على مدى العقدين الماضيين، التهمت الصين كميات هائلة من المواد الخام، وأصبح سكانها أكبر عددا وأكثر ثراءً وبحاجة إلى المزيد من منتجات الألبان والحبوب واللحوم. وأبدت صناعاتها العملاقة نهما للطاقة والمعادن.

هكذا استهلت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا بدا، في ظاهره، وكأنه يتحدث عن مأزق يواجهه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن الحقيقة، في جوهرها، غير ذلك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: حملة قمع غير مسبوقة من زعيمة بنغلاديش "العنيدة"list 2 of 2جيروزاليم بوست: ممثل كوميدي أميركي يكتشف حب الجميع لحماس في رام اللهend of list

فعلى الرغم من أن الاقتصاد الصيني عانى في السنوات الأخيرة من سوء الإدارة السياسية وأزمة الملكية، إلا أن المسؤولين في الدولة مصممون على التحول بعيدا عن الصناعات كثيفة الاستهلاك للموارد، ذلك أن المنطق يفرض على البلاد كبح شهيتها للسلع الأساسية، وفق التقرير.

أرقام قياسية من الواردات

بيد أن المجلة ترى أن الواقع على عكس ذلك؛ ففي العام المنصرم سجلت واردات الصين من العديد من الموارد الأساسية أرقاما قياسية، وارتفعت وارداتها من كافة أنواع السلع الأساسية بنسبة 16% من حيث الكم. ولا تزال هذه الواردات آخذة في الارتفاع، إذ زادت بنسبة 6% في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام.

وطبقا للتقرير، فإن الصين تخزن، على ما يبدو، السلع الأساسية باهظة الثمن، في حين يشعر صناع السياسات في بكين بالقلق إزاء التهديدات الجيوسياسية الجديدة، وليس أقلها أن رئيسا أميركيا جديدا "متشددا" قد يسعى إلى "خنق" طرق الإمداد الحيوية إلى الصين.

وتعتقد المجلة البريطانية أن هذا الخوف له ما يبرره ذلك لأن الصين تعتمد على الموارد الأجنبية. وعلى الرغم من أنها تعد مركزا لتكرير وتنقية العديد من المعادن في العالم، إلا أنها تستورد الكثير من المواد الخام حيث تتراوح احتياجاتها من 70% من البوكسيت إلى 97% من الكوبالت. كما تعتمد على وارداتها من الطاقة. ومع أنها تمتلك كميات كبيرة من الفحم، فإن مخزوناتها من أنواع الوقود الأخرى يضطرها إلى استيراد 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي و70% من النفط الخام.

الأشد إلحاحا

على أن اعتمادها على الغذاء هو الأشد إلحاحا، فهي تستورد اليوم 85% من 125 مليون طن سنويا من فول الصويا الذي تستخدمه لإطعام 400 مليون خنزير، وتكاد تعتمد بشكل شبه كامل على المزارعين الأجانب في إنتاج القهوة وزيت النخيل وبعض منتجات الألبان.

وإدراكا منها لهذه الحقيقة، شرعت الصين في بناء مخزون "إستراتيجي" من الحبوب والمعادن المرتبطة بالدفاع في نهاية الحرب الباردة، ثم أضافت إليه في ذروة ازدهارها الاقتصادي مخزونات من النفط والمعادن الصناعية.

3 أحداث

وتعزو المجلة السبب في إقدام الصين على زيادة مخزوناتها من السلع والمعادن، إلى 3 أحداث أخيرة؛ أحدها أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قد فرض، في عام 2018، رسوما جمركية على واردات بلاده من الصين بقيمة 60 مليار دولار، وهذا ما أجبر بكين على الانتقام من خلال فرض رسوم على فول الصويا الأميركي.

والحدث الثاني تمثل في تفشي وباء كوفيد-19، الذي أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد ورفع تكلفة المواد. وأخيرا، تسببت الحرب الروسية في أوكرانيا في تأجيج الأسعار وأظهرت أميركا عزمها على استخدام سلاح الحظر حتى ضد أعدائها الكبار، وفقا للتقرير.

وأشارت المجلة إلى احتمال عودة ترامب، "الذي لا يخفي رغبته في عرقلة الصين"، إلى السلطة مجددا، وهذا ما ينذر بتقييد صادرات بلاده الغذائية إليها، والتي كانت قد شهدت انتعاشا بعد رحيله عن البيت الأبيض في عام 2020. ويأمل المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية في أن تحذو دول كبيرة منتجة للمواد الغذائية، مثل البرازيل والأرجنتين، حذو الولايات المتحدة.

بيئة أكثر عدائية

ويبدو أن الصين -كما تقول إيكونوميست- تعد نفسها لمواجهة بيئة أكثر عدائية، من خلال زيادة مرافق بنياتها التحتية اللازمة لتخزين الإمدادات، ورفع قدراتها التخزينية من النفط الخام من 1.7 مليار برميل في عام 2020، إلى ملياري برميل.

وتوخيا لمزيد من الحذر، توقف خبراء الإحصاءات الصينيون عن نشر بيانات حول مخزونات العديد من السلع الأساسية.

على أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة، برأي إيكونوميست، يكمن في الجهود التي تبذلها الصين لإخفاء المعادن والوقود. ونقلت المجلة عن توم برايس من بنك "بانروم ليبروم" الاستثماري البريطاني أنه اكتشف، من خلال تقديراته لمخزونات الصين من النحاس والنيكل والعديد من المعادن الأخرى التي كان من الممكن أن تستهلكها بشكل موثوق ومقارنتها بإجمالي العرض، أن تراكم تلك المخزونات -منذ عام 2018- كان كافيا لتغطية ما بين 35% إلى 133%، على الأقل، من احتياجاتها السنوية، حسب السلعة.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت مخزونات النفط الخام بمتوسط 900 ألف برميل يوميا منذ بداية العام، وفقا لتقديرات شركة "رابيدان إنرجي" لاستشارات الطاقة، وبمعدلات ملء تقدر بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم في يونيو/حزيران، وهي تعد الأسرع خلال العام. وأوشكت الصين على الاقتراب من تخزين 1.3 مليار برميل، وهو ما يكفي لتغطية احتياجاتها من وارداتها النفطية لمدة 115 يوما (بالمقارنة مع 800 مليون برميل تحتفظ بها أميركا).

للصمود الطويل

إن الإمدادات التي تسعى الصين للحصول عليها هي بالضبط تلك التي تحتاجها للصمود في صراع طويل الأمد، ربما أثناء حصارها لتايوان.

وتنسب إيكونوميست إلى المحلل السابق في وزارة الدفاع الأميركية، غابرييل كولينز، القول: "بإضافة هذا إلى الحشد العسكري الصيني، فإن ذلك يثير قلقا بالغا".

وتقول المجلة إن الرأي الأرجح هو أن لجوء الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تخزين تلك الموارد يوحي بأنه "إجراء دفاعي" طالما أنه لم يرق حتى الآن إلى المستوى الذي يجعله في مأمن إذا نشب صراع عنيف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: نفقد من 800 لـ 900 مليون دولار كل شهر بسبب ظروف المنطقة

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أننا نفقد من 800 لـ 900 مليون دولار  كل شهر بسبب الظروف التي تمر بالمنطقة  والتعرض للمجرى الملاحي بالبحر الاحمر .

الرئيس السيسي يشيد بدور الشعب المصري وتماسكه وقوة مؤسسات الدولةمؤشرات اقتصادية إيجابية .. 10 رسائل واضحة للرئيس السيسي خلال حفل إفطار القوات المسلحةالرئيس السيسي: مصر تحركت للأمام بخطى ثابتة ومدروسة خلال آخر 15 عاماالرئيس السيسي يوجه الحكومة للمشاركة في الجهود الإعلامية لبناء مواطن متمسك بمبادئ المجتمع وثوابته

وقال الرئيس السيسي في كلمته في حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة، :"  لما بكلم محافظ البنك المركزي وأقله أخبارك إيه يقولي الحمد لله إحنا بخير والأمور ماشية كويس".

وتابع الرئيس السيسي:" خلال اليومين تلاتة اللي فاتوا صندوق النقد وافق على إجراءتنا والخطة اللي ماشيين بيها في اجتماعه الأخير وهذا مؤشر جيد".

وأكمل الرئيس السيسي:" كلام المحافظ جيد ويطمنا رغم كل الظروف ربنا بيساعدنا والشعب المصري بيساعدنا".

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: 800 مليون دولار خسائر قناة السويس شهريا بسبب الأوضاع بالمنطقة
  • الرئيس السيسي: نفقد من 800 لـ 900 مليون دولار كل شهر بسبب ظروف المنطقة
  • ارتفاع أسعار النفط مع اعتزام الصين تحفيز الاقتصاد والهجمات على اليمن
  • تموين سوهاج : توفير السلع الأساسية بمعارض أهلا رمضان للتخفيف عن المواطنين
  • بايرن ميونخ يودع فريتز شيرير.. الرئيس الأسبق الذي رسم طريق المجد
  • الرئيس الصيني يرفض حضور قمة في بروكسل.. ما السببب؟
  • إعلام عبري: التصعيد العسكري بين أمريكا والحوثيين سيمتد لفترة طويلة
  • القابضة للصناعات الغذائية: توفير 840 مليون كيلو سكر سنويا
  • صادرات سلطنة عُمان من النفط تتجاوز 25.8 مليون برميل
  • القابضة للصناعات الغذائية تضخ 840 مليون كيلو سكر و884 مليون زجاجة زيت سنويا