بوابة الوفد:
2024-09-07@09:55:55 GMT

بايدن ودرس التنحى

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

قبل أن أمضى فى هذا المقال، أنوه إلى أننى لا أشيد بالرئيس بايدن ولا حزبه ولا بأى شخص مثله يدعم العدو الصهيونى، ويقتل برصاص وقنابل وصواريخ أمريكا آلاف الفلسطينيين فى غزة وغيرها من الأراضى العربية المحتلة، ولا يرحم شيخا مسنا، ولا طفلا ولا سيدة تحمل فى أحشائها أمل المستقبل.

ودخولاً إلى الموضوع، فإن ما حدث قبيل إعلان انسحاب الرئيس الأمريكى بايدن من سباق الرئاسة أمام منافسه الجمهورى دونالد ترامب، من سلاسة وسهولة فى اختيار البديل، يدعو أى عربى وأى بنى آدم فى دولة نامية متخلفة سياسيا، واخرى تدعى ممارسة الديمقراطية، أن يتوقف لحظات حتى يستوعب درس حب الوطن، ويتعلم كيف يتم تقديم مصلحة البلد على أى مصلحة اخرى شخصية.

فقد تابع العالم كله كيف تنازل وانسحب فى هدوء تام دون فوضى أو ضجيج رئيس أقوى دولة على وجه الأرض من ماراثون الرئاسة فى مرحلة بالغة الخطورة من تاريخ أمريكا، ولم يفكر لحظة فى تداعيات قرار الانسحاب المفاجئ على عائلته وشلته وشركاته ومستقبله السياسى وحزبه الذى ظل يدعمه حتى آخر لحظة، قبل أن يتخذ القرار ويرفع الحرج عن الجميع، ولم يكتف بذلك، إنما قدم بديلا مختلفا وهو سيدة، لا تحظى بتلك الشعبية التى يتمتع بها المنافس اللدود «ترامب».

قبل يومين، استيقظ جو بايدن فى منزله بولاية ديلاوير، ليجد أمامه ملفا معلوماتيا خطيرا يفيد بأن منافسه ترامب  يتفوق عليه فى جميع استطلاعات الرأى، وأنه سيخسر إذا ما استمر فى السباق، فلم يغضب الرجل الذى بلغ من العمر 81 عاما، ولم يقل على وعلى أعدائى، ولم يأمر بالقبض على كبار معارضيه ولا منتقديه، ولم يجبر حزبه على النزول للشوارع يهتفون بحياته وإنجازاته ووعوده، وإنما استسلم بكل هدوء ورفع الراية البيضاء، واستدعى أقرب مستشاريه ستيف روتشينى ومايك دونيلون، ومساعديه توماسينى وبيرنال، وقرر الانسحاب قبل أن يكتب تغريدة التنحى والوداع، ويتصل بنائبته كامالا هاريس وزعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر وقادة حملته الانتخابية وكبار موظفيه فى البيت الأبيض ويصدمهم بالانسحاب. 

إن هذا المشهد لا يمكن أن نراه فى عالمنا العربى، فقط يحدث فى أمريكا وبعض الدول الأوروبية المتقدمة، لأسباب كثيرة، تأتى فى مقدمتها، قوة النظام السياسى، الذى يستند إلى حياة حزبية قوية، تصنع فيها الأحزاب رؤساء الدولة ونوابهم، وتحدد المعايير والضوابط التى تتوفر فى المرشح الرئاسى، فضلا عن احترام هؤلاء الكبار للكرسى الرئاسى وتفضيلهم مصالح الأم أمريكا على أية مصلحة أخرى.

قال الرجل «من مصلحة حزبى والدولة أن أتنحى وأن أركز فقط على أداء واجباتى كرئيس للفترة المتبقية من ولايتى»، فانظروا إلى تقديس هؤلاء الساسة بمختلف انتماءاتهم للحياة الحزبية، ويضعونها فى مقدمة أى صراع أو تنافس شريف بينهم، وانظروا أيضا إلى أى مدى تلعب مراكز ومؤسسات قياس الرأى العام دورا رئيسيا ومحوريا فى رصد نبض الشعوب، وكيف توجه استطلاعات الرأى العام بوصلة العملية السياسية فى الاتجاه الصحيح الذى يحقق المصلحة العليا للشعوب المتحضرة والواعية والتى تعى حقوقها وواجباتها.

إن ما فعله الرئيس بايدن يكشف وبجلاء الفارق الكبير بين الأحزاب القوية والأحزاب الضعيفة الهشة، وهو الفارق الذى يجعلنا دائما فى المؤخرة فيما يعتلون هم القمة سياسيا واقتصاديا.

أتمنى أن يصل درس تنحى بايدن إلى من لا يؤمنون ولا يثقون بدور الأحزاب السياسية فى صناعة الدولة وحمايتها والحفاظ عليها من اى صراعات داخلية وخارجية.

 [email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العدو الصهيوني بايدن

إقرأ أيضاً:

336 يوماً من الإبادة.. 50 ألف طفل يصارعون الجوع وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﺗﻮاﺻﻞ اﻟﻜﺬب

«أنا طلَّعت ابنى عظمة عظمة حتى كونت الكفن».. بتلك العبارات المريرة تروى أُم فلسطينية من قطاع غزة تجربتها المؤلمة فى جمع عظام جثمان نجلها بعد 148 يوماً من استشهاده فى حرب الإبادة الجماعية لليوم 336 على التوالى.. نظرتان تلخصان المشهد الدموى تعجز اللغة عن الوصف فبينما يسترق والد الشهيد «محمد أبوزميرو» النظرة الأخيرة لنجله الذى ارتقى فى اجتياح الاحتلال لمخيم جنين بالضفة المحتلة لعلها تكفيه ذكرى بقية حياته تبكى طفلة فلسطينية بحرقة خلال انتظارها فى طابور للحصول على قطعة «بيتزا» وسط قطاع غزة.
تواصل حكومة الاحتلال الصهيونى برئاسة الإرهابى «بنيامين نتنياهو» التطهير العرقى للشعب الفلسطينى صاحب الأرض فى غزة والضفة المحتلة بسلب براءة الأطفال بالموت حرقا وتمزيقا لأجسادهم فى محارق تفوح منها أرواح الأبرياء دفعت من نجا لتمنى الموت ليلحق بعائلته فيما ترتفع حصيلة حرب الإبادة الجماعية فى غزة إلى 40 ألفاً و878 ضحية و94 ألفاً و454 مصاباً ومئات الآلاف من النازحين والمفقودين.
وتتعمد إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضى، اتباع سياسة القتل الممنهج لعائلات بأكملها، فتمسحها من السجل المدنى تمامًا، أحيانًا ينجو شخص واحد من المحرقة التى استهدفت العائلة، ليكون شاهدا على الحكاية بالكامل وليروى تفاصيل مواجهة الموت من مسافة صفر، واللحظات الأخيرة لكل فرد من العائلة.
وأعلنت المنظمة الأممية للطفولة (يونيسيف) إن أكثر من 50 ألف طفل فى غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، فى حين حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الإنسانى فى القطاع بات يتجاوز الكارثى.
وأوضح مدير التغذية بمنظمة اليونيسيف «فيكتور أغوايو» أن هذا العدد من الأطفال يكابدون سوء التغذية الحاد ويحتاجون علاجا فوريا، وذلك بعد تحذيرات من المنظمة -فى وقت سابق- من انفجار وشيك فى الأزمة الإنسانية وزيادة فى عدد وفيات الأطفال المرتبطة بسوء التغذية.
وأوضحت اليونيسيف بأن 9 من كل 10 أطفال فى غزة يفتقرون إلى العناصر الغذائية الكافية لضمان نموهم وتطورهم بشكل صحى، وأن الارتفاع الحاد فى معدلات سوء التغذية بين الأطفال والحوامل والمرضعات فى القطاع يشكل تهديدات خطيرة لحياتهم.
وأشارت إلى أن المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب شحيحة للغاية والأمراض المعدية تنتشر، مما يؤثر على تغذية النساء والأطفال ومناعتهم ويؤدى إلى زيادة فى حالات سوء التغذية الحاد.
كما دعت اليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمى ومنظمة الصحة العالمية إلى توفير الوصول الآمن والمستدام -دون عوائق- للمساعدة الإنسانية المتعددة المجالات بشكل عاجل فى جميع أنحاء قطاع غزة، فى حين أكدت وزارة الصحة بغزة استشهاد عشرات الأطفال جراء سوء التغذية خلال الأشهر الماضية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تواصل فيه الإدارة الأمريكية الكذب بالتقدم فى مفاوضات وقف الحرب التى دخلت شهرها الحادى عشر وأعلنت وزارة الدفاع «البنتاجون» وجود صفقة لوقف إطلاق النار فى غزة تتضمّن نشر قوات لحفظ السلام.
وادعت واشنطن أن اتفاق غزة متوقف على 10% قضايا حرجة فيما شدد حركة المقاومة حماس على أنه «لا صفقة دون انسحاب»، وقال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، إنه جرى التوافق على 90% من الاتفاق لكن لا تزال هناك قضايا حرجة توجد خلافات بشأنها، دون أن يوضح من هى الأطراف التى اتفقت، أو طبيعة القضايا الحرجة. وكشفت مصادر أمريكية عن أن واشنطن تفاوضت مع حماس بشأن محتجز أمريكى ونتنياهو أفشل الصفقة.
وحولت الحرب الإسرائيلية على القطاع الأنظار بعيداً عن العنف المنهجى المتزايد الذى يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين فى الضفة المحتلة حيث يتمتعون بدعم كبير من وزراء اليمين المتطرف فى الحكومة الإسرائيلية تزامنا مع مخططات التهويد للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك حيث أدى الفلسطينيون صلاة الجمعة والغائب على أرواح الشهداء بمواجهات مع الاحتلال.
ويمثل العنف الذى يمارسه المستوطنون تجسيداً لمشروع الاستيطان الإسرائيلى الذى ظل دون رادع على مدى سنوات، إذ يعيش حالياً قرابة 730 ألف إسرائيلى فى مستوطنات الضفة المحتلة بما فى ذلك القدس الشرقية، الأمر الذى يجعل حل الصراع «احتمالاً بعيداً على نحو متزايد». وطالبت مجموعة الأزمات الدولية بمحاسبة إسرائيل على أفعالها كقوة احتلال بالضفة المحتلة.
وشددت المجموعة فى دراسة، على الحاجة المُلِحة للتغيير السياسى الفلسطينى وتشكيل قيادة متجددة تحظى بدعم شعبى أكبر، مشيرةً فى الوقت نفسه، إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود لمحاسبة إسرائيل على أفعالها كقوة احتلال خاصةً مشروعها الاستيطانى.
وتضم مجموعة الأزمات الدولية وهى منظمة مستقلة غير ربحية وغير حكومية، نحو 120 عضواً من 5 قارات، يعملون من خلال التحليل الميدانى والدعوة رفيعة المستوى من أجل منع الصراعات وحلها.
وقالت المجموعة فى دراسة بعنوان «اجتثاث عنف المستوطنين الإسرائيليين من جذوره»، إن أعمال العنف التى يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون، الذين يعيشون فى الضفة الغربية المحتلة ويروعون الفلسطينيين، بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وأشارت الدراسة إلى فشل الحكومات الإسرائيلية على مدى عقود من الزمان، فى الحد من مثل هذه الأعمال، وغالباً ما كانت تتسامح معها، لافتةً إلى تصاعدها بشكل كبير منذ أواخر عام 2022، عندما تولت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، السُلطة، كما ارتفعت بشكل أكبر بعد الهجوم الذى شنته حماس فى 7 أكتوبر 2023.
وأكدت أن حكومة الاحتلال عززت مشروع الاستيطان، بينما يبارك الوزراء المقربون من المتشددين فى حركة الاستيطان شن الهجمات على الفلسطينيين بشكل علنى.

مقالات مشابهة

  • 336 يوماً من الإبادة.. 50 ألف طفل يصارعون الجوع وأﻣﺮﻳﻜﺎ ﺗﻮاﺻﻞ اﻟﻜﺬب
  • نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر
  • حماية العقول.. من فاقديها ١-٢ (السرقات الأدبية أنموذجًا)
  • سيناريوهات ردع أثيوبيا!
  • جرائمهم تفضحهم رغم حبكتها
  • لبيد: إنهاء الحرب من مصلحة إسرائيل
  • معركتنا الشرسة فى العمق الإفريقى
  • الفكرة وراءها هدف
  • هذيان نتنياهو
  • بيت العنكبوت