القواعد الكلية الخمسة في الفكر الإسلامي، يتحدث الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق عبر صفحته الرسمية على موقع الإلكتروني الفيسبوك عن الحضارة الإسلامي وكيف أنها تقوم على محوريين أساسين وهما النص بشقيه القرآن والسنة، وأن للفكر الإسلامي في ظل تلك الحضارة عدة قواد أساسية تشكله نرصدها فيما يالي: 


القاعدة الأولى: الضرر يزال

قال جمعة أن القاعدة الأولى للفكر الإسلامي هى القاعدة مسوقة لبيان وجوب إزالة الضرر إذا وقع، وأصل هذه القاعدة قوله ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه أحمد وابن ماجة)، وتتعلق بهذه القاعدة قواعد فرعية مهمة تؤسس الفكر والحضارة معاً منها: الضرورات تبيح المحظورات، بشرط عدم نقصانها عنها، ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة، وجاز التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه، وغير ذلك، ومنها: ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، ومن ثم فلا يأكل من الميتة إلا بقدر سد الرمق، ومنها: الضرر لا يزال بالضرر، ومنها: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، ومنها: درء المفاسد أولى من جلب المصالح، فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة، قدّم دفع المفسدة غالباً، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، ولذلك قال ﷺ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (رواه البخاري ومسلم)

 

القاعدة الثانية: العادة محكمة:

وتابع فضيلة المفتي السابق إلى القاعدة الثانية في الفكر الإسلامي وهى أن العادة محكمة، وأصل هذه القاعدة قوله تعالى: (خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ) [الأعراف:١٩٩]، ويقول ابن مسعود، رضي الله عنه: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح» وهو حديث حسن، وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع، لأنه لا مدخل للرأي فيه، وفي السيرة النبوية عدة نماذج توضح لنا كيفية التعايش مع العادات المختلفة، فهناك النموذج المكي قبل بعثته ﷺ، وهناك النموذج المكي بعد بعثته، وهناك نموذج الحبشة مع قوم يدينون بدين المسيحية، وهناك نموذج المدينة في عهدها الأول مع تعدد الديانات من يهودية ومسيحية وإسلام، وهناك أخيراً نموذج المدينة في عهدها الأخير قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وكيف انفتح المسلمون على الشعوب المختلفة فتعايشوا معها واندمجوا بها دون أن يفقدوا هويتهم.

القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير:

وأضاف جمعة القاعدة الثالثة في الفكر الإسلامي والأصل فيها قوله تعالى: (يُرِيدُ الله بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ) [البقرة:١٨٥]، وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:٧٨]، وقوله ﷺ: «إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلّا زانه، ولا ينزع من شيء إلّا شانه» (أخرجه مسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول في بيتي هذا: «اللّهمّ من ولي من أمر أمّتي شيئا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمّتي شيئا فرفق بهم فارفق به» (أخرجه مسلم)، وعن أبى الدّرداء، رضي الله عنه، عن النّبيّ ﷺ قال: «من أُعْطِىَ حظّه من الرّفق فقد أعطى حظّه من الخير، ومن حرم حظّه من الرّفق حرم حظّه من الخير» (أخرجه الترمذي في سننه).

القاعدة الرابعة: اليقين لا يُزَالُ بالشك:

فيما شرح  جمعة القاعدة الرابعة التي تنص على أن اليقين في الاصطلاح: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت عن دليل، أما الشك فهو التردد بين النقيضين، بلا ترجيح لأحدهما على الآخر، ودليل هذه القاعدة قوله ﷺ: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أَخَرَجَ منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (أخرجه مسلم)، وهوية الإسلام وأصوله من الأمور اليقينية فلاشك فيها، فعدد صلوات اليوم والليلة هي خمس، وعدد ركعات كل صلاة أمر متفق عليه، ومقدار الزكاة محدد ومعلوم، والصيام الواجب في شهر رمضان أمر ثابت، والحج إلى بيت الله الحرام في مكة وغير ذلك من ثوابت الدين أمور يقينية لم يشذ عنها عاقل عبر العصور، أما الخلاف في المسائل الفرعية فهو سعة ورحمة تؤكد عالمية الإسلام وشموليته.

القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها:

وانتهى جمعة حديثة بالقاعدة الخامسة والأصل في هذه القاعدة قوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات» (صحيح البخاري)، ويندرج تحت هذه القاعدة قضية كبيرة ومحورية في بناء الحضارة وهي قضية التغيّر والتغيير، فالفرق بينهما هو القصد والإرادة التي يلزم منهما وضع الخطة والتنفيذ، حيث إن التغيّر يحدث تلقائياً بتبدل الزمان وتغير الناس بالحياة والموت، وجريان الأحداث وتشابكها، أما التغيير فهو ينظر إلى الواقع ويرى فيه شيئاً لابد أن يتبدل، وهنا يظهر القصد والإرادة لذلك التبديل، ويسعى الإنسان لوضع خطة مناسبة ويقوم بتنفيذها حتى يتم مراده أو بعض مراده من هذا التغيير، وتحت عنوان التغيير يقع المصطلحان (الإصلاح والتجديد)، وهما ليسا ضدين لا يجتمعان، ولا يفرح أحدنا بل ينبغي ألا يصنف نفسه مع الإصلاح في مقابلة التجديد أو مع التجديد في مقابلة الإصلاح، أو أن نصنف الناس بأن هذا مصلح وهذا مجدد، لأن التغيير المنشود يحتاج إلى الإصلاح والتجديد معاً. وفي بعض الأحيان تختلف النسبة فنحتاج إلى الإصلاح بنسبة أكبر من التجديد أو العكس، أو نكون على حد سواء في الاحتياج إليهما معاً وبنسبة متساوية

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفكر الإسلامي فی الفکر الإسلامی حظ ه من قوله ﷺ

إقرأ أيضاً:

حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بعد ركعات الصلاة .. علي جمعة يجيب

ما حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بعد ركعات الصلاة ؟  وذلك لكبار السن وغيرهم ممَّن يكثر سهوُه ونسيانُه؟.


قال  الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن أصل التنبيه على السهو في الصلاة مشروع؛ فقد شُرِع للمأموم عند خطأ إمامه أن يُسبّح إن كان رجلًا، وأن يصفق إن كان امرأة، بل ويجوز الفتح لمَن هو خارج الصلاة.

 

واستدل المفتي السابق، في إجابته عن سؤال: «ما حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بعد ركعات الصلاة ؟» بقول الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 152، ط. مطبعة السعادة): [ولا بأس أن يَفتَحَ مَن ليس في صلاة على مَن هو في صلاة؛ قاله مالك في "المختصر"].. وفي "الفروع" للإمام ابن مُفِلح الحنبلي (2/ 269، ط. الرسالة): [ولغير مُصلٍّ الفتحُ، ولا تَبطُلُ].

 

ونقل قول الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 45، ط. مكتبة القاهرة): [ولا بأس أن يَفتَح على المُصَلِّي مَن ليس معه في الصلاة، وقد روى النَّجّارُ بإسناده عن عامر بن ربيعة قال: كنتُ قاعِدًا بمكة، فإذا رجل عند المقام يُصَلِّي، وإذا رجل قاعد مِن خلفِه يُلَقِّنُه، فإذا هو عثمان رضي الله عنه].

 

وأفاد بأنه بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا بأس بهذا الابتكار شرعًا؛ ما دام يساعد على ضبط ركعات الصلاة خاصةً لمَن يكثر سهوُه ونسيانُه.

حكم الصلاة خلف الإمام عبر التليفزيون أو من خلال الجدران.. دار الإفتاء تجيب حكم تأخير الصلاة عن أول الوقت لأدائها في جماعة.. دار الإفتاء تجيب حكم الصلاة على سجادة غير طاهرة
 

قال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن ما يلزم المرأة هو ما يلزم الرجل فى الصلاة من شروط صحة الصلاة ومن أن تكون على طهارة وأن تتجه إلى القبلة ومدركة لدخول الوقت ونحو ذلك.

وأضاف شلبي، فى إجابته عن سؤال «ما حكم الصلاة على سجادة غير طاهرة؟»، أن الصلاة فى مكان ليس طاهرًا تكون غير صحيحة، فمن شروط صحة الصلاة استقبال القبلة وطهارة المصلي من الحدثين الأكبر وهى كالجنابة والأصغر كالبول، فضلًا عن طهارة المكان الذى يصلى فيه فلو كان المكان الذي يصلي فيه غير طاهر فلا تصح صلاته.

 

وأشار إلى أن الصلاة فى مكان غير طاهر غير صحيحة لقوله تعالى «وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»، فالإنسان عندما يصلى على مكان به نجاسة فالنجاسة تكون متصلة بيه وهذه النجاسة تمنع صحة الصلاة. 

 

مقالات مشابهة

  • هذه قصة توقيت وقف إطلاق النار.. التفاصيل الكاملة
  • قواعد الحب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية
  • «بناء الوعي وحُروب الفكر» ندوة توعوية في مركز إعلام بنها
  • كيف نفعل الخير ويقبله الله؟.. علي جمعة يجيب
  • «المصريين»: نعيش معركة وعي.. والحل حماية المجتمع من الفكر المتطرف والشائعات
  • حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بعد ركعات الصلاة .. علي جمعة يجيب
  • علي جمعة: الفتن سببها العبد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ
  • علي جمعة: كل الطرق تُوصل إلى الله عندما تكون مقيدة بالكتاب والسنة