عاد الحديث عن قضية المدير الإعلامي لمونديال 2022، عبدالله إبحيص، إلى دائرة الضوء مؤخرا، بعد أن خلُصت لجنة تابعة لـ"الأمم المتحدة" إلى أنّ قطر تحتجزه بشكل تعسفي منذ قرابة 3 سنوات، مما دعا 3 مؤسسات حقوقية دولية، الأربعاء، إلى المطالبة بالإفراج الفوري عنه، قبل نهاية مدة سجنه المقررة في أكتوبر المقبل. 

وتعود القصة إلى أغسطس 2019، حين نظمت مجموعة كبيرة من العمال المهاجرين المقيمين في معسكر العمال بالشحانية إضرابا احتجاجا على عدم حصولهم على أجورهم، وقتها قدّم إبحيص إلى زملائه في اللجنة العليا أدلّة على أنّ بعض هؤلاء العمال شاركوا في بناء ملاعب لكأس العالم 2022، ونصحهم بالاعتراف علنا بمساهمة العمّال والتركيز على معالجة الوضع.

وقال إبحيص لأحد زملائه الكبار في إحدى الرسائل إن الكذب ليس أسلوبا قطريّا وينبغي ألا يكون كذلك. لكن بعد أسابيع، في نوفمبر 2019، قدّم منظمو كأس العالم في قطر تقريرا إلى الشرطة زعموا فيه أنّ إبحيص متورّط في رشوة بقصد الإضرار بأمن الدولة.

        View this post on Instagram                      

A post shared by قناة الحرة | Alhurra (@alhurranews)

تعتبر الناشطة الحقوقية الأردنية، مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز، في حديثها مع موقع "الحرة" أن "المشكلة أنه تم إدانته ليس بسبب التبليغ عن الانتهاكات ولكن في تهمة رشوة، وهذا شيء شائع جدا، إذ كثيرا ما نصادف استخدام القانون من أجل قمع حرية التعبير ومن أجل معاقبة من يتحدى السلطات، وبهذه الطريقة تؤسس الدولة لثقافة الخوف والرقابة الذاتية". 

طلب إبحيص دعما من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" من خلال منصّتها للتبليغ عن المخالفات في سبتمبر 2021. وفي نوفمبر 2021، صرّح الفيفا أنّ "كلّ شخص يستحق محاكمة عادلة"، وقال إنه "سيستمر في متابعة الأمر عن كثب"، لكنه لم يلتزم بمساندة إبحيص بأكثر من ذلك، بحسب منظمات حقوقية. 

وتولّى "فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي" القضيّة بعد أن تقدّمت عائلت إبحيص بطلب في ديسمبر 2022 زعمت فيه أنّ إبحيص مسجون تعسفيا، على أساس محاكمة جائرة بشكل واضح.

وفي قرار رسميّ أعلن عنه في وقت سابق من يوليو 2024، نشر الفريق العامل التابع للأمم المتحدة رأيا من 13 صفحة بشأن القضيّة، خلُص فيه إلى غياب أي سند قانوني لاحتجازه، وإلى أنّ حرمانه من حريته كان نتيجة لممارسته حقوقه.

كما خلص الفريق إلى وجود انتهاكات متعددة لحقه في محاكمة عادلة، منها رفض التحقيق في ادعاءاته أنه اعترف تحت الإكراه، وحرمانه من المساعدة القانونيّة ومن حق الاطلاع على الأدلّة.

مُنحت الحكومة القطريّة شهرين للردّ على الفريق العامل والطعن في مزاعمه الخطيرة، لكنها لم تردّ. ودعا الفريق العامل الحكومة القطريّة إلى "الإفراج عن السيد إبحيص وتمكينه من حق قابل للتنفيذ في التعويض وغيره من أشكال الجبر، وفقا للقانون الدولي".

وتشدد عبد العزيز في حديثها مع موقع "الحرة" على أن عدم الرد السلطات القطرية "يعتبر قانونا إقرارا بما ورد في التقرير بما أنها لم تطعن عليه"، مضيفة أنه "طالما صار هناك تحقيق مستقل من مؤسسة أممية بات من غير المقبول أنهم يستمروا باحتجاز هذا الشاب، وليس من مصلحة قطر اليوم أن تتجاهل التحقيق الأممي". 

والأربعاء، قالت منظمات "فير سكوير" و"العفو الدوليّة" و"هيومن رايتس ووتش" إنّ على السلطات القطريّة أن تفرج فورا عن إبحيص. 

ونشرت "فير سكوير" رسالة من عائلة إبحيص، اتهمت فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم بـ "اللامبالاة القاسية" لتجاهله القضية.

وقال نيك ماكغهين، المدير في المنظمة، التي تابعت القضيّة من البداية: "تخلّى الفيفا عن إبحيص قبل شهر من كأس العالم في قطر، رغم الأدلّة الواضحة على أنه يخضع لمحاكمة جائرة بعد ملاحقة حرّض عليها شركاء الفيفا القطريون. هذا القرار القويّ يجب أن يدفعهم إلى التحرّك والدعوة علنا إلى إطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى عائلته اليافعة".

ومن المقرّر إطلاق سراح إبحيص، وهو أب لصبيَّيْن، في أكتوبر 2024، لكن بما أنّ المحكمة فرضت عليه غرامة بالإضافة إلى السَّجن، فيُمكن تمديد العقوبة إلى أبريل 2025 إذا لم يتمكن من الدفع.

وقالت عبد العزيز: "طالما أن الموضوع ضمن تحقيق مستقل من جهة فنية صاحبة اختصاص، وهي الأمم المتحدة، وجدت أنه لم تتوفر ضمانات المحاكمة العادلة، فهذا مؤشر سلبي يلقي بظلاله على كل عدالة النظام القضائي في قطر". 

وصرّحت هيومن رايتس ووتش أنّ الإدعاء لم يقدّم أيّ أدلة ذات مصداقيّة على ارتكابه أيّ جريمة. بينما أكّدت محكمة الاستئناف أنّ الدليل الوحيد الذي استندت إليه هو اعترافه، الذي تراجع عنه في المحكمة، قائلا إنّه انتُزع منه تحت التهديد والإكراه.

ووصفت منظمة العفو الدولية المحاكمة بالجائرة، ودعت إلى التحقيق بشكل مستقلّ في المزاعم المتعلقة بتعرّض إبحيص للتهديد، والإكراه على الإدلاء باعترافات تدينه.

أكّد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي ما قاله الكثيرون، وهو أنه يجب على قطر إطلاق سراح عبد الله إبحيص وإلغاء إدانته التي صدرت بعد محاكمة غير عادلة.

تطالب @Amnesty و@fairsqprojects و@HRW #قطر بإطلاق سراح عبد الله إبحيص فورًا https://t.co/tBn2jioBFU pic.twitter.com/7DUjRyT6nk

— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) July 24, 2024

وقالت آية مجذوب، نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدوليّة: "أكّد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة بشكل قاطع ما دأب الكثيرون منا على قوله منذ سنوات، وهو أنّ السلطات القطريّة تأخرت كثيرا في الإفراج عن عبد الله إبحيص وإسقاط إدانته وضمان حقه في الحصول على الإنصاف الفعال الذي يشمل التعويض المناسب. كل ما يتعلّق بهذه المحنة، من غياب الإجراءات القانونيّة الواجبة والحرمان من الزيارات العائليّة إلى استخدام الاعتراف القسري، يُمثل استهزاءً بالعدالة، ويجب إنهاؤه فورا".

وأكدت عبد العزيز أنه "يجب على قطر أن تأخذ تقرير اللجنة الأممية على محمل الجد وتخلي سبيله دون أي تأخير وتعترف بأنها أوقفته بطريقة غير مشروعة، وبالتالي يستحق تعويضا عن فترة اعتقاله". 

ويتمتّع فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بصلاحية التحقيق في حالات الحرمان من الحريّة المفروضة تعسفا أو بشكل لا يتوافق مع المعايير الدوليّة المنصوص عليها في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" أو الآليات القانونيّة الدوليّة التي قبلتها الدول المعنيّة. يتكوّن الفريق العامل من 5 خبراء مستقلين يعكسون تمثيلا جغرافيا متوازنا، يحققون في الحالات الفرديّة ويُعدّون تقارير وآراء في إطار ولايتهم.

وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالميّة في هيومن رايتس ووتش: "ثمة دلالة كبيرة لعدم استجابة السلطات القطريّة لقرار الفريق العامل الأممي بشأن انتهاكات حقوق المحاكمة العادلة التي طالت عبد الله إبحيص. واجه إبحيص الانتقام لمجرّد التعبير عن مخاوف من انتهاكات واسعة وموثّقة جيدا بحق العمال المهاجرين، مثل تأخير صرف الأجور. على السلطات القطريّة إطلاق سراحه فورا وتعويضه عن الاضطهاد الجائر الذي تعرّض له".

وتطالب عبد العزيز الدول العربية بالبدء في الاهتمام بحماية المبلغين عن أي شبهات للانتهاكات، خاصة من من المؤسسات العامة، مشيرة إلى أن "هذه هي الطريقة الوحيدة حتى ترتقي الدول العربية"، موضحة أن "من يبلغ عن الانتهاكات هو في النهاية يحمي المنظومة التي تعزز الحريات والتنمية والرقي وتطور البلاد". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة العفو الدولی عبد العزیز الدولی ة فی قطر

إقرأ أيضاً:

هل يجوز توقيع عقوبة على الموظف ما لم تكن نافذة وقت وقوع الجريمة؟

أكدت المحكمة الإدارية العليا، أن المستقر عليه أنه لا يجوز توقيع عقوبة تأديبية، ما لم تكن مقررة ونافذة وقت وقوع الفعل التأديبي من العامل أو الذي تجازى من أجله العامل أو الموظف ، ما لم يكن العقاب التأديبي قد تعدل بصورة أصلح إعمالًا للمبدأ المقرر في مجال العقاب الجنائي وما تحتمه وحده الأسس العامة للعقاب التي تجمع بينه وبين العقاب التأديبي .

وأضافت المحكمة، رغم تميز كل منهما العقاب الجنائي والعقاب التأديبي فى الإجراءات والنطاق وتكييف الأفعال ونوعيته ، ما لم يكن قد استحال ذلك نتيجة تغير الحالة الوظيفية بالتقاعد فيوقع على العامل العقوبة المقررة لمن ترك الخدمة .

وانتهت المحكمة، أن تطبيقه ذات القاعدة السابقة في حالة إذا ما حصل التعديل إلى الصلح للعامل من ناحية العقاب التأديبي في مرحلة الطعن أمام مرحلة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.

جاء ذلك في حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا، بشأن تعديل حكم وقعته محكمة الدرجة الأولي ، علي موظف رغم بلوغه السن القانونية ، وعدلت المحكمة الحكم ليتناسب مع حالة الموظف بعد بلوغه المعاش حمل الطعن رقم 61493 لسنة 68 ق/ عُليا .







مقالات مشابهة

  • تقرير أممي يحذر من تفاقم أزمة الجوع العالمية: غزة في مقدمة الأزمات الغذائية
  • مجاعة غزة الأشد في التاريخ.. تقرير أممي يرصد أزمة جوع عالمية تهدد الملايين
  • قتل واغتصاب واضطهاد.. تقرير للأمم المتحدة يدعو إلى توسيع حظر الأسلحة وإنشاء قوة محايدة في السودان
  • تقرير أمريكي: السعودية مستمرة في خطة التطبيع
  • تقرير أممي يحذر من معاناة ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد
  • مصطفى ميرغني: جنازة الخوف
  • نداء أممي لإغاثة 350 ألف متضرر من فيضانات اليمن
  • عبدالله بن زايد ومسؤول أممي يبحثان جهود الاستجابة للأوضاع الإنسانية في غزة
  • العمل تعلن ضوابط شراء خدمة الخمس سنوات من الضمان الاجتماعي
  • هل يجوز توقيع عقوبة على الموظف ما لم تكن نافذة وقت وقوع الجريمة؟