الحردلو صائد الجمال (13): بالغات النصاب؛ أنصاري ما زكّاهن..!
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
للحردلو مشاعر إنسانية خاصة تخالف ما هو معهود في البطانة وأودية السودان من عادة الصيد السائدة في عصره..فهو لا يشارك أبداً في صيد الظباء..ولم يأكل لحمهن مطلقاً..! مما يؤكد صدق عاطفته ومحبته لهذه المخلوقات الجميلة التي يضعها في مصاف معشوقاته من النساء..!
من عوج الوكت ما بتركن وانساهن
فوق حيا فوق محل دايماً بجرّو غناهن
ناس (ابن الذريح) ضربو المثل بي جناهن
من كل السوام (سيدي الحسن) يبراهن.
ابن الذريح هو الشاعر العذري قيس ابن ذريح المشهور بقيس لبنى..وعبيد عبد الرحمن يقول في أغنية (فتنة) التي غناها إبراهيم الكاشف ومطلعها (فتنت بيه..عشقتو ليه..؟ كان مالي أنا مالي بيه).؟!
فُتنت بالوجه الصبيح
هويتو بالمعنى الصريح
حبيتو حُب (ابن الذريح)
قول للعزول فيق واستريح
آويتو في قلبي الجريح
مادام بريدو بخاف عليّ...!
**
و"عادل بابكر" ينقل أحاسيس الحردلو تجاه ولهه بالظباء وصدق محبته لهن مع (عوج الوكت) وسوء انحراف أحوال الزمن وبشفاعة "سيدي الحسن" :
It's not me who would forget them no matter what,
Rain or drought,
I never stop composing verse of praise for them
In tribute of their beauty,
son of (Zarih) and other folks made legendary verse
From all vermin I implore..
Saint “Sidi al-Hassan” to keep them harmless
**
وبعيداً عن هذه القيمة الجمالية عند الحردلو فإن مسدار الصيد هو بمثابة (خريطة تفاعلية) لطبيعة سهل البطانة (لاند سكيب) وتغيير الفصول فيه..! والمسدار يبدو وكأنه قاموس شامل لمصطلحات وأسماء النبات المحلية والأعشاب والأشجار والشجيرات والحشائش البريّة والتلال والجبال والوهاد والصخور وواقتران الأودية ومجاري المياه والهوابط والنوازل وطبيعة الأرض والطين والرمال (الفرناغة) و(البرجوبة) والأهوية والعواصف والأتربة والمطر والبروق..إلخ على نهج الشعراء العظام..!
ومسدار الحردلو هذا ينعش الأفكار بمختلف التفسيرات ..فكثيرون قد يطالعون المسدار باعتباره سردية لوصف رحلة حقيقية لصيد الغزالان والحيوانات البرّية..ولكن هذا التوصيف يناقض دليلاً تاريخياً قوياً وهو أن الحردلو من هواة الحياة البرّية والمدافعين عنها..ولم يتورط مُطلقاً في صيد الحيوانات (game hunting)..وأشعاره تعطي إشارات عديدة وكثيفة توضّح كيف أنه من المولهين بحماية الغزلان ولا يقبل بمجرد ترويعهن..دع عنك اصطيادهن...!
**
استاذ الأدب (د. إبراهيم الحردلو) حفيد الشاعر الحردلو يستبعد تفسير أن يكون هذا المسدار مجرد أشعار عن "رحلة صيد" ويرى ان الحردلو يستخدم الصيد استخداماً مجازياً كرمز لجمال المرأة..ولكن "عادل بابكر" يرتفع بهذا التفسير إلى تأكيد أن المسدار في مُجمله هو رحلة في نشدان الجمال كما يبدو في الطبيعة..وأن الاستحضار المتكرّر للتناظر بين الظباء والنساء هو ما يسعي إليه الشاعر بوعي أو بغيره، ليكمل الصورة الكبرى للطبيعة وهي في حالة حركة وتفاعل نحو الجمال الأسمى..!!
**
يتواصل العرض السينمائي لسرب الظباء والتماثل بين مشاعر الحردلو وانفعالاته وبين حركة الظباء في الأرض..ثم تأتي مقارنة نفور الظاء بنفور المعشوقات من النساء..! وإلا كيف يقول إن القُرب (الليم) من مثل هذه الظباء الحسان عسير محال (beyond reach) على الشاعر وعلى أمثاله..؟!
في عاقِب نهار سوّنلهن مُرحال
وعينيهن خلقَهن زُرّق بلا كَحال
من ريح (الحويل) بقيَن دحين في حال
وديل ليْمهِن علي الناس الـ متلنا مُحال
Though it was latter part of the day
They started to prepare for departure
I can’t fill my eyes of their natural beauty
Their dark eye, untouched by kohl
After a brief feed on “haweel”,
they now felt energetic and fit
أيضاً على ذات الانبهار وتصغير النفس واستصعاب الوصال أمام هذا الجمال الباهر:
شاف بَرقاً بقل فوق الجبل رفراف
يعني قائد السرب:
وهن وحل الدرار يا الليله منّو خُفاف
كم عند المضيق مرقن هناك بي "سناف"
ديل قِسيَن على القوي والـ مِتلنا ضعاف
Over the mountain he saw lightning flicker
Althiugh pregnant, their steps were not heavy yet
Through a narrow strait at Snaaf they came out
Beyond reach of the most powerful, let alone the likes of us
قائد السرب هذا (فحل الظباء) يستكشف الأرض امامهن بحثاً عن المرعى الخصيب ومساقط المياه..يغيب ويعود اليهن:
خلاهن علي رد الفروخ بايتات
وفي المكفى الورا أم ميمون لقى ختيتات
متماسك سَدوهن وبي الحدب شاتات
جاهِن وعافطنّو.. وجنّو منحتات..!
لا بد من النظر إلى فعل (المعافطة) هذا بين الظبا وفحلهن..وما فيه من لقاء مفعم بالحميمية والحيوية بعد فراق قصير؛ والمعافطة هي أصوات وهنهنات تخرج من الأنف والفم من المداعبة وما يشبه القبلات..!
وقد أتت الظباء (منحتات) إلى فحلهن وهو تشبيه لتسابقهن وتساقطهن عليه في شوق مثل انحتات أوراق الشجر..!
On seeing him back,
they merrily ran down to him
like falling leaves
**
يكتمل خصب الطبيعة بحالة الولادة وما بعد الولادة (Postpartum) عند الظباء والحردلو يتحدث عنهن وكأنهن نساء:
إنحلن جناهن في ضرا نالات
لامن رضعنّو وجفْ من السبيات
كم فوقن دقوناً ولّفن قافات
قالن دوبا ليهن والزمان الفات
In shade of tall reeds they finally gave birth,
Breastfed, and wiped hanging fluids off their newborns
How many solemn, bearded men composed erotic verse,
Longing for them, and recalling good old days
**
في مربوع آخر يواصل التغنّي بجمل الظباء واكتمال السرب..ورغم ما في المربوع من تعريض بنظام المهدية الذي فرض زكاة الأنعام؛ إلا انه يظهر الالتزام والمهادنة من جانب آخر بأنه (أخذ إذن) للتغني بجمالهن من عامل المهدية "ود البصير":
المعز البجازنن ديمه فوق في خلاهن
بالغات النصاب أنصاري ما زكّاهن
من "ود البصير" جايب إذن بي غناهن
شوفن يا الزبير في لساني ديل محلاهن
Living on grass to silence thirst and hunger
Though over forty in number,
no Ansari ever took away any of them
To sing for them I have permission from mayor Wad al Baseer
Behold Zubair,
how sweet my tongue turns when I sing their praise
**
يتناول "عادل بابكر" أسلوب الحردلو في الشعر ويقول إن النمط السائد لديه هو المربع أو (المربوع) الذي يتشكل من أربعة مصارع؛ وشعره في المُجمل يتشكّل أما من مربوع أو تجميع للمربوعات في قصيدة أو مسدار؛ ويتكوّن مسدار الصيد من 40 مربوعاً أو 160 مصراعاً في تتبعه للغزلان في سهول وأودية البطانة..ويرتبط غزله بالنساء باحتفائه بجمال الطبيعة..والأمثلة في ذلك لا يحصرها العد..وغزله في جمال النساء لا يبلغ ذروته إلا عند موازاته بأحد مفردات الطبيعة وبخاصة الظباء وأغصان النبات الريّانة اللدنة المتأرجحة..كما سبقت الإشارة..
ومن مربوعاته التي يصوّر فيها مرائي الطبيعة والغزلان ما يمكن أن يكون وصفاً مراوغاً ينفتح على تفسيرات مختلفة مثل هذا المربوع:
الليله المعيز ما ظني أنا ملاقيهن
ناطحات البطين أدن "قليله" قِفيهن
سمعن طنة الشادي وكِتِر صنفيهن
وعند الاصفرار جَفلن بشوف لصفيهن
فالطيب صالح الروائي الشهير قرأ نهاية مأساوية لهذا المربوع؛ سرب الظباء يتوجّه إلى دغل ملتحم الأشجار فيصيبه الذعر من (وجوجة الطيور) التي انزعجت لإحساسها بخطر قادم..عندها تجمّد السرب من الرعب..وقبل غروب الشمس..وقع الهجوم المتوقّع وتحول المكان إلى ميدان معركة.. ووقعت الظباء في الشراك وامتزجت ألوانهن الصفراء بالغبار المتصاعد الذي يتلامع في الأفق..!
(هذا تأويل بعيد)..!
ومع اختلاف التفسيرات فإن حديث الطيب صالح كان يحمل الكثير من الإعجاب بالحردلو..ويقول إن هذا التصوير البديع فيه من الأسر ما يضارع أعمال الرسامين الايطاليين العظام في عصر النهضة..موكب مسالم يسير في الغابة ثم فجأة إشارة تحذير ثم رعب ثم موقف تراجيدي يعم كل المشهد ..ويتداعي له كل العالم..!
يرى عادل بابكر تأسيساً على تفسير الطيب صالح إن السيناريو يبدو كالتالي:
- ربما لا أرى هذه الظباء مرة أخرى
- لقد توجّهت نحو "البطين" وأعطت ظهرها لـ"قليله"
- ثم تفاجأت بصوت التحذير من الطيور المنزعجة فجفلت مذعورة
- عند الغروب انهارت الظباء مع الشمس الغاربة
وبدأ أديم أجسادهن الأصفر يلمع في الأفق..!
وفي تفسير مغاير للمربوع هناك صورة مختلفة كل الاختلاف عما تخيّله الطيب صالح من رواية تفطر القلب لرحيل السرب...هنا يتغيّر السيناريو السابق بصورة كاملة ليصبح كالتالي:
- ربما لا أرى السرب مرة ألأخرى
- فقد توجه إلى "البطين"
- وأعطى قفاه لـ "قليله"
- لقد أخذت السرب رهبة من أصوات الطيور
- وتوقف هناك من غير حراك
- وامتزجت ألألوان المدهشة لظباء السرب..مع أضواء الأصيل وأشعة الشمس الغاربة المنسكبة في الأفق..!!
(هذا هو التفسير الأقرب: حالة هادئة وحالمة يحن فيها الحردلو للظباء ويرى إنهن بعدن عن مناله في ذلك اليوم..فقد توجهن إلى مكان بعيد..ووقفن يتسمّعن لصوت منادٍ مجهول أو إلى صوت الطيور..ثم أسرعن بالركض فبانت لمعة ألوانهن الزاهية مع انعكاس شمس الأصيل)..!
**
..ومن المعلوم إن الظباء شديدة الانتباه وبالغة الحذر لأي حركة أو صوت من حولها..وعبد الرحمن الريح يفسّر لنا (هذه الحكاية كوووولها) في شطرة واحدة من أغنيته (جافوني الأحباب من غير ذنب وأسباب): يقول:
أصلو الغزال في طبعو
..من كل شيء هوّاب...!!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُـمان في عيـون السيّاح.. تجـربة فريدة تجمع بين الطبيعة والتنوع الثقافي
السيّاح:
تطور تنموي مذهل وشعب دمث الخلق
مواقع سياحية متكاملة بحاجة إلى ترويج
توفير نقل عام للمواقع جانب مهم لراحة السائح
مزيج رائع وقصص تاريخية وطبيعة ملهمة
تبدأ القصة عندما يخطو السائح على أرض سلطنة عُمان، حيث يستشعر عبق التقاليد والأصالة التي تمتد عبر العصور. يستقبله العمانيون بابتساماتهم وكرم ضيافتهم، بينما يتجول في الأسواق التقليدية التي تتلألأ فيها الأقمشة الملونة والتوابل العطرية. إن التنوع الطبيعي بين الجبال والسهول والبحار والرمال والصحاري يوفر مساحات وخيارات متنوعة تلبي أذواق السياح المختلفة.
استطلعت «عُمان» آراء عدد من السياح الذين عاشوا تجربة السياحة المحلية، حيث عبّروا عن إعجابهم بجوهر الثقافة العمانية وحفاوة الاستقبال. تحدثوا عن المناظر الطبيعية الساحرة التي تتنوع بين الجبال الشاهقة والشواطئ الذهبية، بالإضافة إلى الأسواق التقليدية التي تعكس روح الضيافة العمانية. لكن ما يتردد أكثر هو أهمية الحفاظ على التقاليد المحلية، حيث أشاد السياح بالجهود المبذولة لتوفير تجربة سياحية تحترم الهوية الثقافية للبلاد.
في البداية، قال الدكتور عبدالحفيظ عبدالسلام أبو ظهير من الجمهورية الليبية، الذي زار سلطنة عمان في ديسمبر 2024: «هذه ليست زيارتي الأولى لسلطنة عمان، فقد زرتها عدة مرات سابقًا، ما لفت نظري هو التطور الكبير الذي يحدث في هذه الأرض الطيبة في جميع المجالات التنموية والصحية والاقتصادية والمعمارية. تتميز سلطنة عمان بتنوع جغرافي قلما تجده في بلد واحد، حيث تتيح الزيارة للزائر فرصة مشاهدة السهل والجبل والبحر والوادي والشلالات، وبعض الولايات تتميز بحسنها وجمالها في فترة الأمطار. ومنذ أن تطأ قدميك أرض المطار، تجد الود والترحيب في كل مكان، حيث يتمتع الشعب العماني بسمات الود والمحبة والمعاملة الحسنة. لقد زرت العديد من المعالم في مختلف المحافظات، وزيارتي لعمان تطورت من مجرد زيارة عادية إلى تجارب عميقة في منازل الأصدقاء العمانيين الذين استضافونا بكل كرم ورحابة صدر».
وأضاف: ما يلفت نظر الزائر هو أسلوب الفن المعماري العماني الذي تتميز به المباني العمانية من ألوان متناسقة، موضحًا أن الأماكن السياحية التي زارها تتوفر في معظمها كافة الخدمات كما لاحظ التمدد الأفقي لتلك الخدمات، مؤكدًا بقوله: لا يوجد في سلطنة عمان منطقة محرومة من المرافق الخدمية والطرق والتعليم والصحة، كل المناطق هنا سواسية في الخدمات، وهذا شيء مهم جدًا ويسعد الزائر، مشيدًا بالتخطيط السليم والتحضر الذي تشهده كافة المناطق والمحافظات في سلطنة عمان.
عمان مبهرة
وقال عبدالرحمن أشرف أحمد من جمهورية مصر العربية الذي يزور سلطنة عمان لأول مرة: «الزيارة الأولى لسلطنة عمان كانت مبهرة بالنسبة لي من حيث التنوع الكبير في التضاريس، وفي طيبة أهل عمان الذين يتميزون بالود والمحبة والترحاب، كل شيء مشجع لزيارة هذا البلد الطيب»، موضحًا أنه خلال زيارته القصيرة للعاصمة مسقط زار شاطئ القرم وقصر العلم وقلعتي الجلالي والميراني وسوق مطرح الذي يجسد الأصالة العمانية، وما أن تزوره حتى تشم فيه عبق اللبان والبخور الذي يميز سلطنة عمان عن غيرها، وفي هذا السوق وجدنا الكثير من التنوع في المعروض التراثي العماني وكذلك التنوع الكبير في زواره، ويؤكد على أنه مزار أساسي للسياح عند زيارة مسقط، كما وجدنا الشموخ العماني في بناء القلاع والحصون وكذلك بطولاتهم في طرد الاحتلال البرتغالي عن سلطنة عمان والخليج العربي وصولًا إلى إفريقيا، كما زرنا عددًا من الجوامع مثل جامع السلطان قابوس الأكبر وجامع محمد الأمين، مما يؤكد اهتمام البلد بالتراث الإسلامي، مشيدًا بتوفر الخدمات، وقال: «الخدمات في الأماكن السياحية متوفرة وجيدة وتتميز الطرق بالرحابة والسعة، كما تتوفر كل المقومات المشجعة للسياحة من فنادق متنوعة وطرق نظيفة وواسعة، وتتميز بالانسيابية والتزام السائقين بأنظمة السير الذي غاب عن بعض البلدان، وكذلك توفر الأمن والأمان، فقلما تجد دورية الشرطة في الشوارع إلا ما ندر، وهذا يؤكد أن سلطنة عمان بلد أمن وأمان وهي عوامل مهمة للجذب السياحي، وأعتقد أن ما ينقص عمان هو الترويج للسياحة بشكل أكبر، واقترح على الجهات المختصة في السياحة أهمية التعاقد مع عدد من شركات الطيران لعمل تخفيضات موسمية لتشجيع السياحة من البلدان الأم إلى سلطنة عمان».
مزيج من التراث والطبيعة
وقالت نيللي علي محمد من جمهورية مصر العربية: «سلطنة عمان تقدم مزيجًا رائعًا بين التراث القديم والطبيعة وتتميز بعناصر جذب طبيعية، كالسواحل والبحار والجبال والعيون الساخنة، والواقع أن التعمق في الثقافة العمانية متعة في حد ذاتها، والزائر لسلطنة عمان يشعر بدفء المشاعر والضيافة الحارة والاستقبال الحسن من الشعب، وتجد ذلك في كل تفاصيل الحياة، وكل زائر يشعر كأنه في بيته وبين أهله، والمرافق والخدمات متوفرة وجيدة وتحيطها الكثير من الرعاية، والنظافة الدائمة، وعلى الجهات الرسمية الاهتمام بالترويج السياحي والعمل على إنشاء مدن ترفيهية متكاملة والحدائق العامة التي تضم كافة المرافق الترفيهية إلى جانب تطوير الأماكن السياحية مثل العيون الساخنة والأودية مع ضرورة توفير الخدمات اللازمة»، وأضافت: «عندما زرت عمان لأول مرة، شعرت وكأنني اكتشفت جوهرة خفية في قلب الخليج، وما يميز عمان حقًا هو أصالة ثقافتها وكرم شعبها».
تجربة سياحية رائعة
وقال وائل مصطفى لطيفي من تونس: «تجربتي في سلطنة عمان رائعة، وأكثر ما أعجبني هو التوازن الرائع بين الحداثة والتراث، حيث يمكنك استكشاف القلاع العريقة ثم التوجه إلى أسواق مليئة بالروائح الزكية والحرف اليدوية الجميلة، عمان بحق ليست مجرد وجهة سياحية؛ إنها تجربة تبقى في القلب للأبد، والشعب العماني لا يمكن وصفه فهو شعب يتميز بالكرم وحسن الضيافة ودماثة الخلق، وتشعر من اللحظة الأولى بترحيب صادق يلامس القلب، العمانيون معروفون بابتسامتهم الدائمة وروحهم الطيبة، وستجدهم دائمًا مستعدين لتقديم المساعدة والإجابة على أسئلتك بكل ود وصبر، والتعامل معهم يجعلك تشعر وكأنك بين أفراد عائلتك، وهذا ما يضيف طابعًا خاصًا لتجربة السياحة في عمان، وصدقًا دفء قلوبهم هو ما يجعل العودة إلى عمان دائمًا فكرة مغرية، وبالرغم من أن تجربة السياحة في عمان رائعة بالفعل، لكن دائمًا هناك متسع كبير لتحسين الخدمات وجعلها أكثر جاذبية للسياح، ومن بين المقترحات تعزيز شبكة الطرق المؤدية إلى بعض المواقع السياحية وجعلها أكثر سهولة للوصول إليها، إلى جانب توفير المزيد من اللافتات الإرشادية بلغات متعددة، كما اقترح تحسين النقل العام وتوفير وسائل نقل عام مريحة ومنتظمة بين المواقع السياحية والمناطق الرئيسية لتسهيل التنقل على السياح».
جذب سياحي
وقال محمود سعد من السودان: «سلطنة عمان دولة عريقة ذات تاريخ وحضارة قديمة متوارثة ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني الخالد، وإلى جانب هذا الإرث يتمتع هذا البلد بتنوع جغرافي فريد ومقومات سياحية رائعة ذات جذب سياحي يتشوق الناس لرؤيتها من حيث الطبيعة وتعدد المناخ المختلف من منطقة لأخرى، فثمة مناطق تكتسي بالخضرة والأجواء الجميلة والبعض معتدلة في البرودة صيفًا، فعمان ساحرة بطبيعتها الجبلية التي تذهل العقول حيث سخر الإنسان العماني هذه الصخور وجعلها تخدم البلاد في ربط بعض المحافظات ببعضها بالطرق العصرية الحديثة، والزائر يجد في كل محافظة قصة تاريخية تختلف عن المحافظات الأخرى وتترابط معها في تناغم إنساني خالد، أما حكاية بحر عمان وبحر العرب، فهي أيضًا شكل آخر من أشكال السياحة الجاذبة، إلى جانب الشعب العماني الطيب المسالم الذي يحافظ على تاريخه وإرثه القديم، بدءًا من لبس الخنجر الذي يشكل جزءًا من أناقة الرجل العماني، وكذلك تمسك الشعب العماني بعاداتهم وتقاليدهم وموروثهم الثقافي والشعبي العماني، ويظهر ذلك في الرقصات الشعبية العمانية التي تعد نوعًا من الإبداع القديم الذي يحافظ عليه الجميع، وجعلوها مواسم ثابتة في تاريخهم، كما يتميز الشعب العماني بالمأكولات الشعبية التي تتميز بها محافظات عمان، ومنها الشواء العماني والعرسية، وهنا أذكر الطعم في لساني وتخونني الذاكرة في اسم الأكلات التي تذوقتها في عمان، والشعب العماني يشتهر بالعطور والبخور بأنواع مختلفة وكذلك أنواع التمور المختلفة، ومذاقاتها الشهية، والزائر لهذا البلد العريق يلمس كرم الشعب العماني ودماثة خلقه، والدلالة على ذلك هو مد عمان لجسور الترحيب بجميع الجنسيات دون الحصر في الجنس، ولا ننسى أبدًا فتح عمان ذراعيها للسودانيين في فترة الحرب الداخلية، لذلك لا يخلو مكان في سلطنة عمان ولا تجد سودانيًا موجودًا فيه وذلك لسهولة التعامل معهم وبشاشتهم وقبولهم للآخرين، أدام الله العز والمجد لسلطنة عمان والسودان وحفظ أمنهم وأمانهم».
وأضاف: «لاحظنا حرص سلطنة عمان على الحفاظ على المكونات البيئية من أجل استدامتها وتوفير صحة طيبة للجميع، وقد لمحنا خلال وجودنا في مختلف المحافظات النظافة العامة بفضل ذلك، لذا نجد أن الشوارع نظيفة وتوزيع سلال وصناديق المهملات في الطرقات، مشيدًا بتوفر الخدمات والمرافق العامة في المناطق السياحية والمناطق ذات التجمع السياحي، وهذا ما لمحته من زيارة محافظة ظفار في فصل الخريف، موضحًا أن النظافة العامة هي علامة بارزة في عمان، ونجدها في الأسواق الشعبية، كما لفت نظرنا احترام الشعب العماني للقوانين وحبه لتطبيق النظام والتقيد بالقانون، مما جعل حركة الشارع العام ينساب بصورة منتظمة دون الميل للمخالفات أو الخروج عن المسار، وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن كل شخص مسؤول من نفسه وعن الآخرين، وحظيت بزيارات لعدد من التجمعات الثقافية والتراثية التي أذهلتني بالإرث العماني الخالد وجذوره التاريخية العميقة، ومن بين أبرز تلك الأماكن الثقافية زيارة المتاحف العمانية التي تحكي عراقة العماني وعلاقته مع الشرق والغرب في رحلات التجارة القديمة، واعتزاز المواطن العماني بالحرف التقليدية مثل حرفة الصيد وصناعة السفن».
وعن مقترحاته لتطوير السياحة في عمان قال محمود سعد: «على الجهات المسؤولة عن السياحة العمل على تكثيف أدوات الترويج السياحي، وتحويل الملف إلى صناعة لأن ما تملكه عمان من مقومات سياحية في جميع فصول السنة يفوق الخيال، واستثمار ذلك جانب مهم جدًا لتصبح سلطنة عمان مصدر جذب سياحي لجميع الدول، فهي لا ينقصها شيء».