الشرطة تدهم المركز الإسلامي بهامبورغ والمنصات تستنكر استهداف المساجد
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
وشوهد العشرات من رجال الشرطة يطوقون المسجد الأزرق في هامبورغ، وهو مسجد يديره المركز الإسلامي، وتلك المداهمة هي الثانية خلال بضعة أشهر، كما دهم رجال الشرطة منشآت في 55 موقعا بمناطق مختلفة من ألمانيا.
وظلت السلطات الأمنية تراقب نشاطات المسجد الأزرق ومنشآت تابعة للمركز الإسلامي لفترة، وقررت حظره واتهمته بالترويج لما وصفته بحكم "إسلامي سلطوي".
ويضم المركز الإسلامي في هامبورغ مسجد الإمام علي المعروف بـ"المسجد الأزرق"، المبني على الطراز الفارسي، ويعد من أقدم المؤسسات الإسلامية في ألمانيا، وأهم مركز للمسلمين الشيعة على أراضيها.
التبعية لإيرانواتهمت وزارة الداخلية الألمانية المركز بالتبعية المباشرة للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، وأنه ينشر فكر طهران "بأسلوب عدائي ومتشدد" ويدعم "البعد العسكري والسياسي" لتنظيمات مثل حزب الله.
وكانت وزارة الداخلية نفذت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مداهمات في 7 ولايات ألمانية، لمنظمات تابعة للمركز الإسلامي، وقالت إنها عثرت على "أدلة كثيرة" تؤكد الشبهات بشكل كافٍ لإصدار أمر الحظر.
وفي عام 2020 صنفت برلين حزب الله منظمة متطرفة ووضعته على قائمة والإرهاب، ولاحقت كل من اشتبهت بقيامه بأنشطة الحزب ودعمه.
وفي أول رد فعل على قرار الحظر، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية سفير ألمانيا لديها.
واستعرضت حلقة 24-7-2024 من برنامج "شبكات" أبرز تعليقات المنصات والتي عبر بعضها عن الاحتجاج ضد إغلاق المساجد واستهداف المسلمين، في حين أشار آخرون إلى محاسبة من تثبت عليه الاتهامات.
سياسات مبطنةوبحسب المغرد محمد، فإنه لا يحق لبرلين المساس بأماكن العبادة، وقال "يلا خلي العالم كله يكشف حقيقة هذه السياسات العالمية المبطنة، بأي حق يغلقون أماكن دينية ومعابد للمسلمين؟".
ومن ناحيته، أشار الناشط سعيد الظفيري إلى أن ألمانيا تستخدم الاتهام بدعم إيران فزاعة لتخويف الجميع وغرد "يعني إذا بدهم (أرادوا) أن يغلقوا أي مسجد أو يقوموا بأي انتهاك لحقوق المسلمين بس عليهم أن يقولوا هاد بدعم إيران منشان (حتى) العرب والغرب يسكت".
بينما يرى المغرد سمير أن الأمر لا يعدو كونه سياسة ممنهجة ضد المسلمين، وقال "مرحلة العداء التام للمسلمين بأي طريقة ممكنة وبأسباب متنوعة، ستطال بعدها فئات أخرى، ثم تتوسع لتطرد المسلمين".
ومن جهتها، ترى صاحبة الحساب ولاء أنه يجب إغلاق مثل هذه المراكز إذا ثبتت عليها الاتهامات، وكتبت "هذه ليست مساجد، بل مراكز تزرع أفكارا متطرفة، يجب محاسبتها وطرد العاملين فيها طبعا إذا ثبت فعلا قيامها بذلك".
وفي تعليقها على الموضوع، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر "من المهم للغاية بالنسبة لي أن أميز بوضوح بين الإسلاميين، الذين نتخذ ضدهم إجراءات صارمة، والعديد من المسلمين الذين ينتمون إلى بلدنا ويعيشون وفقا لإيمانهم".
24/7/2024المزيد من نفس البرنامجكيف علق تونسيون على تبرير سعيّد سبب انقطاع المياه؟تابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الهند وأوقاف المسلمين.. انتهاك لحقوق الأقليات
عباس المسكري
في الديمقراطيات الحقيقية، لا يُقاس عدل القانون فقط بما ينص عليه؛ بل أيضًا بالسياق الذي يصدر فيه، والآثار التي يتركها على المكونات المختلفة للمجتمع، ومن هذا المنطلق، يثير التعديل الجديد لقانون الأوقاف في الهند مخاوف مشروعة وعميقة لدى المسلمين، لا لأنه ينظم إدارة الأملاك فحسب؛ بل لأنه يُدخلها في إطار وصاية قد تفرغها من معناها الأصلي وتحوّلها إلى أداة خاضعة لمركز سياسي لا يُمثّلها.
الأوقاف الإسلامية في الهند ليست مجرد ممتلكات تُدار؛ بل هي امتداد لهوية تاريخية وثقافية ودينية، نُسجت عبر قرون من التفاعل والعيش المشترك، وارتبطت بأنشطة التعليم والرعاية الاجتماعية والدينية، وهذه المؤسسات كانت دائمًا تعبيرًا عن قدرة المجتمع المسلم على تنظيم شؤونه وممارسة مسؤولياته الخيرية والدينية دون الحاجة إلى تدخل الدولة.
لذلك، فإنَّ نقل الإشراف على هذه الممتلكات من داخل المجتمع إلى جهة حكومية لا تعبّر عن طبيعته الثقافية والدينية، يُنظر إليه بحقٍ كخطوة تفتقر إلى الحساسية السياسية وتخالف روح التعددية التي يُفترض أن تقوم عليها الهند الحديثة، وتبرير الحكومة بأنَّ التعديل يستهدف تعزيز الشفافية ليس كافيًا؛ بل وربما يفتقر إلى المصداقية، عندما نضعه في سياق سياسي أوسع يتّسم بتقليص متزايد لمساحات التعبير الذاتي للمسلمين، وتزايد واضح في مركزية السُلطة وغياب التمثيل المُتوازِن للأقليات في اتخاذ القرار.
لقد زاد في تعميق المخاوف المتعلقة بتعديل قانون الأوقاف في الهند، السياق السياسي الذي تتخذه الحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والتي تُعد في نظر كثيرين حكومة يمينية متشددة في مواقفها تجاه الأقليات، خاصة المسلمين، فعلى الرغم من أن التعديل جاء تحت شعار تعزيز الشفافية، فإنَّ اشتراط تعيين مواطن من الطائفة الهندوسية على رأس إدارة أوقاف المُسلمين يُنظر إليه كإجراء يستهدف تقويض الهوية الثقافية والدينية للمسلمين، وهذا التعيين يُعد بمثابة تجاوز فاضح لحقوق المسلمين في إدارة شؤونهم الدينية والاجتماعية، مما يعزز الشكوك حول نوايا الحكومة في تحويل الأوقاف الإسلامية إلى أداة لفرض السيطرة الثقافية والدينية، بدلًا من تعزيز التعددية واحترام الحقوق المتساوية لجميع الطوائف.
الشفافية لا تُفرض من أعلى؛ بل تُبنى من داخل المؤسسات، بالشراكة، وبتمكين المجتمعات من إصلاح ذاتها، لا بمصادرة حقها في إدارة شؤونها، وما يزيد من عمق الإشكال أن هذا القانون أُقر رغم الاعتراضات السياسية الواسعة، ورغم التحفظات التي عبّر عنها ممثلو الطائفة المُسلمة وغيرهم من الأطياف السياسية، وهذا التمرير السريع يعكس خللًا في آلية التشريع حين يتعلق الأمر بحقوق الأقليات، وكأنَّ أصواتهم ليست معتبرة بما يكفي للتأثير في القرار النهائي، ما يعيد إنتاج شعور الإقصاء والتهميش.
إن أي صمت مستقبلي من قبل المنظمات الإسلامية والحقوقية الدولية تجاه ما تسعى إليه حكومة مودي اليمينية، لن يكون مبررًا؛ بل قد يُفهم كتواطؤ يشجّع على المضي في مزيد من الانتهاكات. ما يتم الترويج له في الهند اليوم ليس مجرد تعديل قانوني؛ بل توجه سلطوي خطير يمكن أن يتحوّل إلى نموذج عالمي في قمع الأقليات المسلمة تحت غطاء "الإصلاح" و"الشفافية". وغياب ردّ فعل دولي حازم، ربما يُشكّل سابقة خطيرة قد تُغري حكومات أخرى بانتهاج المسار نفسه، مما يُهدد مستقبل الحقوق الدينية والثقافية للمسلمين في عدد من الدول، والسكوت في هذه المرحلة لن يُقرأ إلا كضعف، أو رضًا ضمنيًا عن نهج قمعي يتسع نطاقه.
إنَّ الدفاع عن استقلالية الأوقاف ليس قضية فقهية ولا إدارية فقط؛ بل هو دفاع عن الحق في التنظيم الذاتي، عن التعددية الحقيقية، عن توازن العلاقة بين الدولة ومواطنيها من خلفيات مختلفة. فحين تفرض الأغلبية رؤيتها على مؤسسات الأقلية، دون حوار حقيقي، فإنَّ ذلك لا يحقق العدالة؛ بل يرسّخ الهيمنة، ويغذي الانقسام.
الهند اليوم أمام لحظة فارقة، ليس فقط في مسار تشريعي؛ بل في اختبار جدي لمدى التزامها بالمبادئ التي قامت عليها بعد الاستقلال، فإمَّا أن تُثبت أنها قادرة على احتضان تنوعها بمسؤولية وإنصاف، أو تنزلق إلى نموذج تُهيمن فيه رؤية واحدة على حساب البقية، وتُدار فيه الدولة بمنطق الوصاية لا الشراكة.