لجريدة عمان:
2024-12-22@09:37:12 GMT

من ذاكرة الانتفاضة الثانية

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

من ذاكرة الانتفاضة الثانية

- صديق العصافير المُبتسم.

الشهيد الطفل محمد نبيل داود حامد

استشهد بتاريخ 1-10-2000 في مدينة البيرة، وكان يبلغ من العمر 15 عاما

............

(كان يحبّ مساعدة الآخرين) تتكرّر هذه الجملة في وصف أخلاق الشهداء بعد رحيلهم، ما الذي في داخل روح الشهيد يدفعه إلى الإحساس بحاجات وآلام الآخرين؟ يذهب الشهيد إلى أقصى عطائه النبيل وهو التضحية بجسمه وذاكرته وحياته وشبابه، هذا الحوار دار بين معلمَين في المدرسة التي تعلّم فيها الشهيد، كانا يحلّلان سلوكه في المدرسة، ويربطانه مع قرار ذهابه العظيم إلى أقصى الحبّ لبلاده.

قال الأستاذ جمال: كنت مربّي صفِّه، كان محمّد لطيفا ودائم الابتسام، لم أره وحيدا يوما في الساحة، دائما يتحرّك ضمن فريق، وكثيرا ما رأيته يساعد تلميذا من ذوي الاحتياجات الخاصّة يحاول أن يحصل على دور في طابور كافتيريا المدرسة، اعتقدت في البداية أن التلميذ قريبه، وحين سألته عنه، قال: إنه لا يعرف حتى اسمه، فقط يحزن عليه ويحبّ مساعدته.

وقال الأستاذ محمود أستاذ الرياضيات: كنّا في الصف نغرق في الأرقام، كان الشّبّاك مفتوحا، فجأة ارتطم عصفور صغير بالنافذة وهوى خارج الصف، الوحيد الذي تنبّه هو الشهيد، وقف وطلب الإذن في الخروج للاطمئنان على العصفور، انفجر الطلاب بالضحك، حتى أنا ضحكت، الوحيد الذي لم يضحك هو الشهيد، سمحت له بالخروج، انتهت الحصة، ولم يعد الشهيد إلى الصف، فيما بعد عرفت أنه لم يعد حتى إلى المدرسة، أخبرنا زميله محمود أنّ الشهيد حمل العصفور الجريح بين يديه برفق، وغادر المدرسة تاركا حقيبته وأغراضه.

سمّاه أصحابه في المدرسة صديق العصافير، سأله صديقه حسّان مرّة: ألهذه الدرجة تحبّ العصافير؟ ما علاقتك بالعصافير؟

أجاب: أحبّ كلّ كائن يحتاج إلى مساعدة حتى لو كان شجرة.

المظاهرات تندلع يوميا على حاجز البالوع، إنها انتفاضة الأقصى، آلاف الشّبان هناك، يرشقون العتمة بالحجارة، ويغلقون فضاءها بدخان عجلات السيارات، الهتافات تهزّ المكان والجنود: «بالرّوح بالدّم نفديك يا أقصى»، كان الشهيد يسكن قريبا من منطقة المواجهات، لم ينتمِ إلاّ إلى فلسطين، حين اخترقت رصاصة القَتَلة جسده، سقط الشهيد، القريبون منه أقسموا أنّ الابتسامة لم تفارق وجهه، زميله خالد قال: أقسم لكم أنني رأيت عصافير تطير من أصابع يديه، لم يصدّقه الناس، لكنّ شخصا آخر قال: رأيت طيورا صغيرة ترفرف فوق جسده، وفي شهادته على الحدث يقول الصحفي سالم: حين كتبت تقريري عنه، ذكرت تماما ما شاهدته: سرب من العصافير طار من يديه، رئيس التحرير رفض الجزء الخيالي من تقريري موضحا أنّ التقرير ليس قصة أو قصيدة، هو يعتمد على الحقائق، وحين أكّدت له أنّ هذا ليس خيالا، هذه حقيقة، هزّ رأسه قائلا: أُقدّر تعاطفك مع الشهداء. ولكن.

في جيبه عثرت أمّه على ورقة مكتوب فيها نوع معيّن من أجهزة الحاسوب كان الشهيد قد تطوّع للبحث عنه في المحلات لأحد أصدقاء شقيقه.

في عينيه، والشقيق الحزين يفتحهما قبل الدّفن عثر شقيقه على بلاد شاسعة اسمها فلسطين، أسبل الشقيق عيني الشهيد، وتحسّس فلسطين بيديه المُرتعشتين، وقرّب وجهه منها: ديري بالك على أخوي.

هذا نص من كتاب «قصص الشهداء، سنابل الحقل»، الذي سيصدر قريبا عن دار طباق للنشر، وأشرفت على إصداره جمعية إنعاش الأسرة في البيرة بإدارة ريم مسروجي، وبجهود الكاتب وسام رفيدي، منسق الدائرة الثقافية في الجمعية، الكتاب هو قصص حقيقية لشهداء فلسطينيين من الانتفاضة الثانية، عالجها دراميا زياد خداش، وكتب مقدمتها الناقد فيصل دراج.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

متحف مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي

 

سالم بن نجيم البادي

زرتُ مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي في ولاية ينقل بمحافظة الظاهرة، وقد أدهشني ما رأيت من تعاون وتكاتف بين أعضاء الهيئة التدريسية جميعًا وإدارة المدرسة بقيادة مدير المدرسة المُبدع إبراهيم بن سعيد بن علي العلوي، وكان عدد المعلمين 71 معلمًا كما أخبرني مدير المدرسة وعدد الطلبة 700 طالب.

ومع هذه الأعداد الكبيرة وهم يتواجدون في مكان واحد، إلا أنهم ظهروا في انسجام تام وتعاون مطلق، انعكس ذلك على نتائج التحصيل الدراسي للطلبة، وعلى الهدوء والنظام السائد في المدرسة، وعلى ندرة المشكلات التي تحصل عادة في المدارس بين الطلبة، وقد بدت المدرسة نظيفة وجملية، وبها لوحات فنية وكل ردهات المدرسة والمكاتب الإدارية وكل زاوية في المدرسة بها لمسات جمالية.

غير أن أكثر ما آثار إعجابي في المدرسة هو المتحف، وقد أخذني الشاب الملهم أحمد الفارسي في جولة عبر المتحف، وهو الذي بذل المال والجهود الجبارة من أجل إنشاء هذا المتحف، الذي يحتوي على المئات من القطع التراثية النادرة من العصور القديمة وقبل بداية النهضة، ومع بدايتها، ويصعب تعداد الأشياء والقطع الأثرية التي توجد في المتحف فهي كثيرة ومتنوعة ومدهشة.

هذا المتحف، متحف متكامل الأركان وليس مجرد معرض كما يطلقون عليه في المدرسة، لكن المتحف يحتاج إلى تسويق إعلامي واهتمام من الجهات الرسمية ودعوة الناس إلى زيارته مقابل رسوم رمزية من أجل استمراريته ونموه وبقائه، ومن أجل أن تستفيد المدرسة من هذه المبالغ.

وعن صاحب فكرة المتحف الأستاذ أحمد الفارسي؛ فهو جدير بالتقدير والشكر والدعم المادي والمعنوي والإشادة بجهوده المتميزة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ونحن نعتز وتفتخر بوجود أمثاله. وقد أخبرني أنه سوف يواصل مشروعه الرائد هذا وقد رفض الإغراءات المالية التي جاءته من بعض الدول من أجل بيع بعض القطع الأثرية ورفض نقل المتحف خارج المدرسة.

شكرًا جزيلًا لكل العاملين في مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي، وإلى أحمد الفارسي مؤسس متحف المدرسة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • متحف مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي
  • تشييع جثمان الشهيد عبدالرؤوف القحطاني في جبل راس بالحديدة
  • حزب الله شيّع الشهيد علي نايف أيوب في زفتا
  • نجوم من ذهب في ذاكرة كأس الخليج العربي
  • مصطفى بكري يكشف سر ظهور «الجولاني» مع قاتل الشهيد هشام بركات
  • إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بميدان الشهيد هشام بركات
  • فتح الانتفاضة تبارك عمليات القوات المسلحة اليمنية في عمق الكيان
  • فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”
  • الغربية تحتفل بذكرى الشهيد محمد سمير إدريس
  • الغربية تحتفي بذكرى الشهيد محمد سمير إدريس