قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنها حصلت على معلومات حصرية تؤكد مشاركة الإمارات في الحرب الأهلية بالسودان إلى جانب قوات "الدعم السريع" ضد القوات الحكومية.

وذكرت الصحيفة أن معلومات حصلت عليها تفيد بالعثور على جوازات سفر إماراتية داخل حطام طائرة تعود لقوات الدعم السريع في السودان.


5 ضباط
ولفتت إلى أن وثيقة مكونة من 41 صفحة جرى إرسالها إلى مجلس الأمن اطلعت عليها "الغارديان"، تشير إلى أن "جوازات السفر التي تم العثور عليها في ساحات القتال في السودان، تؤكد أن الإمارات ترسل قوات سرية إلى الأرض في الحرب الأهلية المدمرة في البلاد".



وقالت "الغارديان" إن جوازات السفر تم استرجاعها من أم درمان، المدينة الواقعة على الضفة الأخرى من نهر النيل قبالة العاصمة الخرطوم، في منطقة كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لكن الجيش السوداني استعادها مؤخرا.

وتضمنت الوثائق صوراً لصفحات أربعة جوازات سفر تعود على ما يبدو لمواطنين من دولة الإمارات، اثنان منهم من مواليد دبي، وواحد من مدينة العين، وآخر من عجمان، خامس أكبر مدينة إماراتية، وتتراوح أعمار جميع هؤلاء بين 29 و49 عاماً.

وقال مصدر مطلع على عملية الاكتشاف إن جوازات السفر تم انتشالها من حطام سيارة عثر عليها في أم درمان في شباط/ فبراير. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته "التقديرات تشير إلى أنها تعود لضباط مخابرات إماراتيين".

جوازات يمنية
عُثر في نفس الموقع على جوازي سفر لمواطنين يمنيين، أحدهما يبلغ من العمر 38 عامًا، من مواليد دبي، والآخر يبلغ من العمر 31 عامًا من الضالع، جنوب غرب اليمن. وقد أرسلت قوات الدعم السريع في السابق آلافًا من مقاتليها إلى اليمن للقتال ضد الحوثيين، ويشير الاسترداد الواضح لجوازات السفر اليمنية في السودان إلى أن مثل هذه المساعدة ربما كانت بالمثل.

وكانت الإمارات قد نفت في وقت سابق جميع الاتهامات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، التي تحاصر مدينة الفاشر في حملة أوسع نطاقا من التطهير العرقي في دارفور.

ومع ذلك، فإن الكشف عن أن الإمارات نشرت أفرادا للمساعدة في القتال في السودان من شأنه أن يشكل تصعيدا، ويزيد من تأجيج التعقيدات الجيوسياسية للحرب الأهلية المستمرة منذ 15 شهرا بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، بحسب "الغارديان".


دليل قاطع
ووصف محللون هذا الاكتشاف بأنه "دليل قاطع" يتحدى نفي الإمارات ويثير تساؤلات حول ما تعرفه الولايات المتحدة وبريطانيا عن مستوى تورط الدولة الخليجية في السودان وما إذا كان الغرب قد فعل ما يكفي للحد من دعم ميليشيا متهمة بالإبادة الجماعية.

وقال كاميرون هدسون المستشار السابق للحكومة الأمريكية في شؤون السودان، إن الغرب سيكون ملزما بالتحرك. وأضاف: "هذا سيجبر واشنطن على الاعتراف بما تعرفه عن هذا الأمر، وسيجبرها على الرد".

ويعتقد بعض الخبراء أنه لولا التدخل المزعوم للإمارات، لكان الصراع الذي أدى إلى أسوأ أزمة إنسانية مستمرة في العالم قد انتهى بالفعل.

وتشير الوثيقة التي أرسلت الشهر الماضي إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى أن الإمارات زودت قوات الدعم السريع بطائرات بدون طيار معدلة لإسقاط قنابل حرارية مثيرة للجدل. وهذه القنابل أكثر تدميرا من المتفجرات التقليدية ذات الحجم المماثل، وكانت هناك دعوات لحظرها.

ومع ذلك، وصف مراقبو العقوبات في الأمم المتحدة الادعاءات بأن الإمارات قدمت دعما عسكريا لقوات الدعم السريع بأنها "موثوقة".

وقالت خلود خير، المحللة السياسية السودانية والمديرة المؤسسة لشركة كونفلوانس الاستشارية، إن جوازات السفر أعادت صياغة النقاش. وأضافت: "هذا يسخر من إصرار الإمارات على أنها لا علاقة لها بدعم قوات الدعم السريع عسكريا.

وأضافت "هذا دليل قاطع عندما يتم التحقق منه من خلال أدلة أخرى. إن الإمارات تقدم الكثير من الدعم المباشر لقوات الدعم السريع، وهو الأمر الذي تنكره الإمارات لأنها لم تكن على اتصال مباشر على الأرض".

وقال هدسون، وهو محلل استخبارات سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لشؤون أفريقيا، إن هذا الاكتشاف يعني أنه سيكون من الصعب على الإمارات أن تنأى بنفسها عن السودان. وأضاف: "بشكل عام، عملوا من خلال وكلاء، ولم يتورطوا بشكل مباشر. لقد أرادوا قدرًا من الإنكار المعقول وقد تشبثوا بهذا".

تفاصيل المعدات
تحتوي الوثيقة على تفاصيل المعدات العسكرية التي تم استردادها من ساحات المعارك في ثالث أكبر دولة في أفريقيا.

وقال الخبراء إن طائرة بدون طيار رباعية المراوح مزودة بأنابيب لإسقاط قنابل هاون معدلة عيار 120 ملم من المرجح أن تكون قد زودتها الإمارات. تم وضع علامة على صور الصناديق التي تحتوي على أسلحة على أنها مرسلة من قبل شركة أسلحة صربية إلى "القوات المسلحة الإماراتية، القيادة اللوجستية المشتركة ومقرها أبو ظبي".

وتشير الصناديق إلى أن القنابل التي تحتوي عليها تحتوي على حشو حراري، مما ينتج انفجارًا عالي الحرارة في تعزيز للمتفجرات التقليدية.

وبحسب الوثيقة، تم استعادة القنابل من مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون السودانية في أم درمان بعد أن أجبر الجيش السوداني - المتهم أيضًا بارتكاب العديد من جرائم الحرب - قوات الدعم السريع على مغادرة المبنى.

وقال متحدث باسم شركة فينيكس إنسايت ، التي تحلل الأسلحة للمنظمات الحكومية وغير الحكومية: "نعلم أن هذه القنابل المعدلة تأتي مع مجموعة الطائرات بدون طيار. إنها كلها حزمة واحدة، تنتجها شركة واحدة، وإذا ذهبت إلى القوات المسلحة الإماراتية، فهذا يعني أنها مسؤولة بشكل مباشر قدر الإمكان".

واتفق نيك جينزين جونز، مدير مؤسسة خدمات أبحاث التسلح ، التي تعقبت الأسلحة الإماراتية إلى ليبيا واليمن، على أن الوثيقة تشير إلى أن قذائف الهاون عيار 120 ملم الموردة للقوات الإماراتية يبدو أنها تم "ضبطها" في السودان.

وتتضمن الوثيقة أيضًا صورًا لصواريخ أرض - أرض ومدافع مضادة للطائرات وأنظمة مضادة للدبابات موجهة سلكيًا، لكن الخبراء قالوا إن هناك معلومات كافية لربطها بالإمارات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدعم السريع السودان بريطانيا السودان الدعم السريع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع جوازات السفر أن الإمارات فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل

كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ مادة السياسة والسياسات العامة

كأن التاريخ يعيد نفسه بقلمٍ ساخرٍ، وبحبرٍ مسموم، ففي مقر البرلمان البريطاني، ذلك الحرم الذي شهد أعظم الخطب وأنبل القرارات، يُسمح اليوم لمجموعات تتبع الجنجويد – أو بالأحرى قوات الدعم السريع السودانية – بعقد ندوة تروّج لما هو أبعد من مجرد كلام، بل لتبرير فظائع جعلت العالم يذهل ويقشعرّ. العقلاء يتساءلون: ما الذي أصاب بريطانيا حتى تُدنّس أعتاب ديمقراطيتها العريقة بمثل هذه المهزلة؟
بريطانيا والجنجويد: سقوط في هاوية البرلمان المقدس
لنعد الشريط قليلاً. البرلمان البريطاني ليس مجرد مبنى حجري في وستمنستر، بل هو رمزٌ للحرية والكرامة الإنسانية. في قاعاته، وقف ونستون تشرشل يهزّ العالم بخطبه في وجه النازية، معلناً أن بريطانيا لن تستسلم. فيه، نوقشت إلغاء تجارة الرقيق، وصيغت قوانين ألهمت دولاً بأسرها. وفيه، عقدت أعظم الاجتماعات، كتلك التي جمعت قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، حيث كان مصير البشرية على المحك و هو ذات البرلمان الذي اعتذرت فيه بريطانيا للعالم عن حقب الاستعمار المريرة . كيف، إذن، تحول هذا المكان من منارة للعدل إلى منصة تُروَّج منها لمليشيا متهمة بإبادات جماعية، تطهير عرقي، وانتهاكات موثقة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان؟
اسم "الجنجويد" ليس مجرد لقب عابر، بل هو مرادف للموت والدمار في السودان. قوات الدعم السريع، التي تطورت من هذه المليشيات، تركت خلفها جبالاً من الجثث في دارفور، وأشعلت حرباً أهلية أزهقت أرواح عشرات الآلاف، وشردت الملايين. تقارير دولية، من مجلس الأمن إلى الخارجية الأمريكية، وثّقت جرائمها: اغتصاب جماعي، حرق قرى، وتجويع شعوب بأكملها. ومع ذلك، تُفتح لهم أبواب البرلمان البريطاني، كأن الأمر لا يعدو كونه نقاشاً أكاديمياً، وليس ترويجاً للبربرية.
لماذا تفعل بريطانيا هذا؟
لنكن صريحين: المصالح لم تكن يوما تقاس بمعيار الأخلاق، بل برقعة شطرنج المصالح. سماح بريطانيا بهذه الندوة ليس خطأً عفوياً " و ان حاولوا اخفاءه عبر حديث البرلمانية الفطير"، بل خطوة محسوبة في سياق أعمق. هناك من يرى فيها محاولة لإعادة صياغة صورة قوات الدعم السريع ـ"كجهة شرعية"، ربما لخدمة أجندات إقليمية تتقاطع مع مصالح دول كبرى، مثل الإمارات، التي اتهمت بدعم هذه القوات لوجستياً وعسكرياً. لكن السؤال الأكبر: هل هناك رابط مع ما يُسمى "الصهيونية العالمية"؟

الصهيونية، كمصطلح، أصبحت كرة مطاطية تُرمى في كل اتجاه، لكن دعونا ننظر بعين السياسة لا الشعارات. إسرائيل، كلاعب إقليمي، لها مصلحة في اضعاف السودان أو على الأقل في احتواء الفوضى و توجيهها في صالحها بما يضمن أمن حدودها الجنوبية عبر البحر الأحمر. قوات الدعم السريع "، استخدمت كأداة لفرض واقع جديد في السودان، يُبقي البلاد ضعيفة ومفتتة، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات تاريخية لتقسيم المنطقة. بريطانيا، بدورها، قد تكون شريكاً في هذا المشهد، إما عن وعي أو كجزء من ضغوط أمريكية غربية لإعادة تشكيل النظام السوداني و المنطقة.
لكن هذا لا يبرئها. أن تُدنّس بريطانيا سمعتها وتاريخها الديمقراطي بهذا الشكل هو انحدار أخلاقي وسياسي. كان بإمكانها أن ترفض، أن تقول "لا" كما فعلت في وجه الطغاة سابقاً. لكنها اختارت الانصياع، ربما لأنها لم تعد تلك الإمبراطورية التي "لا تغيب عنها الشمس"، بل دولة تائهة تبحث عن دور في عالم تتغير قواعده.
السودان: كيف يرد على هذه الإهانة؟
السودان، كدولة، يقف اليوم على مفترق طرق. هذه الندوة ليست مجرد حدث عابر، بل رسالة: العالم مستعد للتعامل مع منتهكي حقوق شعبكم كشركاء. لذا، يجب أن يتحرك السودان بذكاء وحزم، وفق هذه الخطوات
قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا مؤقتاً ليس من باب العقاب فقط، بل لإرسال رسالة أن السودان لن يقبل التواطؤ مع من يبررون إبادته. هذا سيضع لندن في موقف محرج أمام العالم.
اللجوء إلى الأمم المتحدة: تقديم شكوى رسمية ضد بريطانيا في مجلس الأمن، مستندة إلى التقارير التي تدين قوات الدعم السريع، مع المطالبة بتحقيق دولي في دعمها الضمني.
تعزيز التحالفات الإقليمية: التقارب مع دول مثل الصين و روسيا " مع الحذر الواعي"، التي لها مصلحة في استقرار السودان، لمواجهة أي محاولات لفرض حكومة موازية مدعومة من الخارج.
توثيق الفظائع محلياً ودولياً: إنشاء لجنة وطنية مستقلة لتسجيل جرائم الجنجويد، مع عرضها في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية، لقطع الطريق على أي محاولة لتبييض صفحتهم

الضغط الشعبي: حشد الجالية السودانية في بريطانيا للتظاهر أمام البرلمان، كما فعلوا من أجل فلسطين، لفضح هذه الخطوة وإحراج الحكومة البريطانية.
خاتمة: الخرطوم تستحق أفضل من هذا
السودان، بتاريخه العريق وشعبه الصامد، لا يستحق أن يُعامل كساحة لتجارب المصالح الدولية. بريطانيا، التي كانت يوماً مستعمرة له، تعود اليوم بقناع جديد، لكن الرائحة نفسها: رائحة الاستعلاء والتلاعب. لكن كما قال أحد حكماء السودان: "ليس للبربرية مستقبل". الخرطوم ستنهض، وسيبقى البرلمان البريطاني شاهداً على عارٍ سيلاحقه التاريخ، كما لاحق غيره من قبل. أما السودانيون سيظلون يتراغبون مواقف كل الدول ابان محنة السودان هذه.

 

quincysjones@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • ثالث دولة عربية تعلن رفضها دعوات تشكيل حكومة موازية فى السودان للدعم السريع
  • لماذا تحتضن نيروبي مشروع حكومة الدعم السريع؟
  • الأردن يرفض المحاولات التي قد تهدد وحدة السودان عبر الدعوة لتشكيل حكومة موازية
  • شهادات ميدانية: الدعم السريع ترتكب أعمال قتل ونهب بالفاشر
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • مقتل 10 من الدعم السريع والجيش يتقدم في محاور القتال شرقي الخرطوم
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض
  • البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل