أبو الغيط: هناك تهديد جوهري لمفهوم الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
في واقع عربي صعب ودقيق للغاية على كل المستويات، خرج الأمين العام لجامعة الدول العربية ببعض التصريحات الهامة المتعلقة بحرب غزة، ومخططات التهجير، وأزمة سد النهضة، وعن انسحاب جو بايدن من انتخابات الرئاسة الأميركية.
مخططات التهجير
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، خلال حوار أجراه ببرنامج "يحدث في مصر" المذاع على قناة "MBC مصر"، أن مصر أجهضت مخططات "الترانسفير"، أو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، حيث استشرفت الأمر منذ البداية، ولفتت انتباه العالم إليه، وأعلنت رفضها القاطع للمخطط، حتى لو بشكل مؤقت، كما ربطت بين المخطط وتصفية القضية الفلسطينية من الأساس.
كما أكد أبو الغيط على أن القوى الكبرى في العالم العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر وغيرها من الدول الأخرى الفاعلة، قادرة على التأثير والضغط في ملفات المنطقة وأن تقول "لا" في وجه العالم، لأنها ترى أن هناك تهديدا جوهريا لمفهوم الشرق الأوسط، ومفهوم التأثير العربي فيه.
وحول المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وبالتحديد بين فتح وحماس، قال أبو الغيط إن الشعب الفلسطيني عليه أن يقرر أنه لن يقبل الاستمرار في هذا الوضع، ووضع جديد يجب أن يبزغ، ويختار جيل جديد من القيادات.
لا منتصر في حرب غزة
أما عن حرب غزة، قال أبو الغيط أنه لا يوجد منتصر فيها، لأنه بالمعنى الحرفي لخسارة الحرب، يجب أن يستسلم الخصم، وحماس لم تستسلم حتى الآن، ومن ناحية أخرى استطاعت إسرائيل البطش والتدمير الساحق للقطاع، لكنها لم تحقق فرض الإرادة بعد كل هذا التدمير.
وعن وضع العالم العربي الحالي، قال أبو الغيط أن الوضع العربي صعب للغاية، حيث هناك دولا مههدة بالزوال وتعاني من الانقسام الداخلي.
انسحاب بايدن
وفي الشأن الأميركي، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه لم يندهش بانسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وقال إنه التقى بايدن في شهر سبتمبر من العام الماضي، وقال "ظهر لي بمظهر يشير إلى أنه لا يستطيع أن يستمر طويلا في رئاسة أميركا".
وأضاف أبو الغيط "كان سرحان وكلامه غير متناسق، وكانت زوجته هي من تقود النقاش والحوار"، وأردف "بعدها توقعت التغيير، وأبلغت المعاونين أننا سنشهد تغييرا في الانتخابات الأميركية".
سد النهضة.. والصراع المسلح
كما تطرق أبو الغيط في حواره إلى أزمة سد النهضة، وقال إن هناك تهديدا على مياه النيل في مصر والسودان بسبب السد الإثيوبي، وأعرب عن استغرابه من عدم انزعاج المجتمع الدولي، بل وعدم إنصافه لمصر وقت لجوئها إلى مجلس الأمن بهذا الشأن ووصف الأمر بـ "المزعج"، وتساءل "هل يجب أن نذهب لمرحلة صراع مسلح لينتبه العالم؟".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الأمين العام لجامعة الدول العربية انتخابات الرئاسة الأميركية مصر ابو الغيط بايدن سد النهضة أبو الغیط
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" تقريرًا يناقش التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مؤكدة أن قادة المنطقة بدأوا باعتماد سياسات أكثر براغماتية، لكن الطريق مازال طويلا لتحقيق الاستقرار.
وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الكثير من الدماء سالت خلال المحاولات العديدة الفاشلة لإنشاء "شرق أوسط جديد"، لكن المؤشرات الحالية تدل على أن المنطقة قد تتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.
وأضافت أن قادة المنطقة أصبحوا بعد الحرب الأخيرة بين الخصمين اللدودين إيران و"إسرائيل" أكثر تقبلا لفكرة أن الشرق الأوسط المليء بالصراعات لا يتناسب مع استراتيجياتهم الكبرى أو مصالحهم الوطنية، وهذه القناعة بدأت تشكل ببطء شرق أوسط جديد.
واعتبرت المجلة أن هذا المخاض ليس سهلا على الإطلاق، فالصراع في السودان يعد المثال الأبرز على أن المنافسة الإقليمية ما زالت تتحول إلى صراعات دموية في بعض في دول العالم العربي. وقد كان هذا هو الحال في الآونة الأخيرة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا وتونس.
وترى المجلة أن تل أبيب وطهران أثبتتا براعتهما في خلق ساحات للتنافس على بسط النفوذ، تمامًا مثلما تواصل دول الخليج، على غرار الإمارات العربية المتحدة، محاربة أي مظهر من مظاهر الديمقراطية خوفًا من وصول الإسلاميين للحكم.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الديناميكيات لن تتغير بين عشية وضحاها، لكن بعض الأحداث تثبت أن هناك تحولات جوهرية، ومنها انتهاء حصار قطر، وجهود دول الخليج للتطبيع مع نظام الأسد السابق، ووقف إطلاق النار في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، واتفاق التطبيع بين السعودية وإيران.
"براغماتية قاسية"
وحسب المجلة، تعكس كل هذه الأحداث رغبة براغماتية في التركيز على التنمية الاقتصادية من خلال التعاون، وتمثل نقاط تحول رئيسية بعيدًا عن الصراعات وفترة الربيع العربي المضطربة التي حارب فيها المستبدون مطالب التغيير.
وتابعت المجلة بأن هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر عززت التحول نحو "البراغماتية القاسية". ورغم تخوف العديد من الخبراء والمسؤولين من أن تؤدي حرب غزة إلى صراع إقليمي كبير، إلا أن حجم التوتر لم يرقَ إلى مستوى أسوأ التوقعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تخلي قادة الشرق الأوسط عن السياسات الصفرية، حسب المجلة.
وانعكاسًا لهذه الديناميكية، جرى نوع من التقارب بين السعودية وإيران، وقد شدّدا على أهمية استقرار الوضع ومنع توسع النزاع.
وأوضحت المجلة أن التعاون يتجاوز المصلحة المشتركة في منع نشوب حرب إقليمية تضر بالجميع، حيث تشهد المنطقة أيضا توسعا ملحوظا في التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. ويتجلى ذلك بشكل خاص على الساحة السورية، حيث تهتم دول المنطقة بشكل كبير بنجاح حكومة تصريف الأعمال السورية الجديدة، وتعمل دول الخليج بشكل منسق على دعم العملية الانتقالية من خلال الاستثمار في إعادة إعمار البلاد، والدعوة إلى رفع العقوبات.
وحتى الخصوم التقليديون، أي تركيا وقطر من جهة، والسعودية من جهة أخرى، يبدو أنهم عازمون على ضمان حصول دمشق على الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري الذي تحتاجه في الفترة الحالية، وفقا للمجلة.
التعاون العسكري
أضافت المجلة أن التعاون العسكري يحمل أيضًا مؤشرات واعدة على البراغماتية والتعاون الإقليمي الضروريين لدفع عجلة التنمية والاستقرار. فقد عملت تركيا مع السعودية والإمارات على إبرام صفقات عسكرية واقتصادية في السنوات الأخيرة؛ وقد حصلت أنقرة على استثمارات من دول الخليج الغنية لدعم اقتصادها المتعثر، بينما حصلت الدول الخليجية على التكنولوجيا والمعدات العسكرية من قطاع الصناعات الدفاعية المتنامي في تركيا وسط القيود الأمريكية في ظل إدارة بايدن.
جاء ذلك في أعقاب سنوات من التوتر -حسب المجلة-، حيث كانت تركيا وقطر تدعمان حركات الإسلام السياسي، ما شكّل مصدر إزعاج لعدة دول، وقد ردت السعودية وحلفاؤها بحصار قطر، لكن كل هذه الدول تنسق فيما بينها حاليا لتحقيق المصالح المشتركة.
هل تستقر المنطقة؟
ترى المجلة رغم كل هذا التقارب أن المنطقة بعيدة كل البعد عن الاستقرار الكامل، حيث لا توجد دولتان في الشرق الأوسط متوافقتان تمامًا في كل القضايا، فالرياض وأبوظبي تتنافسان بحدة على مستوى الاقتصاد والاستثمارات، كما أن التنافس السعودي الإيراني لم ينتهِ بعد رغم المصافحات الودية وإحياء الكتلة المؤيدة لفلسطين، ولا تزال تركيا تُتهم بـ"العثمانية الجديدة"، خاصة مع نفوذها في سوريا ما بعد الأسد.
وختمت المجلة بأن التغيير الإيجابي يستغرق وقتًا طويلًا، لكن من الواضح أن قادة المنطقة يأملون ببداية عصر جديد في الشرق الأوسط، عصر يقوم على التنمية الاقتصادية والتعاون التجاري والاستقرار، وهي طموحات في متناول أيديهم إذا اختاروا المضي قدما في هذا المسار.