الثورة نت:
2025-01-08@22:31:34 GMT

اليمن.. قدَر الجغرافيا العظيم

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

 

 

قبل أي حديث، وأسبق من كلّ حرف، تحية من القلب صادقة حارة ووقفة احترام كامل لليمن، شعبها وقائدها ومجاهديها، تحية من كلّ عربي يستحق هذا الشرف، تحية طيبة زكية يسندها خطاب القرآن الكريم في وصف أهل اليمن “أولو قوة وأولو بأس شديد”، ووصف النبيّ الأكرم(ص): “أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية”.


تكلم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وفي كلّ كلمة ونظرة وإشارة لا يسيطر على القلب أكثر من أن معدن هذا الشعب لا يزال كما هو مدهشًا أصيلًا صلبًا مؤمنًا، وأن فرادته وسمو روحه يظهران أكثر ما يظهران في أوقات المحن الكبرى والتحديات الجسام.
في البداية، فإن هذه الكتابة ليست تحليلًا لخطاب السيد الحوثي، ولا تفسيرًا لكلماته أو نواياه التي جاءت واضحة غير ملتبسة، لكنّها مجرد محاولة لاستجلاء صورة أو لمحة عن العاصفة القادمة في الشرق الأوسط، بالضبط حيث ولدت، وتمددت رقعتها ونيرانها، وستندفع حمم اللافا اللاهبة عما قريب، لتغير أوضاعًا وواقعًا كنا نظنه ثابتًا مقدسًا يعز على التغيير مهما بلغت الجهود والأمنيات.
تأتي أهمية خطاب السيد عبدالملك الحوثي مستندة إلى خلفية الحدث الهائل الذي سبقها، وهو نجاح دولة عربية للمرة الأولى في قصف قلب كيان العدوّ الصهيوني، “تل أبيب”، رغم البعد الجغرافي الهائل الذي يزيد عن 2000 – 2500 كيلومتر، ثمّ في امتلاء هذا الفضاء الجغرافي بوسائط الدفاع الأمريكية المكرسة لرصد وتحييد أي تهديد عسكري قبل الوصول إلى الكيان، وسقوط عدة دول عربية في حبائل الخيانة الشيطانية للدين والدم والشرف الإنساني، ودفاع جيوشها المستميت عن العدوّ وتقديم طرق النقل والإمداد البديلة بعد إغلاق طريق البحر الأحمر وميناء أم الرشراش نهائيًا بقرار يمني كالسيف قاطع.
الضربة اليمنية الهائلة جاءت ضمن المرحلة الخامسة لعمليات الجيش اليمني، ضمن مخطّط تصعيد خلّاق يتوازى مع الوحشية والجرائم التي يرتكبها العدوّ في غزّة، وكلّ مرحلة يمنية كان يتوسع معها النطاق العملياتي العسكري، بما فيه من تحديات استحداث وإدخال أسلحة جديدة إلى المواجهة، والمرحلة الخامسة التي كان أعظم ما فيها العملية “يافا”، تشمل توسيع العمليات العسكرية ضدّ العدوّ الأمريكي والصهيوني في المحيط الهندي والبحر المتوسط، بما يعني أن كامل مساحة فلسطين المحتلة ضمن نطاق العمل اليمني الأحدث، وهو ما لخصه القائد السيد عبدالملك بقوله: “نعلن أن استهداف يافا بداية للمرحلة الخامسة من التصعيد، ونعتبرها معادلة جديدة ستستمر وتثبت بإذن الله وتأييده”.
الرد الصهيوني الذي يستحق أن يوصف بأنه “هوليودي” الطابع، جاء عبر مظاهرة جوية من طائرات F – 35 الشبحية ترافقها طائرات الإرضاع الجوي على طول طريقها الطويل من شمال البحر الأحمر إلى جنوبه، ثمّ اختيار محطات الطاقة ومخازن الوقود في ميناء الحديدة، لمحاولة التسبب بأقصى قدر من الحرائق، وبالتالي إظهار الرد الصهيوني على اليمن وكأنه مرعب، كان العدوّ يبحث من كلّ ما فعله ودبره عن هدف واحد فقط، استعادة الردع، بل أقل من ذلك، استعادة ثقة مستوطنيه في أنه قادر على الردع! وهذا أيضًا اختصره القائد الحوثي بقوله: إن “استهداف المازوت والديزل الذي يجلبه التجار لبيعه للمواطنين هو من أجل الاستعراض مع مشاهد النيران المشتعلة، فالعدو يريد أن يصور لجمهوره الغاضب والخائف من مشاهد النيران أنه حقق إنجازًا كبيرًا ووجه ضربة موجعة لليمن”.
وعن مستقبل عمل محور المقاومة، قال السيد عبدالملك الحوثي: إن “استراتيجية العدوّ الصهيوني من بعد عملية طوفان الأقصى أن يلقي بكلّ ثقله وإمكاناته العسكرية ضدّ الشعب الفلسطيني ومجاهديه في غزّة، وأول ما أثر على الاستراتيجية الصهيونية هو جبهة الإسناد في لبنان التي ضغط فيها حزب الله بشكل مستمر، فجبهة حزب الله ساخنة ومؤثرة، في استهداف المواقع والقواعد والمغتصبات الصهيونية، وساهمت في التخفيف عن الشعب الفلسطيني، وجبهة الإسناد اليمنية فاعلة ومؤثرة على العدوّ الصهيوني، وتوالت العمليات اليمنية الفاعلة على العدوّ بشكل واضح، وكبدته خسائر كبيرة وصولًا إلى إعلانه الرسمي إفلاس ميناء أم الرشراش”.
وفي كلمته الصادقة، قال السيد عبدالملك شيئًا عن اليمن لا يمكن تفويته، ولم يكن يمكن لسواه أن يقوله، حيث قال: “هو شعبي، أنا أعرفه جيدًا، هو سعيد بأنه في مواجهة مباشرة ضدّ العدوّ الصهيوني، هو شعبٌ ثابتٌ شجاعٌ، يستند إلى إيمانه بالله سبحانه وتعالى واعتماده على الله وتوكله على الله، ونحن في هذه المعركة أقوى من أي مرحلة مضت”.
إن البعض قبل طوفان الأقصى وبعده، كانوا مقتنعين بأن الجغرافيا هي عدو اليمن العنيد في مسألة إسناد فلسطين، وأن اليمن من الصقور لكنّه محبوس في قفص عصفور الكناريا، لكن الحقيقة أظهرت تمكّن اليمن من تطويع الظروف القاسية والتضاريس الصعبة الوعرة وجبالها العالية الشامخة والبعد المكاني بألفي كيلومتر من بؤرة الأحداث، فتحولت كلّ التحديات إلى فرص سانحة وواعدة، وآتت الحكمة اليمنية أكُلها، فإذا هي بامتلاكها تكنولوجيا عسكرية متقدمة – تشمل صواريخ فرط صوتية وشبحية – تستطيع إيذاء قلب العدوّ النابض بضربات مباشرة وشديدة الدقة، فيما يتحول موقعه العالي بالنسبة للعدو إلى ما يشبه قلعة بنيت فوق السحاب، كان الظن أن الجغرافيا هي عدو اليمن، لكن الطوفان أثبت أن الجغرافيا هي قدر اليمن وفلسطين العظيم.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني يجرّد غزة من حقّها في الحياة والاستشفاء

يمانيون../
لا يحصل في العالم أن يُختطف طبيب من مشفى ومعه كادر طبيّ، ثمّ يتنصّل الفاعل من جريمته، ويدّعي عدم مسؤوليته عن الخطف، سوى عندما يتعلّق الحادث بالكيان الإسرائيلي المجرم الذي تجاوز في حرب الإبادة على قطاع غزة كلّ المحرّمات، ووصل إلى مرحلة القضاء على كل مقومات الحياة بأبشع وأعنف الوسائل الممكنة.

وقد تكون حوادث الاعتداء على المستشفيات وما نراه على الصعيد الصحي والمراكز الاستشفائية من أبرز الأعمال الجرميّة التي يرتكبها العدو. فبعد تعطيل أكثر من مشفى عن العمل وإيقاف جميع الخدمات فيه، عمد أخيراً إلى محاصرة مستشفى كمال عدوان وإحراقه واعتقال مدير المستشفى د. حسام أبو صفية وعدد من الأطباء، ليدّعي بعدها عدم معرفته بمكان الدكتور ومصيره. وبحسب ما نقل عن المدير العام في وزارة الصحة الفلسطينية د. منير البرش، فإنّ منظمة أطباء لحقوق الإنسان تقدّمت بطلب لمعرفة مصير الدكتور أبو صفيّة، إلاّ أنّ الاحتلال الإسرائيلي ردّ على الطلب بأنّه ليس لديه معتقل بهذا الاسم.

يأتي هذا الإنكار الإسرائيلي ليُضاف إلى سلسلة الأكاذيب والادعاءات التي يمارسها العدو منذ السابع من أكتوبر عام 2023، ما يضعنا أمام جريمة موصوفة يمارسها الاحتلال على مستوى ارتفاع أعداد المفقودين، جراء الإبادة وعمليات القتل والاعتقالات وكل أشكال الإجرام الذي يمارسه الكيان بلا توقّف.

ولا يمكن فصل ما يحصل على مستوى القطاع الصحي عن مخططات العدو المرتبطة بإخلاء القطاع من المدنيين بشكل كامل، وهو ما أكدته في وقت سابق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية التي ذكرت أن إغلاق المستشفيات”يعد جزءًا من إستراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إخلاء منطقة شمال قطاع غزة بالكامل من المدنيين”.

وبالحديث عن النتائج أيضاً، سبق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن أكدت أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أدّت إلى تدمير نظام الرعاية الصحية، بطريقة تصفها مجموعات الإغاثة والهيئات الدولية، بصورة متزايدة، بأنّها منهجية، مشيرةً إلى انهيار نظام الرعاية الصحية الذي كان يخدم جميع سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.

وعلى الرغم من المطالبات المستمرة لمنظمة الصحة العالمية بوجوب ضمان دخول المساعدات الإنسانية والبعثات لقطاع غزة، على نحو آمن ومستدام وسلس، فإن أنّ أحداً من قادة الولايات المتحدة الأمريكية وكيان العدو لا يعير أيّ اهتمام لكل هذه النداءات والمطالبات ويتعمّد إكمال مسلسل التدمير الممنهج للقطاع الصحي ولو كلّف المزيد من أعداد الشهداء وكرّس قطاعاً كاملاً بلا مستشفيات وبلا متابعة صحية، وهو ما يضعنا أمام سؤال ملحّ يتعلق بحياة الشعب الفلسطيني في غزة ومصيره مع استمرار الإبادة الجماعية وتعنت الاحتلال؟

نحن نتحدث اليوم ومع بداية العام 2025 عن فقدان أكثر من 80% من المستلزمات الطبية، وخسارة عدد كبير من الكوادر والأطقم الطبية وفقدان أكثر من نصف المستشفيات والمراكز الصحية المعنية بمعالجة الجرحى والمرضى والمصابين، هذا عدا عن مسألة النازحين الذين اتخذوا من المستشفيات مكاناً يلجئون إليه من نيران الاحتلال ظنّاً منهم أنها أماكن محظورة على الاستهداف والمجازر، لتثبت حرب الإبادة أنّ كل الأهداف مباحة أمام العدو الإسرائيلي، وأنّ الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية يدعم الكيان بشكل كامل للاستمرار في نسف البشر والحجر، وأنه لا يقف عائقاً أمام تحقيق أهداف العدو ورفع مستوى الإجرام يوماً بعد يوم.

فهل تنفع نداءات المنظمات العالمية للتوقف عن استهداف المستشفيات والإفراج عن الأطباء والمسعفين؟ لا تعطي التجربة أملاً في ذلك، لكن يبقى الرهان دائماً على المقاومة.

العهد الاخباري زهراء جوني

مقالات مشابهة

  • نكف واستنفار لقبائل العنان في مواجهة العدو الصهيوني
  • الشيخ حسين حازب : أدعو القوى السياسية أن تعلن السيد عبد الملك الحوثي قائدًا ومرجعيةً لليمن
  • استشهاد 54 أسيرًا فلسطينيًا منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة
  • شهداء وجرحى جراء قصف العدو الصهيوني على غزة
  • إعلام العدو يعترف بصعوبة مواجهة جبهة اليمن وتأثيرها على العمق الصهيوني
  • هل حان الوقت لتنفيذ سيناريو تصفية عبدالملك الحوثي في اليمن كما حصل لحسن نصر الله؟ .. معاريف تتسائل
  • بشأن اليمن.. ما الذي تريده “إسرائيل” من “ترامب” فور وصوله الى السلطة..!
  • الإعلام الصهيوني والأمريكي والبريطاني يُقر بصعوبة مواجهة جبهة اليمن
  • اليمن يقطع ذراع كيان العدو الصهيوني ومرتزقته
  • العدو الصهيوني يجرّد غزة من حقّها في الحياة والاستشفاء