بوابة الوفد:
2024-09-07@15:32:36 GMT

خشية الله وأماراتها

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

الخشية هى الخوف المقرون بمعرفة الله وإجلاله وإدراك عظيم شأنه سبحانه وتعالى، وهى من سمات الأنبياء والعلماء والصالحين، يقول الحق سبحانه: «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله وَكَفَى بِالله حَسِيبًا «(الأحزاب: 39)، ويقول سبحانه: «إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ» ( فاطر: 28).

و يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «أَمَا وَالله إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ» (صَحِيحُ البُخَارِي)، ويقول: (صلى الله عليه وسلم): «فَوَاللهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» (صَحِيحُ البُخَارِي)
وهى من صفات أولى الألباب وسمات المؤمنين المتقين، حيث يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ الله وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» (الرعد:19-21)، ويقـول سبحانه: «وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ» (الأنبياء: 48 - 49)، ويقول سبحانه: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا الله فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ «(التوبة: 18)، ويقول تعالى: «الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» (الزمر: 23). 
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله» (سنن الترمذي)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): « لا َيَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه» (سنن الترمذي).
وأهم أمارات الخشية وصدق تحققها حسن المراقبة لله (عز وجل) فى السر والعلن، على نحو ما كان من ابنة بائعة اللبن - فعن عبدالله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدِّه أسلم قال: بينما أنا مع عمرَ بن الخطاب (رضى الله عنه) وهو يتفقد الرعية بالمدينة إذ أَعيا، فاتَّكأ على جانبِ جدارٍ فى جوفِ الليلِ، فإذا امرأةٌ تقولُ لابنتها: يا ابنتاه، قُومى إلى ذلك اللَّبنِ فامْذُقيهِ بالماء. فقالت لها: يا أمَّتاه، أو ما عَلمتِ بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت: وما كانت من عزمته يا بُنيَّة؟ قالت: إنَّه أمر مناديه فنادى: ألا يُشَابَ اللَّبنُ بالماء. فقالت لها: يا بنتاه، قومى إلى اللَّبن فامْذُقيهِ بالماء، فإنك بموضعٍ لا يَراكِ عمرُ، ولا مُنادِى عمرَ. فقالت الصبيَّةُ لأمِّها: يا أمَّتاه، واللهِ ما كنتُ لأُطيعَهُ فى الملأ، وأَعصِيَهُ فى الخلا، وعمرُ يَسْمع كلَّ ذلك، فقال: يا أسلمُ، علِّمِ البابَ، واعرفِ الموضعَ. ثم مضى، فلمَّا أصبح، أتاهم فزَوَّجها من ابنه عاصم، فوَلَدت لعاصم بنتًا، وَوَلَدت البنتُ عمرَ بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى. 
وخرج ابن عمر (رضى الله عنهما) ذات يوم فِى بَعْضِ نَوَاحِى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَصْحَابُ لَهُ، وَوَضَعُوا سَفْرَةً لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِى غَنَمٍ، قَالَ: فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِى، هَلُمَّ، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّى صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِى مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ شَدِيد الْحَرِّ وَأَنْتَ فِى هَذِهِ الْجِبَالِ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ فَقَالَ لَهُ: أَيْ وَالله، أُبَادِرُ أَيَّامِى الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أن يَخْتَبِرُ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيكَ مِنْ لَحْمِهَا فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِى بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِى، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا عَسَى سَيِّدُكَ فَاعِلا إِذَا فَقْدَهَا، فَقُلْتَ: أَكْلَهَا الذِّئْبُ، فَوَلَّى الرَّاعِى عَنْهُ وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: وأَيْنَ الله؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِى، وَهُوَ يَقُولُ: وأين الله؟، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِى فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ، وَوَهَبَ لهُ الْغَنَمَ.
فإن كنت تراقب الله عز وجل فى سرك مراقبتك له سبحانه فى علنك فأنت تخشاه حق خشيته، وإن كانت مراقبة للناس أكثر من مراقبتك لله عز وجل فأنت على خطر عظيم.

الأستاذ بجامعة الأزهر

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر صلى الله عليه وسلم صلى الله علیه وسلم ب الله

إقرأ أيضاً:

ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: بداية عصر النور والهدى

ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم،في الثاني عشر من ربيع الأول، يُحيي المسلمون ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي وُلد في مكة المكرمة في عام الفيل. 

كانت ولادته نقطة تحول في تاريخ البشرية، حيث جلبت رسالة الإسلام نورًا وهدى للعالم. 

يمثل هذا اليوم فرصة للتأمل في معاني النبوة، وتجديد الإيمان بأهمية الرسالة التي حملها النبي صلى الله عليه وسلم، وتأثيرها العميق على حياة الناس.

 ملابسات ولادة النبي

وُلد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في فترة مليئة بالصعوبات والجهل في مكة المكرمة. 

ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: بداية عصر النور والهدى

ورغم الظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، كان ميلاده محاطًا بعدد من العلامات البارزة التي تدل على مكانته الخاصة. 

شهدت مكة أجواء من الفرح والإشارات الربانية التي أظهرت أهمية هذا الحدث، مثل انطفاء نار فارس واهتزاز إيوان كسرى، وهي علامات دلت على بداية عصر جديد.

 الرسالة النبوية وتوجيهاتها

جاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام التي دعت إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأوثان. 

حملت رسالته دعوة للتوحيد، والعدالة، والرحمة، وأكدت على أهمية الأخلاق الحميدة في التعامل مع الآخرين. 

كانت تعاليم النبي شاملة، تهدف إلى بناء مجتمع متماسك يقوم على أساس من الإيمان والعمل الصالح.

ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة روحانية تجمع بين المسلمين على حب رسولهم الكريم  تأثير مولد النبي على المجتمع

كان لمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم تأثير عميق على المجتمع الإسلامي وعلى البشرية جمعاء. 

فقد أحدثت دعوته تغييرًا كبيرًا في مفاهيم الناس، وعززت قيم التسامح، والمساواة، والرحمة. 

أصبحت تعاليمه أساسًا لحياة المسلمين، ومرجعًا في كيفية التعامل مع مختلف جوانب الحياة، سواء كانت دينية أو دنيوية.

 إحياء ذكرى المولد النبوي

يُحيي المسلمون ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال إقامة الفعاليات الدينية، وتلاوة القرآن الكريم، وتنظيم مجالس الذكر.

ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: بداية عصر النور والهدى

 يُعبر المسلمون عن محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم من خلال نشر تعاليمه وسيرته، وتعزيز القيم التي جاء بها.

 كما يتم تبادل الحلويات وتقديم العون للفقراء والمحتاجين كجزء من الاحتفالات، تعبيرًا عن روح العطاء والإحسان التي علمها النبي.

تراث حلويات المولد النبوي الشريف: عراقة وتقاليد


تظل ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أهم المناسبات في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث تعيد إلى الأذهان النور والهدى الذي جاء به الرسول الكريم.

 إن إحياء هذه الذكرى يعزز الإيمان بأهمية الرسالة النبوية، ويحفز المسلمين على الاقتداء بأخلاق النبي وسيرته، ليكونوا مثالًا في حياتهم اليومية.

مقالات مشابهة

  • ربيع الأنوار.. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي يومه؟
  • التسامح في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • معاني الرحمة في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • أدعية مستحبة في يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • يوم مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ميلاد النور الذي أضاء العالم
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: حدث غير مجرى البشرية
  • ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: بداية عصر النور والهدى
  • من المسافة صفر.. إيمان مُجاهدي غزة ونُهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: رمز التجديد الروحي والتغيير
  • مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم: يوم التغيير والبداية الجديدة