بكتيريا خطيرة في طبقة المياه الجوفية بالمغرب.. كيف تسللت إلى هناك؟
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
تصنف بكتيريا السالمونيلا على أنها من النوعية "اللاهوائية الاختيارية"، وهذا يعني أنها تفضل الأكسجين، لكنها يمكن أن تتكيف مع البيئات منعدمة الأكسجين، إذا أجبرتها الظروف على ذلك.
وإذا كان من المنطقي العثور على البكتيريا اللاهوائية الإجبارية، والتي لا تزدهر إلا في غياب الأكسجين، بطبقات المياه الجوفية، فإن اللافت للانتباه العثور في المغرب على أنواع من البكتيريا "اللاهوائية الاختيارية" في تلك الطبقات، مما يثير تساؤلات حول الآليات التي استخدمتها للتكيف في تلك الظروف.
ووثقت دراسة نشرتها دورية "ساينتفيك ريبورتيز"، العثور على بكتيريا السالمونيلا، وهي من البكتريا "اللاهوائية الاختيارية" في المياة الجوفية بمنطقة سهل تادلة بالمغرب، ووجد الفريق البحثي المصري المغربي المشترك الذي أعد الدراسة، أن الأنواع التي تم عزلها من المياه كانت مقاومة للمضادات الحيوية.
ويقول الدكتور غريب الصياد، وهو أحد الباحثين الرئيسيين بالدراسة في تصريحات هاتفية لـ"الجزيرة نت"، إنه "سيتم لاحقا إجراء دراسة على عينات من المياه الجوفية ستجمع من عدة مناطق بمصر، وبالاشتراك مع الفريق البحثي المغربي، لاكتشاف ما إذا كانت نفس المشكلة متكررة أم لا".
ويوضح الصياد أن خطورة العثور على تلك البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في المياه الجوفية، هو أنها يمكن تنتقل إلى البشر مجددا، إذا تناولوا لحوم حيوان استخدم تلك المياه، أو تم استخدام تلك المياه في ريّ محاصيل زراعية تناولها البشر لاحقا.
وتسبب سلالات السالمونيلا، التهاب المعدة والأمعاء، والذي عادة ما يكون خفيفا ولا يحتاج إلى علاج، ولكنه يمكن أن يكون مُميتا عند الأطفال حديثي الولادة والأطفال الصغار وأولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، لذلك فإن العثور على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في عينات المياه الجوفية، هو أمر مثير للقلق.
وتطورت مقاومة السالمونيلا لمجموعة متنوعة من مضادات الميكروبات منذ أوائل التسعينيات، وأصبحت هذه الظاهرة آخذة في الارتفاع، مما يشكل تهديدًا صحيا عالميا، كما يوضح الصياد.
وجمع الباحثون خلال الدراسة 200 عينة من 43 بئرا على مدار 4 حملات موسمية عامي 2017 و2018، وتم فحص العينات ليكتشفوا وجود بكتيريا السالمونيلا، ثم قاموا باختبار مقاومة تلك البكتيريا لـ16 من المضادات الحيوية.
ووجد الباحثون أن 58.1% من أنواع السالمونيلا التي تم عزلها كانت من السلالات المقاومة للأدوية المتعددة، وحددوا مستويات المقاومة بين السلالات، حيث كانت 38.7% مقاومة لـ6 مضادات حيوية على الأقل، و19.4% (9 مضادات )، و9.7%( 4 إلى 7 مضادات)، و6.5% ( 11 مضادا حيويا على الأقل)، و3.2% (12 مضادا حيويا).
وتم العثور على مستويات عالية من المقاومة للمضاد الحيوي سيفيبيم بنسبة (61.29%)، والمضاد الحيوي إيميبينيم (54.84%)، والمضاد الحيوي سيفتازيديم (45.16%)، والمضاد الحيوي أوفلوكساسين (70.97%)، والمضاد الحيوي إرتابينيم (74.19٪).
وقال الباحثون في الدراسة إنه من المهم مراقبة وتنظيم نمو البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة من أجل منع تدهور جودة المياه الجوفية.
"السالمونيلا" ليست الوحيدة عالميا
و"السالمونيلا" المقاومة للأدوية، ليست البكتيريا الوحيدة من النوعية "اللاهوائية الاختيارية" التي لفتت الدراسات إلى خطورة وجودها في طبقات المياه الجوفية، إذ سبق أن كشفت دراسة أميركية نشرت في مارس/آذار 2022 بدورية "ووتر" عن وجود الإشريكية القولونية والمكورات المعوية، عبر 443 عينة تم عزلها من ولاية كنتاكي و45 عينة من فلوريدا.
وكشفت دراسة صينية نشرتها دورية " آي إس إم إي كومينيكيشن "، عن تسلل بكتيريا أخرى "لاهوائية اختيارية" وهي "المكورة الراكدة "، إلى طبقة المياه الجوفية في بيئة الثروة الحيوانية، في مناطق متفرقة من الصين.
وعن كيفية تسلل هذه الأنواع البكتيرية بما فيها السالمونيلا إلى طبقات المياه الجوفية، يوضح الصياد، أن الأنشطة الزراعية والحضرية والصناعية ساهمت جميعها في التلوث البكتريولوجي المحتمل لإمدادات المياه الجوفية في العقود الأخيرة، على مستوى العالم.
ويقول إن "المضادات الحيوية تُستخدم بشكل شائع في الزراعة للوقاية من الأمراض وعلاجها مع تعزيز النمو أيضا، ونتيجة لذلك، قد يحتوي البراز الحيواني على بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وتتسلل إلى طبقة المياه الجوفية عند استخدام البراز كسماد حيواني في الأرض الزراعية، كما يمكن أن تؤدي المعالجة غير الكافية لمياه الصرف الصحي والنفايات إلى السماح للبكتيريا بالتسرب إلى المياه الجوفية، ويؤدي من ناحية أخرى، زيادة تواتر وشدة هطول الأمطار نتيجة تغير المناخ، إلى الجريان السطحي للمياه الذي تحمل البكتيريا من السطح إلى المياه الجوفية".
من التشخيص إلى العلاج
والخطوة التالية التي سيعمل عليها الفريق البحثي المصري المغربي بعد تشخيص المشكلة، هي معرفة كيف تمكنت السالمونيلا من التكيف مع بيئة منعدمة الأكسجين في طبقات المياه الجوفية، وهو ما يمكن أن يفيد لاحقا في تطوير علاج يقضي على تلك البكتيريا، كما سيعملون على تطوير فلاتر يمكنها معالجة المياه المحتوية على السالمونيلا.
ويقول الصياد "المؤشرات المبدئية في دراسة نقوم عليها حاليا تشير إلى أن البكتيريا وهي تفرز إنزيمات مكنتها من مقاومة المضادات الحيوية، كان لهذه الإنزيمات دور أيضا في تحقيق التكيف مع البيئة منعدمة الأكسجين، وهو ما سنؤكده بمزيد من التجارب، ونعلن عنه في دراسة ننشرها لاحقا".
ويضيف أن "هذه الدراسة ستمكننا من اكتشاف قدرات تلك البكتيريا، وهو ما سيساعدنا لاحقا على تطوير مركب جديد يستهدفها باستخدام تقنية النانو، وهو مجال حققنا فيه إنجازا مع بكتيريا أخرى، ويمكن تكراره".
وتمكّن الصياد وفريقه البحثي مؤخرا من استهداف بكتيريا "سيدوموناس إيرجيونيزا" المقاومة للمضادات الحيوية، عبر تحضير تركيبات من جسيمات الفضة وأكسيد النحاس النانوية مترافقة مع المضاد الحيوي الكوليستين، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في دراسة تم نشرها بدورية " بي إم سي ميكروبيولوجي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مقاومة للمضادات الحیویة المیاه الجوفیة تلک البکتیریا العثور على یمکن أن
إقرأ أيضاً:
كونسونتريكس تفتتح مختبرًا جديدًا للابتكار في الذكاء الاصطناعي بمراكش
افتتحت مجموعة كونسونتريكس، الرائدة عالمياً في مجال الحلول التكنولوجية وتجربة الزبون، مختبرها الثاني للابتكار “تيك لاب” بمدينة مراكش، وذلك على هامش فعاليات الدورة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”.
ويأتي هذا الافتتاح في إطار سعي المجموعة إلى ترسيخ موقع المغرب كمركز مرجعي للتكنولوجيا والابتكار على مستوى القارة الإفريقية، وتعزيز دينامية التحول الرقمي في المنطقة.
ويقع المختبر الجديد داخل موقع الشركة بالمنطقة الصناعية سيدي غانم، حيث يوفر فضاءً منفتحاً للتعاون بين المتعاونين والطلبة والمقاولات الناشئة والباحثين، بهدف تطوير مشاريع مشتركة وتجريب حلول رقمية متقدمة.
ويعكس “تيك لاب” التزام كونسونتريكس بدعم المواهب المغربية والإفريقية وتزويدهم بالمعرفة والخبرة الضرورية لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.
وأكد رضوان مبشور، المدير العام للمجموعة بالمغرب والمغرب العربي، أن افتتاح هذا المختبر يشكل خطوة جديدة نحو جعل المغرب قاعدة متقدمة للتحول الرقمي في إفريقيا، مشيراً إلى أن “تيك لاب” سيضع بنيته التحتية المتطورة وخبراته العالمية رهن إشارة المتعاونين والمقاولات الناشئة لمساعدتهم على التكوين والتأهيل ورفع جاهزيتهم لسوق الشغل. كما أوضح أن المختبر يشكل أيضاً فرصة لدعم المقاولات الناشئة، خاصة تلك التي تواجه تحديات تكنولوجية أو مالية.
من جهتها، أبرزت رؤيا شرقاوي صالحي، مديرة الاستراتيجية والتحول لدى كونسونتريكس بالمغرب العربي، أن “تيك لاب” سيكون فضاءً للتكوين والانفتاح على التكنولوجيا الحديثة لفائدة الطلبة الجامعيين والمتعاونين، مع توفير إمكانية الاستفادة من برامج الاحتضان والتسريع عند نضج المشاريع المبتكرة.
وشهد حفل الافتتاح جولة إرشادية داخل مرافق المختبر، حيث تمكن الحضور من استكشاف تجهيزاته التكنولوجية، كما قُدمت مشاريع لمقاولات ناشئة مغربية سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها في مسارها نحو الابتكار.
ويأتي هذا المشروع في سياق التزام مجموعة كونسونتريكس، التي تنشط بالمغرب منذ أكثر من اثنين وعشرين سنة وتوظف آلاف المتعاونين عبر 12 موقعاً، بتعزيز فرص الشغل ودعم التحول الرقمي في المملكة.
كما يعكس انخراطها الفعلي في الدينامية التي يشهدها معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، والذي يكرس موقع المملكة كمنصة استراتيجية للابتكار الرقمي على صعيد القارة.