 من شأنه

إقرأ أيضاً:

المادة 149: جدلية التحريض وتقييد الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة أيمن صندوقة نموذجًا

#سواليف

المادة 149: جدلية #التحريض و #تقييد_الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة #أيمن_صندوقة نموذجًا

كتبت .. #علياء_الكايد

في قلب كل نظام سياسي يكمن التوتر بين الحرية والنظام، بين الكلمة والمسؤولية، وبين النقد والاستقرار. المادة 149 من قانون العقوبات الأردني تُجسّد هذا التوتر بأوضح صوره، حيث تُجرّم “التحريض ضد النظام السياسي”. لكنها تثير أسئلة أعمق من مجرد نص قانوني: ما الذي يُهدد الدولة فعليًا؟ هل هو الكلمة أم غياب الحوار؟ وهل النظام السياسي الذي يخشى النقد قادر على مواجهة تحديات المستقبل؟

مقالات ذات صلة “العمل الإسلامي”: تصريحات الصفدي الأخيرة حول غزة وفصائل المقاومة لا تنسجم مع موقف الشعب 2025/01/23

وددت ان اتناول هذه المادة من زاوية فلسفية وسياسية، وأضعها تحت المجهر من خلال قضية الناشط أيمن صندوقة، الذي تحول من مواطن يُعبّر عن رأيه إلى متهم بالتحريض.

أولاً: التحريض بين النصوص القانونية والمعايير الدولية

ما هو التحريض؟ بين وضوح النصوص وغموض التطبيق.

في الدول الديمقراطية، يُعرف التحريض بأنه دعوة صريحة ومباشرة إلى العنف أو استخدام القوة لتقويض النظام العام. لكن المادة 149 من قانون العقوبات الأردني لا تقدم تعريفًا واضحًا أو معيارًا دقيقًا لما يُعتبر تحريضًا، مما يترك الباب مفتوحًا لتفسيرات واسعة تُطوّق النقد المشروع.

على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تُعتبر حرية التعبير حقًا أساسيًا، لكن “التحريض” يُعرّف بدقة في إطار ضيق: لا يُعتبر الكلام تحريضًا إلا إذا كان “موجهًا لإحداث عمل غير قانوني ووشيك”، كما جاء في قضية براندنبورغ ضد أوهايو (1969). أما في ألمانيا، حيث تُعتبر حماية النظام الديمقراطي أولوية قصوى، فإن التحريض يتطلب أدلة واضحة على نية إثارة الفتنة أو التهديد المباشر للنظام.

التطبيق في الأردن: إشكالية الغموض في الأردن، غياب التحديد الدقيق لمفهوم التحريض يجعل من المادة 149 سلاحًا ذا حدّين. فهي، من جهة، تهدف إلى حماية النظام السياسي، لكنها، من جهة أخرى، تُستخدم أحيانًا لتقييد النقد السلمي، وهو ما يجعل المواطن يعيش تحت رقابة دائمة، حيث تتحول كل كلمة إلى احتمال خطر اعتقال .

ثانيًا: قضية أيمن صندوقة – ملخص القضية

في منتصف عام 2024، نشر الناشط أيمن صندوقة، المعروف بآرائه الجريئة، منشورًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه السياسات الحكومية . لم يتضمن المنشور أي دعوة إلى العنف أو استخدام القوة، لكنه فُسّر على أنه تحريض ضد النظام السياسي.

التساؤلات المحورية التي تتبادر لذهني

1. هل يشكل النقد السلمي تهديدًا للنظام السياسي؟

النظام الذي يتعامل مع النقد باعتباره تهديدًا قد يُظهر ضعفًا في تقبّل الآراء المعارضة، وهو أمر يناقض طبيعة الدول القوية التي تعتبر المعارضة جزءًا من الشرعية السياسية.

2. هل هناك أدلة قاطعة على التحريض؟

في قضية صندوقة، لم تكن هناك أي أدلة على نية إثارة الفتنة أو التحريض على العنف، مما يثير تساؤلات حول استخدام المادة 149 لتفسير النقد كتهديد.

وهنا ستطفو التداعيات الاجتماعيه ب حرية التعبير: إذا كان التعبير السلمي يُجرّم، فإن ذلك يُضعف ثقة المواطن في العدالة، ويُنتج ثقافة الصمت والخوف.

النظام السياسي: دولة تخشى النقد السلمي تفقد فرصة الإصلاح الداخلي، مما يُضعف شرعيتها على المدى الطويل.

ثالثًا: مقارنة دولية – حرية التعبير وحدود التحريض :

التجربة البريطانية

في بريطانيا، يُسمح بالنقد السياسي الحاد طالما أنه لا يدعو إلى العنف أو الكراهية. تُعتبر حرية التعبير جزءًا أساسيًا من النظام الديمقراطي، لكن قانون التحريض على الكراهية لعام 2006 يضع حدودًا واضحة تتعلق بالتحريض على العنف أو إثارة النعرات العنصرية.

التجربة التونسية – بعد الربيع العربي

بعد الثورة التونسية، سعت تونس إلى تحقيق توازن بين حماية النظام السياسي وحرية التعبير. ورغم وجود قوانين تُجرّم التحريض، فإن المحاكم غالبًا ما تميّز بين النقد السياسي والدعوات الحقيقية للعنف، مما أسهم في تقليل الانتهاكات ضد حرية التعبير.

مااطالب به اليوم لا ينحصر فقط بالمطالبه بالحرية للمعلم أيمن صندوقه بل تحديث قانوني للماده 149

بحيث يكون ما يلي :

تعريف واضح للتحريض: الدول التي تمتلك قوانين دقيقة تقلل من احتمالية إساءة استخدامها ضد المعارضة.

ضمانات قضائية مستقلة: وجود قضاء مستقل يُسهم في حماية الأفراد من التفسيرات المتعسفة للنصوص القانونية.

إعادة صياغة المادة 149 ستقدم قانونا اكثر توازنا ولضمان التوازن بين حماية النظام وحرية التعبير، نقترح:

1. تعريف دقيق للتحريض: يقتصر على الدعوة المباشرة إلى العنف أو استخدام القوة.

2. حماية النقد السلمي: التأكيد قانونيًا أن النقد السياسي السلمي لا يُعتبر تحريضًا.

3. رقابة قضائية صارمة: ضمان ألا تُستخدم المادة كأداة لقمع المعارضين، بل لحماية الدولة من التهديدات الحقيقية فقط.

وأذكر بأن حرية التعبير ليست تهديدًا، بل هي عنصر أساسي في بناء مجتمعات مستقرة. ويجب أن تكون الدولة الأردنية قادرة على احتواء الأصوات المعارضة كجزء من عملية التنمية، وليس كتهديد يجب إسكاتُه.

أن الحرية والاستقرار وجهان لعملة واحدة ،إن قضية أيمن صندوقة ليست مجرد ملف قضائي عابر، بل هي اختبار لمدى قدرة الدولة على التوفيق بين حماية النظام وضمان الحقوق الفردية.

الدول القوية هي التي تتعامل مع النقد كفرصة للإصلاح، وليست تلك التي تعتبر كل كلمة تهديدًا لوجودها. إعادة النظر في المادة 149 ليست مجرد مطلب حقوقي، بل ضرورة استراتيجية لضمان استقرار طويل الأمد قائم على الثقة بين الدولة والمجتمع.

وكما قال المفكر محمد حسنين هيكل: “الحقيقة هي السلاح الأقوى لأي نظام… وإخفاؤها ليس حلاً، بل تأجيلٌ لأزمة ستكبر مع الزمن”.

مقالات مشابهة

  • التصريح بدفن شخص لقي مصرعه نتيجة سقوطه من علو في الجيزة
  • القانون يُحدد ضوابط الحصول على إجازة لرعاية الطفل
  • كل ما تريد معرفته عن ضوابط تشغيل النساء وفقا لقانون العمل الجديد
  • المادة 149: جدلية التحريض وتقييد الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة أيمن صندوقة نموذجًا
  • المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي للرابطة المحترفة
  • مستشار قانوني: رجال الأمن في المراكز التجارية ليس لهم الحق في تفتيش العملاء
  • السكوري: مشروع قانون الحق في الإضراب الذي أقره مجلس النواب لا يعكس الموقف الحكومي
  • «قوى النواب» توافق على منح المرأة العاملة إجازة وضع 4 أشهر
  • يعاني من الانفصام.. التصريح بدفن جثمان سوداني تخلص من حياته في الهرم
  • احذر.. الحبس سنتين عقوبة انتحال الصفة طبقا للقانون