حياة الإنسان منا معقدة تشترك فيها وتضافر العناصر المختلفة لتكون الحياة الواقعية التى يمتاز بها كل منا عن الآخر ولعل السمة الرئيسية والقاسم المشترك بينا حياتنا جميعا وبين مكونات حياة الفرد الواحد منا هى الإنسان أو الأفراد الذين يدخلون حياتك يتفاعلون معك وتتفاعل معهم لتتكون الأحداث وتتشكل المواقف وتخلق الحياة الجميلة السهلة البسيطة.
نقابل الكثير من الأفراد لكل منهم صفته الشكلية والداخلية فهنالك أخ لك فى الواقع وهنالك أخ لك فى النسب وهنالك جامع الاثنين، يوجد الصديق والزميل، أهل الثقة وغير أهل الثقة، القريب والبعيد، المحب والحاسد، المحبوب والبغيض هكذا هى حياتنا.
والأفراد فى حياتنا رغم تعدد أدوارهم وسلوكياتهم لكن لطريقتهم وتقييمهم صنفان لا ثالث لهما، الأفراد الواضحون المتحدثون المواجهون مصيبين كانوا أو مخطئين، وما أعظمه صنف وإن اختلفت معه، فاختلافك مع الواضح ثقة وإضافة، وهنالك المتلون المتغير، من يخفى على عكس ما يظهر من يخاف فيتغير ويتلون، يخاف منك ومن مواجهتك، تأمن جانبه فيطمئنك لوجوده ثم لا يلبث أن يتحول عنك أو ينقلب عليك، يمسى صديقا ودودا ويصبح عدوا لدودا، وقد لا تدرك هذا كل حياتك.
ولعلك تنتظر منى عزيزى القارئ أن أقول لك إن إيجادك أو حصولك على الشخص النقى المباشر هو كنز موهوب لك، وهذا واقعى لكن ما أريد قوله أن فى الشخص المتلون هبة عظيمة تنبنى على تجربة خاصة تثقل شخصيتك، وتنمى مهارتك، وتعظم قدراتك وتضخم إمكاناتك فى التعامل مع الشخصيات الأكثر صعوبة، فالمتلونون سهل عليك اكتشافهم، نعم قد تنخدع مرة وقد تنخدع مرات، لكن مدة الانخداع قصيرة ومرات الانخداع لا تكثر، فإذ بك تتجاوز الجوانب المؤلمة مع المتلونين لتغتنم المنافع العديدة وعلى رأسها أنك تدرك قيمة الشخصية الواضحة فالضد بالضد يظهر، وحسب ذلك فائدة وأنصح بقراءة كتاب «فى بيتنا مريض نفسى» للدكتور عادل صادق أستاذ الطب النفسى الذى يشرح وبالتفصيل كيف تتعامل مع جميع الشخصيات.
كنز الوطن الحقيقى فى هؤلاء الأفراد الذين ينخدعون فى المتلون فيكتشفونه سريعا، ويستطيع أن يؤثر عليهم فيتجاوزون التأثير، ويجذبهم فيمنعون الآخرين عن الوقوع فى شراكة، كنز الوطن هو الفرد المصرى النبيه الوعى القادر على الاستفادة وإفاقة الآخرين، وما أعظم المصرى الذى اكتشف تلون الجماعة الإرهابية فنبذها عنه، ليكتشف أى متلون ويواجه بذكاء وفطنة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حياة الإنسان
إقرأ أيضاً:
المسئولية والجزاء.. وضوابطهما القانونية
أبدى المشرع اهتمامًا وأهمية قصوى، أعطاها للحفاظ على مكانة وكرامة الوظيفة العامة، لما تكفله الدولة للقائمين بها فى رعاية مصالح الشعب، وأيضا تكفل حقوقهم وحمايتهم من أجل القيام بأداء هذه الواجبات، وعلى هذا تبنى نصا دستوريا فى الحفاظ على تلك المكانة، فقد كرس لها المادة رقم (١٤) من الدستور على أن «الوظائف العامة حق المواطنين على أساس الكفاءة، دون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب...»، وتطبيقا لذلك أصبح للقائمين عليها إدارتها وحمايتها وهى تستقطب اهتمام الدولة، بسن قوانين الخدمة المدنية واللوائح الإدارية، التى تنظم سير العمل بين الأفراد سواءً كانوا رؤساء أو مرؤوسين، فى المرافق العامة للدولة ومنشآتها الاقتصادية، لأن الغاية من ذلك هى تحقيق المصلحة العامة، وصيانة المجتمع وحماية الأفراد والمنشآت، ودون وقوع ضرر لهما أو للوظيفة العامة، لأن الأصل فى القانون الإدارى هو مراقبة مسلك الأفراد القائمين على الوظائف فى الدولة وتوفير الضمانات القانونية لهم، وهذا ما تواترت عليه وأقرته أحكام محاكم مجلس الدولة والإدارية العليا.
إن الظواهر الطبيعية فى تحديد المسئولية والجزاء، بأن تكون نابعة من قوة سلطة قادرة على تطبيق اللوائح والقوانين، التى تشرف على الهيئات وتنظم المسئوليات لحماية المنشآت وتطبيق ما تقره من جزاءات، حيث إن «السلطة والمسئولية» وجهان لعملة واحدة، وبالتالى يجب أن تتوافر صفات «العبقرية النابغة» فى المدير الكفء العظيم الشأن، الذى يمتاز بشدة الذكاء وله القدرة على الإبداع والابتكار فى مجال علمه وعمله، لكى يتحمل المسئولية عن نشاطه ونشاط غيره من العاملين، ويكون حريصا على مراقبة نشاط الأفراد وكفاءة العمل والإنتاج والوصول به إلى أعلى ربحية... إلى جانب تجنب حدوث خلل محتمل الوقوع فى المنشأة أو حتى بين الافراد، وإذا كان الموظف ليس له سلطة إصدار القرارات على قطاع بعينه، فى مؤسسة من مؤسسات الدولة ذات النفع العام، تنتفى مسئوليته عن هذا القطاع وما يترتب عليه من عقوبة أو جزاء، حيث لا تتوافر فيه شروط السلطة من خلال سيطرته على الأفراد، وبالتالى تسقط جميع أنواع الجزاءات التى وقعت عليه، وإذا قام رئيسه المباشر برفع عريضة جزاء ضده، إلى من هو أعلى منه فى التسلسل الوظيفى وليكن الرئيس الإدارى الأعلى، يكون الرئيس المباشر قد انحرف عن الحق واتهم موظفا بريئا، غير مسئول عن أخطاء الآخرين وهم زملاؤه فى العمل، لأنه فى الأصل ليس له سلطة عليهم، وقد حظر المشرع الإدارى توقيع عقوبة على موظف لا تربطه علاقة عمل بمكان آخر خارج نطاق مسئوليته الوظيفية، لأنه يمارس صلاحياته وأعماله الوظيفية فى مكان آخر معلوم فى ذات المنشأ، واختصاص مسئوليته يتحدد على الوحدة التى يديرها.
يبدو لنا بأن هناك غرابة من تعنت المدير الأعلى، فى توقيع عقوبة الجزاء على موظف لم يرتكب جريرة تؤخذ عليه خارج نطاق مسئوليته، فأين الضمير الأخلاقى والحياء الادارى وحدود سلطة شرعية الجزاء التأديبى، فى إلباس موظف برىء حادثا قد وقع خطأ بفعل زملائه الآخرين، دون أن يكون له دخل فى إحداثه، فكيف يتم إنزال هذا البرئ منزلة زميله المخطئ مرتكب هذا الجرم، الذى يتحدد اقترافه فى نطاق مسئولية أفراد المجموعة الذين تمتلكهم خطيئة هذا الحادث الذى ارتكبوه، وتتعدد أسباب تفسير خطأ المدير الأعلى فى تحميل الموظف مسئولية أمر لم يصدر عنه، ولم يكن شريكا فى وقوع الحادث، وما الغرض من قصد الرئيس الأعلى فى أن يتحمل موظف برىء المسئولية دون سلطة له، وفى الغالب تكون هذه الأعمال من قبل الرؤساء الأعلى فى العمل يحتمل فيها الغموض والإبهام ولها أكثر من تفسير، إما أن يكون هناك مصالح مع الشركاء الفعليين فى وقوع الحادث، ويريد إبعادهم عن موضع المسئولية من أجل تعزيز مصالحه، لأن الخطأ الذى وقع منهم يؤخذ فى نطاق المسئولية الجماعية، أو اعتبارات شخصية أو قد تكون أسبابا أخرى صعبة التفسير.... على العموم كل أفعال الرؤساء فى العمل إذا كانت بهذا الشكل فى تحميل الأبرياء أخطاء الآخرين، يكون هذا السلوك المتعسف والمتعنت منهم يتنافى مع الحيدة والشفافية والتجرد، والسعى فى انتهاك حقوق إنسان آخر مظلوم، ويكون القرار الجزائى الذى اتخذ ضده شابه عيب شديد الجسامة هبط به إلى حد العدم، لأنه بنى على باطل من غش أو تدليس، وعلى ذلك يجب على الرئيس الأعلى الذى يتولى رئاسة مجلس إدارة المنشأة، بأن يستمع إلى كل صاحب شكوى يريد تقديم له مظلمته، ويجب عليه أيضا أن لا يهمله أو يتجاهله ولا يقرر عليه العقوبة، حتى يستخدم حقه القانونى فى الدفاع، وأن يستمع إلى أقواله لكى ينير له الطريق لمعرفة الحق من الباطل، من هنا يستحيل إقرار عقوبة الجزاء عليه غيابيا دون الاستماع إليه، وإلا يعتبر إهدارا كاملا لكافة الحقوق التى أقرها الدستور، وأهمها حقه فى الدفاع عن نفسه، وأنا أهيب بصاحب كل حق أو مظلمة بأن يتمسك بحقه لكى يرفع الظلم الذى وقع عليه، وهناك طرق شرعية كافية لعودة حقه المسلوب إليه، سواءً كان عن طريق تقديم شكوى إلى الوزير المختص، أو استخدام حقه فى اللجوء إلى القضاء العادل، الذى تؤكده دولة القانون وشريعة الحق والعدل التى تسود فى الأرض وعلى أساسها تبنى «الجمهورية الجديدة»، التى أرسى دعائم لبنتها «الرئيس عبدالفتاح السيسى» تحيا مصر.