ثقافة الإنصاف.. أين نحن؟ (1-2)
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
محمد بن حمود الصواعي
قد يعتقد البعض أنَّ النظرة الوسطية للحياة في جميع المجالات تعكس شخصية مثالية خالية من العيوب والشوائب، كما أنه إنسان منفتح ذو عقلية ناضجة تحترم الجميع حينها تكتشف ذات الشخص موغل في أمور مفصلية تصل إلى تجاوز الخطوط الحمراء فتراه مثلاً يدعو لأمر محمود في المساواة بين الرجل والمرأة، ظاهره محمود وحثَّ عليه الإسلام كلٌّ محفوظة حقوقه وواجباته، أما باطنه فتراه مثلاً يبيح عمل الرجل والمرأة في مكتب واحد مع إبراز المرأة لمحاسنها.
فتقول: "يا فلان، ما هذا الذي نراه؟"، فيقول: "المساواة بين الرجل والمرأة في ميادين الحياة"، فتقول له: "يا رجل، الإسلام كرم المرأة كما كرم الرجل. نعم مع المساواة، ولكن ليس تعدي الخطوط الحمراء"، فيقول لك: "وما هي الخطوط الحمراء يا شيخ، أو يا صاحب الفضيلة؟".
فتقول دعنا نتأمل ونتدبر قوله تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة النور(31)
ودعنا نمر بين أطياف كتاب الله الحكيم ونتأمل قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" سورة الأحزاب (59)
هنا.. يتزمَّت الشخص برأيه ويغتر بمعرفته ويتعصب لثقافته، فيقول: تلك حالات خاصة واستثنائية، وأخذ يتمتم بكلمات ملغومة هذا تشدد وضد حرية المرأة وفهمكم للإسلام سطحي وتفسرون القرآن وفق ما يتوافق مع كهنتكم أي يقصد (مشايخ العلم).
ثم تقول لهذا الشخص: هدئ من روعك.. دعنا نتحاور ونتناقش بهدوء وأدب، أين الخصوصية في الآية الأولى عندما تذكر لفظة المؤمنات فهي تعميم لجميع المؤمنات في العالم بالأوامر الآتية:
- غض الصر، صون العرض، عدم إظهار المرأة زينتها أمام الناس ماعدا وجهها وكفيها وتغطية بعض الأماكن كالعنق والصدر عبر الحجاب واللباس الساتر
- هل هذا التوجيه الرباني خاص بنساء دون نساء؟
- هل هذا التوجيه الرباني قيد في زمن معين وعصر محدد حتى يصنفه البعض أنه تخلف للمرأة وخارج عن نطاق الذوق والشهوة والموضة؟
- هل هذا التوجيه الرباني قيد بمكان معين في المكتب مثلا أم في التسوق ومكان العمل فقط أم جعل إطلاقا بمجرد ان تخرج المرأة من منزلها؟
ومن ثم، عندما ننتقل إلى الآية الثانية من سورة الأحزاب فهي نزلت على سيدنا محمد يأمر زوجاته أن يلبسن الجلباب أي العباءة الساترة عند الخروج، خوفا من أن يلحقهم الأذى من ضعاف النفوس، وهنا إن نزلت على سيدنا محمد في تنبيه زوجاته فهي نصيحة عامة لكل فتاة تخرج من منزلها الالتزام بلبس الجلباب الساتر، ل اسيما أنها تعمل في بيئة محاطة بالشباب خوفا عليها من الفتنة.
الإنصاف هو المرادف الفعلي للعدل؛ حيث إنك تمنح حقوق الآخرين كما تحب أن يمنح الآخرين حقك وهي تشتمل على الصفات والخصال الحميدة كالصدق والأمانة والوفاء والاعتراف بالحقيقة والتواضع معها وتجنب الجدال على الباطل وتقبل النصيحة والابتعاد عن الفجور في الخصومة وغيرها.
أبدى القرآن الكريم للعدل والمساواة أهمية بالغة؛ حيث شرعها الله عزوجل على جميع الأمم السابقة بما فيه الإسلام وعليه فقد كان حازما في تحقيق العدالة الإنسانية دون تمييز بين المسلمين سواء من جهة عرقية أو قبلية أو قومية فقد جعلهم سواسية وأن أكرمهم عند الله أتقاهم ليس من كان عربيا أو قرشيا أو سلطانا أو عالما بل المقياس الحقيقي هو التقوى وهذا ما نص عليه الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: "لا فَضلَ لعَرَبيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقْوى، الناسُ من آدَمَ، وآدَمُ من تُرابٍ".
ومن هنا، ورد ذكر العدل ومشتقاتها في القرآن الكريم 28 مرة في حين ورد ذكر لفظة المقسطين ومشتقاتها وهو معنى من معاني العدل في القرآن الكريم 15 مرة من جهة أخرى ذكر الظلم نقيض العدل 289 مرة تأكيدا على الوعيد والعقاب الذي يناله الظالم، في حين ذكر البغي عشر مرات والجور مرة واحدة فقط.
ثقافة الإنصاف تُولد المحبة والإلفة والاحترام بين الأفراد والمجتمعات والأسر، فحينما الفرد يعترف بتقصيره في مساعدة والده مثلا هنا يتفهم الأب خطأ ابنه وأنه لن يعيد تكراره مرة أخرى، أو أنه إذا الموظف قصر في خدمة فرد من أفراد الوطن هنا يدرك المسؤول صراحة الموظف فيعدل في الحكم بين نصح وإرشاد بأسلوب مهذب وبين محاولة تنبيه الموظف عدم تكرار هذا التقصير في حق الوطن والمواطن.
ومن ذلك، ما ورد عن أروع قصص العدل بين الحاكم ورعيته قصة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي -رحمه الله- فقد كان يملك ناقة فعرضها للبيع فأراد أحد أفراد البادية أن يشتريها منه فطلب البدوي من الإمام الخليلي أن يحجزها له؛ حيث إنه سيغادر الدار وسيرجع بعد فترة، فنسي الإمام الخليلي بسبب أشغال الدولة ومطالب الرعية، فقد باع الإبل لشخص أرادها، فجاء البدوي بعد فترة من الزمن أمام مجلس الإمام الخليلي يطلب ناقته، وسط حضور القضاة والعلماء وجمع غفير من النَّاس، فعندما علم أن الإمام الخليلي قد باع ناقته، قال: إني أشتكي منك إليك، فقال له الإمام يحق لك ذلك ولكن أعرض شكواك على القاضي لأنَّ الشكوى ضدي فلا يحق أن أحكم على نفسي، فهنالك قاضٍ، ثم طلب الإمام من القاضي أن يحكم بينه وبين البدوي في منظر يُظهر جلال التواضع وعظمة الإنصاف ورونق العدل بين الحاكم والمواطن، جلس الإمام الخليلي بجوار خصمه منتظرا صدور حكم القاضي في مشهد يكشِف لنا جمال الحضارة الإسلامية ورقيها في تحقيق أعلى منارات المساواة، كاشفاً مدى تطبيق مقاصد العدل الذي يدعو إليها الإسلام؛ حيث جعلوا سلطة القضاء لها الحق المطلق في إصدار الأحكام، ولو كانت ضد الإمام دون تدخل السلطة التنفيذية. هنا أصيب البدوي بعلامات الدهشة والانبهار عندما رأى موقف الإمام وهو يجلس بجواره منتظرا إصدار الحكم فسر سرورا شديدا عندما رأى عدل الإمام في تطبيق الأحكام، وأنه لا حجاب بين الإمام وعامة الشعب، فشعر بالحياء وتنازل عن حقه وسامح الإمام الخليلي.
ثقافة الإنصاف أن يلتزم المسلم بروح العاقل المتأدب الباحث عن الحقيقة أن يتحرى الصدق والنزاهة من الأخبار والأحداث المختلفة وأن يقول الحق وأن يكتب ويُعبر بروح الحقيقة المتجردة من داء التعصب المقيت ومرض التزمت وفيروس الإجحاف تجاه الآخرين وعضال نكران المعرفة وازدراء الحقائق فجورا وبغضا وطغيانا وكل ذلك يكون بالحجج الساطعة والأدلة القاطعة والبراهين الفاضحة.
أين نحن من قول الله عزوجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (سورة المائدة: 8).. الآية القرأنية صريحة بأن العدل مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو منهج رباني حيث أمر الله المسلمين أن يكون العدل ميزان بين الحق والباطل كما نهى عن ظلم صاحب الحق وأن كان أشد الأعداء بل الإسلام رعى حرمات الديانات الأخرى التي تعيش تحت حكم المسلمين وقد عبر عن ذلك بصورة واضحة الفقيه ابن تيمية: "إن الله يبقى الأمم العادلة حتى لو كانت مشركة، ويفنى الأمم الظالمة حتى لو كانت مسلمة"
ولنا في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قدوة حينما عاش تحت كنف الدولة الإسلامية يهود بني فريضة وبني قينقاع وبني النظير؛ حيث منحت لهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية ولم تهدم كنائسهم فنالوا رغد العيش من أمن وسلام واستقرار حيث حرم الله عزوجل الظلم على نفسه.
ولا ننسى الملحمة التاريخية للعهدة العمرية، حينما فتح بيت المقدس من أيدي النصارى كيف عاملهم واحترم كنائسهم ولم يهدمها، بل استثنى الرهبان وكبار السن والأطفال من دفع الجزية، بل وسن قانونا بمنح مبلغ ما بين 20 إلى 50 درهما لكل طفل حديث الولادة، فشمل القانون المسلمين والنصارى على حد سواء؛ فما أجمل الإنصاف، وما أروع العدالة وهي تتجلى في أسمى رونق وأبهى حلة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مجالس وزارة الداخلية الرمضانية تناقش ثقافة الأسرة الآمنة
ناقشت ثانية حلقات مجالس وزارة الداخلية الرمضانية موضوع «ثقافة الأسرة الآمنة» من خلال تناول ثلاثة محاور هي: الوقاية الأسرية من السلوكيات الدخيلة، والأبعاد الاجتماعية للتفكك الأسري، والحماية من العنف الأسري. وتعقد مجالس هذا العام تحت شعار «الأسرة الإماراتية.. مسؤولية وطنية مشتركة»، وتتناول مواضيع ومحاور مهمة، وذلك من تنظيم مكتب ثقافة احترام القانون بالإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة، وإدارة الإعلام الأمني بالإدارة العامة للإسناد الأمني بوزارة الداخلية.
استضاف حمد جمعة الكعبي، مجلس وزارة الداخلية الرمضاني بأبوظبي، وأداره الإعلامي حامد المعشني وحضره وشارك فيه العقيد سلطان حارب الكتبي مدير مكتب ثقافة احترام القانون بالإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة بوزارة الداخلية، والعقيد ركن أحمد جمعة الكعبي من القيادة العامة لشرطة أبوظبي، وشافع محمد سيف النيادي، والدكتور سيف راشد الجابري عضو مجلس الإدارة رئيس لجنة البحوث والدراسات من جمعية رعاية وتوعية الأحداث، والدكتور خالد عبدالسلام من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والمقدم أحمد محمد النيادي من القيادة العامة لشرطة أبوظبي.
السلوكيات الدخيلة
ركز المتحدثون في المجلس على أهمية غرس القيم الإماراتية الأصيلة في قلوب الأبناء لحمايتهم من السلوكيات الدخيلة السلبية، مؤكدين أن الترابط الأسري والتوعية وتعزيز السلوكيات الإيجابية هي السد المنيع لحماية الأبناء وتمكينهم وتعزيز الترابط المجتمعي.
وأشاروا إلى أن الوقاية الأسرية من السلوكيات الدخيلة هي عملية مستمرة، تتطلب جهوداً متضافرة من جميع أفراد الأسرة، وتوفير بيئة آمنة وداعمة والتواصل الفعال والتنشئة الاجتماعية الإيجابية من خلال اتباع الاستراتيجيات الوقائية، يمكن للأسرة المساهمة في بناء مجتمع صحي وسليم.
وتحدث المشاركون عن أسباب العنف الأسري وضعف الوعي، مؤكدين أن من سبل الوقاية منه تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم وتعليم أفراد الأسرة أساليب حل المشكلات واتخاذ القرارات وتوفير دعم نفسي واجتماعي وتفعيل وتنفيذ قوانين صارمة وتوعية الأفراد بالحقوق والواجبات الأسرية إلى جانب تفعيل الدور الإعلامي والتكنولوجي للحد من هذا العنف وتعزيز دور المؤسسات المجتمعية في نشر ثقافة الترابط والوعي الأسري.
وأوصى المجلس بضرورة الالتزام بالقيم الإماراتية وتعزيزها داخل الأسرة وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية لضمان الاستقرار العائلي وتعزيز الحوار والتفاهم بين أفراد الأسرة للحفاظ على التماسك الاجتماعي.
مجلس أبوظبي النسائي
استضافت وردة مبارك بن زوبع، المجلس النسائي من مجالس وزارة الداخلية الرمضانية، وأدارته الإعلامية أسمهان النقبي، وشاركت في الحديث حشيمه ياسر علي العفاري، عضو المجلس الوطني الاتحادي، والمقدم بدرية علي الحوسني عضو هيئة التدريس بكلية الشرطة، وفاطمة محمد عوض الغساني مدربة تنمية بشرية.
وأكدت المتحدثات أن اللبنة الأساسية للمجتمع هي الأسرة التي ترتكز عليها مسؤولية تعزيز ثقافة أفرادها وترسيخ القيم الأصيلة حيث إن الأسرة الآمنة طريقنا نحو مجتمع آمن، وإن الأسر المتفككة تسهم في رفع مستويات العنف المجتمعي وتفشي العادات الدخيلة الضارة بالمجتمع، إلى جانب خطورة ذلك على الأبناء والتأثير السلبي فيهم، مؤكدات أن السبيل هو في حماية الأسرة وحفظ قيمنا وذلك من خلال مسؤولية وطنية مشتركة.
كما أشرن إلى أن تعزيز الهوية الوطنية والقيم الأصيلة وغرس العادات والتقاليد الإماراتية في الأبناء يحميهم من التأثيرات السلبية، وضرورة الرقابة الواعية حول التطورات التكنولوجية وتوجيههم التوجيه السليم لاستخدامها بشكل آمن وإيجابي، إضافة إلى غرس الوازع الديني والأخلاقي وتعليم الأبناء مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والقيم الأخلاقية السامية.
ولفتت المتحدثات إلى تعزيز الوعي الاجتماعي والثقافي وتعليم الأبناء كيفية التمييز بين العادات الإيجابية والسلوكيات الدخيلة، وذلك عبر تعزيز دور القدوة الحسنة في الأسرة وتصرف الوالدين كنماذج إيجابية يقتدى بها، ودعون إلى حث الأسرة على الترابط والتواصل بين أفراد الأسرة والمجتمع وتكثيف الدورات التدريبية الأسرية والورش التثقيفية في المدارس والجامعات.
الترابط المجتمعي
دعا المشاركون في مجلس وزارة الداخلية الرمضاني الذي استضافه الدكتور عارف الشيخ في دبي، وأداره الإعلامي سهيل الزبيدي، إلى تحصين الأبناء والنشء بالقيم الإماراتية المستمدة من تاريخنا العربي الإسلامي مما يسهم في مواجهة السلوكيات السلبية ويعزز الترابط المجتمعي.
حضر وشارك في المجلس الدكتور إسماعيل كامل البريمي من القيادة العامة لشرطة دبي، وعبدالله محمد الاأنصاري مدير مركز إيرادة للعلاج والتأهيل، والدكتور عبدالله موسى البلوشي من دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، والدكتور محمد صافي المستغانمي أمين عام مجمع اللغة العربية، والدكتور مستشار محمد مال الله خلفان الحمادي قاض في المحكمة التجارية من دائرة القضاء بأبوظبي، والدكتور محمد حمدان الشامسي وكيل وزارة الصحة سابقاً، وعبدالله المعينة وعدد من الفعاليات المجتمعية.
وتحدث المشاركون من المختصين عن أهمية حماية الأسرة والأفراد من التفكك والعنف وهي مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الوطنية والأفراد وذلك من خلال المبادرات التوعوية وبرامج التثقيف المجتمعي وتعزيز الانفتاح الثقافي والمعرفة والعلوم وترسيخ المبادئ والسلوكيات الحسنة.
ولفتوا إلى ضرورة تكاتف المؤسسات في تعزيز ثقافة حماية الأسرة والأبناء، وتعاون ومتابعة الوالدين لتعزيز حماية أبنائنا وتوجيههم نحو الطريق الصحيح لأن خطر الانحراف قد ينبع من داخل الأسرة نفسها، خاصة مع انتشار الوسائل التقنية الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
وأوضحوا أن تعزيز ثقافة المسؤولية عند أفراد الأسرة يساهم في تعزيز التكامل والتكاتف الأسري، وأهمية المعاملة الطيبة والحسنة مع الأبناء، لما لذلك من أثر في تعزيز ثقتهم بآبائهم، مما يحد من احتمالية انحرافهم، مشيرين إلى ضرورة التحفيز المعنوي للأبناء، وحثهم على التمسك بالدين والقيم الأخلاقية.
كما دعوا إلى وضع برامج هادفة لحماية الأبناء ووقايتهم من الانحراف وتعزيز الرقابة الأسرية، بحيث تكون شاملة للسلوك داخل المنزل وخارجه وتعزيز قيم التسامح والوسطية والاعتدال في التربية، وأكدوا أهمية اللغة العربية ودورها في تعزيز السلوك الأخلاقي للأبناء لأنها تحمل القيم الدينية والثقافية التي تدعو إلى الصدق، الأمانة، والاحترام، وذلك من خلال القرآن الكريم، والأدب العربي، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعياً والتزاماً بالمبادئ الأخلاقية إضافة إلى تعزيز ثقافة الغذاء الصحي التي تلعب دوراً مهماً في تجنب الأبناء التدخين والمؤثرات العقلية.
القيم الوطنية
في عجمان استضاف سالم خليفة الكعبي مجلس وزارة الداخلية الرمضاني، وأداره الإعلامي رائد الشايب وحضره وشارك فيه عبدالرحمن محمد النعيمي مدير عام دائرة البلدية والتخطيط في عجمان، ومحمد عبدالله الكعبي مدير تنفيذي للمكتب الإعلامي لحكومة عجمان، والدكتور سعيد مصبح الكعبي، والمستشار الدكتور صلاح محمد الحمادي من وزارة العدل، والمقدم الدكتور مانع علي النقبي من القيادة العامة لشرطة الشارقة، والدكتور هاشم جاسم محمد الوالي من وزارة الثقافة.
وتناول المشاركون محاور المجلس من خلال التأكيد على أن مفاهيم التنوع الثقافي والتسامح ومنع التطرف الفكري مع غرس القيم الأصيلة هي من أهم الوسائل لحماية المجتمع من السلوكيات السلبية والتفكك.
وأكدوا ضرورة متابعة الأبناء والمشاركة معهم وإشراكهم في القرارات لبناء أسرة قوية ومتينة حيث إن الوالدين بما يمثلان في الأسرة هما من يحتوي الأبناء وبناء الأسر التي تتعرض مع التطورات والتغييرات لتحديات كبيرة ووجب التعاون والعمل بمسؤولية مشتركة لحمايتها.
وشددوا على دور الأسرة المحوري في بناء المجتمع والحد من العنف بمختلف أنواعه الجسدية والنفسية والمعنوية، مشيرين إلى وجود قوانين تحمي الأسر وتقدم الدعم والمساندة للمتضررين، مؤكدين أن المسؤولية مشتركة وأن التربية الإيجابية والحوار المفتوح من أهم الأساسيات لصلاح الأسرة.
كما دعوا إلى ضرورة تعزيز الجهود الإعلامية بما فيها منصات التواصل الاجتماعي والأكاديمية لتعزيز الترابط الأسري وتكثيف الجهود في المبادرات والمشاريع التي تعزز ذلك.
الأسرة المتينة
أكد المشاركين في مجلس وزارة الداخلية الرمضاني برأس الخيمة، واستضافه سعيد راشد العابدي النعيمي، وأداره الإعلامي محمد عبدالكريم، أن الأسرة القوية المترابطة هي عماد المجتمع الآمن والخط الأول لمواجهة السلوكيات الدخيلة السلبية.
حضر وشارك في المجلس، الدكتور ناصر البكر الزعابي، وسيف علي المطوع المزروعي من القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، والواعظ الديني جمال عبدالقادر الشحي، وعدد من الحضور من ضباط ومن فعاليات مجتمعية.
وقالوا إن الترابط بين أفراد الأسرة خطوة في تعزيز التواصل المجتمع وانتقاله من أفراد الأسرة نحو المجتمع ككل وتعزيز الروابط مع العائلة الممتدة والمجتمع المحيط وهي سبيل الحفاظ على الدعم الاجتماعي للأسرة ويعزز شعور الانتماء للمجتمع الأكبر والذي يعزز الأمن المجتمعي.
كما أكدوا على الدور المحوري للأسرة في حماية ووقاية المجتمع، وأن الأسرة القوية والمتماسكة هي أساس المجتمع القوي والمتطور، ودعوا إلى العمل معاً لتوفير بيئة إيجابية وواعية في البيت والتوعية بمخاطر السلوكيات الدخيلة وتعزيز الهوية والانتماء الثقافي وتكريس مفاهيم التربية الدينية والأخلاقية وتعزيز التوعية والتثقيف حول العنف الأسري وأضراره وتوفير دعم قانوني ونفسي للضحايا المحتملين وتطوير برامج أكاديمية تعنى بتخريج أخصائيين جامعيين مختصين بالأسرة ومشاكلها والعوامل المؤثرة في استقرارها.
اللبنة الأولى للتنشئة الاجتماعية والثقافية
أشار المتحدثون في مجلس وزارة الداخلية الرمضاني بأم القيوين، إلى أن الأسرة هي اللبنة الأولى للتنشئة الاجتماعية والثقافية وأمنها من أمن المجتمعات.
واستضاف المجلس محمد عيسى، وأداره الإعلامي أحمد الغفلي وشارك فيه وحضره خالد عمر الخرجي عضو المجلس الوطني الاتحادي، والعميد سلطان راشد الشامسي مدير عام الموارد والخدمات المساندة بشرطة أم القيوين والمستشار الدكتور عبد الله محمد آل علي من وزارة العدل والباحث القانوني سلطان خلفان بن غافان ويوسف محمد المحروق الشحي من القيادة العامة لشرطة أم القيوين.
ولفت المتحدثون إلى أن الأبناء يكتسبون عاداتهم من الأسرة، ومن هنا فإنها تلعب دوراً محورياً في غرس القيم الأخلاقية والمبادئ السامية في نفوس أفرادها، من خلال التوجيه المباشر والقدوة العملية، لتساهم في تشكيل المنظومة الأخلاقية للمجتمع ودعم جهود المؤسسات الوطنية المعنية.
وأكدوا أهمية الانفتاح على الثقافات الأخرى دون المساس بالقيم الأصيلة، وتحصين أفراد الأسرة أولاً، وتعزيز ودعم جهود الجهات المعنية لمكافحة الظواهر السلبيّة والتصدي لها وفق حلول بناءة تتناسب مع خصوصية المجتمع الإماراتي وقيمه.
وأوصوا بضرورة تعزيز نشر الوعي بأهمية التمسك بالقيم الأخلاقية والدينية والثقافية وتعزيز الهوية والقيم الأسرية وتنظيم وتبني ورش عمل ومحاضرات توعوية لتعزيز الهوية الوطنية والانتماء الأسري ووضع الأسرة بعض الضوابط لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بما يضمن سلامة الأبناء.
أما في مجلس محمد أحمد اليماحي بدبا الفجيرة، الذي أداره الإعلامي سعود الريامي، فدعا المشاركون إلى الأخذ بالتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة والاستفادة من برامج التوجيه والتوعية والمشاريع المجتمعية الريادية، لتعزيز حماية الأسر والأفراد وبناء مستقبل مشرق للأجيال.
حضر وشارك في المجلس، أحمد محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، والعميد الدكتور سليمان سعيد المرشدي مدير عام الموارد والخدمات المساندة في شرطة الفجيرة، والمقدم الدكتور حمدان الحفيتي نائب مدير مكتب ثقافة احترام القانون بالإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة، والدكتور عبدالله علي الحفيتي من وزارة الداخلية، والواعظ حسن علي أبوالعينين من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والدكتور عبيد إبراهيم الكعبي والمساعد أول جاسم هيكل البلوشي من القيادة العامة لشرطة الفجيرة.
وقال المشاركون، إن نشر الثقافة الملتزمة والجادة والإيجابية المرتكزة للقيم الوطنية طريقنا إلى التلاحم الأسري وحماية المجتمع من كافة المخاطر بما فيها التفكك الذي يهدد الاستقرار المجتمعي، مؤكدين أن المسؤولية مشتركة بين المؤسسات الوطنية والأفراد والأسر لتعزيز العادات الإيجابية في المجتمع ومواجهة التنمر الأسري والسلوكيات الدخيلة على مجتمع الإمارات.