في ظلال طوفان الأقصى “95”

لا أسى على #الرئيس_الأمريكي #الراحل ولا خوف من #القادم

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

بات في حكم المؤكد أن هذه هي الأيام الأخيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، الذي سيغادره في سابقةٍ نادرةٍ في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، مكرهاً لا طوعاً، ومدفوعاً لا مختاراً، بسبب المرض والسن وشواهد الارتباك وعدم التركيز، واحتمالات العجز عن القيام بمهام الرئاسة، بعد جدلٍ طويلٍ طغى على الأخبار الواردة من البيت الأبيض، حول نيته الاستمرار في ترشيح نفسه، وتلك التي ترى ضرورة تنحيه وانسحابه، والتي حسمها شخصياً بتغريدة على حسابه الخاص على منصة “X”، أعلن فيها انسحابه من السباق الرئاسي، وتمنى على حزبه الموافقة على ترشيح نائبته كامالا هاريس، لخوض السباق الرئاسي، مقابل مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.

مقالات ذات صلة السياسة والدين 2024/07/24

ولعله كان مجبراً على التنحي والانسحاب، استجابة لنصائح عائلته وأقرب أصدقائه إليه، وربما بعد إصابته بالكورونا التي فرضت عليه عزلة كئيبة بعيداً عن مكتبه البيضاوي، وقد أشارت أغلب القراءات واستطلاعات الرأي أن حظوظه في مواجهة ترامب محدودة، وأن الأخير في حال مواجهته قد يلحق به هزيمةً نكراء، تخرجه ذليلاً من البيت الأبيض، وتقضي على فرص الديمقراطيين في الاحتفاظ بالمكتب البيضاوي، وبالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وهو ما كان يخشاه الديمقراطيون ويحذرون رئيسهم منه.

ربما شعر البعض بسذاجةٍ وقلة وعيٍ، ببعض القلق من انسحابه، وبالكثير من الخوف بسبب غيابه، فهو قد ترك الفرصة سهلة لمنافسه دونالد ترامب ليدخل البيت الأبيض بسهولةٍ ويسرٍ، الذي سيعود في حال فوزه كما عرفناه في دورته السابقة، ثوراً هائجاً أحمقاً مجنوناً، يجوس في البلاد خراباً ودماراً، يسلب الخيرات، ويستولي على المقدرات، ويهدد الدول والحكومات، ويبتز الأنظمة والحكام، ويدعم الكيان الصهيوني ويدافع عنه، ويخطط معه لصفقة العصر التي أراد بها تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها، وتمكين إسرائيل وضمان بقائها، ولهذا يراهن نتنياهو على عودته، ويؤجل كل قضاياه أملاً في فوزه، واعتقاداً منه أنه سيكون أقرب إليه وأكثر دعماً وتأييداً وإسناداً، وسيمكنه من الخروج من أزماته والإفلات من محاكماته.

وسيعود ترامب في حال فوزه يتجنى على الفلسطينيين ويظلمهم، وينتزع أرضهم ويشتت شعبهم، ويفكك مؤسساتهم، ويدعو إلى الكف عن مساعدتهم وتقديم العون لهم، ونفي صفة اللجوء عنهم، والضغط عليهم ليقبلوا بما يعرض عليهم ويتاح لهم، وقد يكون في حال فوزه أشد رعونةً وأسوأ سياسةً تجاه الفلسطينيين وقضايا العرب والمسلمين عموماً، فهو قوميٌ عنصريٌ أمريكيٌ تحكمه عقلية الكابوي ورجال العصابات، ولا يرى قيمةً للعرب سوى أنهم خزائن مالٍ ومستودعات نفط، ولا يحترمهم ولا يقدرهم ولا يأبه بحاجاتهم، بل إنه يتعمد إساءتهم والتهكم عليهم، والاستخفاف بهم والسخرية من حكامهم.

الحقيقة أنه لا أسى على غيابه، ولا حزن على تنحيه وانسحابه، ولا شأن لنا به بقي أو رحل، استمر أو تنحى، مات أو هلك، فقد والله أساء لنا نحن العرب والفلسطينيين كثيراً، وكان شريكاً للعدو الإسرائيلي في عدوانه علينا نحن الفلسطينيين خاصةً، وعلى أمتنا العربية والإسلامية عامةً، وشارك بجنوده وضباطه، وخبرائه ومستشاريه، وقادته ومسؤوليه في إدارة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما زال يصدق الرواية الإسرائيلية، ويسعى لفرض رؤيتهم وتمرير صفقتهم، وكل همه استنقاذ أسراهم، وتأمين مستوطنيهم، وسلامة كيانهم، غير عابئٍ بحياة الفلسطينيين، ولا بعشرات الآلاف الذين قتلوا وجرحوا بسلاحه، وبالدمار المهول الذي حل بالقطاع جراء القصف بطائراته وصواريخه ودباباته.

وهو ما زال حتى يوم إعلانه التنحي عن السباق الرئاسي يواصل عدوانه علينا، فتغير طائراته على اليمن العزيز، وعلى العراق الشقيق، وتجوب حاملات طائراته وقطعه البحرية وغواصاته النووية مياه منطقتنا العربية والإسلامية، في رسائل تهديد واضحة، لكل من يفكر في تهديد أمن الكيان أو توسعة إطار الحرب ضده، أو التضامن مع الفلسطينيين عموماً والمقاومة في غزة خصوصاً، في الوقت الذي لا تتوقف شحنات أسلحته وذخائره إلى الكيان الصهيوني، الذي بدونها لا يستطيع أبداً مواصلة العدوان والصمود لأشهرٍ أمام مقاومةٍ استعدت له جيداً، وتعاهدت على الصمود في وجهه ومواصلة مقاومته.

صحيح أن دونالد ترامب معروف في سياسته، ومشهور في رعونته، ومتطرف في أفكاره، ومتشدد في معتقداته، وسيكون خطيراً في ولايته، إلا أن ما قدمه بايدن إلى الكيان الصهيوني قد يعجز عن تقديمه أي رئيسٍ أمريكي قادمٍ، وإن بدا للبعض أنه يكره نتنياهو ويعارضه، وأن خلافه معه قديمٌ وحسابه معه لم ينتهِ، إلا أنه خدم الكيان الصهيوني كما لم يخدمه أي رئيسٍ أمريكيٍ سابقٍ، وخضع له واستسلم، وأيده في سياسته وساعده في مخططاته، ووقف إلى جانبه في عدوانه، ولا نظن أنه كان سيغير سياسته لو أنه بقي في منصبه ونافس على الرئاسة وفاز فيها.

وعليه في مواجهة الصلف الأمريكي، الجمهوري الديمقراطي، وأياً كان ساكن البيت الأبيض الجديد، فلا تذهب أنفسنا حسراتٍ على الراحلين، ولا نقتل أنفسنا رجاءً في القادمين، إذ لا رهان على التغيير، ولا أمل في تصحيح السياسات، ولا إنصاف للمظلومين، ولا عودة عن تأييد الظالمين، ولا يصح فيهم إلا ما قالته العرب قديماً في أشعارها، دعوت على عمرٍو فمات فسرّني….فعاشرت أقوامًا بكيتُ على عمروِ، لكن دون بكاءٍ على الأول ولا رجاء في الثاني.

بيروت في 24/7/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي الراحل القادم الکیان الصهیونی البیت الأبیض فی حال

إقرأ أيضاً:

أيرلندا الشمالية تقاطع زيارة البيت الأبيض بسبب خطة ترامب في غزة

أعلنت رئيسة وزراء أيرلندا الشمالية ميشيل أونيل، اليوم الجمعة، أنها لن تحضر فعاليات يوم القديس باتريك في البيت الأبيض اعتراضا على موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة.

وقالت أونيل، في مؤتمر صحفي، "قلوبنا جميعا فطرت ونحن نشهد معاناة الشعب الفلسطيني وتصريحات الرئيس الأميركي في الآونة الأخيرة حول الطرد الجماعي للشعب الفلسطيني من غزة، وهو أمر لا يمكنني تجاهله".

كما ذكرت زعيمة حزب المعارضة الأيرلندي (شين فين) ماري لو ماكدونالد أنها لا تستطيع زيارة واشنطن "طالما هناك تهديد بالطرد الجماعي للشعب الفلسطيني".

وقالت ماكدونالد، في مؤتمر صحفي، "إننا نتحمل المسؤولية عندما نعتقد أن الإدارة الأميركية مخطئة، وهو أمر كارثي في حالة فلسطين".

وأثار ترامب غضبا عالميا عندما اقترح أن تتولى الولايات المتحدة "السيطرة" على قطاع غزة بعد تهجير الشعب الفلسطيني بشكل دائم إلى مكان آخر.

وتتم دعوة الحكومة الأيرلندية والسياسيين المعارضين تقليديا إلى البيت الأبيض كل عام بمناسبة يوم القديس باتريك -اليوم الوطني الأيرلندي في 17 مارس/آذار، ويرون في الاحتفالات مناسبة للتواصل الدبلوماسي.

مقالات مشابهة

  • البيت الأبيض: واشنطن تعتزم فرض رسوم جمركية على السيارات المستوردة
  • «أسوشيتد برس» تقاضي مسؤولين في البيت الأبيض
  • أسوشيتد برس تقاضي موظفين في البيت الأبيض
  • أيرلندا الشمالية تقاطع زيارة البيت الأبيض بسبب خطة ترامب في غزة
  • ماكرون يصبح أول زعيم أوروبي يزور البيت الأبيض في عهد ترامب يوم الأثنين
  • البيت الأبيض: لدى ترامب فريق يعمل مع الإسرائيليين ويتفاوض لوقف الحرب في غزة
  • توك شو|مصطفى بكري: الرئيس السيسي قدم خطة واضحة لإعادة إعمار غزة.. المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: خطة ترامب بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين
  • البيت الأبيض: ترامب يلتقي ماكرون وستارمر الأسبوع المقبل
  • مبعوث ترامب: خطة الرئيس الأمريكي بشأن غزة ليست لتهجير الفلسطينيين
  • لماذا وصف البيت الأبيض ترامب بـ«الملك»؟