هل تشعل طالبان باكستان التوتر بين إسلام آباد وكابل؟
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
تشهد العلاقات بين أفغانستان وباكستان توترا متصاعدا في ظل اتهامات السلطات الباكستانية لحركة طالبان الأفغانية بإيواء ودعم مسلحي حركة طالبان باكستان -تعرف اختصارا بـ"تي تي بي" (TTP)- التي كثفت نشاطها العسكري في إقليم خيبر بختونخوا في الفترة الأخيرة.
وبلغ التوتر في العلاقات مرحلة خطيرة حينما هدد وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف بشن عمليات عسكرية داخل الأراضي الأفغانية في حال استمرار هجمات مسلحي الحركة انطلاقا من الأراضي الأفغانية، حيث قال: "نحن لا نقدم لهم الكعكة والحلويات وإذا تم مهاجمتنا سنهاجمهم".
وفي معرض رده على تهديد الوزير الباكستاني نفى الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية ذبيح الله مجاهد استخدام الأراضي الأفغانية من قبل مسلحين ضد باكستان، مشيرا إلى أن أفغانستان تريد علاقات صداقة مع جاراتها وغيرها من دول الجوار، ولكن "في حالة تعرض أفغانستان لأي تهديد أو هجوم خارجي سنرد عليها بقوة".
وازدادت حدة التوتر بعد ما تبنت طالبان الباكستانية هجوما انتحاريا بشاحنة مفخخة على قاعدة عسكرية للجيش الباكستاني في منطقة بنو بإقليم خيبر بختونخوا والذي أسفر عن مقتل 8 جنود بتاريخ 16 يوليو/تموز الجاري.
وعلى إثره قامت الخارجية الباكستانية باستدعاء القائم بالأعمال الأفغاني في إسلام سردار أحمد شكيب وأبلغته احتجاج الحكومة الباكستانية على ما سمته "استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات على باكستان".
ونفى شكيب في تصريح صحفي أي دعم لحكومة تصريف الأعمال لمسلحي الحركة قائلا: "نحن لا ندعم حركة طالبان باكستان، ولكن قد تكون هناك بعض عناصر لها مختبئة في أفغانستان".
خواجه آصف هدد بشن عمليات عسكرية داخل أفغانستان في حال استمرار هجمات مسلحي حركة "تي تي بي" (الأوروبية) محاولات احتواء الحركةظهرت حركة طالبان باكستان عام 2007 في مناطق حدودية بين باكستان وأفغانستان، وهدفها المعلن تطبيق الشريعة في البلاد، ومساندة حركة طالبان أفغانستان في حربها ضد الولايات المتحدة وقوات حلف الناتو.
وبحسب تصريح متلفز لزعيم حزب جمعية العلماء الباكستاني الشيخ فضل الرحمن فإن "نحو 30 ألف مقاتل من باكستان دخلوا أفغانستان أثناء الاحتلال الأميركي للقتال جنبا إلى جنب مع طالبان".
ومن جانبها، حاولت باكستان احتواء الحركة باستخدام طرق مختلفة؛ منها إجراء محادثات مع قيادة طالبان باكستان في أفغانستان، ومد الأسلاك الشائكة على طول الحدود مع جارتها لمنع تسلل المسلحين والضغط على حكومة طالبان بالطرد الإجباري للاجئين الأفغان في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولإغلاق الممرات الحدودية بين البلدين، ولكن لم تنفع كل هذه الأساليب في إيقاف النشاط العسكري المتصاعد للحركة داخل الأراضي الباكستانية.
وفي عام 2014 شن الجيش الباكستاني عمليات عسكرية باسم "ضرب عضب" في المناطق الحدودية مع أفغانستان، خاصة في منطقة وزيرستان ضد مسلحي حركة طالبان باكستان، وبعد معارك استمرت لسنوات، وافق الطرفان على هدنة في 2022 بوساطة من زعامات حكومة طالبان في كابل.
ومع انتهاء الهدنة استأنفت طالبان باكستان هجماتها ضد أهداف عسكرية، وزادت العمليات العسكرية لمسلحي "تي تي بي"، وكان عام 2023 أكثر دموية في باكستان؛ حيث وقعت -حسب التقارير- 650 عملية عسكرية معظمها من قبل حركة طالبان باكستان وراح أكثر من ألف شخص ضحية تلك الأحداث أغلبهم من القوات الأمنية الباكستانية.
وفي مارس/آذار 2024 اعترفت السلطات الباكستانية بأنها قصفت مواقع لطالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية في ولاية خوست، كما تواصل القوات المسلحة الباكستانية شن عمليات عسكرية جديدة باسم "عزم استحكام" في مناطق من إقليم خيبر بختونخوا ذي أغلبية سكانية من إتنية بشتون.
السلطات الباكستانية اعترفت بأنها قصفت مواقع لطالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية في مارس/آذار 2024 (الأناضول) جوهر المشكلةلم تكن العلاقات بين باكستان وأفغانستان ودية منذ عقود، ولم تعترف أية حكومة في كابل بالحدود الموجودة بين البلدين المعروف بخط ديورند الذي رسمه الاستعمار البريطاني، ولا شك أن هذا الخلاف هو جوهر المشكلة بين الجارتين.
وفي هذا السياق، يقول ميشل كوجال مان مدير مركز دراسات جنوب آسيا في معهد ولسون: "لم تعترف جميع الحكومات في أفغانستان -بما فيها حكومة طالبان الحالية- بالحدود الرسمية الدولية بين الدولتين، وكل طرف يتهم الطرف الآخر منذ وقت طويل بإيواء ودعم الإرهابيين الذين يقومون بهجمات داخل كل بلد انطلاقا من الطرف الآخر"، ومن جهتها تعتبر باكستان خط ديوراند يمثل حدودها الرسمية مع جارتها.
في حين تعتبر حركة طالبان أفغانستان أن تلك الحدود تقتطع أجزاء كبيرة من أراضي أفغانستان في مناطق تقطنها قبائل من عرقية البشتون في الجنوب والجنوب الغربي لأفغانستان، وقد اعترضت الحكومات الأفغانية المتعاقبة على معاهدة ديورند.
وتقليديا تعتبر حركة طالبان في أفغانستان مدعومة من باكستان التي وفرت مقرات آمنة لقيادات طالبان مع تقديم دعم عسكري ودبلوماسي لها منذ نشأة حركة طالبان في 1994، وكان الانطباع السائد أن باكستان تستطيع استخدام نفوذها في أوساط قيادات الحركة.
تبعات الصدام بين البلدينورغم التهديد الباكستاني لشن هجمات داخل الأراضي الأفغانية لملاحقة عناصر "تي تي بي"، ووجود أصوات لإيجاد منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي الأفغانية من قبل الجيش الباكستاني لمنع هجمات مسلحي طالبان باكستان داخل بلدهم؛ يرى مراقبون أن أي هجوم عسكري باكستاني على أفغانستان سيشعل فتيل الحرب بين البلدين وستكون لها عواقب خطيرة.
فمن طرف قد تؤدي أية عملية من تلك النوع إلى إطلاق أيدي مسلحي "تي تي بي" من قبل طالبان في أفغانستان لتكثيف نشاطهم العسكري ضد باكستان، ومن طرف آخر قد تثير ردود أفعال انتقامية من الجانب الأفغاني، كما يتوقع القائد العام السابق لشرطة إقليم خيبر بختونخوا أختر علي شاه بقوله إن "اتخاذ خطوة هجومية يمكن أن يساعد لتقوية الموقف أثناء المفاوضات، ولكن في الوقت نفسه ممكن أن يخلق مشكلة للبلد لأن الحكومة الأفغانية سترد أيضا".
ومن أدوات الضغط التي تملكها إسلام آباد وتستخدمها من وقت لآخر ضد كابل؛ إغلاق المعابر الحدودية؛ لأن أفغانستان بلد محاط باليابسة وباكستان معبر مهم للاستيراد والتصدير.
كما أن وجود أكثر من 3 ملايين لاجئ أفغاني في باكستان يعتبر عامل ضغط آخر على أفغانستان، فكلما تتوتر العلاقات بين كابل وإسلام آباد تقوم السلطات الباكستانية بطرد اللاجئين أو ممارسة الضغوط عليهم، كما فعلت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وطردت عشرات الآلاف من اللاجئين الأفغان قسرا.
ولكن استخدام تلك الأدوات يثير دائما السخط الشعبي في كابل ضد إسلام آباد، ويعزو الصحفي الباكستاني سميع يوسفزي هذا الأمر إلى أنه "في أفغانستان فئات معارضة لباكستان وتستغل ذلك وهذا لا يخدم مصالح البلدين على المدى البعيد".
مواطنون أفغان عائدون إلى أفغانستان بعد أن أعطت باكستان تحذيرا أخيرا للمهاجرين غير الشرعيين بالمغادرة (رويترز) صعوبة السيطرة على طالبان باكستانوفي مقابلة مع قناة "مشال" الأميركية اعترف الشيخ فضل الرحمن أنه "توجد موجة سخط شعبي كبير في أفغانستان ضد باكستان بسبب السياسات المعادية للحكومات الأفغانية المتعاقبة، ولكن قيادات في حركة طالبان أكدت له أثناء زيارته الأخيرة إلى كابل بأن حكومة الإمارة الإسلامية تسعى لتغيير الرأي العام الأفغاني لصالح باكستان من خلال إدخال موضوعات في المناهج الدراسية الأفغانية".
ويرى أستاذ العلوم السياسية الباكستاني إعجاز ختك أنه "من الصعب لسلطات طالبان في أفغانستان السيطرة على عناصر "تي تي بي"، لأن الأخيرة شاركت حركة طالبان أفغانستان في حربها خلال السنوات الـ20 ضد الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية وبينهما علاقات فكرية لذلك لا تستطيع اتخاذ خطوات شديدة ضد طالبان باكستان".
ويضيف الدكتور ختك أن باكستان ساندت حركة طالبان أفغانستان ورحبت بعودتها إلى الحكم، ولكن "بسبب الهجمات الإرهابية لحركة "تي تي بي" ساءت علاقاتها مع طالبان أفغانستان، وإن إسلام آباد لا تريد التخلي عن طالبان في أفغانستان كما لا تستطيع قبول توسيع دائرة نشاط "تي تي بي" داخل أراضيها".
إعجاز ختك: من الصعب لسلطات طالبان في أفغانستان السيطرة على عناصر "تي تي بي" (الفرنسية-أرشيف) هل المنطقة مقدمة على لعبة جدية؟وتقول بعض التقارير إن العملية العسكرية الجارية "عزم استحكام" التي تقوم بها القوات المسلحة الباكستانية ضد مسلحي حركة "تي تي بي" في منطقة وزيرستان بإقليم خيبر بختونخوا تتم بضغط من الصين، التي قتل 5 من مواطنيها في هجوم انتحاري على سيارة كانت تقلهم في منطقة "بشام" بالقرب من بيشاور في 24 مارس/آذار من العام الجاري، واتهمت السلطات الباكستانية حركة "تي تي بي" بالقيام بها.
لكن في المقابل، يرى بعض المراقبين أن للتصعيد الحاصل بين أفغانستان وباكستان قد تكون له علاقة بالتطورات السياسية والعسكرية في المنطقة، منها التطور الذي يشهده العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة الأميركية، حيث أجرت أخيرا وحدات من القوات الباكستانية مع وحدات للقوات الأميركية مناورات مشتركة في إقليم خيبر بختونخوا في سياق تعاون البلدين لما يسمى بمكافحة الإرهاب.
ويبدي بعض الباحثين في مجال العلاقات الأفغانية الباكستانية قلقهم من تصعيد الوضع الأمني في المناطق الباكستانية المتاخمة مع أفغانستان في إقليم "خيبر بختونخوا" وينذرون من كون المنطقة على وشك بدأ لعبة كبيرة جديدة على غرار الهجوم الأميركي على أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001م.
وفي هذا السياق يقول دبلوماسي أفغاني سابق في إسلام آباد يفضل عدم ذكر اسمه للجزيرة نت: "لدينا تقارير تؤكد توفير باكستان قواعد لمسيرات أميركية للتحليق فوق الأراضي الأفغانية، كما ثمة حضور عسكري لأميركا في باكستان لإجراء تدريبات مشتركة وهناك تصعيد تدريجي في تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية في باكستان خاصة في إقليمي "خيبر بختونخوا" و"بلوشستان" المتاخمتين مع أفغانستان".
إن ما تشهده باكستان من ضعف للاستقرار السياسي وسوء الأحوال الاقتصادية في الفترة الأخيرة وتدهور الأوضاع الأمنية في إقليمي "خيبر بختونخوا" و"بلوشستان"؛ لهو مؤشر على أن مجمل الأوضاع تسير تدريجيا نحو الأسوأ في المنطقة، وهذا ما قد يؤدي إلى الانفلات والخروج عن السيطرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حرکة طالبان أفغانستان السلطات الباکستانیة إقلیم خیبر بختونخوا طالبان فی أفغانستان حرکة طالبان باکستان عملیات عسکریة العلاقات بین أفغانستان فی بین البلدین فی باکستان إسلام آباد مسلحی حرکة فی إقلیم فی منطقة تی تی بی من قبل
إقرأ أيضاً:
كيف يسيطر جيش باكستان على اقتصادها؟
ازداد نفوذ جيش باكستان في اقتصاد البلد الذي عانى من اضطرابات سياسية واقتصادية في الآونة الأخيرة.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن محللين ومسؤولين قولهم إن نفوذ الجيش على الحكومة المدنية الحالية بلغ أعلى مستوياته منذ استقالة برويز مشرف عام 2008.
ولطالما كان للجيش الباكستاني دور كبير في السياسة الباكستانية، إذ حكم 4 عسكريين البلاد منذ الاستقلال في عام 1947، آخرهم برويز مشرف، وحتى عندما كانت الحكومات المدنية في السلطة ثمة أدلة واسعة النطاق على أن قادة الجيش كانوا يتمتعون بنفوذ كبير، حسبما ذكرت "فايننشال تايمز".
وفي السنوات الأخيرة على وجه الخصوص امتد نفوذ الجيش إلى أبعد من ذلك في اقتصاد باكستان، ووصف تقرير للأمم المتحدة لعام 2021 الشركات المرتبطة في الجيش بأنها "أكبر تكتل في باكستان"، وفي إطلاق الخطة الاقتصادية الخمسية الجديدة لباكستان عشية رأس السنة الجديدة شكر رئيس الوزراء شهباز شريف علنا رئيس الأركان عاصم منير على مساعدته في إنقاذ البلاد من حافة التخلف عن سداد ديونها في يونيو/حزيران 2023.
وقال للحضور "يجب أن أخبركم من دون أي خوف من أي نوع من المبالغة أنني لم أشهد أبدا هذا النوع من التعاون الذي تلقيته من قائد الجيش والمؤسسة".
إعلان تحذيرويحذر المنتقدون من أن التأثير الاقتصادي المتزايد للجيش يزيد خطر تفضيله مصالحه الخاصة على الآخرين، مشيرين إلى مخاوف من أن تورطه في السياسة والاقتصاد يصرف انتباهه عن عمل مكافحة الإرهاب، ويزيد الاضطرابات المجتمعية ويبعد الاستثمار الأجنبي عن البلد.
وحسب الصحيفة، فإن القادة العسكريين الباكستانيين بدؤوا في تكثيف انخراطهم في الشؤون الاقتصادية وقت صعود عمران خان إلى السلطة في عام 2018، وفي خضم التباطؤ الاقتصادي والنمو المتسارع لمنافستها الكبرى الهند، ولعب الجيش دورا بارزا في صعود خان.
لكن رئيس الوزراء السابق اختلف مع كبار القادة، وأصبح الجنرالات أكثر تشككا في أن الديمقراطية الانتخابية يمكن أن تحقق النمو، وتمكن باكستان من المنافسة مع الهند أو خدمة المصالح السياسية والتجارية الواسعة النطاق للجيش، حسبما نقلت الصحيفة البريطانية عن محللين ومسؤولين سابقين.
وزادت الحاجة إلى إعادة التفكير بصورة كبيرة مع تراجع أهمية باكستان للعالم الخارجي، ويقول ستيفان ديركون الأستاذ في أكسفورد "قبل 10 سنوات كانت الولايات المتحدة في أفغانستان، لذلك كان موقف باكستان الجيوسياسي آمنا، كان من المتوقع أن يُنظر إليهم على أنهم أكبر من أن يُسمَح لهم بالفشل".
وبالاعتماد على الإعفاءات وعمليات الإنقاذ من الدول الصديقة التي تخشى أن يؤدي انهيارها إلى وضع الأسلحة النووية في متناول جماعات إسلامية أرجأت باكستان الإصلاحات الهيكلية الجادة، وفق الصحيفة.
مؤشرات إيجابيةوحسب الصحيفة، فإنه عندما صار عاصم منير رئيسا لأركان الجيش في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 -بعد 7 أشهر من الإطاحة بخان والاستعاضة عنه بشريف- كانت البلاد لا تزال تنزف من احتياطيات الدولار، وكان التضخم يرتفع بسرعة وبدأت التمردات تشتعل على طول الحدود الأفغانية.
ومنذ ذلك الحين جعل الجنرال إنقاذ الاقتصاد جزءا أساسيا من صورته العامة، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أخبر مجموعة من رجال الأعمال في كراتشي بأن "جميع مؤشرات الاقتصاد الباكستاني إيجابية"، وفقا لتقرير صادر عن وكالة الأنباء الرسمية، وتساءل "أين هم الآن الأشخاص الذين ينشرون خيبة الأمل ويتحدثون عن التخلف عن السداد؟".
إعلانوحصل منير على تمديد لفترة ولايته، مما يسمح له بالبقاء في منصبه لمدة 10 سنوات بدلا من الحد الأقصى المعتاد بـ6 سنوات.
وتتألف الحكومة المنتخبة في باكستان الآن من تحالف من الأحزاب التي وقع قادتها جميعا في خلاف مع الجيش بالماضي، لكنهم توحدوا لمنع خان -الذي فاز حلفاؤه بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المتنازع عليها في فبراير/شباط الماضي- من العودة إلى السلطة.
ومع وجود خان في السجن تريد الحكومة استخدام وقتها في السلطة لمتابعة الإصلاحات الطموحة، حسب الصحيفة.
تفاهمويقول وزير التخطيط إحسان إقبال "ثمة تفاهم واسع النطاق بين جميع أركان الدولة بأن أي حالة من عدم اليقين السياسي وعدم الاستقرار السياسي ستكون انتحارية بالنسبة لباكستان، ثمة تعاون إيجابي جيد للغاية بين المؤسسة (تعبير ملطف شائع للجيش) والحكومة لاتخاذ مسار التعافي الاقتصادي هذا معا".
ويدير الجنرالات العاملون ملفات النقد وسجل السكان الوطني الباكستاني، إضافة إلى مراقبة مكافحة الفساد وفرق العمل التي تسعى إلى إصلاح الضرائب وإعادة التفاوض على عقود الطاقة.
وأدار منير عملية عام 2023 ضد تهريب العملات، في حين يستشهد معجبوه كذلك بعلاقاته مع دول الخليج التي تعتمد عليها باكستان في التمويل.
ويعترف أحد كبار المسؤولين الحكوميين بأن ثمة تمددا في مهام الجيش، لكنه يلقي باللوم على السياسيين قائلا "لقد فشلنا في اتخاذ الخطوات التي كان ينبغي لنا اتخاذها من قبل لإصلاح الاقتصاد"، حسبما نقلت الصحيفة البريطانية.
وفي الأشهر الـ18 منذ تخلف باكستان عن سداد ديونها تقريبا عادت البلاد إلى ما يشبه الاستقرار الاقتصادي، ففي سبتمبر/أيلول الماضي حصلت على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 7 مليارات دولار، وانخفض التضخم إلى 4.1% في ديسمبر/كانون الأول بعد أن بلغ ذروته عند 38% في يونيو/حزيران 2023، وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة، ولديه احتياطيات كافية من الدولار لتغطية أكثر من شهرين من الواردات.
إعلان إجراءات اقتصاديةولتعزيز ماليتها والاحتفاظ بدعم صندوق النقد الدولي رفعت الحكومة الباكستانية الضرائب على أصحاب الرواتب من العاملين، ورفعت دعم الطاقة ووعدت بفرض ضرائب على قطاعي الزراعة والعقارات الحساسين سياسيا، وفق الصحيفة.
لكن اقتصاد البلاد لا يزال ينمو بشكل أبطأ من سكانها، إذ يدخل مليون شخص إلى القوى العاملة كل عام أكثر من الوظائف الرسمية.
ويقول حسنين مالك رئيس إستراتيجية الأسهم والاستثمار في شركة أبحاث الأسواق الناشئة والحدودية "تيليمر" إن "النمو لا يزال منخفضا للغاية".
ونقلت الصحيفة عن مالك قوله إن التراجع الهائل في قيمة العملة ترك أثره على استهلاك الطاقة من دون أن يؤدي حتى الآن إلى إحداث طفرة في التصدير، ولا تزال احتياجات إعادة تمويل الديون الخارجية مرتفعة للغاية.