كشف صحيفة "الغارديان" عن أدلة قاطعة لتورط الإمارات العربية المتحدة في الحرب الأهلية السودانية التي تدور رحاها من أكثر منذ قرابة عام ونصف.

 

وقال الصحيفة في تقرير أعده الباحث مارك تاونسيند أن وثائق مسربة كشفت عن جوازات سفر إماراتية في حطام يشير إلى قوات سرية على الأرض، رغم النفي الإماراتي.

 

وذكر التقرير أن "جوازات السفر التي تم استردادها من ساحات القتال في السودان، تشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ترسل قوات سرية إلى الأرض، في الحرب الأهلية المدمرة في البلاد، وفقاً لوثائق مسربة".

 

 وبنت الصحيفة معلوماتها على وثيقة مسرّبة مكوّنة من 41 صفحة، وأرسلت إلى مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة. وتحتوي الوثيقة على صور جوازات سفر إماراتية عثر عليها في السودان، وربطت بقوات الدعم السريع.

 

ونفت الإمارات في السابق الاتهامات بأنها تقوم بتزويد الأسلحة لقوات الدعم السريع، شبه العسكرية، والتي تقاتل الجيش السوداني، وتحاصر مدينة الفاشر في دار فور، ومتهمة بعملية تطهير عرقي في الإقليم، غربي السودان.

 

وتعلق الصحيفة بأن إشارات عن نشر الإمارات جنوداً للقتال في السودان سينظر إليها كتصعيدٍ يزيد من تأجيج التعقيدات الجيوسياسية في الحرب، التي مضى عليها 15 شهراً بين القوات السودانية المسلحة والدعم السريع.

 

وتم العثور على الجوازات في مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم، وفي منطقة كانت قوات الدعم السريع تسيطر عليها، واستعادها الجيش في الفترة الأخيرة.

 

ووصف المحللون اكتشاف الجوازات الإماراتية بأنها “دليلٌ قاطع” يتحدى النفي الإماراتي، ويثير أسئلة حول ما تعرفه الولايات المتحدة وبريطانيا عن مدى تورط الدولة الخليجية في السودان، وإن كان الغرب قد قام بما يكفي للحدّ من الدعم لميليشيا متهمة بحرب إبادة.

 

وقال مستشار الشؤون السودانية السابق للحكومة الأمريكية كاميرون هدسون إن الأدلة الجديدة يجب أن تقود الغرب للتحرك، و”هذا سيجبر واشنطن على الاعتراف بما تعرفه عن هذا، وستجبرهم على الرد”.

 

 ويرى خبراء أنه بدون التورط الإماراتي كان النزاع، الذي تسبّب بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، قد انتهى منذ وقت.

 

وتضيف الصحيفة أن الوثيقة التي اطلعت عليها وأرسلت، الشهر الماضي، إلى مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة، تكشف عن تقديم الإمارات للدعم السريع مسيّرات معدلة قادرة على إسقاط القنابل الحرارية المثيرة للجدل. وهي قنابل تتسبّب بدمار أكبر من القنابل التقليدية، وهناك دعوات متزايدة لمنع استخدامها.

 

ويضم التقرير صوراً لصفحات أربع من جوازات سفر تعود لمواطنين إماراتيين، ولد اثنان منهم في دبي، وثالث في مدينة العين، ورابع في عجمان، خامس أكبر مدينة في الإمارات. وتتراوح أعمارهم ما بين 29- 49 عاماً.

 

 وقال مصدر مطلع على الاكتشاف إن الجوازات اكتشفت في حطام سيارة عُثر عليها في أم درمان، في شباط/فبراير. وقال: “التقييم هو أنها تعود إلى ضباط مخابرات إماراتيين”.

 

 وعثر في نفس الموقف على جوازي سفر يمنيين، صاحب أحدهما مولود في دبي، وعمره 38 عاماً، أما الثاني فعمره 31 عاماً، ومولود في الضالع، جنوب اليمن.

 

وأرسلت قوات الدعم السريع آلافاً من مقاتليها للقتال في اليمن ضد الحوثيين، ومجرد العثور على جوازات يمنية يشي بأن المساعدة كانت متبادلة، على ما يبدو.

 

وطالما نفت الإمارات المزاعم التي قالت إنها أرسلت دعماً لأيّ من المتحاربين في السودان. والشهر الماضي، قالت البعثة الإماراتية الدائمة في الأمم المتحدة إن الادعاءات التي تشير إلى خلاف هذا هي ” أكاذيب، تضليل، ونشر للدعاية يقوم بها بعض الممثلين عن السودانيين”.

 

لكن المراقبين للعقوبات في الأمم المتحدة وَصفوا مزاعم تقديم دعم من الإمارات لقوات الدعم السريع بالـ “موثوقة”.

 

ونقلت الصحيفة عن خلود خير، المحللة السياسية السودانية، ومؤسسة “كونفلونس أدفايزري”، قولها إن اكتشاف الجوازات أعاد تأطير النقاش، و”هذا يسخر من مزاعم الإمارات المستمرة بأن لا علاقة لها بالدعم العسكري للدعم السريع”. و”هو دليل دامغ عندما يتم دعمه بأدلة أخرى. تقدم الإمارات الكثير من الدعم العملي الفوري لقوات الدعم السريع، وهو ما ينكرونه لأنه لا يوجد هذا الرابط المباشر على الأرض”، كما قالت.

 

وقال هدسون، وهو محلل سابق لشؤون أفريقيا في سي آي إيه إن الاكتشاف سيجعل من الصعب على الإمارات إبعاد نفسها عن السودان: “على العموم، عملوا من خلال وكلاء ولم يلوثوا أيديهم مباشرة. وأرادوا قدراً من الإنكار المعقول وتمسّكوا به”.

 

 وتحتوي الوثيقة على تفاصيل عن معدات عسكرية تم العثور عليها في ساحات المعارك، في ثالث أكبر دولة أفريقية.

 

وتحدث الخبراء عن طائرة رباعية بدون طيار مزوّدة بأنابيب لإسقاط قنابل هاون معدلة من عيار 120 ميليمتر، والتي قدمتها على الأرجح الإمارات. وتم وضع علامة على صور الصناديق التي تحتوي على أسلحة تشير إلى أنها مرسلة من قبل شركة أسلحة صربية إلى “القوات الإماراتية المسلحة، القيادة اللوجستية المشتركة، ومقرها أبو ظبي”.

 

 وتشير الصناديق إلى أن القنابل المحملة فيها تحتوي على حشوة حرارية تنتج انفجاراً عالي الحرارة كإضافة للمتفجرات التقليدية. وبحسب الوثيقة، فقد عثر على القنابل في مقرات الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، بعدما سيطرت قوات الجيش عليها.

 

وقال متحدث باسم “فينكس إنسايت”، والتي تقوم بتحليل الأسلحة المرسلة للحكومات والمنظمات غير الحكومية: “نعرف أن قنابل الهاون المعدلة تأتي عادة مع رزمة المسيّرات، وكلّها حزمة واحدة، وتنتجها شركة واحدة، وإذا ذهبت إلى القوات الإماراتية المسلحة، فيمكن ربطها بشكل مباشر قدر الإمكان”.

 

 ووافق نيك جينزن- جونز، مدير خدمات أبحاث التسلح، والتي تابعت أسلحة الإمارات في ليبيا واليمن، على ما ورد في الوثيقة التي كشفت عن قنابل هاون من عيار 120 ميليميتر، وحصلت عليها القوات الإماراتية المسلحة، وتم “العثور” عليها في السودان.

 

 وتحتوي الوثيقة أيضاً على صور لصواريخ أرض- أرض، وأسلحة مضادة للدبابات، وأنظمة موجهة مضادة للدبابات، ويقول الخبراء إن هناك أدلة كافية لربطها بالإمارات.

 

وتعتبر بريطانيا حاملة القلم الحالية للسودان في مجلس الأمن، وهذا يعني أنها تقود نشاط المجلس المتعلقة بالبلد، وليس من الواضح الطريقة التي سيرد بها المجلس على الوثيقة.

 

وتقول الصحيفة إنها اتصلت مع المسؤولين الإماراتيين للتعليق.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: السودان الامارات حرب الجارديان جوازات سفر قوات الدعم السریع فی الأمم المتحدة فی السودان علیها فی فی الحرب

إقرأ أيضاً:

دعوة أممية لنشر قوة محايدة بالسودان.. وتقرير بشأن جرائم الحرب

دعا خبراء من الأمم المتحدة، الجمعة، إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان منذ نيسان /أبريل عام 2023.

وخلص الخبراء المكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان في تقرير، إلى أن المتحاربين "ارتكبوا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم دولية، يمكن وصف الكثير منها بأنّها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

قالت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، إن "طرفي الصراع ارتكبا انتهاكات على نطاق كبير قد تعد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية"، وأوصت البعثة بحظر الأسلحة وإرسال قوة لحفظ السلام من أجل حماية المدنيين.


وذكر التقرير الصادر عن البعثة والمؤلف من 19 صفحة، مستندا إلى 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود، أن "الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية مسؤولان عن هجمات على مدنيين ونفذا عمليات تعذيب واعتقال قسري".

وقال محمد شاندي عثمان رئيس البعثة، "تبرز خطورة هذه النتائج ضرورة اتخاذ إجراء فوري لحماية المدنيين"، داعيا إلى نشر قوة مستقلة ومحايدة دون تأخير.

وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة، المكونة من ثلاثة أعضاء، منذ أن كونها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.


ويواجه المدنيون في السودان المجاعة والأمراض والنزوح الجماعي بسبب الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 17 شهرا.

وقال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة الشهر الماضي إنهم حصلوا على ضمانات من كلا الطرفين في محادثات سويسرا لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات عرقل إحراز تقدم.

وكانت الحكومة السودانية، قد جددت الخميس، هجومها على مفاوضات مدينة جنيف السويسرية التي انطلقت بدعوة من الولايات المتحدة لإجراء محادثات حول سبل وقف الصراع المتواصل في السودان، محذرة من تبعات النظر إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على أنهما "طرفا صراع" يقتتلان من أجل السلطة.

وقال وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض، إن "مخرجات اجتماعات سويسرا وما جاء فيها من التزامات قدمتها مليشيا الدعم السريع ورعاتها لحماية المدنيين هي مجرد دعاية كاذبة لا تنطلي على أحد".

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. في مفاجأة من العيار الثقيل.. قائد الدعم السريع “حميدتي” يطلب الزواج من حسناء الفن “مونيكا” ويعرض عليها أموال طائلة وكميات من الذهب والفنانة تكشف التفاصيل كاملة
  • البرهان: دول غير رشيدة تساعد الدعم السريع وتحيك مؤامرة ضد البلاد
  • اغتصاب وتعذيب واعتقالات قسرية.. اتهامات أممية لطرفي الصراع في السودان
  • الغارديان: هل يمكن للعلماء تحديد العدد الحقيقي لضحايا غزة؟
  • دعوة أممية لنشر قوة محايدة في السودان.. وتقرير بشأن جرائم الحرب
  • دعوة أممية لنشر قوة محايدة بالسودان.. وتقرير بشأن جرائم الحرب
  • أمام حشد دولي في الصين .. البرهان يطالب بتصنيف قوات الدعم السريع مجموعة إرهابية
  • البرهان: نطالب بتصنيف الدعم السريع "مجموعة إرهابية"  
  • اشتعال الحرب في السودان من جديد وتصاعد القصف الجوي والمدفعي بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • السودان يحتج على استخدام الدعم السريع لمواد منظمة أممية ويطلب توضيحات