صحيح أنّ مبادرة المعارضة الرئاسية "وُلدت ميتة" برأي كثيرين، ممّن يعتقدون أنّها افتقرت منذ إطلاقها إلى القواعد المطلوبة والبديهية في أيّ مبادرة، وقوامها تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى حلّ وسط، إلا أنّ الصحيح أيضًا أن كل الأنظار اتجهت منذ اليوم الأول نحو اللقاء "الموعود" بين المعارضة وثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، وهو لقاءٌ لم يبصر النور بعد، على الرغم من ضرب أكثر من موعد "افتراضي" له.


 
ففي وقتٍ تحدّثت أوساط في المعارضة عن انقسامٍ في صفوفها حول "جدوى" اللقاء مع "الثنائي"، ولا سيما أنّ خارطة الطريق التي قدّمتها المعارضة حملت في طيّاتها وبين سطور بنودها "تصويبًا واضحًا" عليه، كانت المفاجأة في ما وُصِفت بـ"مناورة" الثنائي، الذي حدّد للمعارضة موعدين منفصلين للقاء، قبل أن يلغيهما واحدًا تلو الآخر، وهو ما لم يتأخر خصومه في استثماره سياسيًا، عبر القول إنّ من يطالب بالحوار هو من يرفض الحوار.
 
وإذا كان "الثنائي" يعتبر في المقابل أنّ "المبادرة والمناورة" خطان لا يستقيمان، في إشارة إلى أداء المعارضة الموازي لتقديم خارطة الطريق وطلب المواعيد من الكتل النيابية، فإنّ علامات استفهام بالجملة تُطرَح عمّا إذا كان قد "عطّل" مبادرة المعارضة الرئاسية على المستوى العملي، فما الذي يدفعه إلى إلغائه الحوار المفترض مع المعارضة، وكيف يُفهَم ذلك في سياق اعتبار "الثنائي" سابقًا أنّ مجرد طلب اللقاء معه "انتصار لمنطق الحوار"؟!
 
المعارضة تهاجم
 
تعتبر أوساط المعارضة أنّ موقف "الثنائي" الرافض للاجتماع معها، أو بالحدّ الأدنى "المناوِر" في التعامل مع المبادرة التي طرحتها، خير دليل على "زيْف الشعارات" التي يطلقها هذا الفريق وفق توصيف هذه الأوساط، متسائلة: كيف يمكن لمن يشترط الحوار من أجل إنجاز استحقاق الرئاسة، أن يفسّر للرأي العام رفضه للجلوس على طاولة واحدة مع خصومه، وكأنّ الحوار الذي ينشده هو حوار مع الحلفاء والأصدقاء لا أكثر ولا أقلّ.
 
مع ذلك، فإنّ موقف "الثنائي" ليس مستغرَبًا بحسب أوساط المعارضة، التي تشير إلى أنّ سجلّه الطويل يؤكد أنّه ليس من دعاة الحوار بخلاف ما يدّعيه، مشيرة إلى أنّ المفارقة أنّ كلّ الأطراف تعاملت بإيجابية مع المبادرة الرئاسية إلا "الثنائي"، بما في ذلك القوى التي شكّكت بقدرتها على إحداث خرق، علمًا أنّ هذا التشكيك لم يكن بـ"حسن نوايا" المعارضة، بل بتجاوب الطرف الآخر، وتحديدًا فريق "حزب الله" معها، وهو ما تمّ حرفيًا.
 
ومع أنّ المعارضة اتُهِمت بأنّها أطلقت مبادرة محكومة بالسقوط سلفًا، عندما ضمّنتها كل البنود الخلافية التي تستفزّ "الثنائي"، والتي سبق أن نالت قسطها من النقاشات والسجالات، إلا أنّ أوساطها تلفت إلى أنّ مجرد فتحها باب الحوار مع مختلف الكتل النيابية كان يجب أن يتلقفه الطرف الآخر إيجابًا، ولا سيما أنّ هذا الطرف هو الذي يدعو إلى الحوار بحجّة التفاهم والتوافق، فإذا به يكرّس ما تقوله المعارضة عن أهدافه المبيّتة من الحوار.
 
للحوار أصول وآداب!
 
لم تتأخّر المعارضة في التصويب على "الثنائي"، حتى إنّ في صفوفها من دعا إلى "عصيان مدني" ردًا على موقفه، ومماطلته بتحديد موعد لها لمناقشة المبادرة التي طرحتها، وهو ما يرى العارفون أنّه يؤشّر إلى "التوظيف السياسي" للمبادرة الذي بدأ منذ اليوم الأول، حيث يُحكى أنّ المعارضة لم تكن تريد من مبادرتها سوى القول إنّها "تتحرك وتسعى"، وإنّ الطرف الآخر هو الذي "يعطّل"، ولو أنّ كلّ المبادرات الحقيقية مجمّدة بفعل رفض المعارضة للحوار.
 
لكن، بعيدًا عن فكرة "التوظيف السياسي" التي قد تجد من يؤيدها ومن يرفضها، فإنّ الدائرين في فلك "الثنائي" يشيرون إلى أنّ المشكلة ليست مع مبدأ الحوار، الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ ما قبل اليوم الأول للفراغ الرئاسي، ولكن في الأهداف المنشودة منه، والأداء الموازي له، وقد أصبح واضحًا أنّ المعارضة لا تريد الحوار، وكلّ ما تريده هو تسجيل النقاط، ما يجعل اللقاء معها في سياق ما سُمّيت بالمبادرة، مجرد استعراض لرفع العتب.
 
أما إذا كانت المعارضة جادة في "شكواها" من رفض الاجتماع معها، فمشكلتها بحسب هؤلاء ليست مع "الثنائي"، بدليل أنّه حدد لها موعدًا في الأساس رغم انطباعاته غير الإيجابية عن المبادرة، ولكن إلى من يحاول احتكار "زعامتها"، وتحديدًا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي لم يتوقف عن إطلاق السهام في وجه "الثنائي"، من دون أيّ مراعاة للأصول والآداب التي يفترض أن يقترن أيّ حوار بها، حتى يكون جدّيًا.
 
يقول المحسوبون على "الثنائي" إنه لم "يلغِ" بالضرورة اجتماعه بالمعارضة، ولكنه "أجّله" إلى موعد آخر، تتيح الظروف حصوله بجوٍ ملائم، علمًا أنّ الحوار على وقع الاتهامات والتخوين لا ينفع، ويصبح استعراضيًا ليس إلا، تمامًا كجلسات الانتخاب الرئاسية التي توقف رئيس مجلس النواب عن الدعوة إليها، لا لإغضاب هذا الطرف أو ذاك، بل لوضع حدّ للمهزلة التي أصبح مجلس النواب "بطلها"، على مرأى ومسمع من العالم! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

توقيف سلامة من منظار خصوم حزب الله: تبييض لصفحة الثنائي!

كتبت هيام قصيفي في"الاخبار": قد يكون مشهد توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة من أكثر المشاهد التي كانت مطلوبة لدى الجزء الأكبر من الجمهور اللبناني المكتوي بالانهيار المالي والاقتصادي، والذي يحمّل الحاكم السابق تبعات الانهيار، ومشاركته في فساد وإفساد الطبقة السياسية والإعلامية برمتها.
طرح التوقيف لدى الفريق الذي يعارض الثنائي الشيعي ملاحظات كثيرة حول توقيته وهدفه ومغزاه وانعكاسه على ملفات أخرى، ومنها:
أولاً، التهليل المبالغ فيه للتيار الوطني الحر لتوقيف الحاكم السابق لا يخفي حقيقة مسؤولية التيار ورئيسه النائب جبران باسيل والرئيس السابق ميشال عون عن التمديد لسلامة. ورغم كل محاولات النفي السابقة - واللاحقة - على لسان عون وباسيل، فإن ما حصل في جلسة مجلس الوزراء التي أقرّت التمديد يعرفها كل من كان في الجلسة وخارجها، كما يعرفون أن أي طرف لم يتخطّ رئيس الجمهورية الماروني في التمديد لموقع ماروني من الصف الأول. ولا يمكن للتيار أن يخفي تغطيته لسلامة في سنوات العهد، والاستفادة منه، قبل أن يشن حملة إعلامية ضده.
ثانياً، توقيت التوقيف يثير تساؤلات عما إذا كان رسالة «حسن نية» إلى المجتمع الدولي المالي قبل إدخال لبنان على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي. ويلفت هذا الفريق إلى أن الإشارة تتعدى الرغبة الحكومية والإدارة المالية المركزية، لتوضع في يد الثنائي الشيعي. وتلفت في هذا السياق إلى دور الحاكم بالإنابة وسيم منصوري الذي لا ينفك يردّد أن لبنان يقوم بالمستحيل لمنع إدراجه على هذه القائمة. ولا يُنظر إلى دور منصوري في تسهيل توقيف سلامة مالياً فحسب، لأنه كانت هناك على ما يبدو نية لتوقيفه بأي حجة. لكنّ المفارقة، بحسب هؤلاء، أن فريق الثنائي الشيعي، الذي يُحسب عليه منصوري، يظهر اليوم في مظهر من قدّم سلامة إلى العدالة، في حين حمته القوى المسيحية وغطّت ارتكاباته لسنوات ودافعت عنه وكأنه قدس الأقداس، رغم أن الانهيار المالي لحق بمؤسسات مسيحية عدة ضاعت أموالها في المصارف، لصالح تمرير مخالفات مالية لمحظيين كنسيين وسياسيين وإعلاميين، في عمليات مالية ملتوية. وبالتالي، فإن الثنائي اليوم يستفيد من هذه الفرصة ليظهر مدافعاً عن حقوق المودعين، وعن سياسة فريقه المالية في إدارة الأزمة بمندرجاتها كاف

مقالات مشابهة

  • سيدة سودانية تسأل: (لماذا الرجل متعدد الزوجات تعدونه جيدا والمراة متعددة العلاقات سيئة؟) والشيخ محمد هاشم الحكيم يجيبها: (المفتاح الذي يفتح عدة أقفال هو ممتاز ومرغوب والقفل الذي يفتحه كل مفتاح هو قفل سيء وبايظ)
  • محافظ أسيوط ورئيس الجامعة يلتقيان مفتي الديار المصرية    
  • الخماسية تجتمع في 14 ايلول وحراك سعودي تجاه المعارضة
  • عاجل.. حسام حسن يستبعد هذا الثنائي من قائمة مصر أمام كاب فيردي
  • إصابة شخص برش خرطوش في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بطما بسوهاج
  • الحية: العالم وصل لقناعة بشأن الطرف المعطل للوصول لاتفاق
  • وزير الخارجية ونظيرته الألمانية يبحثان تكثيف التنسيق الثنائي
  • تطوير إصبع اصطناعي لاستعادة وظائف كف اليد
  • توقيف سلامة من منظار خصوم حزب الله: تبييض لصفحة الثنائي!
  • نقابة الصَّحفيين السُّودانيين تنعي المصور التلفزيوني حاتم مأمون الذي مات متأثراً بإصابته في حادث المسيرة التي استهدفت منطقة “جبيت” العسكرية