ما جاء فى خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي بعد تسعة أشهر من حرب الإبادة الجماعية وقتل الاطفال في قطاع غــ..ــزة لم يكن غير متوقعا.. سواء كمية الافتراءات والأكاذيب التي سيطرت علي غالبية كلمته أو قلب الحقائق أو التلاعب بالمشاعر، لكن الملفت للنظر كمية التصفيق والوقوف ( معًا ) الغير عادية والتي رصدت بأكثر من ٣٥ تصفيقا ووقوفًا في خطاب مدته نحو ساعة  كله استعراض واستعطاف.

. فى أشبه ما يكون بعرض مسرحي مجهز بعناية فائقة.. فى ظل أكبر مذبحة وحرب إبادة يشهدها العالم فى العصر الحديث.

نتنياهو مارس الضغط علي الحكومة الأمريكية باستمرار وبقوة هذه المرة من أجل إستمرار الحرب من خلال زيادة دعمه ماليًا وعسكريًا بالذخيرة والسلاح والاستخبارات العسكرية وطلب ذلك صراحة حتى يحقق مراده باستمراره شخصيًا بالسلطة وبقاء حكومته التى سترحل إذا تمت صفقة تبادل الأسرى وانتهت الحرب.. لذا لم يتحدث عن المفاوضات مطلقًا.. هو فقط يريد استكمال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي  في غ.ـــ.زة والضفة الغربية.. مستخدمًا عبارات الدين كثيرًا وجمل مثل أن هذه الحرب وجودية وأنها بين الحضارة يقصد حضارته الدموية وبين البربرية والهمجية يقصد اطفال ونساء وشيوخ قطاع غـ.ـ.ـزة الذين قدموا نحو ٣٩ الف شهيد و٩٠ الف مصاب أغلبهم اطفال ونساء وشيوخ، لم يحركوا الكونجرس الأمريكي.

وجه نتنياهو رسالة قوية وواضحة لأمريكا نفسها، حينما قال  اننا نقاتل حتى لا تنزل الولايات المتحدة بجنودها إلى ساحة القتال، وبعد ذلك استشهد بقول كان تشرتشل قد قاله لامريكا من قبل اثناء الحرب العالمية الثانية، ومفاده "أعطونا الادوات، وسننهي العمل" حيث استعارها نتنياهو وكررها على مسامع الكونجرس ليخبرهم بطريقة غير مباشرة ان انكم توقفتم عن دعمنا، ستضظرون على القيام بتلك المهام بأنفسكم وبجنودكم على الأرض. 

وقال نتنياهو بوضوح القدس لن تكون مقسمة وستظل عاصمة أبدية للكيان ولم يتحدث عن سلام أو حل الدولتين وغيرها من الأوهام التي يتشدق بها البعض وصفق له الحضور وقوفًا.

استخدم نتنياهو فزاعة معاداة السامية وقوى الشر وإيران جيدا،استغل فوبيا إيران لدي الامريكان ووظف ذلك فى أن إيران وراء كل شئ وأنه يحاربها نيابة عن امريكا والعالم وبعض العرب أيضا. 

خطاب نتنياهو كان استعراضيا على طريقة هوليوود وهجوميا أيضًا ضد الكل، حيث  هاجم المتظاهرين واتهمهم بالعمالة وهاجم رؤساء جامعات أمريكية واتهمهم بمعاداة السامية وهاجم محكمة العدل الدولية.. نتنياهو هاجم الجميع بقوة عجيبة وجرأة فريده باعتباره سفاح القرن الذى مارس ويمارس اكبر جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث.

هذه القوة هى شركات صهيونية عالمية عملاقة واثرياء وشركات ومؤسسات تعمل بالسلاح والتجارة والصناعة والاقتصاد ولوبي ضغط كبير من صهاينة ليسوا يهود فقط.. وهذا ليس عجيبا.. فنتنياهو قالها علنا أمام الكونجرس أن بايدن قال عن نفسه أنه صهيوني وصفق ووقف له كل الحضور.

تلك القوة تدعم اكاذيب السفاح مجرم الحرب نتنياهو بل وتروج لها وتدعمها بكل قوة.. ليس داخل الأراضي المحتلة بل فى المنطقة العربية كلها، أنهم يتحدثون عن العرب يرسمون مستقبل منطقة بكاملها هى وطننا العربي  و يتحدثون عن حلفاء لهم من المنطقة.. وهذه هى الكارثة الكبري.. 
فنتنياهو يعتبر سكان المنطقة فقراء برابرة والكيان فقط هو واحة الحرية والديمقراطية والعدالة ويريدون لهذه المنطقة الازدهار وهو من سيحقق ذلك حسب ظنه.

المفارقة العجيبة أن المجتمع داخل الأراضي المحتلة يلفظة ووفقا لآخر استطلاعات الرأي فإن نسبة مؤيدي نتنياهو بلغت ١٥ ٪ من الإسرائيليين بل إن الكثيرين منهم تظاهروا ضده ولم يرغب  الكثيرين فى سفر نتنياهو بل اعترضوا على ذلك واعتبروا سفره نهاية اى صفقه لعودة ابنائهم الأسرى أحياء، بل وهاجموا نتنياهو وتظاهروا ضده داخل الأراضي المحتلة وفى أمريكا وأمام الكونجرس وأمام البيت الأبيض.. وسخروا من هذا الخطاب.

أيضا لاحظنا غياب نواب كثيرين هذا اللقاء، ولاحظنا أيضا كثيرين ممن يرتدون القلنسوة اليهودية بجانب ضيوف يهود ومن الكيان..فبحسب الاحصاءات: حضر ١٠٠ نائب من أصل ٢١٢ نائبًا ديمقراطيًا في مجلس النواب و٢٧ سيناتور من أصل ٥١ ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ اى حوالى ١٢٧ فقط.. إذن من هؤلاء الذين ملأوا الشاشة.

مقابل هذا المشهد المسرحي الهوليودي، كانت الشوارع في الخارج تضج بأصوات المتظاهرين ضد الحرب في غ.ـ.ــ.زة وضد نتنياهو.

و لم يسلط الإعلام الضوء علي حاخامات يتظاهرون ضد نتنياهو، ولم يسلط الإعلام الضوء علي  النائبة الديمقراطية الأمريكية رشيدة طليب التي حضرت مرتدية علم وكوفية فلسطين رافعة لافتة عن نتنياهو "مجرم حرب" و"مذنب بارتكاب جرائم إبادة جماعية". 

وقد علقت طليب على حضورها الخطاب قائلة: سأحضر للتذكير بأننا لن نكون غير مرئيين أو صامتين، بينما يلقي مجرم حرب متهم بالإبادة الجماعية خطابًا أمام الكونجرس الأمريكي.

بينما قام رجال الامن باخلاء الكونغرس من جميع الضيوف المعترضين أو من يحملون لافتات ضده.

الملحوظة  في هذا الاستعراض التعبوى من نتنياهو أنه يتحدث بوعود مستقبلية ولم يتحدث عن واقع أو احداث مضت.. مما يؤكد أنه فى حالة ضعف شديد خاصة وأنه يلقى تصفيقا تعبويا لدعمه ليظهر بصورة بطولية رغم الكذب والخداع الذى يمارسة.

الملحوظة الاخرى عدم حضور كاملا هاريس (وهي رئيس مجلس الشيوخ طبقا للدستور) وتعليق نانسي بيلوسي على خطاب نتنياهو بأنه أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس للمرة الرابعة له.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الکونجرس الأمریکی

إقرأ أيضاً:

نتنياهو في المجر.. ومعزولا عن العالم

بدا بنيامين نتنياهو مزهوّا وهو يحظى باستقبال دافئ من حليفه الأوروبي الأوثق فيكتور أوربان، لكنّ الزيارة عبّرت بوضوح عن أزمات مركّبة يعيشها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الذي يواجه ملاحقات قضائية وتعقيدات سياسية واضطرابات في الشارع.

من المُفارقات أنّ المكسب الاستعراضي الذي يحاول نتنياهو إحرازه عبر هذه الزيارة هو بحدّ ذاته مؤشّر ظاهر للعالم أجمع على تفاقم عزلته الدولية، فمجرم الحرب الأشهر اليوم لم يجد أيّ عاصمة أوروبية تستقبله منذ أن صار مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية بسبب ضلوعه في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. صار على نتنياهو أن يزهو بزيارة بودابست تحديدا التي تُغرّد خارج السرب الأوروبي، والتي لا يكفّ رئيس وزرائها عن إثارة امتعاض عواصم القارة في عدد من الملفّات، علاوة على أنّ أوربان يتبنّى في عدد من الملفّات الحسّاسة نهجا يجعله عمليا في صدارة أقطاب اليمين الأوروبي المتطرف عبر أوروبا.

أبرزت زيارة نتنياهو مدى العزلة التي يعيشها المسؤول الإسرائيلي الأبرز على المسرح الدولي، فقد انتهى زمن جولاته الخارجية المتلاحقة عبر البلدان، وصار عليه هذه المرّة أن يبقى مع زوجه سارة قابعا في المجر المنغلقة تقريبا على ذاتها أربعة أيّام كاملة، تاركا وراءه أزمات مستعصية في الحرب والسياسة والقضاء.

لم تربح دبلوماسية الاحتلال الإسرائيلي من زيارة بنيامين نتنياهو إلى العاصمة المجرية، فهي تصبّ أساسا في الرصيد الاستعراضي لنتنياهو في الداخل المنقسم على ذاته. ومن المثير للانتباه أنّ نتنياهو وأوربان يشتركان في سمات مميّزة، فكلاهما يحكم بطريقة سلطوية تثير انتقادات مسموعة واعتراضات مُدوِّية، ولكلّ منهما أيضا علاقات وثيقة جدا مع زعيم آخر يقود نهجا سلطويا جارفا هو سيد البيت الأبيض
ولأنّ التودّد إلى مجرمي الحرب له ثمنه المدفوع من رصيد الدول؛ فإنّ هذه الزيارة الاستفزازية فرضت على المجر أن تتنصّل من التزاماتها نحو المحكمة الجنائية الدولية، وأن تتحدّى العالم ومواثيقه باستضافة نتنياهو وكأنّها حملة ترويج للغطرسة، قد يناسبها شعار من قبيل: شركاء في دعم الإبادة الجماعية! صارت جمهورية المجر وجهة اعتراضات لاذعة من المجتمع المدني العالمي ومن أبرز منظمات حقوق الإنسان مثل "آمنستي إنترناشيونال" و"هيومن رايتس ووتش"، بينما توجّه متظاهرون إلى عدد من السفارات المجرية للإعراب عن غضبهم من استضافة نتنياهو وعدم تنفيذ أمر الاعتقال الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بحقّ مجرم الحرب.

لا عجب أن يأتي هذا من القيادة المجرية المثيرة للجدل، المعروفة بانحيازها الجارف إلى الاحتلال الإسرائيلي في كافة المحافل، كما يتّضح من السلوك التصويتي المجري في الهيئات الأوروبية والدولية. يتصرّف مندوبو المجر في الاجتماعات الأوروبية كما لو كانوا ممثلي لوبي إسرائيل في أوروبا، حتى أنهم عطّلوا العديد من القرارات والبيانات التي لا تروق لحكومة الاحتلال ومنظمات الاستيطان وتسبّبوا في كبح فرص نضوج مواقف أوروبية مشتركة، وهكذا استغرق الأمر قرابة نصف سنة من التعطيل والتلكُّؤ حتى تمكّن الاتحاد الأوروبي من إصدار موقف يدعم وقف إطلاق النار في قطاع غزة (مارس 2024).

لم تربح دبلوماسية الاحتلال الإسرائيلي من زيارة بنيامين نتنياهو إلى العاصمة المجرية، فهي تصبّ أساسا في الرصيد الاستعراضي لنتنياهو في الداخل المنقسم على ذاته. ومن المثير للانتباه أنّ نتنياهو وأوربان يشتركان في سمات مميّزة، فكلاهما يحكم بطريقة سلطوية تثير انتقادات مسموعة واعتراضات مُدوِّية، ولكلّ منهما أيضا علاقات وثيقة جدا مع زعيم آخر يقود نهجا سلطويا جارفا هو سيد البيت الأبيض، الذي يحبس أنفاس العالم كلما ظهر أمام الكاميرات، وثلاثتهم يتباهون بإسقاط القانون الدولي في الواقع وتدشين عصر جديد لا مكان فيه للقيم الإنسانية المشتركة.

* ترجمة خاصة إلى العربية عن "ميدل إيست مونيتور"

مقالات مشابهة

  • “اعتقلوا نتنياهو”.. تفاصيل خطاب الجنائية الدولية إلى المجر
  • غداً في واشنطن.. لماذا سيلتقي مجرم الحرب “نتنياهو” براعيه “المجرم ترامب”..!
  • نتنياهو يتحدث عن "علامة فارقة" للقائه مع ترامب
  • نتنياهو في المجر.. معزولا عن العالم
  • نتنياهو في المجر.. ومعزولا عن العالم
  • نتنياهو يتحدث عن "علامة فارقة" للقائه مع ترامب
  • رئيس الشاباك يُفجِّر قنبلةٌ من العيار الثقيل: الحرب تخدم نتنياهو شخصيًا
  • الكونجرس الأمريكي يُقِر تمديد تخفيضات ترامب الضريبية لعام 2017
  • بعد شتم 3 مسلمات.. شاهد كيف اعتذر طليق نائبة في الكونجرس الأمريكي
  • بكرى: نتنياهو لن يستطيع تحقيق حلمه في إقامة الشرق الأوسط الجديد