أكدت الأمم المتحدة أن السودان على وشك الدخول في مجاعة، حيث قال المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، إن 26 مليون سوداني لا يحصلون على الغذاء الكافي وإن 750 ألف شخص على وشك المجاعة.

وأشار دوجاريك في مؤتمر صحفي إلى أن الشعب السوداني يواجه "أسوأ السيناريوهات"، مضيفا: "لم يتم تمويل سوى 30 بالمئة من مبلغ 2.7 مليار دولار المطلوب سنويا لخطة المساعدات الإنسانية للسودان".



وأوضح المتحدث الأممي أن 26 مليون شخص في السودان لا يحصلون على الغذاء الكافي، وحذر من أن الوضع خلال موسم الأمطار –يبدأ في يونيو/ حزيران من كل عام- سيتفاقم بشدة.

من جهته قال برنامج الأغذية العالمي إن "السودان يعاني من أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يكافح أكثر من 50 في المئة من السكان من أجل إطعام عائلاتهم".

وأكد البرنامج أن "هناك 14 منطقة سودانية معرضة لخطر المجاعة وأن 755,000 شخص يواجهون جوعًا كارثيًا".

????#السودان يعاني من أكبر #أزمة_جوع في العالم.

⬅️أكثر من 50% من السكان يكافحون من أجل إطعام عائلاتهم.

⬅️755,000 شخص يواجهون جوعًا كارثيًا.

⬅️14 منطقة معرضة لخطر المجاعة. — برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (@wfp_Arabic) July 18, 2024



المسؤولية تقع على طرفي الصراع
وكان طرفي الصراع قد توجها إلى جنيف بدعوة من دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وقالت الحكومة السودانية إن وفدها وافق على بدء نقاشات غير مباشرة مع قوات الدعم السريع تحت رعاية الأمم المتحدة لبحث القضايا الإنسانية.

وعلى الرغم من انطلاق مساعي دولية واقليمية لإيقاف الحرب، إلا أنه ليس من المعروف ما إذا كانت ستنجح أم لا، ما يعني تفاقم الأزمات الإنسانية في السودان ومنها المجاعة.

الخبير البريطاني في الشؤون الأفريقية، مارتن بلوت يرى أن "مسؤولية المجاعة تقع بشكل مباشر على عاتق الجنرالات المتحاربين، حيث دفع الفريق محمد حمدان دقلو والفريق عبد الفتاح البرهان معًا البلاد وشعبها إلى حافة المجاعة على نطاق هائل".

وأكد بلوت خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا الأمر مأساوي، ومرة أخرى، يتعين على المجتمع الدولي - في هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها - أن يتدخل لمحاولة حل الأزمة، وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بعد انتهاء القتال".

هجمات الدعم السريع
مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، أمية يوسف أبو فداية، قال إنه "لا يمكن القول أن هناك مجاعة في السودان بحسب التعريف العالمي لها، وإنما هناك سوء تغذية وعدم وجود تنوع وخيارات متعددة نتيجة الحرب الجارية الان".

وأكد أبو فداية خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "المسؤول عن تفاقم أزمة الغذاء هو من يهاجم المواطنين مباشرة حتى في المناطق التي لا يوجد فيها نزاع، وهي ميليشيا الدعم السريع، وأما المسؤول الثاني هي الحرب ذاتها، لأنها تمنع الإنتاج أي تؤثر على حجم الزراعات المنتجة".

وتابع، "أيضا ميليشيا الدعم السريع هاجمت المواطنين في ولاية الجزيرة، والتي تُمثل القلب النابض للسودان، وبها أكبر مشروع زراعي مروي في أفريقيا، والذي خرج عن الخدمة تماما، نتيجة لعدم الاستقرار وعدم وجود خدمات، أيضا عدم تزويد الحكومة للمواطنين بالحبوب والأسمدة اللازمين للزراعة على شكل قروض، وذلك نتيجة الحرب ومهاجمة الدعم السريع للمواطنين".

أستاذ العلوم السياسية أحمد علي عثمان، أكد أن "المجاعة في السودان هي قضية قديمة متجددة حيث لم يشهد استقرار منذ تأسيسه، ودائما ما كان يعيش صراعات متكررة يغيب فيها الالتزام بالقانون الدولي".



وأوضح عثمان خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الصراعات ومنها الصراع الحالي لا تحترم الفئات الضعيفة ولا المؤسسات المدنية، وهذا ينعكس بأن يصل الأمر إلى أنها لا تهتم حتى بحماية العاملين في المجال المدني، ما ساهم بتقليص حرية المنظمات العاملة على الأرض وأفقدتها الامان، وهذا انعكس على عملها الاغاثي، ما فاقم أزمة الجوع".

ويرى أن "الفساد والذي ينتشر في السودان بصورة كبيرة جدا خاصة بالمؤسسات والمنظمات المعنية بتقديم الخدمات له دور بتفاقم أزمة الغذاء، حيث يؤدي لعدم وصول الاحتياجات للمواطنين بالقدر الكافي، كما أننا نرى نتيجة للفساد كثير من المواد الغذائية والاغاثية تُباع في الأسواق".

وأكد أن "التدخلات الخارجية في الصراع ساهمت أيضا في تفاقمه وزيادة أثاره الجانبية ومنها أزمة الجوع، ومن أهم الذين يتدخلون هي دولة الإمارات التي تدعم المتمردين، وتشاد وغيرها".

وتابع، "أيضا من الأسباب استخدام بعض دول الجوار السودانيين وخاصة اللاجئين كنوع من الاسترزاق من المنظمات الدولية، وبالتالي كان تعاونها مع هذه المنظمات ليس لسد رمق اللاجئين بل محاولة للتكسب، وهذا ساهم في زيادة الفجوة في الأمن الغذائي وبالتالي تفاقم أزمة الجوع".

ويرى أن "هناك تقصير من قبل وسائل الإعلام سواء المحلية أو الاقليمية أو الدولية، حيث لم يتم تسليط الضوء ولا الاهتمام بقضية تفاقم الجوع في السودان".



المجتمع الدولي
وكان المجتمع الدولي وفق ما يصدر من تصريحات من مسؤولي عدة دول غربية وإقليمية يسعى لوقف الحرب ومساعدة المواطنين السودانيين ومنهم النازحين واللاجئين.

وعادة ما تقوم المنظمات الدولية بتوزيع مواد اغاثية على المواطنين الهاربين من مناطق الصراع، ما يدفعنا للتساؤل هل قام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بما يلزم لمنع أزمة الجوع من التفاقم؟ وما دور الدول الداعمة لطرفي الصراع؟

الخبير البريطاني مارتن بلوت يرى أن "المنظمات الدولية قد فعلت ما في وسعها، لكنها لم تعد فعالة إلا بشكل هامشي خاصة في ظل استمرار الحرب".

وأكد بلوت أن "المجتمع الدولي انخرط في الصراع منذ اندلاعه، حيث يحظى حميدتي بدعم الروس والإمارات العربية المتحدة، وكلاهما يزود قواته بالأسلحة والتمويل".

وأضاف: "كذلك تلقى البرهان بعض الدعم من المصريين والسعوديين، وحاولت إدارة بايدن استخدام الوسائل الدبلوماسية لإنهاء الصراع، حيث قامت بزيارة المنطقة عدة مرات، ولكن دون جدوى، في النهاية المشكلة سودانية والحل في أيدي أمراء الحرب وداعميهم الإقليميين".

من ناحيته يرى أحمد علي عثمان، أن هناك عدم استقرار في العالم أجمع، خاصة مع وجود صرعات تعتبر أكثر زخما من الصراع في السودان، كالحرب في غزة وأوكرانيا، وهذا يجعل العالم يهتم بها أكثر من الاهتمام بالصراع في السودان وأثاره ومنها أزمة الجوع".

وأضاف: "أيضا المنظمات الدولية تتحرك وفق التركيز العالمي على الصراعات، وبالتالي هي نعم تعمل على الأرض في السودان ولكن بصورة ضعيفة جدا وبدون مساهمة دولية كبيرة حيث لم يتم عقد مؤتمرات للمانحين".

وخلص بالقول، "نعم هذه المنظمات الدولية لم تقم بدورها بالشكل المطلوب، ولكن كان ذلك بسبب ما ذكرناه سابقا من عدم وجود مساحة عمل آمنة وعدم الاهتمام الدولي بالصراع الموجود في السودان".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الأمم المتحدة السودان المجاعة الأمم المتحدة السودان المجاعة الغذاء العالمي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنظمات الدولیة المجتمع الدولی الدعم السریع فی السودان أزمة الجوع فی الصراع

إقرأ أيضاً:

كينيا والأزمة السودانية.. وساطة محايدة أم انخراط في الصراع؟

أثارت استضافة كينيا اجتماعًا لقوات الدعم السريع السودانية في نيروبي جدلا واسعا، حيث انتقدت الحكومة السودانية هذه الخطوة واعتبرتها انحيازًا لطرف على حساب الآخر في الأزمة المستمرة منذ نحو عامين.

في المقابل، دافعت الخارجية الكينية عن موقف بلادها، مؤكدة في بيان أن هذه الاستضافة تأتي ضمن دورها التقليدي كوسيط إقليمي يسعى إلى إنهاء النزاعات عبر الحوار، وليس من منطلق الانحياز لأي طرف.

لكن قراءة البيان الكيني، في سياق ردود الفعل السودانية والإقليمية، تثير تساؤلات حول مدى توازن هذا الدور، وما إذا كان يعكس التزامًا كاملاً بالحياد الدبلوماسي، أم أن هناك أبعادًا أخرى تستدعي مزيدًا من التدقيق.

غياب التأكيد على وحدة السودان

إحدى الملاحظات اللافتة في بيان الخارجية الكينية هي غياب الإشارة المباشرة إلى وحدة وسلامة أراضي السودان، وهي نقطة أساسية غالبًا ما تؤكدها البيانات الدبلوماسية بشأن النزاعات الداخلية للدول.

وبدلًا من ذلك، ركز البيان على "حق الشعب السوداني في تقرير مصيره"، وهو تعبير قد يفسَّر بطرق مختلفة، سواء كدعم لعملية ديمقراطية أوسع، أو كإشارة ضمنية إلى احتمال إعادة رسم المشهد السياسي في السودان.

وفي هذا السياق، أشارت الباحثة في مجال الصراعات والسلام والسياسة تشيبكورير سامبو، في تصريح للجزيرة نت، إلى أنه لا يمكن الجزم بأن غياب التأكيد قد يكون نتيجة غموض مقصود أو سهو، لكنه بلا شك لا يعزز الثقة في دور الحكومة الكينية كقائد سابق لمجموعة الإيفاد الرباعية المكلفة بحل النزاع في السودان.

إعلان كينيا بين الحياد والانخراط في الأزمة

رغم تأكيد كينيا على عدم انحيازها، فإن بعض التصريحات الصادرة عن مسؤوليها قد توحي بخلاف ذلك، فقد نقلت صحيفة "ذي ستار كينيا" عن مصادر حكومية تأكيدها أن نيروبي "لن تغلق أبوابها أمام أي مجموعة تسعى إلى السلام".

ورغم أن هذا الموقف يبدو حياديا في ظاهره، فإنه قد يُفسَّر أيضًا على أنه اعتراف ضمني بدور قوات الدعم السريع كفاعل سياسي، وهو ما ترفضه الحكومة السودانية.

هذا التباين في التصريحات فتح الباب أمام تساؤلات حول مدى التزام كينيا بالحياد، خاصة أن الوساطات الإقليمية السابقة كانت تعتمد على إشراك جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة السودانية، بدلًا من عقد لقاءات منفصلة قد يُنظر إليها كخطوات منحازة.

ولم يكن تحرك كينيا في الأزمة السودانية مفاجئًا، حيث سبق لها أن لعبت أدوارًا محورية في نزاعات إقليمية، أبرزها الوساطة في الحرب الأهلية السودانية، عبر بروتوكول مشاكوس لعام 2002، والتي انتهت باتفاقية سلام شامل 2005 قادت لاحقًا إلى انفصال جنوب السودان.

وفي هذا السياق، يشير الصحفي الكيني موانغي ماينا في تصريح إلى الجزيرة نت إلى أن استضافة قوات الدعم السريع في نيروبي لا تأتي في سياق وساطة شاملة، وإنما كجزء من تحول كيني في التعامل مع الأزمة السودانية، حيث يرى ماينا أن كينيا تسلك حاليًا مسارًا مستقلا بعد تعثر جهود الوساطة الإقليمية التي قادتها الإيغاد.

في هذا السياق، يُعد سعي قوات الدعم السريع فجأة لإقامة كيان سياسي موازٍ في نيروبي تطورًا لافتًا، خاصة أنه يتعارض مع نهج الوساطات السابقة التي ضمّت جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة السودانية، مما يطرح إشكاليات دبلوماسية معقدة لأي تسوية سياسية مستقبلية للأزمة السودانية.

من جانبها، ترى تشيبكورير سامبو أنه لا يمكن مقارنة ما حدث هذا الأسبوع بمحادثات بروتوكول مشاكوس سنة 2002، الذي كان نتاج عملية تفاوضية رسمية تحت إشراف الإيغاد وبمشاركة طرفي النزاع، إذ كان الهدف من مؤتمر الدعم السريع تشكيل حكومة موازية دون حضور الأطراف المتحاربة، كما أن غياب أطراف الوساطة يفقد الحدث صفة المحادثات الرسمية.

إعلان

واعتبرت سامبو أن مساواته باجتماعات القوى المدنية في نيروبي غير دقيق، فالدعم السريع طرف في النزاع، عكس المدنيين، مما جعل البيان الكيني يخلق معادلة غير واقعية.

هل تتجاوز كينيا الاتحاد الأفريقي والإيغاد؟

ومن النقاط التي أثارت الجدل أيضًا في البيان الكيني الإشارة إلى قرار الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية السودان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 على خلفية التغيير السياسي في البلاد.

ورغم أن هذا القرار معروف، فإن التذكير به في هذا السياق قد يُفسَّر على أنه تقليل من شرعية الحكومة السودانية الحالية، مما قد يبرر تعامل كينيا مع أطراف أخرى، مثل قوات الدعم السريع والمعارضة المدنية.

وفي هذا السياق، تعتقد سامبو أن استضافة كينيا للمؤتمر لم يحظ بأي دعم دولي أو إقليمي، وإلا لكانت وزارة الخارجية قد أوضحت ذلك. ورأت أن انعقاد المؤتمر بقرار كيني منفرد يضعف مصداقية الرئيس روتو كوسيط، ويعزز الشكوك حول حياده.

وأضافت أن المؤتمر يعد الأحدث في سلسلة من الوقائع التي تعزز لدى السودانيين الانطباع بأن كينيا منحازة إلى طرف دون آخر، أما إصدار وزارة الخارجية للبيان، فجاء نتيجة ردود الفعل الغاضبة من الكينيين.

من جانبه، صرح موانغي ماينا بأن "كينيا تقف في عزلة متزايدة بشأن هذه القضية، دون أي دعم إقليمي أو دولي لتحركاتها. وبدلًا من الحصول على التأييد، تواجه نيروبي ضغوطًا دبلوماسية متزايدة لتبرير أفعالها، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء انخراطها في هذا المسار".

مقالات مشابهة

  • كارثة إنسانية في السودان.. تفشي الكوليرا يهدد آلاف الأرواح| فيديو جراف
  • عبد العزيز الحلو: جوهر الصراع في السودان صراع مركز وهامش
  • تداعيات حرب السودان خلال العام 2024 …. عدم وجود الاستجابة من المجتمع الدولي
  • تقرير أممي: 800 مليار دولار خسارة الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب
  • العفو الدولية تدعو إلى تحقيق عاجل وشفاف بوفاة موظف أممي في سجون الحوثيين باليمن
  • التحديات والفرص في العمل الخيري الدولي الكويتي
  • أوضاع كارثية في السودان بعد تفشي مرض الكوليرا من جديد
  • منظمة الصحة العالمية: الصراع المستمر جرّ السودان إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة
  • كينيا والأزمة السودانية.. وساطة محايدة أم انخراط في الصراع؟
  • الجامعة العربية تحذر من أي خطوات قد تؤدي لتقسيم السودان