إعداد: سارة البلوشي

ورد سؤال من أحد قراء «الخليج»، يقول: هل هناك إسقاط للحق في القضايا، حتى إن كنت أستحقها؟

المحامي منصور عبد القادر علي، يجيب قائلاً: مبدئياً يمكن القول إن حق التقاضي مكفول للجميع، وهنالك ضوابط تنظم هذا الحق، بعضها يتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها بالمحكمة المختصة، وبعضها يتعلق بالمدة التي يجب تقديم المطالبة خلالها، وهو ما يعرف بسقوط الحق في التقاضي أو التقادم، حتى وإن كان صاحب حق فيما يطالب به.

وأشار إلى أنه بصفة عامة يمكن القول: إن الحق لا ينقضي بمرور الزمان، ولكن الدعوى به عند الإنكار لا تسمع بعد مرور 15 عاماً، إلا بوجود عذر شرعي منع من إقامة الدعوى في هذه المدة، مع مراعاة بعض الحالات التي نص القانون على مدة معينة ووضع لها أحكاماً خاصة.

وأكد، أنه بحسب نص المادة (11) من قانون الإجراءات الجزائية، هنالك جرائم معينة لا ترفع إلا بناءً على شكوى من المجني عليه أو من يقوم مقامه أو وكيله الخاص، مثل: السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة، وإخفاء الأشياء المتحصل عليها (في حالات معينة)، كذلك عدم تسليم الصغير إلى من له الحق في طلبه ونزعه من سلطة من يتولاه أو يكفله، والامتناع عن أداء النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن المحكوم بها. وسب الأشخاص وقذفهم، والجرائم الأخرى التي ينص عليها القانون.

ولا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

وأضاف، تبعاً لذلك فإن سقوط الحق في التقاضي، يختلف بحسب الحقوق المطالب بها؛ فمثلاً في حالة الحقوق المدنية المترتبة على الضرر الشخصي الناتج من الجريمة، يمكن للمضرور أن يطالب ويدعي في مواجهة المتهم أثناء جمع الاستدلالات أو التحقيق، وفي أي وقت لاحق وحتى قفل باب المرافعة في الدعوى الجزائية، ولكن ذلك لا يمنع أن يطالب بدعوى مدنية منفصلة عن الدعوى الجزائية.

وتابع، بالنسبة للحقوق الناشئة عن علاقات العمل المترتبة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (33) لسنة 2021، فإن الدعوى لا تسمع بعد سنة من تاريخ استحقاق الحق محل المطالبة، بينما المدة المقررة لسماع الدعوى في علاقة العمل بين صاحب العمل والعامل المساعد 3 أشهر من تاريخ انتهاء علاقة العمل بين الطرفين.

وأشار إلى أن الدعاوى المتعلقة بالتزامات التجار بعضهم لبعض، والمتعلقة بأعمالهم التجارية، فإنها لا تسمع في حالة الإنكار من الخصم، وعدم وجود عذر شرعي، بانقضاء (5) سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام، ما لم يوجد نص في القانون على مدة أقل.

وقال في الأحوال الشخصية هنالك حالات عدّة لا تسمع فيها الدعوى بعد مرور مدة معينة وأحياناً تعتمد على إنكار الطرف الآخر، وأحياناً يكون المانع من سماع الدعوى مطلقاً دون توقف على إنكار الطرف الآخر.

وأضاف، مثلاً، لا تسمع دعوى زيادة أو نقصان النفقة قبل مضي سنة على فرضها إلا في حالات استثنائية، ونفقة الزوجة لا تسمع عن مدة سابقة أكثر من ثلاث سنوات، ونفقة الأولاد على أبيهم لا تسمع عن مدة سابقة تزيد على سنة...إلخ، وغيرها من الحالات التي لا يتسع المجال لذكرها.

وأكد أن هنالك مواعيد ومدد زمنية يجب مراعاتها عند تقديم التظلمات أو الطعون في الأحكام والقرارات، وإلا قضي برفضها شكلاً.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات لا تسمع

إقرأ أيضاً:

حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمتها.. الإفتاء توضح

اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة؟ فقد أعلنت شركة حاجتها لشراء سلعة بمواصفات معينة، على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة مئوية من قيمة السلعة المعلومة المحددة، فما حكم هذه المعاملة وأخذ هذه النسبة؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: أن توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وهو من قبيل الجعالة المشروعة، والنسبة المذكورة من قبيل الجُعل المبذول.

مذاهب الفقهاء في حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمة السلعة
لقد وضع الشرع الشريف من التشريعات ما يضبط حركة المال، وفق ضوابط وقوانين تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها، سواء من جهة تحصيل المال -كما السؤال- أو من جهة إنفاقه.

والصورة محل السؤال -والتي فيها إعلان شركةٍ ما عن حاجتها لشراء سلعة بمواصفات معينة وقيمة معلومة محددة، على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة مئوية من قيمتها المحددة سلفًا- أُطلق فيها الخطاب فشمل المعيَّن وغير المعيَّن مِمَّن يوفر السلعة المطلوبة، ولا يمكن تحقيق مثل هذا المبتغى في الإجارة؛ لانعدامها في المجهول كافة، ولا في الوكالة؛ لانعدام التعيين، وإنما يتحقق في عقد الجعالة التي هي أعم من السمسرة؛ لعموم مَوْرِدِها، فبينهما عموم وخصوص مطلق، إذ كل جعالة سمسرة ولا عكس.

وقد اختلف الفقهاء في جواز مثل هذه المعاملة وفق تكييفها جعالة، فذهب الحنفية إلى عدم جوازها؛ لما فيها من الغرر والجهالة قياسًا على اشتراط معلومية الأجر والعمل والأجير في سائر الإجارات، أَمَا وقد تحققت الجهالة في جميعها فلا تصح.

قال مجد الدين الموصلي في "الاختيار" (3/ 34، ط. الحلبي) عن الكرخي في اللقطة: [إذا قال: من وجدها فله كذا، فله أجر مثله؛ لأنها إجارة فاسدة] اهـ.

وقال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 281، ط. دار الفكر) نقلًا عن "الولوالجية": [ضاع له شيء فقال: مَن دلَّني عليه فله كذا، فالإجارة باطلة؛ لأن المستأجر له غير معلوم، والدلالة ليست بعمل يستحق به الأجر، فلا يجب الأجر، وإن خصص بأن قال لرجل بعينه: إن دللتني عليه فلك كذا، إن مشى له ودلَّه: يجب أجر المثل في المشي؛ لأن ذلك عمل يستحق بعقد الإجارة إلا أنه غير مقدر بقدر فيجب أجر المثل، وإن دلَّه بلا مشي: فهو والأول سواء] اهـ.

وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جوازها باعتبار أنها عقد على معيَّن محتمِل الإنجاز من غير اشتراط تعيين المتعاقَد معه، ولكن مع استحقاقه العوض بعد تمام المعيَّن من الموجِب، بشرط معلومية الجُعل، وهو حاصل في محل السؤال، إذ قيمة السلعة معلومة ابتداءً ومواصفاتها محددة سلفًا.

واسْتُدِل لذلك بقول الله تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72].

قال شمس الدين القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/ 232، ط. دار الكتب المصرية): [قال بعض العلماء: في هذه الآية دليلان؛ أحدهما: جواز الجُعل وقد أجيز للضرورة، فإنه يجوز فيه من الجهالة ما لا يجوز في غيره، فإذا قال الرجل: مَن فعل كذا فله كذا صح. وشأن الجعل أن يكون أحد الطرفين معلومًا والآخر مجهولًا للضرورة إليه، بخلاف الإجارة، فإنه يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين، وهو من العقود الجائزة] اهـ.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلًا، فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسألوه فضحك وقال: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» متفق عليه، فدل على جواز الجعالة على ما ينتفع به المريض من دواء أو رقية، وقياسه سائر الأعمال.

وقد جاء في "المدونة" للإمام مالك (3/ 466، ط. دار الكتب العلمية): [في جُعل السمسار قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم. سألتُ مالكًا عن البَزَّاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزًّا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزًّا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك. فقلت: أمن الجُعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل] اهـ.

وقال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات" (2/ 177، ط. دار الغرب الإسلامي): [ومن شروط صحة المجاعلة: أن يكون الجُعل معلومًا] اهـ.

وقال الإمام أبو سعيد البراذعي المالكي في "التهذيب" (3/ 343، ط. دار البحوث للدراسات الإسلامية بدُبي): [من قال لرجل: بع لي هذا الثوب ولك درهم، أنه جائز، وقّت له في الثوب ثمنًا أم لا، وهو جُعل] اهـ.

وقال الإمام أبو إسحاق الشيرزاي الشافعي في "المهذب" (2/ 271، ط. دار الكتب العلمية): [يجوز عقد الجعالة، وهو: أن يبذل الجُعل لمن عمل له عملًا مِن ردِّ ضالة، ورد آبق، وبناء حائط، وخياطة ثوب، وكل ما يستأجر عليه من الأعمال] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 179، ط. دار الفكر): [ويشترط كون الجُعل معلومًا، فلو قال: مَن ردَّه فله ثوب أو أرضيه فسد العقد وللراد أجرة مثله] اهـ.

وقال موفق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (6/ 94، ط. مكتبة القاهرة): [ ولا بد أن يكون العوض معلومًا، والفرق بينه وبين العمل من وجهين، أحدهما: أن الحاجة تدعو إلى كون العمل مجهولًا... ولا حاجة تدعو إلى جهالة العوض، والثاني: أن العمل لا يصير لازمًا، فلم يجب كونه معلومًا، والعوض يصير لازمًا بإتمام العمل، فوجب كونه معلوما. ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم] اهـ.

وقال العلَّامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 203، ط. دار الكتب العلمية): [(أو) جعله ل (غير معين بأن يقول: من رد لقطتي أو وجدها) فله كذا (أو) من (بني لي هذا الحائط أو) من (رد عبدي) الآبق (فله كذا، فيصح العقد) مع كونه تعليقًا؛ لأنه في معنى المعاوضة لا تعليقًا محضًا] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة
المختار للفتوى في حكم الجعالة هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول بجوازها متى كان الجُعل معلومًا؛ تيسيرًا على المكلفين، ورفعًا للحرج عن المتعاملين، ولداعي الحاجة من ردِّ مال، أو انتفاء قدرة الجاعل على أعمال يحتاج إليها.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما قامت به الشركة من الإعلان عن حاجتها لسلعة معينة على أن مَن يوفرها لها يأخذ نسبة معينة من قيمة هذه السلعة المعلومة المحددة سلفًا -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وهو من قبيل الجعالة المشروعة، والنسبة المذكورة من قبيل الجُعل المبذول.

مقالات مشابهة

  • حكم توفير سلعة معينة لشركة مقابل نسبة من قيمتها.. الإفتاء توضح
  • عَملٌ مسرحي على خشبة ثقافي طرطوس يُحاكي اللحظات التي رافقت التحرير
  • مجلس قضاء الجزائر ينظم يوما دراسيا حول حماية الحياة الخاصة في الفضاء السيبراني
  • محمود فوزي: مشروع القانون الجديد يمنح المحتجزين وذويهم الحق في إبلاغ شكواهم فوراً للنيابة
  • أبرز 5 حقوق ذهبية للاجئين في القانون الجديد... اعرفها الآن
  • محافظ ريف دمشق يلتقي ممثلي الغوطة الشرقية لمناقشة التحديات التي تواجه العمل وسبل تحسين الخدمات للمواطنين
  • 5 أسرار للسعادة لم تسمع بها من قبل!
  • السيسي يشدد على تعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية للتصدي للتحديات التي تهدد كيان الدول
  • ‏«النواب» يقر ضوابط إعلان الخصوم في قانون الإجراءات الجنائية
  • القانون يمنح رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي حق التصالح عن الدعاوى.. اعرف التفاصيل