ربو تشوُّه أجنة وسرطان.. التدخين السلبي.. جريمة اجتماعية
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
حذّر مختصون من المشاكل المترتبة على التدخين السلبي الذي يتعرض له معظم أفراد الأسرة داخل البيوت بسبب الشخص المدخن، مؤكدين أن الأطفال والزوجات وبقية أفراد الأسرة هم الأكثر تأثرًا من التدخين السلبي الذي يتعرضون له في المنازل والأماكن المغلقة.
بداية يؤكد استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور محمد بكر صالح قانديه: معظم الأسر بالفعل تعاني من وجود مدخن في محيط العائلة ، وانعكاس ذلك لا يتوقف على المدخن بل يؤثر على كل المحيطين به وخصوصًا الأطفال، فالتدخين السلبي هو استنشاق الدخان المنبعث من سيجارة مشتعلة، وضرره يبدأ على المحيطين بالمدخن من أول خمس دقائق، حيث تصبح الشرايين أقل مرونة كما يحدث للشخص الذي يدخن سيجارة.
وأضاف: لا يتوقف تأثير التدخين السلبي على الأطفال فقط بل يشمل ذلك النساء الحوامل، إذ يسبب تعرض الأم للتدخين السلبي انتقال السموم إلى الجنين في الرحم عن طريق الدم، وتشمل أضرار التدخين السلبي على الجنين ارتفاع مخاطر الإجهاض، ارتفاع احتمال الولادة المبكرة قبل اكتمال نمو الجنين، وإنجاب طفل بوزن أقل من الوزن الطبيعي عند الولادة، كما يبطئ التدخين السلبي نمو رئتي الجنين فتكون أضعف من الأطفال الآخرين، مما يزيد من خطر إصابته بالعديد من المشاكل الصحية في المستقبل، ويقلل من فرص النجاة للأطفال الخدج ، كما تزداد المخاطر الصحية كلما طالت مدة تدخين المرأة الحامل أو تعرضها للدخان السلبي.
ونصح د. قانديه المدخنين بالإقلاع عن التدخين نهائياً لكونه يمثل الحل الأمثل لإعطاء الجسم الفرصة للتعافي واستعادة صحته ليماثل صحة جسم غير المدخن مع مرور الوقت، إذ تظهر أولى فوائد الإقلاع عن التدخين عند الانتهاء من تدخين السيجارة الأخيرة، حيث يبدأ معدل ضربات القلب وضغط الدم بالعودة إلى المستوى الطبيعي ، وحتى يتمتع المدخن بفوائد ترك التدخين التي تظهر على المدى البعيد، عليه أن يضع خطة للتعامل مع آثار ترك التدخين والتوقف عن النيكوتين المسبب للإدمان، وذلك ليتمكن من مواصلة رحلة الإقلاع عن التدخين والإحساس بآثاره الإيجابية في المستقبل.
من جانبه يقول استشاري طب وجراحة الأنف والأذن والحنجرة الدكتور عبدالمنعم حسن الشيخ: للأسف هناك بعض الأطفال وبقية أفراد الأسرة يتعرضون للتدخين السلبي بسبب الشخص المدخن ، إذ يزيد التدخين السلبي الذي يتعرض له الإنسان منذ طفولته خطر تطور أمراض الرئة المزمنة في مرحلة البلوغ، واستمرار التعرض السلبي للتدخين يزيد من احتمال حدوث المضاعفات الخطرة ، وأحد الآثار السلبية الرئيسية الأخرى للتدخين السلبي هو تأثيره الضار على الذين يعانون من الربو، فليس فقط أنها تسهم في التاثير على الجهاز التنفسي، ولكن أيضا على تفاقمه.
وأضاف: كشفت دراسات عديدة أن غير المدخنين الذين يستنشقون دخان التبغ بصورة منتظمة تزيد لديهم أيضًا مخاطر الاصابة بأمراض مختلفة ، إذ إنه يرفع خطر إصابتهم بالتهاب الشعب الهوائية والربو ، كما يتسبب التدخين السلبي في بعض المتاعب لدى الأطفال مثل اضطرابات النوم والسعال والصداع وضعف التركيز.
وختم د.الشيخ بقوله: لابد على المدخنين التوقف فورًا عن التدخين لتجنب الأمراض ، بجانب حماية جميع أفراد الأسرة من المخاطر المترتبة ، فيجب الحفاظ على البيئة المحيطة خالية من التدخين.
إلى ذلك يقول أستاذ وعالم أبحاث المسرطنات الدكتور فهد الخضيري: التدخين أمام الأطفال جريمة اجتماعية وهي سبب لتدخين الأطفال؛ لأنهم يقتدون بمن يدخن أمامهم، وتسبب للأطفال أمراضًا صحية بالرئة وغيرها وحساسية وربو، وتسبب لهم معاناة نفسية ، وأن أكثر من 40 % من الأطفال الذين يدخلون نوبات ربو خطيرة تستدعي نقلهم إسعافًا لغرف الطوارئ هم من الذين يعيشون مع مدخن في البيت؛ أو السيارة ، ونسبة استنشاق الطفل للدخان تصل إلى 30% من سموم الدخان الذي يسمى بـ “التدخين السلبي”، أما إذا تم التدخين بعيدًا عن الطفل أو في غرفة مجاورة فيخف الضرر طبعًا ولكن يستنشق الطفل الدخان عند حملانه أو التنفس بوجهه وتصل النسبة في هذا الوضع إلى 10 %.
وأكمل: الطفل الذي يتعرض للتدخين السلبي يستنشق مزيجاً من الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون معًا، فبالتالي كمية الأوكسجين التي تصل إلى الدماغ تكون أقل ما يؤدي حتماً إلى ضعف التركيز وإلى تراجع في الأداء المدرسي، مع التنويه أن عوالق وجزيئات التدخين السامة تبقى عالقة في أجواء الغرفة 5 ساعات، وقد تزيد إذا كان المكان مغلقًا، كما أثبتت الدراسات ايضاً علاقته بانواع من السرطان وبسرطان الثدي، ومشاكل الحمل وتشوهات الأجنة لزوجته.
ونوه د. الخضيري أن التدخين السلبي أدى إلى 1.2 مليون وفاة مبكرة سنويًا، حول العالم، إضافة إلى وفاة 65 ألف طفل بسبب أمراض تُعزى إلى دخان التبغ غير المباشر.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: للتدخین السلبی التدخین السلبی أفراد الأسرة عن التدخین
إقرأ أيضاً:
شم النسيم.. عيد فرعوني قديم يحتفي بالحياة والربيع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعد عيد "شم النسيم" من أهم الأعياد الذى يحتفل به المصريون منذ نحو 4700 عام، وكان هذا الاحتفال الوحيد الذي جمع المصريين بمختلف عقائدهم الدينية دون أن يلبس ثوبا عقائديا على الإطلاق احتفالا بالحياة والربيع.
ويأتي عيد شم النسيم على قائمة الأعياد الزراعية في مصر القديمة، واصطبغ بمرور الوقت بصبغة اجتماعية ذات صلة بالطبيع كما يتضح من اسمه "شمو"في اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية وهي نفس الكلمة التي أطلقها المصريون القدماء على فصل الصيف وتحمل أيضا معنى الحصاد، وتحولت الكلمة إلى "شم"في اللغة القبطية والتي تعد مرحلة متأخرة من الكتابة المصرية القديمة لكن بأحرف يونانية.
في حين يرى بعض المتخصصين في اللغة المصرية القديمة أن تسمية "شم النسيم" تنطوي على تركيب لغوي كامل في اللغة المصرية القديمة هو "شمو (حصاد)- ان (ال)- سم (نبات)" وفي دلالة واضحة على عدم تحريف الاسم المصري الأصلي بإدخال كلمة "نسيم" العربية التي يعرفها المعجم بأنها "ريح لينة لا تحرك شجرا للإشارة إلى اعتدال الجو ومقدم فصل الربيع.
واختلف العلماء في تحديد بداية واضحة ودقيقة لاحتفال المصريين بعيد "شم النسيم" فمنهم من رأى أن الاحتفال بدأ في عصور ما قبل الأسرات بحسب تقسيم تاريخ مصر القديم ورأى آخرون أنه يرجع إلى عام 4000 قبل الميلاد إلى أن استقر أغلب الرأي على اعتبار الاحتفال الرسمي به في مصر قد بدأ عام 2700 قبل الميلاد مع نهاية عصر الأسرة الثالثة وبداية عصر الأسرة الرابعة.
حيث اعتبر المصريون القدماء عيد شم النسيم بعثا جديدا للحياة كل عام تتجدد فيه الكائنات وتزدهر الطبيعة بكل ما فيها واعتبروه بداية سنة جديدة مدنية يستهلون به نشاطهم لعام جديد وكانت الزهوروانتشارالخضرة بشيرا ببداية موسم الحصاد فكانوا يملأون مخازن الغلال بحصاده ويقدمون للإله الخالق خلال طقوس احتفالية سنابل القمح الخضراء في دلالة رمزية على الخلق الجديد الدال على الخير والسلام.
وحمل طابع الاحتفال الشعبي منذ عصور قديمة للغاية سجلها المصري في نقوشه على جدران مقابره ليخلد ذكرى نشاطه في ذلك اليوم فكان الناس يخرجون في جماعات إلى الحدائق والحقول للتريض والاستمتاع بالزهور والأخضر على الأرض حاملين صنوف الطعام والشراب التي ارتبطت بهذه المناسبة دون غيرها وحافظ عليها المصريون حتى الآن في مشهد موروث ومستنسخ كل عام لعادات مصرية قديمة غالبت الزمن.
وحرص المصري القديم على أن تضم قائمة طعامه في شم النسيم عددا من الأطعمة التي لم يكن اختيارها محض عشوائية أو صدفة بحتة بل كانت تحمل مدلولا دينيا وفكريا ارتبط بعقيدته خلال احتفاله بالمناسبة، من بينها أطعمة أساسية كالبيض، والسمك المملح (الفسيخ)، والبصل، والخس، والحمص الأخضر (الملانة) حيث ترمز البيضة إلى التجدد وبداية خلق جديد في العقيدة الدينية المصرية فهي منشأ الحياة وقناة خروج أجيال من الكائنات وأصل كل خلق ورمز كل بعث و أطلق المصري عليها "سوحت"وذكرها في برديات الأدب الديني القديم عندما اعتقد أن الإله خلق الأرض من صلصال في هيئة بيضة ودب فيها الروح فبدأت فيها الحياة لذا كانوا يقدمون البيض على موائد القرابين لدلالته الرمزية والدينية على حد سواء.
وحرص المصري على تناول السمك المملح (الفسيخ) في هذه المناسبة مع بداية تقديسه نهر النيل الذي أطلق عليه"حعبي" بدءا من عصر الأسرة الخامسة فضلا عن ارتباط تناوله بأسباب عقائدية تنطوي على أن الحياة خلقت من محيط مائي أزلي لا حدود له خرجت منه جميع الكائنات أعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون.
وبرع المصريون في صناعة السمك المملح وكان يخصصون لصناعته أماكن أشبه بالورش كما يتضح من نقش في مقبرة الوزير "رخ-مي-رع" في عهد الأسرة 18، وتشير بردية "إيبرس" الطبية إلى أن السمك المملح كان يوصف للوقاية والعلاج من أمراض حمى الربيع وضربات الشمس.
وأولى المصريون أهمية كبيرة لتناول نبات البصل، خلال الاحتفال اعتبارا من عصر الأسرة السادسة لارتباطه بأسطورة قديمة تحدثت عن شفاء أمير صغير من مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه وكان البصل سببا في الشفاء بعد أن وُضع النبات تحت وسادة الأمير واستنشقه عند شروق الشمس في يوم وافق احتفال المصريين بعيد شم النسيم فكتب له الشفاء فأصبح تقليدا حافظ عليه المصريون حتى الآن.
أما الحمص الأخضر فقد عرفته عصور الدولة القديمة وأطلق عليه المصريون اسم "حور-بك" وكان يحمل دلالة عقائدية على تجدد الحياة عند المصري لأن ثمرة الحمص عندما تمتلئ وتنضج ترمز عنده بقدوم فترة الربيع فصل التجدد وازدهار الحياة بعد أن ظلت أرضها المركز الأول لكل حياة، حياة الآلهة وحياة البشر، فكل شيء ينطلق انطلاقا من هذا المكان.