يستمر مهرجان الحمامات الدولي في الاحتفاء بالتجارب المسرحية التي تعالج قضايا مختلفة على غرار مشاكل التلوث البيئي والتي نجد تفاصيلها في مسرحية البخارة للمخرج صادق الطرابلسي.

مسرحية البخارة من إنتاج مسرح أوبرا- تونس وأداء رمزي عزيز، ومريم بن حسن، وعلي بن سعيد، وبليغ مكي، وبلال سلاطنية وهي تعالج مشكلة التلوث البيئي الذي تعاني منه قابس.

وتدور أحداث مسرحية البخارة من خلال خمس شخصيات تطل من وسط ضباب يحاكي تسرب البخارة في الأجواء، لتروي أوجاع مواطنين يرزحون تحت عبء التلوث الذي نخر الأجساد والأرواح، والشخصيات هي "المولدي" وابنه "نضال"، وابنه "يحيي" وزوجته "دلال" وهي عائلة أنهكها التلوث، في مواجهة  مالك المشروع المتسبب فيه.

وعلى خشبة المسرح لجأ مخرج مسرحية الباخرة إلى التقنيات السينمائية القائمة على غرار المونتاج الموازي الذي يتشابك فيه حدثان مختلفان ومتوازيان في الزمان مما خلق تأثيرا دراميا على الأحداث.

وفي مجاراة لحالة الاختناق التي تسببها البخارة المتصاعدة من المجمعات الكيميائية يتخذ النص نسقا تصاعديا من خلال الموسيقى التي تنطلق من نوتة بسيطة مسموعة تنتهي إلى صخب وضجيج يؤلف تلوثا سمعيا.

ومع تدفق الحكايات على المسرح داخل أحداث مسرحية البخارة يجد المشاهد نفسه وجها لوجه مع معضلة التلوث التي ترزح قابس تحت عبئها، وتظهر المعاناة في هيئات مختلفة؛ ومنها الاختناق، الأمراض تنفسية، السرطان، الأجنة المشوهة، والموت.

40 سنة تلوث

40 سنة من التلوث سعت مسرحية البخارة إلى اختزالها في عمل حاول الحفر في قضية بيئية مستمرة، واستندت في ذلك إلى وقائع ملموسة وأحداث حقيقية استقاها المخرج من مناضلين من أجل الحقوق البيئية، وإن كانت البخارة تنطلق من معضلة محلية في تونس إلا أنها تحمل بعدا كونيا تجلى في السينوغرافيا التي لا تصرح بأن الأحداث تدور في "قابس" بل تحملك إلى أي مكان في العالم يعاني من آفة التلوث.

ونجح الديكور المتحرك في كشف المعاناة ويحكي الممثلون على ألسنة الشخصيات وجع جيل ما انفك يصرخ من أجل حقه في بيئة صحية، وأن يتنفس هواء نقيا وأن يسبح في بحر لا تشوبه المواد الكيميائية.

وفي نقطة فارقة في مسرحية البخارة ينزع الممثل رمزي عزيز الشخصية التي تقمصها ويتحدث بلسانه وهو الذي عايش أثر التلوث في قابس إذ عرفها نعيما بواحاتها  وبحرها وصفاء هوائها قبل أن تنتشر فيها رائحة الموت، فهذا العمل المسرحي الذي يصور تأثيرات التلوث على الإنسان والبيئة، ينقل هواجس المتضررين من السموم التي تملأ الأجواء  ويذكر بحقهم في بيئة سليمة وفي حياة خالية من الأمراض.

وبعد عرض مسرحية البخارة سيكون جمهور مهرجان الحمامات الدولي على موعد مع سهرة الأغنية التونسية بقيادة المايسترو محمد الأسود وبمشاركة غازي العيادي وأسماء بن أحمد ومهدي العياشي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مهرجان الحمامات الدولي تونس مهرجانات 2024 مهرجان الحمامات

إقرأ أيضاً:

«علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل

محمد عبدالسميع (الشارقة)
الإنسان بطبيعته مغرمٌ بتفسير الظواهر والأشياء، ويسعى دائماً وراء ما يسعفه إليه تفكيره بين البساطة والعمق في النظر والطرح، وهو موضوع قائم على تعدد الرؤى، وربما أنانيّة البشر في الاعتقاد الذي يرونه الأجدى والأصوب، وقد برزت هذه السيمة في مسرحيّة «علكة صالح»، التي عُرضت ضمن الدورة الرابعة والثلاثين لأيام الشارقة المسرحيّة، وأخرجها حسن رجب، عن نصّ علي جمال، لصالح فرقة المسرح الحديث بالشارقة.
حكاية العمل جاءت بشكل تلقائي وطبيعي، من خلال لفت أنظار الجمهور في مسرح بيت الشعر، إلى ورقة معلّقة على الجدار، كانت مصدراً لتعدد الرؤى والأفكار في تفسير ما إذا كانت رسالة بشرى أم رسالة إنذار، وبين هذا وذاك كانت شخصيات العمل تتباين في الطرح والنظر والتفسير وبيان مسوّغ أو حجّة التفسير، ليكون المشاهد مأخوذاً أيضاً بهذه الرسالة وتفسيرها أو انتظار ما تسفر عنه مجموعة التأويلات في هذه الآراء.
تطوّر الأحداث وتصاعد حبكة المسرحيّة كان مدروساً، بالاستناد إلى عناصر المسرح المعتادة التي توفّرت في المعالجة المسرحيّة لمجموعة الأفكار، التي تمخّضت في نهاية المطاف عن بساطة الورقة، التي علّقها عامل النظافة على الجدار.
جسّدت المسرحيّة معنى صراع الأفكار وتعدد الآراء وتمسّك كلّ فريق برأيه، على الرغم من بساطة الموضوع وسهولة الحلّ، كما اشتملت على معنى المخاوف وكذلك إسقاط شيء من الأحلام على ورقة الجدار، التي حملت غموضاً شدّ الجمهور نحو معرفة الحقيقة أو المضمون.
وفي العمل، استطاع المخرج حسن رجب أن يجعل من الأزياء مرآة لفكر أصحابها، في قوّة ونرجسيّة الرأي أو بساطته وسذاجته، كما كان القبض على عامل النظافة كحلّ للمسرحيّة مفاجأة، من خلال إنسان عادي وجد ورقة وألصقها على الجدار.
وإذا كان النصّ هو أساس أيّ عمل مسرحي، والمعالجة المسرحيّة والفنيّة هي تأكيد جمالي للأفكار وفلسفة الكاتب، فإنّ مفهوم الضديّة في تفسير البشر كان موفّقاً، بالإضافةً إلى دور السينوغرافيا والإضاءة في حمل ما تعجّ به النفوس من توتر وقلق ومشاعر على طريق الظفر بالتأويل، كما أنّ قضيّة الانحياز للرأي والتوقف عنده كانت من أهمّ أفكار العمل الذي يمكن أن نسقطه على حالات متعددة وأكثر من مجال في هذه الحياة.
وما بين انتظار الخلاص والخوف من العاقبة، كانت ورقة الجدار فكرة لافتة، لمسرحيّة «علكة صالح»، بما يحمله العنوان من اجترار للعلكة التي تدخل دائماً في أمثالنا الشعبيّة، حين يصبح الموضوع كالعلكة في أفواه الناس.

أخبار ذات صلة سلطان القاسمي يشهد افتتاح الدورة الـ 34 من «أيام الشارقة المسرحية» انطلاق «أيام الشارقة المسرحية 19».. الأربعاء المقبل

مقالات مشابهة

  • يوم بدون سيارات في أكادير لحماية البيئة من التلوث
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • من مصر لكل العالم.. مهرجان «التمور» الدولي لكل الأذواق
  • محمود حسن: مهرجان القاهرة الدولي للتمور يجمع كبرى الشركات والمنتجات المبتكرة
  • استعدادا لرمضان.. تفاصيل افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للتمور
  • لأول مرة.. إتاحة إصدارات مهرجان مسرح الجنوب الدولي أونلاين
  • «علكة صالح».. مسرحية تقرأ تعدد الرأي وبساطة الحل
  • المحافظ يشارك في ختام فعاليات مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون
  • «جسم وأسنان وشعر مستعار» يمثل مصر بمهرجان Itfok الدولي للمسرح بالهند
  • محافظ القاهرة يفتتح مهرجان القاهرة الدولي الخامس للتمور