غزة اليوم التالي للحرب وعقدة فرض السيطرة
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
ستحرص الإدارة الأميركية بعد قرار الرئيس جو بايدن على الانسحاب من سباق الرئاسة على التوصل لوقف إطلاق النار لكسب الأصوات المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتي قد تكون رافعة لنائبته كامالا هاريس للفوز أمام دونالد ترامب.
بيد أن العقدة الرئيسة في هذا الحل هي اليوم التالي للحرب وهو ما دأبت إدارة بايدن على مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمناقشته.
إذ ترى إدارة بايدن وفقا لما قاله وزير الخارجية أنتوني بلينكن "ما لا يمكننا قبوله هو اتفاق سينشأ بعده نوع من الفراغ الذي سيتم ملؤه بعودة حماس، أو احتلال إسرائيل، أو أنه سيكون هناك ببساطة فراغ تملؤه الفوضى".
وحرص الإدارة الأميركية على التوصل لاتفاق ينهي به بادين حياته السياسية ويعزز به بلينكن موقعه كرئيس للدبلوماسية الأميركية وتعزز هاريس فرصها بالفوز بالرئاسة سيجعل من ملف اليوم التالي للحرب الملف الأبرز خلال لقاء بايدن ونتنياهو يوم غد الخميس، وفقا لما تسربه الصحافة الإسرائيلية.
تحرص واشنطن على عدم وجود دور لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في إدارة القطاع وإنهاء دورها العسكري والمدني هناك.
لذا فقد عملت إدارة بادين على صياغة وثيقة بشأن "اليوم التالي" في قطاع غزة، لتحظى بتوافق إقليمي مع تضمنها تفاصيل حول من يسيطر على القطاع ويموله.
وفي مايو/أيار الماضي نشرت صحيفة بوليتيكو التصور الأميركي لغزة ما بعد الحرب، يتمثل بتعيين أميركي بمنصب كبير المستشارين المدنيين لقوة معظمها فلسطينية لدى انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
ووفقا لتلك المصادر، فإن المستشار المدني سيتخذ مقره في المنطقة ويعمل عن كثب مع قائد القوة، والذي قد يكون إما فلسطينيا أو من إحدى الدول العربية.
ووفقا لبوليتيكو، فهذا التصور هو واحد من العديد من السيناريوهات التي تم طرحها "اليوم التالي" للحرب، والتي تشمل سيناريوهات أخرى تركز على "تنمية اقتصاد غزة وإعادة الإعمار".
وترتكز الرؤية الأميركية لغزة ما بعد العدوان على وجوب أن لا تستخدم "غزة كمنصة للإرهاب" ولا يمكن تهجير سكانها، ولا يمكن إعادة احتلالها.
ولتحقيق ذلك يجب القيام بإصلاح "حقيقي للسلطة الفلسطينية، وتطبيع إسرائيل مع جيرانها".
بعد نحو 10 أشهر من العدوان على غزة وصمود المقاومة والجبهة الداخلية الفلسطينية أدرك صانع القرار في تل أبيب وجوب الانتقال من خطة "لن تكون هناك حماس" وأن "الضغط العسكري (المجازر ضد المدنيين) سيعيد الأسرى" إلى وجوب تقليص قدرات حماس العسكرية وإنهاكها، مما يجعلها غير قادرة على القيام بدور في مستقبل القطاع.
من خلال هذه الرؤية، عمد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى طرح تصور قد يكون حجر الزاوية في مستقبل القطاع.
ووفقا لما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الشهر الماضي، فقد نصت خطة غالانت على إنشاء قوة عسكرية مشتركة من الولايات المتحدة ودول أوروبية والدول العربية المعتدلة، في حين تتولى قوة فلسطينية محلية الحكم المدني.
ووفقا للخطة، سيتم تنفيذ مقترح غالانت، الذي أيدته إدارة بايدن جزئيا، تدريجيا من شمال القطاع إلى جنوبه، حيث سيتم تقسيم القطاع إلى 24 منطقة. وستوفر القوات الأميركية القيادة والسيطرة إلى جانب الخدمات اللوجيستية من خارج غزة، وتدريجيا ستتولى قوة فلسطينية مسؤولية الأمن المحلي.
ويرى غالانت أن من حق جيش الاحتلال وفقا للخطة العمل داخل القطاع، وستكون الهيئات الفلسطينية التي تختارها إسرائيل هي المسؤولة "طالما لم تكن هناك أي أعمال عدائية ضد إسرائيل".
ووفقا لرؤية وزير الدفاع الإسرائيلي، فإنه يمكن "عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، لكن بعد مرورها بعملية إصلاح جذرية وجوهرية".
ووفقا للصحفي الاستقصائي الإسرائيلي بارك رافيد، فإن نتنياهو الذي رفض تلك الخطة سابقا أعاد عرض الخطة على الأميركيين وبعض الدول العربية باعتبار أنها خطة خاصة به.
الأمر الذي يرجح أن الحكومة الإسرائيلية لن تفضل هذه الخطة على أي خطط بديلة.
خاصة بعد فشل خطتها التي تمثلت في إيجاد بدائل محلية غزية تتولى مهمة توزيع المساعدات دون التعاون مع حماس، حين عمدت جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) للتواصل مع عدد من العائلات والعشائر في غزة التي رفضت أن تكون بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني، وأنها داعمة للمقاومة.
مقايضة واقع بوهم
في 16 يوليو/تموز الجاري، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري إن إسرائيل بحاجة لمساعدة العالم العربي لإيجاد بديل لحماس من أجل شعب غزة.
كما أكد أنهم سيهزمون حماس، ويريدون التأكد "من إيجاد بديل لها والدول العربية ستساعدنا في ذلك".
وجاءت تصريحات هاغاري لتؤكد أن خطة إسرائيل تدعمها دول عربية وترى وجوب أن يكون لها دور في مستقبل غزة.
ووفقا لما نشره موقع "والا" الإسرائيلي، فإن نتنياهو يريد أن تكون بعض الدول العربية جزءا من خطة اليوم التالي للحرب في قطاع غزة.
ويود أن ترسل تلك الدول قوات لقطاع غزة، وتدفع تكاليف إعادة الإعمار، وتغيير نظام التعليم في القطاع من أجل "إزالة التطرف" من السكان.
ولتحقيق هذا الأمر، فقد عقدت عدة اجتماعات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية لمناقشة خطط اليوم التالي للحرب في غزة.
ومما أكسب تلك اللقاءات أهمية مشاركة وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، ورئيس القسم السياسي والأمني في وزارة الدفاع، ورئيس القسم الإستراتيجي في هيئة الأركان العامة، اللذين عملا على مقترحات إسرائيل لخطط اليوم التالي للحرب في غزة.
وترى بعض الدول العربية أنه يجب نشر قوة عمل دولية مؤقتة في غزة، بحيث تستجيب هذه الفرق "للأزمة الإنسانية وترسي القانون والنظام وتضع الأساس للحكم".
ووفقا لما نشرته عدة صحف إسرائيلية، فإن هذه الدول ستكون مستعدة لتكون جزءا من هذه القوة الدولية وإرسال قوات إلى غزة، شريطة أن تدخل القطاع بدعوة رسمية من السلطة الفلسطينية.
وفي محاولة لتجميل صورة ما قد يحدث، فقد أصرت تلك الدول على أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في إدارة القطاع وأن تكون هذه الخطوة مقدمة لحل الدولتين، وهو الحل الذي رفضه الكنيست الإسرائيلي بتبنيه في 17 من الشهر الجاري قرارا ينص على رفض إقامة دولة فلسطينية.
كما تبنت الدول العربية الموقف الأميركي والإسرائيلي من ضرورة أن تقوم السلطة الفلسطينية بإجراء إصلاحات كبيرة وتعيين رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والاستقلال.
حماس ورفض الإملاءات
رفضت الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس كافة الخطط التي تم التطرق لها لإدارة القطاع، كما أكدت رفضها لأي "إملاءات خارجية" فيما يتعلق بمصير غزة بعد الحرب.
وقد عبر عن ذلك رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين قال إن أي ترتيبات في قطاع غزة دون حماس هي "وهم وسراب".
وأوضح أكثر من مسؤول في الحركة على أن الحركة لن تسمح "للعدو بأن يعوض ما خسره في الميدان من خلال الألاعيب السياسية داخل قطاع غزة".
ولقطع الطريق على أي مخطط للتدخل في شؤون القطاع، فقد وقعت عدة فصائل فلسطينية إعلان بكين في العاصمة الصينية والذي ينص على إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية مع تبني "حكومة مصالحة وطنية مؤقتة" لإدارة غزة بعد الحرب.
ولكن على الرغم من هذا الاتفاق قد لا يكتب له النجاح، فقد تم التوصل للعديد من الاتفاقات بين حركتي حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ولكنها فرغت من مضمونها لاحقا.
إذ تطالب حماس بتشكيل قيادة موحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي التأثير على قرارات السلطة الفلسطينية.
وهي مطالب يصر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على رفضها، طالما رفضت حماس التقيد بالتزام منظمة التحرير باتفاقية أوسلو والاعتراف بإسرائيل.
ومهما كان من تفاهمات عربية وإسرائيلية بدعم أميركي فإن الكلمة الفصل فيما سيجرى في القطاع سيكون للقوة المسيطرة على الأرض.
إذ يرى إيهود يعاري المحلل الإسرائيلي والزميل في معهد واشنطن أنه مع بقاء الآلاف من مقاتلي حماس على قيد الحياة، فإن حماس من الممكن لها التخلي عن السيطرة المدنية في القطاع ويكون لها دور في تحالف فلسطيني، وذلك بهدف تحديث ترسانتها العسكرية، وإعادة بناء شبكات الأنفاق، وتجنيد قوة بشرية جديدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الیوم التالی للحرب السلطة الفلسطینیة الدول العربیة قطاع غزة فی غزة دور فی
إقرأ أيضاً:
وسط تصعيد التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية.. ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة
أفادت مصادر طبية فلسطينية، اليوم الخميس، “بمقتل 40 فلسطينيًا جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة في الساعات الـ24 الماضية”. كما “اقتحمت قوات إسرائيلية، في وقت مبكر من صباح اليوم، بلدة زعترة شرق بيت لحم، وألقت القبض على فلسطينيين في مدينة نابلس”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية.
في سياق متصل، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية “أن المجلس الوزاري الأمني في إسرائيل قرر منح فرصة أخيرة للتفاوض قبل توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة”. وأشارت الهيئة إلى أن “أطرافًا دولية تمارس ضغوطًا على حركة حماس لقبول مقترح الوسيط الأمريكي للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، بالإضافة إلى صفقة لتبادل المحتجزين”.
من جانبه، شن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم الأربعاء، هجومًا لاذعًا على حركة حماس، مطالبًا بإنهاء سيطرتها على قطاع غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، كما دعاها للتحول إلى حزب سياسي في خطوة وصفها بأنها ضرورية لاستعادة الوحدة الفلسطينية.
جاء ذلك خلال كلمة متلفزة في افتتاح جلسة المجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله، حيث طالب عباس حماس بـ”تسليم الرهائن الإسرائيليين”، معتبرًا ذلك خطوة لتقليص الذرائع التي تستخدمها إسرائيل لمواصلة هجماتها العسكرية على القطاع.
وفي ردها على تصريحات عباس، “انتقدت حركة حماس الدعوة لإنهاء سيطرتها على غزة”، معتبرة أن “الرئيس الفلسطيني يصر على تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي”. وأكد القيادي في الحركة باسم نعيم أن هذه التصريحات “مريبة ومشبوهة”، مشيرًا إلى “أنها تأتي في وقت يشهد فيه القطاع تدهورًا شديدًا في الأوضاع الإنسانية”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت حساس، حيث يضغط المجتمع الدولي على الأطراف المختلفة في محاولة للتوصل إلى حل سياسي يُنهي العنف ويخفف من معاناة المدنيين في غزة