أولمبياد باريس.. مخاوف لدى المنظمين من رسائل سياسية
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
من المتوقع أن تخيم أجواء الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط، إلى جانب الجدل الدائر حول السباحين الصينيين، على الألعاب الأولمبية التي ستنطلق رسميا في باريس الجمعة، لكن أي نوع من الاحتجاج الذي يحمل طابعا سياسيا من قبل الرياضيين في الملعب أو على منصة التتويج سيكون ممنوعا منعا باتا، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتقول الصحيفة إن المسؤولين الرياضيين سيراقبون عن كثب، وبشكل أكثر من المعتاد، جميع الرياضيين الذين سيصعدون إلى منصات التتويج في دورة الألعاب الأولمبية، بحثا عن أي علامة على وجود رسائل سياسية.
وترجح الصحيفة أن يعمد رياضيون للتعبير عن آرائهم حول مواضيع عدة، من أبرزها الحرب في غزة وأوكرانيا، وكذلك السماح لرياضيين روس المشاركة في المنافسات وكذلك تورط سباحين صينيين في فضيحة منشطات مزعومة.
ومع ذلك جرى الطلب من جميع الرياضيين المشاركين في الأولمبياد الاحتفاظ بآرائهم، لأن قواعد اللجنة الأولمبية الدولية تحظر عليهم الاحتجاج في ميدان اللعب أو على منصات التتويج.
فيما يتعلق بأزمة المنشطات، تقول الصحيفة إن الرئيس التنفيذي للوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات ترافيس تيغارت على خلاف مع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بشأن ما يعتبره سوء تعاملها مع ثبوت تعاطي المنشطات لعدد من السباحين الصينيين، الذين سيتنافس بعضهم في باريس.
وقال تيغارت إن الرياضيين الأميركيين يشعرون بالإحباط، وفي الوقت ذاته بالضغط من قبل الهيئات الإدارية الرياضية والجهات الراعية لهم من أجل الصمت والتركيز على المنافسة فقط.
ويضيف تيغارت أن العديد من السباحين الأميركيين الذين سينافسون في باريس وجهوا له سؤالا عما الذي يجب فعله في الأولمبياد.
رفض تيغارت الإفصاح عما قاله للسباحين، لكنه قال إنه تحدث عن كيفية دق ناقوس الخطر بشأن ما يعتبرونه وضعا غير عادل للغاية.
وبموجب قواعد اللجنة الأولمبية الدولية، يُسمح للرياضيين الأولمبيين بالتعبير عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في المقابلات، أو في المدينة المضيفة خارج الملاعب الأولمبية أو قرية الرياضيين.
لكن في ميدان اللعب أو منصات التتويج "لا يُسمح بأي نوع من المظاهرات أو الدعاية السياسية أو الدينية أو العنصرية"، وفقا للقاعدة 50 من الميثاق الأولمبي.
جرى اعتماد هذه القاعدة في أولمبياد مكسيكو سيتي عام 1968، بعد أن قام عداءان أميركيان برفع قبضة يدهما في الهواء بينما كانا على منصة التتويج، للتعبير عن دفاعهما عن الحقوق المدنية للأشخاص من أصول أفريقية، ليتم طردهما من الألعاب الأولمبية في حينه.
ومنذ ذلك الحين، لم تحظ سوى احتجاجات قليلة بهذا القدر من الاهتمام، لكن ذلك لم يمنع الرياضيين من اغتنام الفرصة للتعبير عن مواقفهم.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد؟
سالم بن حمد الحجري
في جولة إلكترونية لمنشورات التواصل الاجتماعي بحثا عن إجابات لموضوع بحثي مختص بالخوارزميات التي تستخدمها تلك البرامج وتأثيرها على المستخدم، لفتني ذلك الاتجاه الذي ينحوه بعض الشباب (من الجنسين) لاقتحام ما يسمى بالشهرة عبر زيادة عدد المتابعين بأي طريقة كانت، وهو اتجاه سائد في عصر انتشار التكنولوجيا ووسائل الاتصال المتعددة.
ولم تعد وسائل التواصل تقدم وظيفة وحيدة وهي تقريب المسافات وتعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية، إلى أن تكون وسيلة لنشر الثقافة والعلوم والخبرات والمعارف المتعددة، وهي كذلك منصات ساهمت في تطوير الأعمال وانتشارها ووصولها السريع للمستهلكين، لكنها في الوقت ذاته كانت السُلّم السريع والطريق الأقصر للملايين طمعا في الشهرة واجتذاب المتابعين، الاتجاه الذي انتهجه البعض للشهرة الرخيصة المعتمدة على الابتذال والمحتوى الرخيص في انتهاك صريح للقيم والأخلاق للأفراد والمجتمع دونما رقابة أو محاسبة.
يعج الفضاء الرقمي- الذي فيما يبدو في الطريق لفقد البوصلة القِيَمِيَّة- بالعديد من الحسابات الإلكترونية في منصات التواصل الاجتماعي التي تدوس على مبادئ المجتمع وقيمه الإنسانية النبيلة وهي في طريقها نحو مسار ما يسمى بالشهرة عبر المحتوى الهابط الذي يعتمد في أحيان على الغرائز الجسدية واستغلال مشاهد الإغراء لجذب المتابعين، وفي أحيان أخرى بصناعة المحتوى الدرامي الصادم الذي يعتمد على التحديات الخطرة والمشاهد المؤثرة على الصحة والسلامة، وفي مواضع أخرى، نشر خصوصيات الناس وأسرارهم وتفاصيل شخصية دون مراعاة للكرامة وللنتائج المترتبة على ذلك السلوك المُشين، ولا عجب فيما تحمله آلاف المقاطع اليومية حول العالم من محتوى مبتذل طافح بالبذاءة والانحطاط الخُلُقي وجارح للقيم والأخلاق مما يشكل خطرًا كبيرًا على أفراد المجتمع خاصة مرحلة الطفولة والمراهقة.
من الطبيعي جدًا ونحن نعيش عصر الثورة الرقمية وما تطرحه منصات التواصل الاجتماعي أن نتساءل، ما أسباب كل هذا السقوط المخيف نحو مسار الشهرة "الرخيص"؟ وهل بالفعل أن هذا شرٌ لا بُدّ منه؟ مبدئيا، لنتفق أن ما نتحدث عنه هنا هو الوجه المظلم للتقنية الحديثة التي تخدم البشرية وتسهم في تنمية حياة الإنسان ورفاهيته، وما ساعد هذا "الوجه المظلم" في الانتشار هو المنطق التجاري للمنصات التواصلية التي تطور خوارزمياتها (وهي مجموعة من العمليات والأوامر المصممة إلكترونيا لإنجاز مهمة ما) لتحفز المحتوى المثير والذي يحقق تفاعلا كبيرا ومشاهدات عالية مما يزيد من الانتشار وبالتالي ارتفاع دخل المنصة من الاعلانات ويُقاس ذلك بمقاييس وأدوات إلكترونية، كما أن أحد اهم أسباب صناعة المحتوى غير اللائق هو التهافت نحو الكسب المادي الذي حققه الآخرون من وراء حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي وهم متيقنون بأنهم سيحصدون الآلاف من المتابعين وبالتالي ضمان الشهرة السريعة، فضلا عن الجهل المستشري عند الكثير من هذه الطبقة بسوء عاقبة ذلك النوع اللاأخلاقي من المحتوى عليهم وعلى المجتمع حيث تنتشر ثقافة الأفكار السطحية التي لا تُنتج فكرًا ولا تُقوِّم سلوكًا؛ بل يساهم ذلك في انتشار الانحلال الأخلاقي والبذاءة اللفظية وانهيار المعايير القيمية لدى النشء ليس فقط في العالم الافتراضي بل يتعدى ذلك إلى السلوكيات اليومية في البيت والمدرسة والشارع، فضلا عن شيوع ظاهرة الاحتفاء بما يسمى ب"المشاهير" وما هم إلا انتهازيين فارغين أو مروجين تجاريين تصل المنافسة غير الشريفة بينهم حدا سحيقا من الاسفاف في تقديم محتوى معبرًا عن ذاته المضطربة نفسيًا.
وهناك جانب خفي من استخدام الانترنت لا يظهر في محركات البحث العادية ولا على المنصات الشائعة، يُعرف بـ"الدارك ويب" أو "الشبكة المظلمة"، ذلك الفضاء الرقمي الذي يكتنفه الغموض وتُرتكب فيه بعضٌ من أخطر الجرائم الإلكترونية، من تجارة غير مشروعة، إلى غرف دردشة سرية تنشط فيها شبكات الاستغلال والانحراف الأخلاقي، وتلك حكاية أخرى لا يتسع المجال هنا للخوض فيها.
جُبِل الإنسان على السعي والانجاز، والجري وراء المادة، إلّا أن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال على بيع النفس للأهواء ولا التحلل من الكرامة الإنسانية والمُثل العليا مقابل فتات مادي، التسول الإلكتروني قد يحقق لفاعله تربحا ماديا لكن الحر الشريف يعف نفسه عن طرق الابتذال ويصونها عن مواطن الرخص والهوان.