سرايا - كما كان متوقعاً، جاءت كلمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الكونغرس مليئة بالتضليل وقلب الحقائق والشعبوية، مطعمة بمصطلحات دينية توراتية، تتكاتب مع رؤى الإنجيليين الباحثين عن الخلاص.

ورغم أنها تنطوي على خطاب دعائي لغوي وأدائي لافت، خاصة أنه يجيد الإنكليزية، حاول فيه تحسين صورته وصورة "إسرائيل"، إلا أنه لم يحقق أهدافاً حقيقية كبيرة، وهذا ما يبرر قيام عدد كبير من المعلقين "الإسرائيليين" بصبّ الماء البارد على الخطاب الرابع.



على مستوى الشكل والأداء إعلامياً قدّمَ نتنياهو ما يتقنه جيداً: الخطابة، وتسويق المزاعم والأكاذيب والتضليل، ولكن بطريقة ماكرة تسترعي انتباه جماهير الهدف، كتضمين كلمته قصصاً إنسانية عينية، بالإشارة لبعض “الجنود الجرحى والشجعان”، ومندوبين عن عائلات المخطوفين، وفتاة كانت محتجزة في غزة، وجمل قصيرة بلهجة صارمة واثقة، وسط التحدّث بلغة تلفزيونية، فيقترب من الكاميرا، ويبتعد، مع لغة جسد تعزّز قوة إرسال الرسائل والتأثير على الوعي.

لم يتطرق نتنياهو لحل سياسي للقضية الفلسطينية ولتسوية الصراع. كما غابت الصفقة تقريباً عن الخطاب، مكتفياً بشعار أجوف باستعادة كل المخطوفين

طالما كان نتنياهو ينعت نفسه، هو وأبواقه، بـ “سيد الأمن”، وهو فعلياً “سيد الكاميرا”. وهذا دفع أشدَّ المعلقين "الإسرائيليين" نقداً له، محرر الشؤون السياسية والحزبية في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر، للقول إنه، حتى بعد كارثة 7 أكتوبر، نتنياهو ما زال العارض كامل الأوصاف "لإسرائيل"، وطبعاً يوجّه له سهام نقده، كمراقبين آخرين، على خلوّ الخطاب من بشرى مفيدة لإسرائيل وا"لإسرائيليين".

الموجود في الخطاب
خاطب نتنياهو، في هذا الخطاب الطويل، ثلاثة أنواع من الجماهير: الأمريكيين، والإسرائيليين، والعالم. وفي حديثه للمسؤولين والرأي العام في الولايات المتحدة، كرّسَ نتنياهو قسطاً مركزياً لإيران، وكرّرَ محاولات شيطنتها، مستخدماً مصطلحات استشراقية حول الصراع بين الحضارة وبين البربرية.

ضمن محاولة نتنياهو تجنيد أمريكا ضد إيران، وتأليب الأمريكيين عليها، قال إنها هي مصدر الشر في المنطقة والعالم، بل عاد وذكّرهم بقضية الرهائن في طهران عقب الثورة الإيرانية، منوّها للخميني، ولفكرة تصدير الثورة، مخاطباً بذلك هواجس الخوف والإسلاموفوبيا في الغرب وفي أمريكا، ومضى في ذلك، رابطاً بين السابع أكتوبر، واستهداف البرجين، عام 2001، وضرب مرفأ بيرل هابر، في 1941، وخلص لدعوة الأمريكيين، في نهاية الخطاب، بأن يتذكروا من هذا الخطاب أن نضالنا نضالكم، أعداءنا أعداؤكم، وانتصارنا انتصاركم”.

في محاولة لاستدراج الولايات المتحدة للمشاركة في العدوان الإسرائيلي المستمر، حاول نتنياهو، عدة مرات، الربط بين إسرائيل وأمريكا، وبالعكس، مقدماً إسرائيل على أنها حليفةٌ مخلصة، يموت جنودها ضمن حماية جنود وأهداف الولايات المتحدة، وهذه محاولة لإقناعهم بأن إسرائيل ولايةٌ أمريكية عملياً، بكل ما يترتب على ذلك من مستحقات.

أنا وتشرتشل
على خلفية ذلك، دعا نتنياهو الولايات المتحدة لمواصلة دعم إسرائيل في حروبها بالسلاح والعتاد، وسط نقد مبطن لإدارة بايدن، لإعاقتها بعض شحن القنابل العملاقة، محاولاً هنا، ضمن استهداف جمهور المجتمع الدولي، وطرح إسرائيل كضحية ونقطة نور، مقابل بربرية، وذلك في محاولة يائسة لتحسين صورتها بعدما باتت دولة منبوذة في العالم نتيجة جرائمها. ولذلك حاول الاستخفاف بمحاكم لاهاي، وحَمَلَ على كل من يعارضها، ويعارض توجهاته الدموية، مشهراً سلاح اللاسامية، بل حَمَلَ على محتجين إسرائيليين، وأوساطٍ أمريكية، كطلاب الجامعات لمشاركتهم بالاحتجاج على حرب دموية، تجاهل نتنياهو قتلها وإصابتها عشرات آلاف المدنيين، خاصة الأطفال والنساء الفلسطينيين.

في الكونغرس، الذي غاب عنه نصفُ نواب الديمقراطيين، بمن فيهم مرشحة الرئاسة كامالا هاريس، احتجاجاً، وضمن محاولته إقناع الأمريكيين بأن إسرائيل ضحية، وتستحق المزيد من الدعم، عاد نتنياهو للتاريخ من جديد، وذكّر برسالة رئيس الوزراء البريطاني الأسطوري تشرتشل للولايات المتحدة، طالباً، خلال الحرب العالمية الثانية، مدّ الحلفاء بالسلاح وهم يتممون المهمة ضد النازية.

في هذه اللغة يحاول نتنياهو بمكر اصطياد عدة عصافير بحجر واحد: نتنياهو في تكوينه السياسي النفسي، المسكون بهاجس التاريخ، يقارن نفسه مجدداً بتشرتشل (قال بملاحظة “عابرة” إن الأخير زار الكونغرس ثلاث مرات، بينما هو أربع مرات)، يشيطن إيران و”حزب الله” و”حماس”، وكل أعداء إسرائيل، بالمقارنة الضمنية بالنازية، وكذلك حثّ الإدارة الأمريكية، والضغط عليها، في فترة دقيقة، وعشية انتخابات مشحونة، لتزويد الاحتلال بالمزيد من الذخائر والسلاح لمواصلة العدوان، الذي يخطط له أن يطول.

الإجماع الإسرائيلي
في خطابه، تركز نتنياهو بالإسرائيليين، فتحدث بإنكليزية عالية، وتباهى بها بشكل غير مباشر، مثلما حرص على إبداء معرفته بنواب الكونغرس واحداً واحداً، لكنه كان يوجّه كلماته للآذان الإسرائيلية، في محاولة لتوليد نتنياهو الأول؛ ترميم هيبته الجريحة بعد “طوفان الأقصى”، حيث تشظّت صورته ومكانته بفعلها، وبعد حربه التدميرية الفاشلة في تحقيق أهدافها العالية، رغم مرور نحو عشرة شهور.

من أجل استمالة الإسرائيليين، واستعادة مكانته في وعيهم، اختار الحديث عمّا هو في دائرة الإجماع الإسرائيلي: عدالة طريق إسرائيل، بربرية 7 أكتوبر، وشجاعة الجنود… الخ.

المفقود في الخطاب
من جهته، اعتبر نتنياهو أنه قد نجح وانتصر، بل احتل الكونغرس، وفق انطباعات بعض الصحفيين الإسرائيليين المرافقين له، في أحاديث وكتابات، نهار اليوم الخميس.

فهل فعلاً تحقّقت مآربه في تحسين صورته، وترميم هيبته، وتسويق إسرائيل كدولة متنوّرة محقّة قوية ومعتدى عليها؟

لا مجال لقياس الكثير من المفاعيل النفسية المشتهاة، خاصة الآن، لكن غايات نتنياهو ربما تنجح جزئياً، ولفترة قصيرة فقط، من عدة نواحٍ، فالأحداث، والصور الصعبة للحرب، وواقع إسرائيل والفلسطينيين المأزوم، كفيل بإذابة طبقات الكذب في خطاب نتنياهو البرّاق، الذي غابت عنه أي إشارة لنهاية الحرب، بالعكس فقد طلب المزيد من السلاح والدعم لمواصلة العدوان.

مثلما لم يتطرق لحل سياسي للقضية الفلسطينية ولتسوية الصراع. كما غابت الصفقة تقريباً عن الخطاب، مكتفياً بشعار أجوف باستعادة كل المخطوفين، دون الإشارة لالتزامه حتى لمقترح الصفقة الذي أعلنه بايدن في 27 أيار الماضي، وهو في الأصل نص مقترح إسرائيلي وافق عليه نتنياهو.

ولذا اختارت “يديعوت أحرونوت” نشر رسم كاريكاتير يتكاتب مع هذا التغييب، وفيه يبدو نتنياهو على شاشة التلفاز، ومقابله كرسي فارغ كتب عليه 120، في إشارة للمخطوفين.

وهذا أيضاً يفسر غضب عائلات المخطوفين على خلوّ الخطاب من أي بشرى حول أعزائهم، بل بادر بعضُ المرافقين له منهم للصراخ داخل الكونغرس، حتى أخرجهم من القاعة حراسٌ أمريكيون، وكذلك اعتُقل آخرون منهم خلال التظاهر مقابل الكونغرس.

الكابوس الأكبر
واتسم الكثير من ردود الفعل الإسرائيلية الإعلامية على الخطاب بالبرود، بل رشّ معلقون كثر منهم الماء البارد.

تحت عنوان “إجادة الكلام…هو يعرف”، قال المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، اليوم، إن حاشية نتنياهو حاولت منح الخطاب جواً احتفالياً، لكن الإسرائيليين مشغولون في السؤال متى يحرر المخطوفون، وكذلك الأمريكيون مشغولون بقضايا انتخاباتهم. فيما كان يستعد نتنياهو للخطاب، كان هليفي قد زار بئيري، وهناك اعترف بالإخفاقات، ولم يعترف بعد بمسؤوليته عن الفشل.

وتحت عنوان “تلة السلاح”، قالت محررة الشؤون السياسية في الصحيفة نوعا لانداو إن هدف نتنياهو لم ولن يكون دفع الصفقة، بل تجنيد أمريكا لاستمرار الحرب، ولذا استغل استغلالاً ساخراً المخطوفين، فيما يواصل إعاقة مداولات لتحريرهم، وصوّر إسرائيل كدولة تحت رعاية أمريكا.

وقال زميلها في الصحيفة ناتنئيل شلوموفيتش، تحت عنوان “تم دفعه للهوامش”، إن خطاب بايدن، بعد ساعات من خطاب نتنياهو، ذكّر رئيس حكومتنا أين انتباه الأمريكيين الآن.

وتابع: “منذ هبوطه في واشنطن وهو يواجه كابوسه الأكبر: دفعه للهامش. واشنطن وأمريكا موجودتان في ذروة دراما تاريخية متسارعة، ونتنياهو ليس مهماً جداً”.

نتنياهو وسربه
وأكد معلق الشؤون الحزبية في “هآرتس” أن نواب الكونغرس ابتلعوا حيل نتنياهو وهم يصفقون إما عن جهل، أو من لامبالاة، فصفّقوا له دون انقطاع، منوهاً أن هاريس رفضت أن تكون ديكوراً في العرض الانتخابي هذا.

في مديح يشبه الذم، يقول فرطر إن نتنياهو قدّمَ خطاباً انتخابياً إسرائيلياً، مشيراً لتصفيق نواب الكونغرس وقوفاً 52 مرة، مع ابتلاع حيل وخدع نتنياهو، ينم عن جهل، أو عن لامبالاة، فصفقوا له دون انقطاع.

كرّسَ نتنياهو قسطاً مركزياً لإيران، وكرّرَ محاولات شيطنتها، مستخدماً مصطلحات استشراقية حول الصراع بين الحضارة وبين البربرية

عالم واحد في واشنطن.. وعالم آخر في إسرائيل
وأكد المعلّق السياسي البارز في “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع أن نتنياهو فهم أن عليه طرح رؤية لليوم التالي: في غزة، وفي الشمال، وفي موضوع المخطوفين.

للأسف لم تكن هناك رابطة بين ما يفعله كرئيس حكومة، وما قاله في الكونغرس، في ما يتعلق بكل الجبهات والمستويات خاصة في صفقة المخطوفين.

بارنياع، الذي استخدم لغة دبلوماسية هذه المرة وهو يتحدث عن كذب نتنياهو، وعن الفجوة بين الخطابة في الهواء، والواقع الصعب على أرض الواقع، خلص للقول إن هناك عالماً في واشنطن، وعالماً آخر في إسرائيل.

الكلمات الفارغة
وتبعه زميله المعلق السياسي بن درور يميني، الذي قال معلقاً: “جميل أن يتحدث نتنياهو حول إيران في الكونغرس، لكن عندما تُقدم له أمريكا، على طبق من فضة، خياراً لتحالف إقليمي أمريكي عربي إسرائيلي يعطّله هو بأفعاله.. وطالما أن تحالفه مع اليمين المتطرف أهم بالنسبة له، فإن الكلمات البراقة ستتحوّل إلى فارغة”.

خطاب الإسرائيليين
في المقابل، وتحت عنوان “خطاب الإسرائيليين”، قالت المعلقة صاحبة التوجهات اليمينية في الصحيفة ذاتها نافا درومي، بلغة تقطر استعلائية وفوقية عنصرية، إن خطاب نتنياهو تاريخي، وإن هذا هو خطاب إسرائيل الجميلة الملونة، أمة البطولة والتعددية، وأكثر من ذلك، هذا خطاب النور للأغيار. وخلصت للقول: لكن السؤال إذا كان الأغيار يرون النور؟


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: فی الکونغرس فی واشنطن

إقرأ أيضاً:

قد يُحدث حرب أهلية في إسرائيل.. هل بدأ نتنياهو بتنفيذ الحل النهائي؟

استفحال العنف الإسرائيلي في غزة منذ المذبحة النكراء في (18 مارس/ آذار 2025) التي خلّفت أكثر من 400 أغلبهم من الأطفال والنساء، وما أعقبها من أعمال عدوانية رفعت عدد الشهداء إلى حوالي 700، ناهيك عن الجرحى والدمار، ثم ما تمارسه في الضفة الغربية، من مداهمات ومصادرة وترويع وقنص، يُظهر بجلاء عزم إسرائيل على تفعيل خطة التهجير القسري، عن طريق الترويع، والاحتلال، ومنع دخول المساعدات.

تهزأ إسرائيل، من خلال الهجمات الأخيرة للطيران الحربي، بنتائج قمة القاهرة حول إعمار غزة، وتضرب بها عرض الحائط، إذ إن العمليات العدوانية الأخيرة، إن هي إلا توطئة لما قد نسميه بـ"الحل النهائي"، أي القضاء على الشعب الفلسطيني، من خلال ترحيله من أرضه. يعزز ذلك قرار الكابينت الإسرائيلي تبني قيام إدارة تابعة لوزارة الدفاع، في أعقاب الاعتداءات المتتالية، من شأنها "تسهيل" النقل "الطوعي" للغزّاويين، براً وبحراً وجواً.

كل المبررات حول عدم إطلاق الأسرى الإسرائيليين، أو دوافع الوضع الداخلي في إسرائيل، وترضية كل من بن غفير وسموتريتش، لإبقاء التحالف الحكومي، والوضع المهزوز لنتنياهو، هي ذرائع فقط، لأن الاعتداءات الأخيرة تندرج في رؤية؛ وهي خلق أوضاع نفسية في أوساط ساكنة غزة، من خلال الترويع والتجويع، لدفعهم على المغادرة.

إعلان

إخلاء الضفة وضم غزة، كان دوماً من أدبيات اليمين المتطرف، وينبني التحالف القائم داخل الحكومة الإسرائيلية، على تنزيل هذه الرؤى من خلال "الحل النهائي". والحل النهائي، كان هو المصطلح الذي استعمله النازيون من أجل القضاء على اليهود، قبل أن يتم استحداث مصطلح الإبادة الجماعية، من قِبل حقوقي بولندي وأصبح متداولاً بعدها.

لم تزد الإدارة الأمريكية الحالية سوى أن تبنت أدبيات اليمين المتطرف، بشكل واضح فيما يخص الضفة الغربية، بتبنيها تسمية يهودا والسامرة، ثم بعدها في تبني مخطط إجلاء غزة من ساكنتها، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يعلن الرئيس الأميركي عن خطة الإجلاء، قبل زيارة نتنياهو للبيت الأبيض.

لقد تم امتصاص ردود الفعل التي تم التعبير عنها من قِبل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، رفضاً لمخطط الترحيل، ثم بعد القمة العربية التي انعقدت في القاهرة لإعمار غزة، لكن خطة التهجير القسري، أو "الحل النهائي" ما يزال قائماً، وهو ما لم يُخفه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي يُلوّح بضم غزة، ويسهر على تهيئة مخطط للإجلاء، أو الترانسفير، أو في اتباع إسرائيل سياسة التقتيل والترويع والتجويع والترهيب.

أكثر من 40 ألف تم ترحيلهم من الضفة الغربية في غضون أسابيع، بشهادة ممثل السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة رياض منصور، والوضع في غزة يزداد سوءاً، والحالة النفسية للساكنة غلبها اليأس، ووضعها أسوأ مما كان خلال الحرب.

المجازر المرتكبة، إن هي إلا توطئة للحل النهائي، ولا يمكن الدفع بأن قمة القاهرة حول إعمار غزة، أبطلت مخطط التهجير القسري.

لم ترد ردود قوية على التوجه الخطير الذي تسلكه إسرائيل إلا من بعض أعمدة الصحافة في إسرائيل وفي الغرب، التي تدرك خطورة هذا الانزلاق. لم يُخف مبعوث الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، تخوفه من أن سياسة إسرائيل من شأنها أن تنسف جهود أميركا لنصف قرن، منذ اتفاق كامب ديفيد، والتداعيات السلبية حتى على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لكن يبقى موقف الولايات المتحدة الفعلي، مؤيداً للسياسة الإسرائيلية، ولم يتم اتخاذ موقف صارم وواضح من الاعتداءات الأخيرة.

إعلان

يظل العمل الدبلوماسي، من أجل التنديد بهذا الانحراف الخطير دون ما ينبغي، سواء على مستوى الأمم المتحدة، أو في تحرك عربي فاعل، من قِبل الدول العربية التي هي حليفة للولايات المتحدة، أو على مستوى دول الاتحاد الأوروبي، أو المجتمع المدني الغربي.

نحن أمام إرهاصات "الحل النهائي" للفلسطينيين، ولا يمكن التذرع بالجهل، أو مثلما قال ممثل فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، فسياسة إسرائيل لم تكن قط بالوضوح الذي هي عليه الآن، إذ ما يحركها هو أطماع استعمارية. وهذا الوضوح، هو ما يقتضي وضوحاً مقابلاً من لدن المجتمع الدولي، لإبطال "الحل النهائي".

قد يكون تواجد الرئيس ترامب على رأس البيت الأبيض عاملاً مشجعاً لنتنياهو، ولكن عناصر من المؤسسة في الولايات المتحدة تدرك خطورة "الحل النهائي"، مثلما يُستشف من تصريح ويتكوف. وحتى في داخل إسرائيل، لم تعد هناك نظرة موحدة، كما كانت بعد طوفان الأقصى، حيال غزة. وهناك اتجاهات تخشى أن يسفر العنف الجاري عن تغذية عنف مضاد يتهدد إسرائيل، ناهيك عن التمزق الذي تعرفه إسرائيل، لاختلالات داخلية، مما يجعل كثيراً من الملاحظين يحذرون من احتمال حرب أهلية.

هناك عدة أوراق يمكن لعبها على المستوى الدبلوماسي لتعطيل الخطة الإسرائيلية، على المدى المتوسط والبعيد، أو حتى في توظيف تناقضات الحقل السياسي الإسرائيلي، ولكن الأولوية هي في وقف العدوان، واحترام وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات، وهي مسؤولية الأمم المتحدة، بموازاة مع القوى الكبرى. لا يمكن التعلل بالأسرى الإسرائيليين لقتل المدنيين والأطفال والنساء. ولا يبدو أن نتنياهو يأبه بمصير الأسرى الإسرائيليين، أو هو شغله الشاغل.

ينبغي فضح مرامي الاعتداءات الأخيرة التي تهيئ الأرضية النفسية لـ"الحل النهائي" من خلال الترويع والتجويع. و"الحل النهائي"، هو وصفة الخراب في الشرق الأوسط، ولن تبقى تداعياتها محصورة فيه.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتنياهو إلغاء تجميد إقالة رئيس الشاباك
  • هل تنزلق إسرائيل إلى حرب أهلية في عهد نتنياهو؟
  • وزير المعادن يؤكد تراجع الدعم السريع عن إسقاط الفاشر ويسخر من خطاب حميدتي
  • مع اكتمال تحرير العاصمة بدأ الكلام عن إعادة الإعمار في السودان
  • قد يُحدث حرب أهلية في إسرائيل.. هل بدأ نتنياهو بتنفيذ الحل النهائي؟
  • الإمارات تتوسط كي تعترف واشنطن بصوماليلاند لإقامة قاعدة إسرائيلية ضد الحوثيين
  • وزارة التخطيط: تقليل الفجوة بين الحضر والريف يحقق الاستدامة
  • حشود في كيب تاون تستقبل سفير جنوب أفريقيا الذي طردته واشنطن.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • الوشق المصري أعجوبة الخلق الذي يخشى البشر فلِم عقر جنود إسرائيل؟
  • ساجدا في خيمته.. صلاح البردويل الذي غيبته إسرائيل من شوارع الوطن