السعودية.. من مؤتمر السلام حول أوكرانيا إلى التأثير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
هل يمكن إقامة حفل زفاف بدون عريس؟ بالتأكيد ممكن!
بل إنه من الممكن إقامة هذا الحفل بدون عريس، وبدون عروسة أيضا، إذا كان الهدف من الزفاف ليس الزواج وتكوين الأسرة، وإنما مجرد لقاء للأقارب والأصدقاء، والتحدث عن أمور الحياة وتناول الأطعمة اللذيذة.
لكن المنظمين السعوديين لـ "محادثات السلام حول أوكرانيا" في جدة لم يظهروا اتساقا، ولم يصلوا بالنكتة إلى منتهاها المنطقي، حيث تم استدعاء أوكرانيا.
لم يكن لأوكرانيا سوى علاقة ضئيلة بالاجتماع، وهو ما أكده رضا جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك موسكو، بنتيجة الاجتماع، أو بالأحرى غياب أي نتيجة، حيث لم يجتمع المشاركون من أجل أوكرانيا، إدراكا منهم أن غياب روسيا يعني ضمنياً ألا يتمخض الاجتماع عن أي نتيجة. وظني أن محاولة البرازيل تذكير المشاركين بهذه الحقيقة قوبلت بالسخرية على البرازيليين، الذين أتوا، لسذاجتهم، للحديث عن أوكرانيا...
إقرأ المزيد تركيا لبنان أخرى وانهيارها حتميكان الجميع منشغلين بأشياء أخرى.
فقد حدد الأنغلوساكسونيون، نواة التحالف المناهض لروسيا، مهمتهم في دعم استعداد أوكرانيا للقتال حتى آخر أوكراني، إلا أن الأمر الرئيسي هو أن الاجتماع بصيغته الراهنة هو محاولة لإنشاء تكتل ضد "بريكس"، أو محاولة لتفكيك "بريكس"، وسحب روسيا منها أولا، ثم الصين. دعونا نتذكر رفض المشاركة الشخصية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووفقا لبعض التقارير الزعيم الهندي في قمة "بريكس" المقبلة في جنوب إفريقيا. إن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل قصارى جهدها لوقف صعود "بريكس".
ومشاركة دول إضافية في الاجتماع الأوكراني، ممن لا يحظون بالسيادة السياسية، مثل الأرجنتين أو الدول الأوروبية، إنما تهدف فقط إلى إخفاء الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، ألا وهو اصطياد أكبر الدول المحايدة المشاركة أو الراغبة في الانضمام إلى مجموعة "بريكس". فإذا وقفوا إلى جانب الولايات المتحدة في صراعها مع روسيا، فمن غير المرجح أن يكون لدى "بريكس" أجندة سياسية. وسيتم طرد الصين لاحقا بنفس الطريقة.
في المرحلة الأولى، تعتبر مشاركة كل هذه الدول بدون روسيا، حتى بدون نتيجة بشأن أوكرانيا، مقبولة تماما بالنسبة للولايات المتحدة، ثم ستتبع ذلك محاولة لتوحيد هذه الصيغة من الاجتماعات.
في المقابل، عادت بلدان إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الآن تقريبا إلى العصر الذهبي للحرب الباردة، حيث تتمكن من المناورة والحصول على المكاسب من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مقابل ولائها.
فلا تنوي أي من هذه البلدان، بما في ذلك الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل، رفض المشاركة في مزاد "من يقدم أكثر"، ولكن بلا توقعات كثيرة، نظرا للوضع الاقتصادي الصعب ليس فقط في روسيا، ولكن أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ككل. لهذا، فإن مشاركة هذه الدول في الاجتماع، وعدم دعمها للولايات المتحدة، أمر متوقع. فقد جاؤوا "للقاء الناس وعرض أنفسهم"، ولا أكثر من ذلك.
أما الصين، فلم تأت إلى الاجتماع من أجل موسكو أو السلام في أوكرانيا، وإنما مدفوعة بالمخاوف بشأن "بريكس"، والتي يجب أن تصبح، وفقا لبكين، عرشا لها، أو بالأحرى نقطة الانطلاق إلى عالم تكون فيه الصين القوة الأولى، لذا يجب ألا يجتمع شركاء "بريكس" مع الولايات المتحدة في غياب الصين.
من جانبها فإن موسكو راضية تماما عن عدم وجود نتائج ملموسة في الاجتماع، ولا زالت واثقة من براغماتية المشاركين المهمين بالنسبة لها، ما يدفعهم إلى تخريب الجهود الأمريكية، دون بذل الكثير من الجهد من قبل موسكو.
مع ذلك، أود التركيز هنا على المملكة العربية السعودية، حيث لم تكن ذريعة عقد الاجتماع هي الأمر المهم، وإنما كان الشيء الرئيسي هو أن تكون المملكة من بين المشاركين في أهم الأحداث الدولية.
في الوقت نفسه، أبلغت الرياض موسكو "بالنتائج"، في محاولة، على ما يبدو، للحفاظ على دور الوسيط، وعدم رغبتها في إفساد العلاقات مع روسيا.
إقرأ المزيد برفع أو بدون رفع سقف الدين.. الاقتصاد الأمريكي سيغرق في أزمةلقد كتبت، منذ خمس سنوات، عن حتمية تحويل وجهة المملكة العربية السعودية من الولايات المتحدة إلى الصين، وكما توقعت تماما المصالحة السعودية الإيرانية تحت مظلة الصين. ولا زلت أعتقد بقوة اختيار الرياض كأمر أساسي، على الرغم مما يدور من أحاديث بشأن أن ذلك قد يكون فقط مجرد وسيلة للتحايل والحصول على مزيد من المكاسب من واشنطن.
إلا أن الأحداث الأخيرة تضيف بعض التعديلات، حيث يبدو أن المملكة العربية السعودية لن تغير الشريك الأول فقط، وإنما تسعى جاهدة للعب دور مستقل. لكن هذا لا يلغي المسار الاستراتيجي نحو التقارب مع الصين.
كما يبدو أن نموذج الرئيس التركي للمساومة من موقع القوة معد. إلا أن المواجهة المحسوبة هي العنصر الأساسي في ألعاب الرئيس أردوغان، إن لم تكن العنصر الأكثر أهمية، وتلك لعبة خطيرة، لا سيما مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويبدو أن لدى محمد بن سلمان شوق متزايد لدور اللاعب العالمي، ومن المنطقي أن نتوقع تكثيف أنشطته بهذا الصدد، حيثما تسمح الظروف بذلك.
ولما كان هبوط أسعار النفط في الثمانينيات من القرن الماضي قد وجه ضربة قاسية للاقتصاد السوفيتي، فإن أسعار النفط المرتفعة نسبيا توجه ضربة لا تقل قسوة للولايات المتحدة الآن.
أتوقع حدوث صدمة اقتصادية في الولايات المتحدة هذا الخريف، وستلعب أسعار النفط المرتفعة نسبيا أحد الأدوار الرئيسية في هذا السيناريو، وسيزداد ضغط واشنطن على الرياض بأضعاف مضاعفة.
في الوقت نفسه، واجهت ميزانية المملكة العربية السعودية عجزا في النصف الأول من العام الجاري، خلافا للخطط المرسومة. ومع أن الوضع بشكل عام لا يمكن وصفه بالصعب، إلا أنه يوفر سببا مشروعا لجهود السعودية لدعم أسعار النفط، واللعب على نحو أكثر صرامة مع واشنطن.
موضوعيا، فإن الرياض، من خلال أسعار النفط، تؤثر بقوة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حتى وإن لم تضع ذلك هدفا لها. ومع ذلك، فهل نحن على يقين أن ذلك لا يقع ضمن أهدافها؟
على الأقل، لن أتفاجأ إذا ما حاولت المملكة العربية السعودية، التي تمتلك مثل هذه الأوراق الرابحة في حوارها مع واشنطن، أن ترفع مكانتها بشكل كبير في الشؤون الدولية، وأن تصبح، على سبيل المثال، وسيطا ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا، ولكن أيضا بين الولايات المتحدة والصين. فهل نشهد قمة بين القادة الأمريكيين والصينيين في الرياض؟
مع هذا، فإنني أضع النتائج البناءة تحت بند نظريات المؤامرة. أما الصدمة والفوضى في الاقتصاد والسياسة فهي السيناريو الرئيسي في العامين المقبلين من وجهة نظري المتواضعة.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا ألكسندر نازاروف أخبار السعودية ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو فلاديمير بوتين محمد بن سلمان وزارة الدفاع الروسية المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة للولایات المتحدة أسعار النفط إلا أن
إقرأ أيضاً:
إضراب موظفي ستاربكس يمتد.. عشرات الفروع تغلق أبوابها في الولايات الأمريكية
أدى إضراب الموظفين في ستاربكس الذي استمر لمدة خمسة أيام إلى إغلاق ما يقارب الـ 60 متجرًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة حتى يوم الاثنين، وذلك وفقًا للنقابة المنظمة للاحتجاج، التي رفضت آخر العروض بدعوى أنه ما يتم تقديمه للموظفين غير كاف.
اعلانتعد شركة ستاربكس واحدة من أكبر الشركات في العالم، حيث تمتلك فروعًا في 80 دولة ويصل عدد متاجرها إلى أكثر من 32,000 متجر. ورغم حجمها الكبير، تواجه الشركة تحديات في ظل احتجاجات عمالية تهز عملياتها.
وقد بدأت الإضرابات في مدن لوس أنجلوس وشيكاغو وسياتل، وقد تتسع رقعتها بسرعة لتشمل كافة أنحاء الولايات المتحدة بسبب استمرار الخلافات المتعلقة بالعقود. انتشرت الاحتجاجات إلى بوسطن وبيتسبرغ ونيويورك، وامتدت أيضًا إلى مدن الجنوب مثل دالاس ودنفر، وتوسعت لتشمل متاجر في بورتلاند بولاية أوريغون.
والسبب وراء هذه الإضرابات هو عدم إحراز تقدم في مفاوضات العقود بين نقابة عمال ستاربكس والشركة. وتؤكد النقابة أن ستاربكس لم تلتزم بتعهدها الذي قطعته في فبراير الماضي، والذي يقضي بالتوصل إلى اتفاق بشأن عقود الموظفين خلال هذا العام.
موظفو ستاربكس يحتجون عند فرع مغلق لستاربكس في كاليفورنيا 20 كانون الأول ديسمبر 2024Damian Dovarganes/APوتحمّل نقابة عمال ستاربكس الشركة المسؤولية عن القضايا القانونية العالقة، والتي نجم عنها مئات الممارسات العمالية غير العادلة التي أبلغ عنها موظفو ستاربكس إلى المجلس الوطني لشؤون العمال. تعتبر هذه القضايا أحد العوامل الرئيسية التي دفعت النقابة إلى تنظيم الإضرابات المستمرة.
أما بالنسبة لاختيار التوقيت، فربما يكون له دور كبير في تعميق الأزمة. إذ يأتي الإضراب في وقت عطلة عيد الميلاد، الذي يعتبر من أكثر الفترات ازدحامًا بالنسبة لشركة ستاربكس، مما قد يترك تأثيرًا كبيرًا على الأداء المالي النهائي للشركة.
ورغم هذه التحديات، تصر ستاربكس في بيان لها على أن الإضرابات لم يكن لها "أي تأثير كبير" على عمليات متاجرها، مشيرة إلى استمرار أعمالها بشكل طبيعي رغم الاحتجاجات.
العاملون في ستاربكس يحتجون في كاليفورنيا عند فرع مغلق لستاربكس 20 كانون الأول ديسمبر 2024 Damian Dovarganes/APوحتى الآن، فشلت ستاربكس في التوصل إلى اتفاق مع نقابة موظفيها بسبب الخلافات المالية المستمرة. كانت الشركة قد عرضت زيادة سنوية في الأجور لا تقل عن 1.5% كحد أدنى للعمال النقابيين في السنوات المقبلة، إلا أن النقابة رفضت هذا العرض، مطالبة بزيادة فورية في الأجور.
وفي المقابل، أكدت ستاربكس أن أجور موظفيها تعتبر جيدة، حيث قالت إن الموظفين في الولايات المتحدة يتقاضون في المعدل 18 دولارًا (حوالي 17.30 يورو) في الساعة.
Relatedبوينغ تواجه صعوبة في الوفاء بموعد تسليم الطائرات لزبائنها.. وإضراب العمال يعقّد من المهمةإضراب 24 ساعة يعطل حركة النقل في روما ويترك آلاف المسافرين عالقينإضراب شامل في إيطاليا: العمال يطالبون بزيادة الأجور وسط ارتفاع نسب التضخموأضافت الشركة أن المبلغ قد يصل إلى 30 دولارًا في المتوسط (أي حوالي 29 يورو)، إذا ما تم احتساب مزايا إضافية مثل تغطية مسائل الصحة والتعليم الجامعي المجاني والإجازة العائلية المدفوعة الأجر.
لكن على الرغم من ذلك، يرى العاملون أن هذه الأجور لا تعكس ما يستحقونه، خصوصًا في ظل التفاوت الكبير مع المكافآت التي من المتوقع أن يحصل عليها الرئيس التنفيذي الجديد للشركة، براين نيكول، الذي من المتوقع أن يحقق أكثر من 100 مليون دولار (حوالي 96.2 مليون يورو) خلال عامه الأول في منصبه.
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مقتل اثنين وإصابة آخرين في انفجار سيارة ملغومة بمركز مدينة منبج شرقي حلب احتجاجات عمالية غير مسبوقة: ستاربكس تواجه إضرابًا شاملًا قبل الأعياد عمال فولكس فاغن يرفضون خفض الأجور وإغلاق المصانع: إضراب وتصاعد الاحتجاجات في ألمانيا عيد الميلادعمالحقوق العمالالربحإضرابمال وأعمالاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. إسرائيل تحدّث خطتها الأمنية في غزة وكاتس يتوعد الحوثيين: "سنلاحق قادتهم في كل مكان باليمن" يعرض الآن Next جنود مصريون في القرن الإفريقي.. ما أسباب مشاركة القاهرة في بعثة حفظ السلام في الصومال؟ يعرض الآن Next عاجل. حريق في برج إيفل.. إجلاء السياح وإغلاق المعلم الشهير مؤقتًا يعرض الآن Next بين عواصف الشتاء وغارات إسرائيل.. نازحون فلسطينيون يكافحون من أجل البقاء في خيام مهترئة في النصيرات يعرض الآن Next سفينة شحن روسية تحمل شحنات أسلحة إلى سوريا تغرق في البحر الأبيض المتوسط اعلانالاكثر قراءة بعد ثلاثة أيام.. العثور على ركاب الطائرة المفقودة في كامتشاتكا أحياء مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز هل بدأ انتقام إسرائيل من أردوغان وهل أصبحت تركيا الهدف المقبل للدولة العبرية؟ فلتذهبوا إلى الجحيم! اللعنة كلهم يشبه بعضه! هكذا تعاملت ممرضة روسية مع جندي جريح من كوريا الشمالية بحضور الوزير فيدان.. الشرع يعد بنزع سلاح كل الفصائل بما فيها قسد وإسرائيل قلقة من تحرك عسكري تركي اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادسوريابشار الأسدإسرائيلدونالد ترامبروسياشرطةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزةحريقأوروباهيئة تحرير الشام الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024