لبنان ٢٤:
2025-02-01@05:49:35 GMT
خطان لا يلتقيان.. لماذا ألغى الثنائي حواره المفترض مع المعارضة؟
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
صحيح أنّ مبادرة المعارضة الرئاسية "وُلدت ميتة" برأي كثيرين، ممّن يعتقدون أنّها افتقرت منذ إطلاقها إلى القواعد المطلوبة والبديهية في أيّ مبادرة، وقوامها تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى حلّ وسط، إلا أنّ الصحيح أيضًا أن كل الأنظار اتجهت منذ اليوم الأول نحو اللقاء "الموعود" بين المعارضة وثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، وهو لقاءٌ لم يبصر النور بعد، على الرغم من ضرب أكثر من موعد "افتراضي" له.
ففي وقتٍ تحدّثت أوساط في المعارضة عن انقسامٍ في صفوفها حول "جدوى" اللقاء مع "الثنائي"، ولا سيما أنّ خارطة الطريق التي قدّمتها المعارضة حملت في طيّاتها وبين سطور بنودها "تصويبًا واضحًا" عليه، كانت المفاجأة في ما وُصِفت بـ"مناورة" الثنائي، الذي حدّد للمعارضة موعدين منفصلين للقاء، قبل أن يلغيهما واحدًا تلو الآخر، وهو ما لم يتأخر خصومه في استثماره سياسيًا، عبر القول إنّ من يطالب بالحوار هو من يرفض الحوار.
وإذا كان "الثنائي" يعتبر في المقابل أنّ "المبادرة والمناورة" خطان لا يستقيمان، في إشارة إلى أداء المعارضة الموازي لتقديم خارطة الطريق وطلب المواعيد من الكتل النيابية، فإنّ علامات استفهام بالجملة تُطرَح عمّا إذا كان قد "عطّل" مبادرة المعارضة الرئاسية على المستوى العملي، فما الذي يدفعه إلى إلغائه الحوار المفترض مع المعارضة، وكيف يُفهَم ذلك في سياق اعتبار "الثنائي" سابقًا أنّ مجرد طلب اللقاء معه "انتصار لمنطق الحوار"؟!
المعارضة تهاجم
تعتبر أوساط المعارضة أنّ موقف "الثنائي" الرافض للاجتماع معها، أو بالحدّ الأدنى "المناوِر" في التعامل مع المبادرة التي طرحتها، خير دليل على "زيْف الشعارات" التي يطلقها هذا الفريق وفق توصيف هذه الأوساط، متسائلة: كيف يمكن لمن يشترط الحوار من أجل إنجاز استحقاق الرئاسة، أن يفسّر للرأي العام رفضه للجلوس على طاولة واحدة مع خصومه، وكأنّ الحوار الذي ينشده هو حوار مع الحلفاء والأصدقاء لا أكثر ولا أقلّ.
مع ذلك، فإنّ موقف "الثنائي" ليس مستغرَبًا بحسب أوساط المعارضة، التي تشير إلى أنّ سجلّه الطويل يؤكد أنّه ليس من دعاة الحوار بخلاف ما يدّعيه، مشيرة إلى أنّ المفارقة أنّ كلّ الأطراف تعاملت بإيجابية مع المبادرة الرئاسية إلا "الثنائي"، بما في ذلك القوى التي شكّكت بقدرتها على إحداث خرق، علمًا أنّ هذا التشكيك لم يكن بـ"حسن نوايا" المعارضة، بل بتجاوب الطرف الآخر، وتحديدًا فريق "حزب الله" معها، وهو ما تمّ حرفيًا.
ومع أنّ المعارضة اتُهِمت بأنّها أطلقت مبادرة محكومة بالسقوط سلفًا، عندما ضمّنتها كل البنود الخلافية التي تستفزّ "الثنائي"، والتي سبق أن نالت قسطها من النقاشات والسجالات، إلا أنّ أوساطها تلفت إلى أنّ مجرد فتحها باب الحوار مع مختلف الكتل النيابية كان يجب أن يتلقفه الطرف الآخر إيجابًا، ولا سيما أنّ هذا الطرف هو الذي يدعو إلى الحوار بحجّة التفاهم والتوافق، فإذا به يكرّس ما تقوله المعارضة عن أهدافه المبيّتة من الحوار.
للحوار أصول وآداب!
لم تتأخّر المعارضة في التصويب على "الثنائي"، حتى إنّ في صفوفها من دعا إلى "عصيان مدني" ردًا على موقفه، ومماطلته بتحديد موعد لها لمناقشة المبادرة التي طرحتها، وهو ما يرى العارفون أنّه يؤشّر إلى "التوظيف السياسي" للمبادرة الذي بدأ منذ اليوم الأول، حيث يُحكى أنّ المعارضة لم تكن تريد من مبادرتها سوى القول إنّها "تتحرك وتسعى"، وإنّ الطرف الآخر هو الذي "يعطّل"، ولو أنّ كلّ المبادرات الحقيقية مجمّدة بفعل رفض المعارضة للحوار.
لكن، بعيدًا عن فكرة "التوظيف السياسي" التي قد تجد من يؤيدها ومن يرفضها، فإنّ الدائرين في فلك "الثنائي" يشيرون إلى أنّ المشكلة ليست مع مبدأ الحوار، الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ ما قبل اليوم الأول للفراغ الرئاسي، ولكن في الأهداف المنشودة منه، والأداء الموازي له، وقد أصبح واضحًا أنّ المعارضة لا تريد الحوار، وكلّ ما تريده هو تسجيل النقاط، ما يجعل اللقاء معها في سياق ما سُمّيت بالمبادرة، مجرد استعراض لرفع العتب.
أما إذا كانت المعارضة جادة في "شكواها" من رفض الاجتماع معها، فمشكلتها بحسب هؤلاء ليست مع "الثنائي"، بدليل أنّه حدد لها موعدًا في الأساس رغم انطباعاته غير الإيجابية عن المبادرة، ولكن إلى من يحاول احتكار "زعامتها"، وتحديدًا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي لم يتوقف عن إطلاق السهام في وجه "الثنائي"، من دون أيّ مراعاة للأصول والآداب التي يفترض أن يقترن أيّ حوار بها، حتى يكون جدّيًا.
يقول المحسوبون على "الثنائي" إنه لم "يلغِ" بالضرورة اجتماعه بالمعارضة، ولكنه "أجّله" إلى موعد آخر، تتيح الظروف حصوله بجوٍ ملائم، علمًا أنّ الحوار على وقع الاتهامات والتخوين لا ينفع، ويصبح استعراضيًا ليس إلا، تمامًا كجلسات الانتخاب الرئاسية التي توقف رئيس مجلس النواب عن الدعوة إليها، لا لإغضاب هذا الطرف أو ذاك، بل لوضع حدّ للمهزلة التي أصبح مجلس النواب "بطلها"، على مرأى ومسمع من العالم! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
القوى المعارضة لـحزب الله… إضعافه هدف كاف!
تستمر القوى السياسية اللبنانية في عملية تفاوض حثيثة وقاسية من أجل الوصول الى تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتكليف القاضي نواف سلام لرئاسة للحكومة. وعليه فإنّ هذه القوى تسعى لتحسين واقعها وشروطها ومكاسبها في المرحلة المقبلة التي يمكن القول بأنها بدأت في الداخل اللبناني.لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة، ماذا ستحقق القوى السياسية في حال استطاعت ان تُحرز تقدّماً سياسياً على خصومها في الداخل اللبناني، وهل من الممكن فعلياً "تقريش" هذا التقدّم على المستويين الاقليمي أو الداخلي على المدى الطويل، سيّما وأن الحكومة الحالية لن يطول عمرها لأكثر من عام ونصف العام في حال تأليفها غداً.
الحكومة ليست معياراً للانتصار أو الخسارة، ورغم ذلك فإنّ القوى المُعارضة لحزب الله تعتقد أن تقدّمها داخل الحكومة وعزل "الحزب" أو إضعاف حصّته سيعني حتماً انعكاساً سياسياً مباشراً ومصلحة كاملة من التطورات الاقليمية، إذ إنّ هذه القوى لا يمكن لها الاستفادة من خسارة "حزب الله" الاقليمية والعسكرية الا في الواقع السياسي الداخلي.
في سياق متّصل فإنّ هذه القوى ستستفيد أيضاً على المدى الطويل، خصوصاً وأنها ستبني في المرحلة المقبلة تحالفات مع مختلف الطوائف اللبنانية وتبدأ بفتح معركتها في السّاحة الشيعية بهدف إضعاف "حزب الله" حتى وإن لم تنجح في ذلك الا أنّ تكتّلاتها قد تُفسح المجال أمامها للفوز في الانتخابات النيابية المقبلة والحفاظ على حضورها لاربع سنوات جديدة، وهذا الامر يبدو كافياً بالنسبة اليها في هذه المرحلة.
في المقابل فإنّ "حزب الله" لا يحتاج سوى الى تكريس حضوره الحالي، أي أنه ليس في وارد الطموح الى مستوى مرتفع جداً من التقدم السياسي، بل إنه بعد كل الضربات التي تلقّاها يبدو أن أقصى تطلّعاته هي الحفاظ على واقعه السياسي الحالي، وهذا بحدّ ذاته سيُعدّ انتصارًا يساهم في تعزيز قوّته بعد إعادة ترميمها وبدء مرحلة جديدة من أجل الوصول الى استعادة كامل قوّته السياسية ونفوذه في الداخل اللبناني.
المصدر: خاص لبنان24