استمعت إلى روايات عن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي تورط فيها العديد من الجناة، واستخدام العنف الجنسي ضد النساء والفتيات بدوافع عرقية

التغيير: وكالات

دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، براميلا باتن إلى وقف العنف الجنسي الذي ترتكبه أطراف النزاع في السودان على الفور، داعية إلى توفير التمويل لدعم الناجيات.

جاء هذا في بيان يحمل عنوان “حرب على أجساد النساء والفتيات” أصدره مكتب المسؤولة الأممية بعد زيارة رسمية إلى تشاد في الفترة ما بين 14 و18 يوليو 2024، لتقييم الوضع في إقليم وداي، حيث التمس أكثر من 620,000 لاجئ الحماية، بمن فيهم ناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالصراع، الذين فروا من الأعمال العدائية الجارية في السودان.

وقالت باتن إنه “في أعقاب التقارير المزعجة عن عدد كبير من حالات العنف الجنسي المرتبط بالصراع في الأقاليم الشرقية من تشاد، قمت بزيارة البلاد لأشهد بنفسي حجم الأزمة الناجمة عن تدفق المدنيين من السودان، والذين يمثل النساء والأطفال حوالي 90 في المائة منهم”.

روايات مروعة

والتقت المسؤولة الأممية في مدينة أدري ومخيم فرشانا مع ناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالصراع اللاتي فررن من السودان، “وشاركن بشجاعة رواياتهن المروعة عن العنف الجنسي المتفشي والوحشي، وسلطن الضوء على كيف يظل العنف الجنسي سمة بارزة للصراع الدائر في السودان”.

واستمعت الممثلة الخاصة إلى روايات عن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي تورط فيها العديد من الجناة، واستخدام العنف الجنسي ضد النساء والفتيات بدوافع عرقية، وحالات الاغتصاب أمام أفراد الأسرة، والاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات، واختطاف النساء للحصول على فدية من أفراد أسرهن، واستهداف الناشطات والمستجيبات الأوليات بمن فيهن أولئك اللاتي يقدمن المساعدة والدعم للناجيات من العنف الجنسي.

وفي بعض الحالات، حددت الناجيات والشهود رجالا مسلحين ينتمون إلى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها باعتبارهم الجناة المفترضين لهذه الجرائم الخطيرة.

تحديات الوصول للخدمات الأساسية

وأفاد البيان بأن نساء من مجتمعات اللاجئين والمجتمعات المضيفة والمستجيبات في الخطوط الأمامية شاركن رؤاهن حول التحديات في الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك أي شكل من أشكال المساعدة القانونية أو الوصول إلى العدالة، ودعم سبل العيش.

وردد آخرون ممن قدموا إفادات بشأن الوضع الإنساني نفس المشاعر، مؤكدين أن الافتقار إلى الرعاية المتخصصة، بما في ذلك الرعاية الصحية العقلية والاستشارات المتعلقة بالصدمات، وعدم كفاية الموظفين، والمرافق الصحية غير المجهزة بشكل جيد، استمرت في خلق حواجز أمام الدعم الكافي.

وقالت الممثلة الخاصة إنه “لم تتمكن الناجيات من العنف الجنسي من الإبلاغ عن حالاتهن أو الحصول على مساعدة منقذة للحياة بسبب حجم الأزمة، والمسافة إلى المنشآت الصحية وندرة وجودها، فضلا عن العار والوصمة المتجذرة في الأعراف الاجتماعية الضارة”.

وأضافت أنه في معظم الحالات، لم تطلب النساء اللاتي تعرضن للعنف الجنسي في السودان أو أثناء فرارهن المساعدة الطبية إلا عندما أدركن أنهن حوامل.

مخاطر في المخيمات

ونبه البيان إلى أن الافتقار إلى الأمن في المخيمات، وتداول الأسلحة ووجود رجال مسلحين، يزيد من تعريض النساء والفتيات لأشكال مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وأفاد بأن كيانات الأمم المتحدة وضعت تدابير للتخفيف من هذه المخاطر، بما في ذلك الإضاءة في المخيمات والمواقد الموفرة للوقود، والتي تتطلب تمويلا إضافيا لزيادة حجمها.

وأكد أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات التشادية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والوطنية للاستجابة للأزمة، فإن الاحتياجات العاجلة للسكان المتضررين، بما في ذلك الناجيات من العنف الجنسي، لا تزال غير ملباة إلى حد كبير، مشيرا إلى أن أكثر من 3200 شخص في المتوسط ​​يبحثون عن ملجأ في شرق تشاد كل أسبوع.

ودعت باتن مجتمع المانحين الدوليين إلى مضاعفة مساهماتهم في الوضع في تشاد لدعم أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى المأوى والأمن والمساعدة.

وأضافت “يجب علينا أن نستجيب بتضامن لا يتزعزع للسكان المتضررين من الصراع، بمن فيهم الناجيات من العنف الجنسي، وينبغي لنا أن نخفف من معاناتهم على وجه السرعة”.

وكررت دعوتها لجميع أطراف الصراع إلى الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وعلى وجه الخصوص ضمان الوقف الفوري والكامل لجميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي.

 

نقلا عن موقع الأمم المتحدة

الوسوماغتصاب النساء الأمم المتحدة حرب السودان نساء السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اغتصاب النساء الأمم المتحدة حرب السودان نساء السودان

إقرأ أيضاً:

كتاب للأنثربولوجية الكندية جانس بودي شديد الصلة بكتاب د. حسن وعنوانه “نشر الحضارة بين النساء: حملات الإنجليز في السودان المستَعمر”

كتاب للأنثربولوجية الكندية جانس بودي شديد الصلة بكتاب د. حسن وعنوانه "نشر الحضارة بين النساء: حملات الإنجليز في السودان المستَعمر"
مابل ولف ومدرسة القابلات (1920): الاستعمار المضاد (2-2)

عبد الله علي إبراهيم
د. حسن بلة الأمين، أطباء السودان الحفاة: قصة نجاح بهرت العالم، جامعة الخرطوم للنشر، 2012
(شرفت بطلب الدكتور حسن الأمين بلة تقديم كتابه أعلاه. فكتبت ما تجده أدناه)

ولا مندوحة أن ينصرف الذهن إلى عقد مقارنة بين مدرسة القابلات في أم درمان وبخت الرضا بقرينة أنهما خدمتان تعليميتان من مستعمر واحد. غير أنهما اختلفتا حيال الهرمية المؤسسية التي شابها استعلاء المستعمر على من هم دونه. لا
فخلت مدرسة القابلات من هذه الهرمية في حين أخذت بخت الرضا بأطراف منها. وأخذت مابل نفسها بصوفية رشيقة يستلطفها السودانيون. فسكنت مابل في بيت من بيوت الطين وركبت الحمار في مهامها. وتضمنت لائحة المدرسة نصاً بوجوب معاملة السودانيات باحترام خلا من الميل للانضباط الاستعماري معروف ساد مثل أن يقف السوداني متى ظهر إنجليزي. فلم يطلب عبد الرحمن على طه من مديره قريفث في بخت الرضا طلباً مثل ألا يقف كل ما دخل عليه. وعرفت ذلك مابل ببداهة أنثوية وتشكيلية فقالت إن مثل ذلك الوقوف مستذل وهو إجراء لا يحتمله السودانيون. كذلك لم تطلب من زميلاتها خلع أحذيتهن داخلات عليها. وكان الإنجليز الرجال يطلبون من الداخل مكتبهم خلع نعاله إن كانت غير أوربية. وما تأسف الطيب بابكر المتظاهر، من قادة حركة 1924 في شندي، مثل تأسفه يرى سيداً في قومه يخلع نعاله على باب مفتش مركز إنجليزي، وشجعت مابل المدربات في المدرسة لتقديم اقتراحاتهن لتناقش باحترام. ومنحتهن تذاكر بالدرجة الثانية بالقطار كالمعلمات لأنهن بالفعل كذلك في نظرها. وكانت حساسة لوضعهن كنساء مرهوبات في مقابل المساعد الطبي، الذكر، الذي يتلقين مطلوبات المهنة منه.
ولسنا نملك إزاء هذا الاختلاف البين بين المؤسستين إلا أن نجرؤ على القول إنه راجع إلى أنثوية القيادة في مدرسة القابلات وذكوريتها في بخت الرضا. فقد طبعت القيادة الأنثوية للمدرسة بصمتها عليها بقوة. ولو جئنا للحق فمدرسة القابلات صناعة أنثوية مما اكسبها صفة الاستعمار المضاد. فقامت المدرسة نفسها بإلحاح من زوجة مدير انجليزي دبر لها ميزانية في المصلحة الطبية في وقت كان أغلب مالها يذهب لموظفي الحكومة والجنود. والجنس للجنس رحمة حتى في إطار الاستعمار المدجج بالاستعلاء على من وطئ بلدهم. وكان للاستعمار أنثوية مستفحلة بين نسائه. ولنحسن تقدير أنثوية المدرسة صح تذكر أنه قامت بين النساء الإنجليز حركة أنثوية ممن سمتهم جانس بودي "الأنثوية الإمبراطورية". وأخضعت هذه الأنثوية رجال الإدارة البريطانية لزجر شديد لتهاونهم في محاربة الختان الفرعوني نكاية بنساء المستعمرات في تضامن بينهم وبين رجال أولئك النساء في المستعمرة. وصدر قانون محاربة الختان الفرعوني في 1946 من المجلس الاستشاري لشمال السودان نزولاً عند إرادتهن.
كانت ماربل وطاقمها استعماراً مضاداً. فعارضن زملاءهن في الخدمة الاستعمارية. فلم يكفن عن مصارحتهم بما لا يستقم مع فكرتهن حول تدريب القابلات. واعتراهن الإحباط كثيراً من عتو أولئك الرجال. ووجدن العزاء في عرفان السودانيين لهن وتقديرهن. ومن ذلك استعداد مدينة الرهد لتقديم بنت منها لتلتحق بمدرسة الدايات بعد أن نجحت مابل في إنجاز ولادة متعسرة أعجزت داية الحبل. وربما اسعدهن كسب مثل بتول عيسى للمدرسة. فكانت تلقت تعليماً في مدرسة الشيخ بابكر بدري في رفاعة. وراقبت يوما قابلة تولد في بيتها فشغفت بنظافتها وحسن أدائها. فالتحقت بمدرسة القابلات برغم معارضة أهلها. وترقت في المهنة حتى باشداية. وركبت العجلة لأغراضها وكانت قدوة في ذلك لقابلات أخريات. وكان الطاقة السودانية مثل بتول، التي شغفت بالحداثة، من مقومات نجاح المدرسة. وحتى في بخت الرضا بعلاتها اعترف مديرها روبن هودجكن بأن فضل التربية الإسلامية التي جاء بها معلمون مثل عبد الرحمن على طه في قلب نجاح المؤسسة كما رآه.
كانت مابل استعماراً مضاداً في سياسات أخرى منه حيل المرأة. فكتاباتها من المسكوت عليه لخلافها مع الرأي الرسمي للإدارة. فرفضت مرة في آخر العشرينات حذف الحاكم العام فقرة من كلمة عن الختان أعدتها للقاء بلندن. وحدث ذلك في وقت انغمست الإدارة الاستعمارية في حرب صليبية ضد الختان كعادة بدائية ضارة. ولم تعتبر الإدارة دور القابلة في حربها تلك مع أنها مدربة لحرب الختان بطريق آخر. فجنحت الإدارة للقانون في حربها للعادة. وخلافاً لنهج الإدارة في سل السيف لحرب العادة كان نهج مابل "التغلب والتخفيف والتحسين وليس الإلغاء والاستئصال". واقترحت أن تجري القابلة نوعاً مخففاً من الختان سعياً للتغلب على النوع الشقي منه ثم ترك الزمن لينهي سائر العادة. وكتبت لمحرر صحيفة التايمز اللندنية بصراحة عن خلافاتها مع إدارة السودان (11 فبراير 1949).
وأدل قصة على استعماريتهن المضادة هي صدامها مع رئيس الكلية الملكية لطب النساء. فأرسل لها وهو في السودان يطلب أن يأتي ليفتش مدرسة الدايات. فكتبت لمن جاءها بالرسالة أن يقول لمن أرسله "إن ما نفعله هنا ليس كالذي يفعلونه في شارع هارلي بلندن" وهو شارع أطباء الأغنياء.
زلزلت تجربة مدرسة القابلات يقينيات المؤلف الطبيب عن مهنته. ولعل أمتع جوانب الكتاب هي تجليات "النفس اللوامة"، أي الشفافية" التي أشرق بها المؤلف هو يراوح بين ممارسة مابل وما تعوده من تعليم بكلية الطب.
فتجده يفرق بين الصحة (الخلو من المرض) والعافية (الصحة كأمن بدني ونفسي وحياتي). فاستصفى أن يقوم فقه طبنا على العافية المنقوشة في وجداننا واستحقاقنا: "لم يؤت أحد بعد اليقين خيراً من العافية"، و"أرقدو عافية" الشفوقة في مقابل " كيف الصحة؟" التي استجدت.
استعان الكاتب بمصطلح الطيب صالح عن "التركيب والمزج" في "نخلة على الجدول" ليصف مؤسسة قابلة القرية. فقد تمازج فيها الطب التقليدي (داية الحبل) وطب حديث. وهذا التركيب والمزج هو "النص الهجين" في مصطلح علم ما بعد الاستعمار. فالنص الهجين نتاج الدولة المستعمرة التي يكون للأجانب الوصاية على هذا المزج بما علموا عن أنفسهم الراقية وبما علموا من ضعتنا وجهالتنا. وقارب المؤلف المعنى بقوله: "وإن كان من أنشأ برنامج (تدريب القابلات) أجنبياً فإن ذلك لا ينتقص من إسهام الرائدات السودانيات فيه وتطويره. وما كان البرنامج لينجح لولا هؤلاء لمعرفتهم بالثقافة المحلية وصلتهم بالمجتمع. ولكن الكاتب لا يترك لنا الفرصة للاشمئزاز من عاداتنا. فسرعان ما قال إنه سادت في أوربا عادات حتى التاسع عشر أكثر كآبة مثل أن تتناول الحامل شربة من روث الخنزير ورماد الضفادع لمنع النزف.
وأخذت المؤلف دراسته لحفاة الأطباء من القابلات إلى فقه للصحة ناظراً إلى عقود من عوار الخدمة الصحية في السودان. وهذا العوار عنده سياسة واجتماع قبل أن يكون مشاكل تقنية طبية. وضرب مثلاً: فتناقص الوفيات في بريطانيا لم يأت عن طريق اكتشاف السلفا في الثلاثينات، أو البنسلين في الأربعينات، أو التطعيمات في الخمسينات، أو المضادات الحيوية في الستينات. فما أنقص الوفيات حقاً هو العقد الاجتماعي السياسي الذي بدأ ببداية القرن العشرين وجعل الصحة حقاً للمواطن من الدولة، أي عافية. كما ذكر القانون المعكوس للخدمات الطبية ومفاده: الذين يحتاجونها أكثر يجدونها بصورة أقل في حين أن الذين يحتاجونها بصورة أقل يجدونها بصورة أكثر".
وحمل المؤلف على "مؤسسة المستوصف" الذي تأتى من المفهوم الاجتماعي للصحة كخلو من الأمراض بينما العافية، التي تستبق المرض بالوقاية، هي المطلب. فأدى مفهوم الصحة كخلو من المرض إلى استكثار المستشفيات والمستوصفات. واقتصر تدريب مؤدي الخدمة الطبية في كلية الطب وما جاورها. وأخذ على تدريب هذه الكليات سوءة لأنه يعلي من قدر الدلائل والوسائل السمعية والبصرية "على حساب التعليم في ظروف الحياة الحقيقية" على قاعدة من "الحوار والتعليم بالتجربة الحقيقية على مثال مدرسة القابلات. وعليه يتحول التدريب من "تدريب بالعمل" إلى تدريب بالاستماع والاستذكار". ويفرض هذا الوضع على المُدرب أن ينظر للمتدربين لا كزملاء، بل ك"تلامذة" له
وساقه تفريقه بين مفهوم العافية والصحة إلى الأسف على السودان الذي كان رائداً في الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة والطفل. فكسدت القابلة وتدهورت مدارس تدريبها وتناقصت. وترافق مع انصرفنا عن الرعاية الصحية تكاثر " المستشفيات على حساب المراكز الصحية. وانتشرت المستشفيات الخاصة التي تخدم القلة المقتدرة ولا تفتح أبوابها للفقراء والمساكين". ووصف الأخيرة خبير في الصحة المستشفيات ذات الخمسة نجوم ب"قصور المرض".
ومن بين حججه القوية على ظاهرة دخول المستوصف من باب انصرافنا عن الرعاية الصحية تحول الولادة، التي استنتها القابلات، إلى عملية جراحية. فتلاحظ ازدياد العمليات الجراحية بمضاعفاتها المعروفة. وصارت العملية القيصرية وجاهة. فصارت المستشفى مسرحاً للولادة لا البيت.
بالنتيجة تكدست الخدمة الصحية في العاصمة. ولما كان الموقع المثالي للمستشفى هو العاصمة نجد الخدمة الصحية تركزت فيها على حساب الريف. فعلى أننا إحصائياً في مقدمة دول وفاة النساء إثر الجراحة للولادة إلا أن ريفنا هو الأسوأ. فنحصد خمسمائة إلى ألفين وفاة في كل مائة ألف حالة (2009). وتقع معظم هذه الوفيات في الريف الذي انحسرت الرعاية الصحية عنه. وتحصد مضاعفات العملية الجراحية في المستشفيات أمهات المدن. وتجدنا نغطي على هذا الواقع الأليم بنباحة الشجرة الخطأ. فعادة ما نرد هذه الوفيات إلى الختان الفرعوني. ولكن يبقى السؤال وهو لماذا لم تكن الوفيات بهذا العظم في وقت مضى ساد فيه الختان بأكثر من أيامنا هذه. والإجابة بسيطة وهي أنه توافر الداية القانونية في ذلك لزمان بينما تبخرت على أيامنا هذه.
وجاء المؤلف إلى ضرورة تعريب تعليم الطب بمدخل تجربة مدرسة القابلات. فطعنت خبرة المدرسة في تعليم المؤلف وبان له عواره. فأدخلته خبرة مدرسة القابلات في استثمار اللغة في التدريب في حالة من النقد الذاتي. فقال إن من تعلم الطب في لغة عجمية تقطعت أسبابه بالمريض. فيجد مثله عسراً في التعبير لطمأنة المريض التي هي تاج العلاج ناهيك عن شرح ما يعانيه بلغة مفهومة. وعبر عن إعجابه بتواصل الأطباء السوريين، ممن درسوا باللغة العربية، مع المرضى في حين يعجز هو.
واعتقد المؤلف أن الحاجة ماثلة لوظيفة القابلة خلافاً لمن يذيعون وجوب التحول من مثلها من الأطباء الحفاة إلى المهنيين. ولكن الطبيب الحافي المطلوب ما يزال لن يكون هو أو هي القابلة ذاتها. فصح توسيع دورها الآن لتكون عاملاً صحياً شاملاً مختصا برعاية الأمهات والأطفال في الريف يدمج وظائف المساعد الطبي العلاجية السابقة. وربما اضفنا توثيق المواليد بل وصحة البيئة.
هذا الكتاب استدراك لخبرة في بركة التعليم أحسناها لنغادرها إلى متاهة في الطب كشف عنها المؤلف بعد تجربة أربعين عاماً من ممارسة مهنة الطب. فجعل بصرنا حديداً في تمثل فقه جديد للخدمة الصحية. وكان ارتحالنا عن تلك الخبرة من باب الضرب صفحاً عن عبقريتنا في التعاطي مع ما يستجد من دون من أو أذى كما فعلت مابل الاستعمارية المضادة. فقال شيخ إنجليزي خدم في السودان:
You are one of a kind
"أنتم السودانيون قوم نسيج وحدكم".
ولهذا كلبت شعرة طبيب سمع عن كشف الحلة من المؤلف فصاح: "هذا شيء أخاذ يهز المشاعر".


ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • كتاب للأنثربولوجية الكندية جانس بودي شديد الصلة بكتاب د. حسن وعنوانه “نشر الحضارة بين النساء: حملات الإنجليز في السودان المستَعمر”
  • مبادرات إماراتية لدعم وإغاثة اللاجئات والنازحات في السودان
  • حياة الشابات في السودان: الحرب تتركهن في مهب العنف الجنسي والجوع
  • مصير ضحايا العنف الجنسي بعد عامين على حرب السودان
  • مقررة أممية خاصة تشيد بالتزام الإمارات الراسخ بحماية الأطفال
  • سفير السودان بالهند يدعو المجتمع الدولي للضغط علي الدول الداعمة للمليشيا لوقف الانتهاكات
  • فجوة رقمية تهدد مستقبل ملايين النساء والفتيات
  • الخارجية تدعو الجامعة العربية لدعم السلام والتنمية في السودان
  • تحذير أممي من ارتفاع العنف الجنسي ضد النساء والأطفال بالكونغو
  • بيسكوف: بينما تتحدث الولايات المتحدة وروسيا عن السلام يطالب الأوروبيون بالحرب