العدو بين سندان وحدة الساحات ومطرقة اليمن
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
لا شك أن التأمل في بيان حزب الله بعد العدوان الصهيوني على اليمن، يقود إلى تقدير دقيق للمرحلة الجديدة التي دخلها الصراع، خاصة وأن حزب الله يزن كلّ حرف يخرج في بياناته ولا يعتمد سياسة التهويل أو المناورة.
وهنا لا بد من التدقيق في فقرة هامة من البيان تقول: “إننا نعتقد أن الخطوة الحمقاء التي أقدم عليها العدوّ الصهيوني هي إيذان بمرحلة جديدة وخطيرة من المواجهة بالغة الأهمية على مستوى المنطقة برمتها، وأن لدينا الثقة الكاملة بأن القيادة اليمنية بما تمتلك من معرفة وشجاعة وقوة قادرة على اتّخاذ الخطوات المناسبة والضرورية لردع هذا العدوّ وحلفائه الإقليميين والدوليين”.
وموضع الشاهد هنا عدة نقاط هامة:
أولًا: توصيف تداعيات العدوان بأنه مرحلة جديدة وخطيرة، وهو ما يشي بقواعد ومعادلات جديدة تتخطّى النطاقات المحدودة نسبيًّا لجبهات الإسناد وربما تتخطّى حرب الاستنزاف لتصل لنطاقات أخطر من المواجهات المباشرة والأهداف الحيوية والمواقع الاستراتيجية.
ثانيًا: تحديد نطاق المواجهة بأنه يشمل المنطقة برمتها، هو تأكيد لخطورة الانزلاقات الجديدة الناجمة عن العدوان واتساع دائرة المواجهة برًّا وبحرًا وجوًّا، وهو ما يشي أيضًا بدخول وتورط أطراف جديدة.
ثالثًا: الإشارة إلى ردع العدوّ وحلفائه الإقليميين والدوليين، تؤكد اتساع نطاق المعركة وقراءة المقاومة أن هناك من يساعد ويدعم دوليًّا وإقليميًّا وأن هؤلاء جميعًا ليسوا بمنأى عن التورط في المواجهة.
وهنا لا بد من التدقيق أيضًا في طريقة العدوان الصهيوني على اليمن وما أعقبته من مشاهد وممارسات لمحاولة استنتاج بعض من دلالاتها:
أولًا: حرص العدوّ الصهيوني على تصدير صورة نيران كبيرة لترميم الردع وبالتالي كانت الصورة أقرب للصور الهوليودية السينمائية، في حين أنها لم تستهدف هدفا عسكريًّا صعبًا، بل أهدافًا مدنية غير خاضعة لتدابير الدفاع العسكري، وكانت لمخازن ومستودعات للنفط والطاقة، فكان طبيعيًّا أن تسفر عن هذا المشهد النيراني، وهو ما يعني أن الطائرة اليمنية “يافا” نفذت عملًا أكثر صعوبة وأكثر نجاحًا من طائرات الـ”إف 35″ وطائرات التزود بالوقود التي قامت بعمليات استعراضية في ظل إفلاس لبنك أهداف استراتيجي.
ثانيًا: حرص العدوّ على استثمار صورة انفجارات مخازن النفط في ترهيب الساحة اللبنانية بتكثيف غارات ليلية على الجنوب، وكأنه يوحي لساحات وجمهور المقاومة بأنه بدأ مرحلة جديدة من العدوان، وهي لعبة مكشوفة وساذجة لهذا العدوّ المردوع والذي لم يجرؤ على استهداف مواقع أو أهداف تستدعي توسيعًا وانزلاقًا، وربما كان العدوّ يحاول مخاطبة جمهوره وجبهته الداخلية أيضًا بعدما أصابهما من إحباط وانعدام للثقة بعد عمليات حزب الله في شمال فلسطين المحتلة.
ثالثًا: حرص نتنياهو على تصدير صوره في غرفة العمليات مع رئيس الأركان، كما حرص غالانت على تصدير نفس الصور، وحرص كلاهما على الخروج بكلمات تعقيبية على العدوان لترميم الردع الساقط وتصدير أي صورة من صور النصر.
وعند رصد الواقع العملي على الجبهات بعيدًا عن محاولات العدوّ لتصدير صور وهمية ومغالطات، فإننا نرصد واقعًا معاكسًا:
أولًا: نجد تصريحًا لجدعون غولبر- الرئيس التنفيذي لميناء “إيلات” الإسرائيلي، يقول إن عددًا كبيرًا من عمال الميناء تم تسريحهم بسبب الأزمة المستمرة في البحر الأحمر، وقال المسؤول “الإسرائيلي” نصًّا: “خسرنا 50 مليون شيكل وسنواصل الخسارة إذا لم تتّخذ “دولة إسرائيل” إجراءات مع دول التحالف، ومنذ نوفمبر 2023م، تم إغلاق الميناء، وانتقل كلّ شيء إلى ميناءي “أشدود” وحيفا”.
ثانيًا: نجد اصطفافًا شعبيًّا يمنيًّا وتظاهرات امتدت لساعات الفجر تطالب بالثأر، وأصبح اليمن جبهة مواجهة مباشرة بعد أن كان جبهة إسناد.
ثالثًا: نجد أن الردود من المقاومة في لبنان تتسع وتفي بوعد السيد نصر الله باستهداف مستوطنات جديدةًّ، ردا على اختراقات العدوّ للخطوط الحمر والاغتيالات واستهداف المدنيين، وهو ما يعني الثبات والاستمرارية، بل والتصعيد.
رابعًا: نجد التساؤلات عن مسارات الطائرات الصهيونية وإمداداتها ومَن تعاون معها في الإقليم، وهو ما يدخل أطرافًا إقليمية بشكل مباشر في الصراع والمواجهة، بعد أن حرصت على النفاق والتواري خلف الإدانات الجوفاء، وهو ما يعقد المشهد ويحرج هذه الدول، وقد يدفع إلى تغيرات في سياساتها خشية انتقام المقاومة، وهو ما لا يصب في صالح العدو.
في المحصلة فإن اليمن بعد تطوير قدراته أصبح قوة لا يستهان بها، والأهم من القوّة هو امتلاكه للشجاعة والمصداقية في مواجهة العدو، حيث يمتلك قرارًا حرًّا وإجماعًا شعبيًّا وهو غيرمقيَّد بأي نوع من القيود، ما يشكّل مواجهة من أصعب وأخطر المواجهات على الكيان وحلفائه.
كما أن اليمن الذي كسر الردع الأمريكي واستهدف حاملة طائرات أمريكية، لن يعجز عن كسر وردع الذيل الأمريكي المتمثل في الكيان الصهيوني، ومن نجح في إهانة الأصيل لن يعجز عن إذلال الوكلاء.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لليوم الـ 48 تواليا: العدو الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها
الثورة نت/وكالات تواصل قوات العدو الصهيوني عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ48 على التوالي، ولليوم الـ35 على مخيم نور شمس، في ظل تصعيد غير مسبوق شمل عمليات مداهمة مكثفة للمنازل وإجبار سكانها على الخروج منها بالقوة، مع استمرار الحصار والاقتحامات وسط تعزيزات عسكرية، وإجراءات تنكيليه بحق المواطنين. وقالت مصادر إعلامية، إن دوي انفجارات ضخمة سمع فجر اليوم السبت، في المنطقة المحيطة بالأحراش في مخيم نور شمس، تزامنا مع انتشار مكثف لجنود العدو، وشوهدت ألسنة الدخان تتصاعد من المكان، في الوقت الذي تسببت في تحطم زجاج مركبات ونوافذ المنازل القريبة وتضرر محتوياتها، دون أن يبلغ عن إصابات في صفوف المواطنين. كما وأطلقت قوات العدو الرصاص الحي تجاه مركبة إسعاف، أثناء توجهها لمخيم نور شمس لإخلاء حالة مرضية، ومنعتها من الوصول إليها. وشهدت حارة المحجر في المخيم عمليات اقتحام وتفتيش مكثفة للمنازل نفذها جنود العدو، فيما انتشرت فرق المشاة في حارة جبل النصر، حيث أقدمت على تفجير إحدى بوابات مسجد النصر في المخيم، وسط إطلاق نار كثيف، كما أضرمت النيران في منزل المواطن ياسر مقبل في حارة المنشية، ما أدى إلى احتراق أجزاء من المنزل، وإلحاق أضرار مادية جسيمة. وفي مخيم طولكرم، أفادت مصادر محلية بأن قوات العدو انتشرت بدورياتها الراجلة في حارتي أبو الفول وقاقون في مخيم طولكرم، حيث داهمت المنازل وخلعت الأبواب وعاثت فيها خرابا، إضافة إلى إطلاق قنابل صوتية لترويع السكان، كما استولت على مزيد من المنازل وحولتها إلى ثكنات عسكرية. وفي حارة المقاطعة، اعتقلت قوات العدو المواطن نزار الطويل ونجله أحمد، بعد الاعتداء عليهما بالضرب، حيث احتجزتهما لأكثر من 12 ساعة قبل الإفراج عنهما في ساعات الفجر الأولى، بينما تعرض عدد آخر من المواطنين للتنكيل أثناء عمليات المداهمة لمنازلهم. وفي ضاحية اكتابا، انتشرت فرق المشاة في منطقة حي إسكان الموظفين، وتحديداً المنطقة المقابلة لمخيم نور شمس، حيث داهمت منازل المواطنين وأجرت عمليات تفتيش واسعة داخلها، وأخضعت سكانها للاستجواب الميداني. وفي موازاة ذلك، دفعت قوات العدو بتعزيزات عسكرية باتجاه المدينة ومخيميها، مرورا بشوارعها الرئيسية، واعترضت حركة تنقل المواطنين والمركبات، فيما عززت من آلياتها وجرافاتها الثقيلة، أمام المباني التي تستولي عليها في شارع نابلس وتحولها لثكنات عسكرية، وفي محيط مخيمي طولكرم ونور شمس، وأقامت حواجز متنقلة لتقييد حركة تنقل المواطنين. وتأتي هذه الاعتداءات في سياق التصعيد المستمر لقوات العدو في مدينة طولكرم ومخيميها، والذي أسفر عن استشهاد 13 مواطنا فلسطينيا، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حاملا في الشهر الثامن، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 12 آلف مواطن من مخيم نور شمس، و12 ألف آخرين من مخيم طولكرم. كما خلف العدوان دمارا شاملا طال البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة.