فى الوقت الذى تستعد فيه مؤسسة زاهى حواس للآثار والتراث بتدشين حملة دولية للمطالبة بعودة رأس نفرتيتى لمصر وأحقية مصر فيها وحقها فى ملكيتها.
أكد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن رأس نفرتيتى خرجت بالخداع والتضليل ومصر لها أسانيد قوية للمطالبة الرسمية باستعادتها وذلك من خلال دراسة للباحث الأثرى سيد على الجوخى الحاصل على ماجستير آثار مصرية من جامعة فيينا أرسلها للحملة تتضمن معلومات هامة عن حكاية الملكة نفرتيتى وطريقة خروجها من مصر.
أثارت القضية "موضوع الرأس" منذ اكتشافها وحكاية خروجها حتى عرضها الأول فى عام 1923 فى برلين فى 6 ديسمبر 1912 فى الموقع القديم لتل العمارنة، اكتشف فريق من علماء الآثار الألمان من الشركة الشرقية الألمانية بقيادة لودفيج بورشاردت بتمويل من جيمس سيمون رأس نفرتيتى.
ووفقًا للقوانين السائدة فى ذلك الوقت، كان يجب تقسيم المكتشفات إلى نصفين متساويين بين مصر والبعثة الأثرية، أو أن تُشترى بالكامل من قبل مصر، كان يجب اتخاذ هذا القرار من قبل مصلحة الآثار التى كان رئيسها والعديد من موظفيها فرنسيين، وكان هناك شخص واحد فقط مسئول عن هذه المهمة هو عالم البرديات الفرنسى الشاب (جوستاف لوفيفر) وكان فى ذلك الوقت المفتش الرئيسى لصعيد مصر.
تم اتخاذ القرار فى 20 يناير 1913 ومنح تمثال الملكة نفرتيتى للبعثة الألمانية دون أن يعاين الآثار بنفسه حيث كانت الصناديق قد أغلقت سلفًا. بعد فترة قصيرة جدًا من ذلك، غادر الرأس مع مكتشفات أخرى البلاد.
كان بورشاردت على وعى بأهمية الرأس الفريدة، قد فعل ما فى وسعه لعدم عرضه أو نشره بالكامل واحتُفظ بالتمثال بعيدًا عن العامة حتى عرضه الأول فى عام 1923، بعد 11 عامًا من مغادرته البلاد.
وأضاف الدكتور ريحان بأنه من المستحيل لمصرى أن يتنازل عن رأس بهذه القيمة وهذا الجمال طوعًا، حتى مقابل المكتشفات الأخرى من الموقع. وبدأ (بيير لاكو)، رئيس مصلحة الآثار فى مصر فى ذلك الوقت، جهوده بطلب إعادة التمثال بعد 11 عامًا من اكتشافه، وكان من الصعب تتبع كل الظروف بدقة والتحقيق فى القضية.
عندما سُئل (جوستاف لوفيفر) عن التمثال، لم يكن متأكدًا حتى من رؤيته فى الصور. نظرًا لأن لوفيفر كان مواطنًا لبيير لاكو، يمكن فهم أنه لم يكن يرغب فى اتهامه دون دليل، لذلك اعترف بأنه كان خطأ وإهمالًا وقال إن الامتياز الممنوح للتنقيب هو «فضل، حسن نية» من الحكومة (المصرية)، ولذلك يجب أن يكون من الممكن بين الأصدقاء تصحيح الخطأ. عندما رفض الألمان طلب إعادة الرأس، بحجة أنه غادر مصر قانونيًا وأن ما تم توقيعه قد تم، اتهمهم بنقص الأخلاق وحذرهم من التنقيب فى مصر.
كان (بيير لاكو) كفرنسى معاديًا للألمان بالفعل قبل قضية نفرتيتى وقد هدم منزلهم فى الأقصر، وصادر منزلهم فى القاهرة ومنح امتياز تل العمارنة إلى الجمعية البريطانية لاستكشاف مصر فى عام 1920.
وفى جهوده لاستعادة التمثال، قدم (بيير لاكو) تعويضًا للجانب الألمانى لإعادة التمثال، وبعد مفاوضات طويلة وشاقة، تم التوصل إلى توافق، وكان من المقرر إعادة الرأس بمبادلتها بقطع أخرى من بينها التمثال البديع لرع نفر ذى القوام الممشوق.
ولكن نادت حملة صحفية بعدم إعادة الرأس وطالبت بتدخل أدولف هتلر. الذى رفض إعادة الرأس المتأثر بشدة بجماله وأعرب عن نيته بناء متحف خاص لنفرتيتى عام 1933 وبذلك تم تدمير كل جهود (بيير لاكو).
وأدى تقاعد (بيير لاكو) والحرب العالمية الثانية والتغيرات السياسية فى كل من مصر وألمانيا ومنها سقوط الملكية فى مصر وتأسيس الجمهورية ونهاية الاحتلال البريطانى وتولى مصلحة الآثار إدارة مصرية علاوة على الصراع العربى الإسرائيلى إلى تغيير الأولويات.
وقبيل عام 2011، أُثيرت المطالبات مرة أخرى من قبل رئيس المجلس الأعلى للآثار فى ذلك الوقت عالم المصريات الدكتور زاهى حواس، لكن أحداث 2011 وما تلاها من فوضى حال دون ذلك.
وينوه الدكتور ريحان إلى الحجج المصرية فى أحقيتها فى عودة التمثال كما رصدتها دراسة الآثارى سيد على الجوخى وهى:
1- أن عمل فنى بهذه القيمة والجمال من المستحيل أن يُمنح للمكتشف من قبل أى شخص إلا بالخداع والتضليل كما فعل (بورشاردت) الذى لم يُعلن عن الرأس على أنه رأس ملكة فى وثيقة تقسيم المكتشفات ولكن كرأس أميرة وبالتالى تحت هوية زائفة.
2- لم يتم وصف المادة بشكل صحيح كحجر جيرى ولكن كجبس.
3- لم يُنشر الرأس بالكامل عمدًا.
4- أبقى المكتشف الرأس سرًا لمدة 9 سنوات وتم عرضه الأول بعد 11 عامًا، مما يؤكد نيته تعمد إخفاء الظروف المحيطة بتقسيم المكتشفات ويجعل من الصعب تقديم مطالبات ضد المكتشف.
5- أدى إخفاء الرأس والوقت الطويل الذى استغرقه للعرض الأول إلى تغيير ملكية التمثال من الممول (جيمس سيمون) إلى مؤسسة التراث الثقافى البروسى عام 1920
6- وجود صور كاملة الجودة للرأس لا يعنى بالضرورة أنها عُرضت على مفتش مصلحة الآثار.
7- مصر بصدد الانتهاء من بناء المتحف المصرى الكبير الجديد الكفيل بحفظ وحماية أى آثار تستردها مصر من الخارج وتعرضها بشكل أفضل من المتاحف العالمية
8- من الناحية الأخلاقية فقد تم منح التمثال لألمانيا وفقًا للقوانين خلال الحقبة الاستعمارية، عندما كانت مصر محتلة، وكانت مصلحة الآثار تحت الإدارة الفرنسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مؤسسة زاهي حواس للاثار مصلحة الآثار من قبل
إقرأ أيضاً:
الآثار: الكشف الجديد بالأقصر يعكس حالة الغنى المجتمعي لأسر الدولة الوسطى
أكد رئيس قطاع الآثار بالمجلس الأعلى للآثار أيمن عشماوى، أن الكشف الأثري الجديد لأول مقبرة من عصر الدولة الوسطى بجبانة العساسيف بالأقصر، يُعد أول مقابر تُكتشف للأفراد في جنوب العساسيف أو جنوب طيبة من تلك الحقبة، والتي تشير إلى الامتداد الكبير للجبانة وحالة الغنى المجتمعي من خلال ما عُثر بداخل المقابر من حلي وأدوات.
وقال رئيس قطاع الآثار في مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية، "إن البعثة المصرية الأمريكية تعمل منذ أكثر من 18 عاما بهذا الموقع، وهناك برنامج سنوي بالمجلس الأعلى للآثار خاص بالحفائر وتغطية الاكتشافات بجميع أنحاء الجمهورية، وجميعها يضيف لفهم فترات من التاريخ والبعد والمستوى الاجتماعي وسلوكيات والاتصالات الاجتماعية".
وأوضح أنه ضمن المقتنيات بالمقابر تم العثور على المرايا التي تعكس الحياة بالنسبة للمصري القديم، لأنه رأي أنه عندما ينظر في صورته في المرآة سيبعث من جديد، كما أن ما عُثر عليه من حلي وأحجار كريمة يأتي من وادي في أسوان وهو ما يدل على امتداد سياسة الأسرة وسيطرتها، وأخرى من منطقة الصحراء الشرقية بالقرب من منطقة البحر الأحمر وهو ما يعكس الاتصال السياسي والتجاري بين تلك المناطق، إضافة إلى بعض التمائم على شكل فرس النهر، وكثير من الحلي والأحجار التي تعكس رقي تلك الفترة من الناحية الفنية وبعض العادات الدينية.
ونوه إلى أن الدولة الوسطى هي المرحلة بين الدولتين القديمة (عصر بناة الأهرام) والدولة الحديثة (عصر الإمبراطورية الكبيرة)، والتي نجح ملوكها في استعادة السيطرة والحكم المركزي واختيار طيبة كعاصمة.
«العناني» يستعرض جهود مصر في النهوض بقطاع الآثار خلال السنوات الماضية
لجنة قطاع الآثار بالمجلس الأعلى للجامعات تتفقد كلية الآثار بجامعة الأقصر
قطاع الآثار في 2022.. نشاط ملحوظ واكتشافات ومشاركة متميزة في مختلف الفعاليات