في العراق نكتة اسمها الكهرباء
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
آخر تحديث: 25 يوليوز 2024 - 9:27 صبقلم: سمير داود حنوش قول الخبر الذي نشرته صحيفة “عُكاظ” أن سكان محافظة سعودية حصلوا على تعويضات مادية جراء انقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم خلال فترات بين يومي الجمعة والسبت، وتفيد تلك الأخبار إن مواطني محافظة “شرورة” جنوب المملكة تلّقوا رسائل هاتفية تفيد بحصولهم على تعويض مادي مع اعتذار شركة الكهرباء عن الانقطاع يوم الجمعة السادس من محرم الموافق 12 يوليو 2024 وحسب تلك الرسالة النصية فقد حصل المشترك على تعويض يقدر بـ2000 ريال أي ما يعادل 533 دولارا أميركيا.
انتهى الخبر ومعه الأزمة بنهاية سعيدة لشعوب تعيش في جغرافية تحكمها نُخب تحترم شعوبها وتهتم بمصالحها.لا أدري كم من التعويض يحتاج العراقيون جراء انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من عقدين عن منازلهم رغم كل تلك الموازنات الانفجارية والدعم الدولي؟ كم تحتاج الحكومات التي تعاقبت لأكثر من خمس دورات على حكم الشعب العراقي، وهي بالمناسبة نفس الوجوه مع تغيير في العناوين الوظيفية، أن تنفق أو تعوض العراقيين عن ساعات الانقطاع التام للكهرباء في أوقات القيظ الذي تتخطى درجة حرارته الخمسين؟ في عراقنا المنهوب يقف أيّ تفسير أو تحليل وحتى تبرير عاجزاً أمام ما يحدث في العراق، فأزمة الكهرباء مستمرة في بلد يُصنّف من أغنى بلدان العالم.يتندّر العراقيون بنكتة مُبكية حين أعلنت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي عن اتفاق مع لبنان من أجل إنارة ليالي بيروت الغارقة في الظلام من الوقود العراقي مقابل التفاح اللبناني، اتفاق ظل ساري المفعول رغم انتهاء ولاية الكاظمي، ولغز يصعب فهمه من خلال بواخر تجهيز الوقود العراقي دون أيّ مقابل من لبنان مما يعزز وجود فرضية ضغوط إقليمية لاستمرار الاتفاقية. تصوّروا أن العراق يحل مشكلة الكهرباء في لبنان في ما يعجز عن حل مشاكله الكهربائية.يسخر العراقيون من واقع يسوده الظلام حين يتذكرون أن نفطهم يُنير ليالي لبنان في ما يستورد بلدهم الغاز من إيران لتشغيل محطاتهم الكهربائية.تبرّر النُخب الحاكمة الفشل الكهربائي بوجود ضغوط أميركية لمنع العراق من بناء منظومة كهربائية مستقرة، هل يقتنع الجمهور بهذه الحجج وهو يعلم أن أميركا تحمي النظام السياسي الذي قد تطيح به شرارة الاحتجاجات من سوء الخدمات التي يشهدها العراق في مدنه المنكوبة؟ وكم من المعيب والمُخجل أن تتحدث السلطة عن فشلها تحت مبررات بعناوين ورقة ضغط سياسية تستغلها أميركا لإخضاع العراق وجرّه إلى محورها؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يجلسون على كراسي الحكم ويحكمون باسم السيادة الوطنية؟ في عام 2022 نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية مقالاً واصفة الأمر بـ”الحقيقة السخيفة” المتمثلة بأن سادس أكبر منتج للنفط في العالم ما يزال يعاني من نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وهو مضطر لدفع “الفواتير الابتزازية” المفروضة من قبل طهران، وأشار المقال إلى أن الحلول متاحة بسهولة لكن الميليشيات التي تجوب البلاد والفساد المستشري يعرقلان سبلها فضلاً عن الصراع السياسي، ما يؤكد واقعاً مراً باستمرار أزمة الكهرباء التي تراوح في فشلها رغم تعاقب الحكومات.الكهرباء في العراق ملف شائك، أو هكذا يُراد له أن يكون، لتعطيل الحياة اليومية في هذا البلد وجعل شعبه مدجّنا لا يرى من مقومات حياته سوى الأكل والنوم، شعب يُراد له من أطراف خارجية وداخلية أن يبقى مستسلماً للأمر الواقع، أو الاقتناع بأن الوضع سيبقى على ما هو عليه دون تغيير، لكن إلى متى؟
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
عاصفة البيت الأبيض تضرب الاقتصاد العراقي.. تحذيرات من تداعيات قرارات ترامب الجمركية
بغداد اليوم - بغداد
كشف الخبير المالي العراقي، رشيد صالح رشيد، اليوم الجمعة (4 نيسان 2025)، عن تداعيات ما وصفه بـ"عاصفة البيت الأبيض" المرتبطة بالقرارات الأمريكية الأخيرة بشأن الرسوم الجمركية، مؤكداً أن هذه الإجراءات ستنعكس سلباً على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على الأسواق الخارجية والسلع المستوردة.
وقال رشيد، في حديث خصّ به "بغداد اليوم"، إن "ما صدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قرارات تتعلق بالرسوم الجمركية يعد بمثابة عاصفة غير مسبوقة، وهي الأولى من نوعها على الأقل خلال المئة عام الماضية".
وأوضح أن "التعرفة الجمركية هي بطبيعتها أداة سياسية واقتصادية تُفرض بين دولتين على أساس المصلحة المشتركة، مثل ما يحدث بين العراق وسوريا أو العراق والأردن، حيث يتم تحديد الرسوم بحسب طبيعة التبادل التجاري والاحتياجات الفعلية لكل دولة".
وبيّن رشيد أن "القرارات الأمريكية الجديدة تنحرف عن هذا التوازن، إذ إن فرض رسوم مرتفعة للغاية على بضائع قادمة من عدة دول، خاصة من الصين ودول شرق آسيا، يعكس نزعة أحادية في إدارة الاقتصاد الدولي، ويسعى من خلالها ترامب إلى تكريس مبدأ الاستفراد الأمريكي على حساب الشراكة العالمية".
وأشار الخبير المالي إلى أن العراق سيكون من بين الدول المتضررة بشكل مباشر، موضحاً أن "الاقتصاد العراقي مرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد العالمي، وتحديداً الأمريكي، من حيث تدفق السلع والأسعار والتكنولوجيا". وأضاف: "ارتفاع الرسوم الجمركية على المواد الأولية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات في السوق العراقية، وهو ما سيخلق أعباء معيشية إضافية على المواطنين، ويهدد استقرار الأسواق".
وفي تعليقه على طبيعة الصراع، أوضح رشيد أن "ما تقوم به واشنطن هو حرب تجارية معلنة ضد الصين، لكنها ليست حرباً ثنائية صرفة، بل مرشحة لأن تتوسع إلى ملفات اقتصادية وجيوسياسية أخرى تمس دولاً غير معنية مباشرة بالنزاع، ومنها العراق"، محذراً من أن "الاقتصاد العراقي هش ولا يحتمل أي اضطرابات جديدة، خاصة في ظل اعتماده شبه الكامل على عائدات النفط التي تشكل أكثر من 90% من صادرات البلاد".
وتطرّق رشيد إلى نقطة بالغة الحساسية تتعلق بفرض رسوم جمركية تصل إلى 39% على صادرات عراقية لا تشمل ملف الطاقة، قائلاً إن "هذه الإجراءات مثيرة للقلق، حتى وإن كانت قيمة الصادرات غير النفطية متواضعة، لكنها تنذر بمنعطف خطير في التعامل الأمريكي مع شركائه الاقتصاديين".
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن "الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه الحرب التجارية إلى سحب الاستثمارات نحو السوق الأمريكية، عبر خلق بيئة عالمية غير مستقرة تدفع رؤوس الأموال للبحث عن الملاذ الآمن داخل الولايات المتحدة نفسها"، مضيفاً: "لكن الهدف الأبعد يبقى كبح جماح الصين التي باتت تتصدر المشهد الاقتصادي العالمي خلال العقد الأخير، وهي محاولة يائسة لمنع واشنطن من فقدان مركزها المتقدم".
وتأتي تصريحات الخبير المالي في ظل تصعيد اقتصادي واسع تقوده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ مطلع عام 2025، تمثل في فرض حزم متتالية من الرسوم الجمركية المرتفعة على واردات الولايات المتحدة من عدة دول، أبرزها الصين، في خطوة تهدف إلى إعادة توجيه سلاسل التوريد العالمية وتعزيز الإنتاج المحلي الأمريكي.
ورغم أن العراق لا يُعد من كبار المصدرين إلى السوق الأمريكية، إلا أن اقتصاده المتشابك مع السوق الدولية يجعله عرضة لتأثيرات غير مباشرة لهذه السياسات، لا سيما مع اعتماده الكبير على استيراد المواد الأولية والسلع المصنعة من بلدان مثل الصين وتركيا وكوريا الجنوبية، التي طالها القرار الأمريكي.