لا ننكر أن عجوزا فلسطينية يمكن أن تخرج لتهاجم قادة حماس متهمة إياهم بأنهم دمروا غزة، أو أن يخرج آخر ليعرب عن ضجره من الكارثة التى لحقت بالقطاع بسبب تداعيات طوفان الأقصى. لكن أن يتم تصدير صورة أن أهالى غزة ضد المقاومة وأنهم يشعرون بالسخط عليها بسبب ما يحدث فذلك تجاوز للواقع ومغالطة تقدم صورة غير صحيحة عن موقف الغزيين مما يجرى رغم بشاعته وكارثيته.
ليس دفاعا عن المقاومة وهو أمر لا ندعى نيل شرفه أن نطرح التساؤل التالى فى معرض مناقشة هذا الموضوع وهو لماذا بادرت تلك الحركات بعملية طوفان الأقصى بغض النظر عن تأييدها أم رفضها؟ أنها بمثابة مهمة حربية تعد جزءا من عملية مقاومة مشروعة لا شك أن أحد نتائجها قد يكون الإطاحة بحماس أصلا من السلطة على غرار ما جرى مع منظمة التحرير فى لبنان. مع التأكيد على فكرة أن قادة المقاومة ليسوا ملائكة أو شياطين، فإنهم أشخاص لديهم شعور وطنى بضرورة تخليص بلدهم من الاحتلال الذى قد يهدد بقاء وطنهم فيما لو طال.
وعلى ذلك فإن محاولة تصوير موقف الفلسطينى العادى بأنه ضجر بالمقاومة ويرفض النتائج التى ترتبت على موقفها غير صحيح، دون أن يعنى ذلك أنه يرقص طربا لما يراه من مشاهد مأساوية امام عينيه فذلك جزء من الطبيعة الإنسانية التى ترفض أن تعيش فى وضع غير طبيعى يتم فيه تدمير مسكنها والقضاء على كل سبل العيش الخاص بها. وعلى ذلك فإنه من الطبيعى أيضا أن يكون المواطن الغزى ساخط ولكن المشكلة هى أن يكون هناك من يحاول توجيه سخطه إلى المقاومة بدلا من توجهها إلى السبب الطبيعى لهذا السخط وهو إسرائيل.
وأما عن موقف المقاومة وفى القلب منها حماس وهل تراجع التأييد لها أم زاد بعد طوفان الأقصى وموقف الغزيين منها، فدعونا نتابع التقييم الذى أوردته مجلة فورين أفيرز الأمريكية لعل ذلك يقدم صورة مغايرة لتلك التى تحاول بعض وسائل الإعلام العربية ترويجها دون أن يعنى ذلك بالطبع التسليم بما تقوله المجلة التى تعد من أرصن المجلات السياسية والبحثية الأمريكية.
ففى مقال بعنوان استراتيجية إسرائيل الفاشلة تعزز قبضة حماس ذهب الكاتب روبيرت بايب إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة فشلت فى هزيمة حماس وبدلا من ذلك أدت إلى تعزيز قوة الحركة من خلال زيادة الدعم المحلى والتجنيد، إلى حد قوله أن حماس باتت اليوم أقوى مما كانت عليه فى السابع من أكتوبر. وهنا وبشأن موقف أهالى القطاع يقول الكاتب إن الحركة ما زالت تحظى بدعم واسع من أبناء غزة. ويفسر استمرار قوة حماس على المواجهة بتمتعها بهذا الدعم. إن الدعم المجتمعى يقول الكاتب يسمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها واكتساب المصادر وتفادى الانكشاف والاستحواذ عموما على مزيد من المصادر البشرى والمادية اللازمة لعملياتها واستدامتها.
وهنا يضيف أن معظم من ينضمون إلى حماس والذين يصفهم بالإرهابيين من منظوره هم مقاتلون متطوعون قادمون مباشرة من الشوارع وهم فى الغالب إما غاضبون من خسارة أصدقاء أو أفراد من عائلاتهم. رغم أهمية تلك الرؤية إلا أنها لا تمثل سوى تأكيد على نقطة أساسية وهى أن الغزيين وبعد طوفان الاقصى أصبحوا أكثر تأييدا للمقاومة ترحيبا بسعيها للقضاء على الاحتلال بغض النظر عن حدود نجاح هذا الهدف، وذلك هو الطبيعى من الشعوب السوية وخاصة الشعب الفلسطينى القابض على وطنه بظروفه الصعبة كالقابض على الجمر.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبد الرازق قلب رجل واحد تأملات قادة حماس طوفان الأقصى أهالي غزة
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي يكشف الفارق بين طوفان الأقصى وحرب أكتوبر (فيديو)
قال المفكر والكاتب نبيل عبد الفتاح أن حرب 6 أكتوبر 1973 كانت نتيجة للتخطيط العسكري المدروس من قبل القيادة المصرية.
السنوار وعملية طوفان الأقصى.. إرث مقاتل يتجدد بالاستشهاد (فيديو) قاسم: طوفان الأقصى بداية تغيير الشرق الأوسطوأضاف نبيل عبدالفتاح خلال حواره مع برنامج "نظرة" على قناة “صدى البلد”، تقديم الإعلامى حمدى رزق، أن النصر في حرب اكتوبر يعكس وجود استراتيجية مدروسة وعقليات حكيمة وشعب مستعد للمشاركة في المعركة بشكل مثالي.
الأحداث التي وقعت في طوفان الأقصى تشبه حربًا غير منتظمة في غزةولفت عبد الفتاح إلى إن الأحداث التي وقعت في طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 تشبه حربًا غير منتظمة في غزة، لكن الفارق الجوهري هو أن فلسطين لا تمتلك جيشًا نظاميًا، مما يميز ما حدث في 6 أكتوبر عن طوفان الأقصى.
وتابع : “الشعب الفلسطيني لم يتجاوز الحدود، بل ما جرى كان رد فعل طبيعي على الانتهاكات الإنسانية المستمرة التي يرتكبها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية”.