نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مساء أمس، ضمن فعاليات معرض بورسعيد السابع للكتاب، المقام حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة بعنوان "تكريم الشاعر الراحل محمد يونس"، شارك فيها كل من الناقد الدكتور يوسف نوفل، الشاعر سامح درويش، وأدارها الشاعر أحمد الأقطش.

وقد استهلّ الشاعر أحمد الأقطش الحديث بالتعبير عن مدى أهمية هذا التكريم ودوره في تسليط الضوء على الحركة الشعرية في بورسعيد، والتعريف بالشاعر محمد يونس (1939-2024)، وقيمته في الحركة الشعرية في مصر والوطن العربي، لافتا الراحل ولد في بورسعيد، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة، وبدأ نشاطه الشعري في الستينيات، ثم سافر للعمل بالتدريس في السعودية، واستقر في القاهرة عقب عودته، وأصدر أول دواوينه سنة 1987 تحت عنوان "نصغي ويقول الموج" وهو ديوان شاركه فيه أربعة آخرون من شعراء بورسعيد، وبعد انقطاع عن النشر عاد بديوان جديد بعنوان "الحرث في البحر" سنة 2000، وكان آخر دواوينه "آدم والمصير" الذي نشره سنة 2023.

كان محمد يونس ذا نفس شعري سيال، وكان مشهورًا بقصائده الطويلة، وقدرته على إلقائها عن ظهر قلب، وتولى مسئولية إدارة الأمسيات الأدبية بالرابطة الإسلامية بشارع صبري أبو علم خلفًا للشاعر الكبير وجدي شبانة، كما تنوعت مشاركاته في الأمسيات الشعرية بين القاهرة وبورسعيد.

كرمه مؤتمر بورسعيد لليوم الواحد سنة 2020 باعتباره أحمد الرموز التي أسهمت في الحركة الأدبية في بورسعيد، وكان المؤتمر برئاسة الأستاذ الدكتور يوسف نوفل.

من أجواء آخر دواوينه الديوان القصيدة "آدم والمصير"

لو آدمُ عاد
في طيّ حقائبه ذكرى العصيان
ووصايا الرَّبِّ بألا يغويه الشيطان
لأعاد الذنبٍ فزلَّ وضيعه النسيان
وتعلل بالعذر العاري
من كل أسانيد البرهان
أن الأقدار قضت 
ليكون برغم توقِها ما كان

واستهل الناقد الدكتور يوسف نوفل حديثه بسعادته لتكريم الشاعر محمد يونس، والاحتفاء به، فقد جمعهما رابط مشترك في نشأتهما سويا؛ وهو حبهما وشغفهما بالأدب، وظلت علاقتهما مستمرة حتى وفاته. 
يتمتع محمد يونس بمكانة عالية في جذور الحركة الشعرية البورسعيدية؛ باعتباره امتدادا لشعراء بورسعيد الكبار أمثال: عبد الرحمن شكري، حامد البلاسي، عبد اللطيف بدر، محمد عبده العباسي، وكامل عيد وغيرهم الكثير. 
محمد يونس ابن عبقرية هذا المكان الخالد، فهو عاشق لبورسعيد، وتتجلى في أعماله خصوصية المكان والزمان اللذان يمثلان عنصرا أساسيا في إبداع أي مبدع، وهما كذلك بشكل أكبر في إبداع محمد يونس، فالمكان في شعر محمد يونس هو سيد الموقف، فمن عناوين دواوينه "الحرث في البحر" نجد معجم البحر وما يتصل به من صيادين ومراكب وشباك... إلخ، كما تجد في شعر محمد يونس مفردات الساحل، والبحر والموج وما إلى ذلك هي السائدة في مفرداته، وموضوعه الشعري.

وكأحد مبدعي الأقاليم لم ينل محمد يونس حظه وحقه الكامل من الشهرة والاهتمام والتكريم والجوائز كحال الغالبية العظمى من مبدعي الأقاليم الذين يختفون في الظل.

وقد اعتبر محمد يونس كأحد شباب الشعراء الإحيائيين، الذين تولوا إعادة إحياء البناء الشعري التراثي الخليلي بعد أن عانت القصيدة الخليلية من الوهن والآفات اللغوية.

وتتميز السمات الأساسية لشعر محمد يونس أنه من المحافظين على القصيدة التراثية الخليلية في قالبها الموسيقي، وثراء المعنى والاعتماد على التصوير، والعودة للعصر الذهبي للقصيدة التراثية الخليلية. كما أنه ابن بيئته حقا التي تتجلى في أعماله.

وقد تلا كلمة الدكتور الناقد يوسف نوفل عرض تسجيل صوتي؛ لإحدى القصائد القصيرة للشاعر الراحل محمد يونس بصوته.

من أجواء قصيدته "لن يُمهلك"

اثنان لا يتآلفان على
صراط من يقين
وافٍ لعهدٍ دون إرغامٍ يصون
سكناه في قلب البقاء وفي العيون
وغو خئون
مثواه إقبار المنون
فلكونه ألا يكون
وقرينه الشيطان زَيَّنَ
بالتشيطن ما يشين

وفي شهادته تحدث الشاعر الدكتور سامح درويش عن لقائه بالشاعر محمد يونس عن طريق الصديق المشترك الفنان البورسعيدي الموسيقار فاروق البولاقي، وأنه كان دارسا للأدب العربي ذو ثقافة واسعة انعكست على شعره، وقد كان يتميز بالنفس الطويل والإسهاب، والاسترسال والتدفق الشعري، ورغم ذلك لم يكن يحرص على جمع أعماله الشعرية بالكامل، وناشد درويش أسرة الشاعر محمد يونس بالاهتمام بجمع ما لم ينشر من شعره؛ ليتم نشره وتوثيقه.

ثم تحدثت ابنة الشاعر محمد يونس عن الجوانب الإنسانية والروحية في حياة والدها، وعبرّت عن امتنانها على الوفاء بهذا التكريم والاحتفاء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الهيئة المصرية العامة للكتاب وزير الثقافة جامعة القاهرة بورسعيد یوسف نوفل

إقرأ أيضاً:

أزهري محمد علي: الغرف الحربية والعسكرية لا تمتلك أدوات نقد قصيدة «لازم تقيف» «1-2»

في مقابلة مع (التغيير) تحدث الشاعر أزهري محمد علي، عن الواقع الشعري والإجتماعي والسياسي السوداني، وعرج على وضع الساحة الأدبية وقدرة الشعر على الوقوف في وجه الحرب، ودافع محمد علي عن قصيدته الأخيرة (لازم تقيف) التي ووجهت بسيل من الإنتقادات، وعبّر بوضوح عن رأيه في الحملات الموجهة ضد ثورة ديسمبر ورأى أن رحيل نجله زرياب مثّل جرحاً غائراً له ولأسرته، فيما أجاب برحابة صدر عن الكثير من النقاط.

أجرى المقابلة: عبدالله برير

كيف تقيّم واقع الساحة الشعرية بعد قرابة عام ونصف من حرب السودان؟

الحرب جنت على الحياة وحولتها من ساحة بكامل سلامتها ولطفها إلى دمار وخراب وتعدت على كل الساحات وهي حرب مؤكد تنسف الاستقرار اينما كان، على مستوى الحاصل في السودان كل الأنشطة الحياتية حدثت فيها ربكة وخلل واضح، على سبيل المثال منتخبنا الوطني في الرياضة يلعب خارج أرضه وكذلك الأندية وليس هنالك دوري، تم العصف بجميع السوح وتشظت وتفرقت الناس بين الضفاف والمدن والعواصم كما تفرق الشعب السوداني ولم تبق هنالك بالتالي ساحة أدبية وساحه شعرية على الحيز الجغرافي، كما أن الشعراء تقسمتهم الأماكن البعيدة ولكن الشعر والأدب موجود ويحمل رسالته بكل مكان ويستطيع أن يخاطب الضمير الجمعي والذائقة والهموم الوطنية والحياتية اينما كانت، وتصل القصائد من حين لآخر لكنها تصل مشروخة ومرتبكة ومجروحة بالواقع المرير الذي يعيشه شعبنا، نتمنى أن  تنطوي هذه الصفحة ونعود للحياة.

الشعر قادر على الوقوف ضد قبح الحروب لكن هنالك شعراء يكتبون للحرب

هل يستطيع الشعر أن يقف في وجه الحرب وأن يجمّل قبح الحياة؟

بالتاكيد الشعر قادر على الوقوف ضد قبح الحروب وفي الجانب الآخر على العكس تماماً هنالك شعراء يكتبون للحرب، المحصلة الأخيرة هي ان الشعر وحده لا يستطيع ان يوقف الحرب ولكنه من الممكن أن يحدث حالة من الوعي الجمعي عند الناس حتى يملكوا ادواتهم ويعودوا لرشدهم بأن الشعر والفن بصوره عامة دعوه للحياة وليست دعوة للحروب وبالتالي المؤمنون برسالة المحبة والسلام وإشاعة الحرية والعدالة، يعلمون تماما أن هذا صعب تحقيقه وصعب إنجازه في ظل الحروب والتقتيل والنزوح واللجوء والشتات الذي يعيشه الشعب، الحرب هي كل القبح لأنها تعني سفك الدماء وهتك الاعراض والتعدي على الممتلكات، دعوتنا للشعراء بأن يقفوا مع دعوة السلام وايقاف الحرب ليعود الناس لحياتهم ومدارسهم وعملهم مثل كل شعوب الدنيا بشكل طبيعي.

هل تشيخ القصيدة ومفرداتها ومضامينها عند الشاعر؟

احياناً إذا ذبلت ذاكرة ومخيلة ومعين الشاعر والظروف الضاغطة التي من الممكن ان تساهم في هذا الذبول، ولكن هذا يعتمد على مقدرة الشاعر في مسألة تجاوز كل العقبات والمعوقات والمحبطات التي من الممكن ان تساهم في تغييب صوته الشعري وتحدي الظروف لإعادة بناء قدرته في انتاج قصيدته.

من قاموا بهذا العمل ضحايا تحت تاثير العمل الذي يسخرهم للتحول الى مدافعين عن مسألة حرب

الشاعر أزهري محمد علي نصك الأخير (لازم تقيف) هوجم بشراسة واُتهم بالصناعة وقلة الشاعرية، ما تعليقك؟

صحيح النص وجد كثيرا من ردود الافعال التي تحركت من شخوص معروفين بمواقفهم وهم يعتقدون بأن باغتيال القصيدة سينتصر لفكرتهم باستمرار الحرب، الوضع الطبيعي هو ان تذهب للمحمول او المضمون الاساسي للقصيدة ومسألة التركيب و البناء الشعري للنص وهذا ليس تخصص هذه الغرف الإعلامية المضادة وإنما تخصص مدارس نقدية تمتلك أدوات النقد الموضوعي الذي يمكن ان يحاسب النص الشعري، لكن ان تجند غرف حربية وعسكرية لاغتيال القصيدة فهذا بالتاكيد يخلق لها رد فعل مضاد، مع ذلك النص حقق نجاحات كبيرة وأنا  سعيد بها وأبدا (ما زعلت) بل على العكس لانني لا اعتقد ان من قاموا بالعمل هم ليسوا اعداء بل ضحايا تحت تاثير العمل الذي يسخرهم للتحول الى مدافعين عن مسألة حرب هم يدافعون عنها بالوكالة وهي ليست حربهم بل حرب لها ابعاد بعيدة ومن اشعلها يسميها (حربا وجودية)  لكن بالنسبه لهم ولوجودهم وليس للسودان لان الوجود الحقيقي ياتي من خلال السلام، عموما لم انزعج من رد الفعل على القصيدة ولم انساق وراء انتاج ردود افعال لها لانني كنت اعرف مراميها وهي خدمت فكرة الدعوه لايقاف الحرب اكثر من فكرتهم الداعية لها، ولذلك لم اتوقف عندها وشاكر للاصوات التي تصدت لمن هاجموا وهنالك من قال رأيه بادب هونالك من أساء الأدب، الفئة الأولى لها الشكر والآخرون لا اجاريهم لأن كل جبل على أخلاقه، ولست مسؤولا عن إساءة الأدب.

ما حدث لا أسميه صمودا في وجه العاصفة لأن العواصف تمر ولكن (الريح في الحجر شن شايلة)

انحيازك للسلام ومشاركتك في مؤتمر تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وضعك أمام سيل من الاتهامات كيف صمدت في وجه هذه العاصفة؟

السؤال لخص الإجابة لأن المؤتمر كان انحيازا للسلام، حيثما كان السلام موجودا ساكون هناك حتى دعاة الحرب انفسهم الذين ويحركون جمرها من تحت مقعد الشعب السوداني اذا عادوا لرشدهم وقرروا إقامة منبر للسلام ساكون حاضرا، ردود الفعل والانتقادات ليست جديدة علي ومن يكون في العمل العام من الطبيعي ان يتهيأ لمواجهه الانتقادات، بعضها موضوعي وبعضها غرضي ناتج عن حرب بالوكالة لكن استمرار منبر السلام والمحبة ننحاز له دوما،  منذ وقت طويل اعرف ان هذه مواجهة مستمره لعقود ولن تكون الأخيرة لأنها صراع بين الخير والشر وجدلية متجذرة في التاريخ والحضارة والثقافة، المتربصون بالايذاء يمتلكون رصيدا وافرا من الرغبة في التصغير من جهود الاخرين، الفترة الماضية واجهت حملة منظمة تضمنت تنزيل صور فاضحة وتهكير للصفحة الرسمية بفيسبوك وفبركة  لتسجيلات بانني اصبت بالعمى واسأل الاصدقاء المساعدة مرورا بالحملات الاعلامية في مشاركتي بمؤتمر (تقدم) ثم  قصيدة (لازم تقيف)، هذه غرف لها موجهات وأجندة، ما حدث لا أسميه صمودا في وجه العاصفه لأن العواصف تمر ولكن كما قال شاعر الشعب محجوب شريف (الريح في الحجر شن شايلة).

الوسومأزهري محمد علي الشعر السوداني لا للحرب لازم تقيف

مقالات مشابهة

  • أزهري محمد علي: الغرف الحربية والعسكرية لا تمتلك أدوات نقد قصيدة «لازم تقيف» «1-2»
  • 5 معلومات عن معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
  • من هو العالم أحمد مستجير شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ 56؟
  • فتح باب الاشتراك غدا في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
  • فتح باب الاشتراك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 غدا
  • وزير الثقافة يُعلن اختيار "اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب"
  • قصائد العشق والمواساة في «بيت الشعر» بالشارقة
  • تكليف الدكتور أحمد ابو العطا وكيلًا لوزارة الصحة بالأقصر
  • عاجل| الدكتور خالد عبدالغفار يعتمد حركة قيادات وزارة الصحة والسكان
  • «قصائد ملونة بالضوء والماء» في بيت الشعر بالشارقة (صور)