-على مدى أربعين عامًا (قضيت منها 35 عامًا فى هذه الصحيفة العريقة) كانت جريدة الوفد فى طليعة دعاة التنوير فى هذا الوطن، المنكوب ببعض نخبته، التى تعانى ازدواجية رهيبة، وانفصالًا بين الأقوال والأفعال. حرقتهم المواقف والأفكار وباتوا كورق الكلينكس لا قيمة له. بقى أمل التنوير وبقى الوفد، وبقى أيضا هذا الفصيل الضئيل مدعى الثقافة والاستنارة رغم ازدواجيته الشديدة!
فى الأوساط الثقافية كلما اطلت برأسها فكرة نص جرىء لشاعر ما، يواجه بتهمة جاهزة وهى تعرضه للذات الإلهية ووجب إقامة الحد عليه، وهو الطرد من جنة الوسط ! حدث هذا مع كثيرين، منهم من حقق معه فى اتحاد الكتاب، بسبب نصوص وردت فى ديوانه! بعض الخبثاء يتطوعون بكتابة تقرير بأن الشاعرة يقصد إهانة الذات الإلهية، حاشا لله فى بلد يعج بملايين المآذن، وتعلو فيه كلمة الله فى كل وقت، وتسعون بالمائة من المحال فى البلدان والقرى لا صوت فيها يعلو على صوت مذياع القرآن، ان يكون هناك عاق لله جل علاه.
لكن يقولون لك فى واقعة كالتى اشرت اليها- وهى ليست خاصة فقد حققتها النيابة، وزينت «الكلابشات» ايدى كاتب النصوص.. وأمضى أيامًا فى السجن، حتى «يبان له اصحاب».. ثم حفظت القضية!
منحت عضوية اتحاد الكتاب لعشرات من هؤلاء الذين لا يتمتعون بالخيال ولا القدرة على التفرقة بين الإبداع فى النص الأدبى، والقداسة فى النص الدينى، الذى هو بالأساس قابل للتأويل، وهناك مشايخ يختلفون فى فهم النص الواحد.. والمؤكد أنه لولا تعددت الأذواق لبارت السلع كما يقول المثل الشهير.
فى سابقة خطيرة كان المستشار ثروت الخرباوى يطبع كتبه التى فضحت الاخوان المسلمين من الداخل فى الهيئة العامة للكتاب، وبعد طباعتها كان يفاجأ بأنها لا تعرض على الأرفف! كان الموظفون «يدشتونها» ويلقون بها أرضًا وإذا سأل أحد عنها قالوا إنها غير موجودة أو نفدت أو أى شيء.. وحاول الرجل وهذا كلام مثبت فى مناسبات عامة أن يلفت نظر رئيس الهيئة لهذا وبالدليل القاطع ودون جدوى!
الاختراقات الاخوانية وصلت إلى مفاصل كثيرة، حتى أن طباعة قصور الثقافة لمؤلفات طه حسين نفسه تسببت فى إبعاد (استقالة) مسئول النشر السابق فى الهيئة! طه حسين رائد التنوير الذى تعيد كبريات دور النشر فى العالم العربى كله طباعة كتبه، يرفض بعضهم فى هيئة قصور الثقافة إعادة نشر كتبه.
«الهم ما يتلم أمام الوزير الجديد».. المبدعون أنفسهم يعترفون بذلك ويكتبونه، ويحزنون لعملية «سلفنة» المجتمع، فما الذى كسبناه رغم إسقاطنا للإخوان، بعد أن خبرنا بأنفسنا ماذا فعلوا فى هذا الوطن خلال عام واحد فقط.
المعركة مستمرة، والمثقفون والأدباء الذين تورطوا فى دعم الإخوان ووجب عليهم أن يعتذروا من الشعب، إذا كانوا لا يزالون فى الركب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جريدة الوفد
إقرأ أيضاً:
مشهد خارج النص: دماء في موقع تصوير فيلم عن العرادة.. والحقيقة أغرب من الخيال
محافظ مأرب سلطان العرادة (منصات تواصل)
في حادثة أثارت جدلًا واسعًا وتساؤلات غامضة، قُتل ثلاثة من أقرب مرافقي محافظ مأرب والقيادي البارز في حزب الإصلاح سلطان العرادة، إلى جانب منتج سينمائي، أثناء تصوير مشاهد من فيلم حربي يُجسّد دور العرادة "البطولي" خلال الحرب في اليمن.
اقرأ أيضاً نهاية غامضة في البحر الأحمر.. أمريكا تتخلّص من سفينة إسرائيلية سرًّا 27 أبريل، 2025 بعد أيام قليلة.. ملايين المستخدمين سيُحرمون من واتساب للأبد 27 أبريل، 2025
فيلم يتحوّل إلى فاجعة:
الموقع الذي جُهّز مسبقًا جنوب مدينة مأرب لتصوير مشاهد من الفيلم، شهد انفجارات مفاجئة أودت بحياة:
صالح مبارك العرادة
سلطان حسين العرادة
عبدالله علي العرادة
المنتج السينمائي مصعب الحطامي
كما أصيب آخرون، في مشهد بدا وكأنه خرج من نص الفيلم نفسه، لكنه وقع على أرض الواقع وبدماء حقيقية.
طائرات مسيّرة ومدفعية:
على شاشة السينما الفيلم كان يتضمن مشاهد افتراضية لهجمات بطائرات مسيرة وقصف مدفعي على العرادة، لكن الانفجار الذي وقع لم يكن ضمن السيناريو... ليبقى السؤال: هل كان مجرد خلل تقني؟ أم عملًا مدبرًا؟
مصير العرادة:
مجهول حتى اللحظة حتى الآن، لم يُعرف ما إذا كان سلطان العرادة نفسه موجودًا في موقع التصوير ساعة الانفجار، وسط تضارب الروايات ونفي أن تكون صنعاء وراء الحادث، خاصة أن مكان التصوير كان بعيدًا عن خطوط الجبهة.
خلف الكواليس السياسية:
اللافت أن تصوير الفيلم جاء عقب عودة العرادة من السعودية بعد شهور من الإقامة الجبرية، في خطوة فسّرها البعض على أنها محاولة لإعادة تلميع صورته وسط أنباء عن عزله الوشيك من منصبه كمحافظ لمأرب.