البرلمان يؤجل القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
بغداد اليوم -
مصدر برلماني
البرلمان يؤجل القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام للجلسات المقبلة بسبب الخلافات السياسية حول التعديل والاعتراض عليه
يتبع ..
.المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
ما مصير الموقوفين الإسلاميين في لبنان؟
في خطاب إصلاحي لا يشبه خطابات رؤساء الجمهورية اللبنانيين بعد اتفاق الطائف 1989، تعهد الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون -من جملة تعهداته- بإصلاح القضاء وتحقيق استقلاليته.
ثم نجحت كتل برلمانية في تكليف قاضي محكمة العدل الدولية في لاهاي نواف سلام بتشكيل حكومة العهد الجديد لرئيس لبنان الرابع عشر. وهكذا، صار البلد تحت قيادة رئيس للجمهورية آتٍ من المدرسة العسكرية إذ كان قائدا للجيش للبناني، ورئيس حكومة مكلف آتٍ من المدرسة القضائية ومن أعلى هيئة عدالة بالعالم.
وتأتي هذه المعادلة، التي تطفو معها أزمات وقضايا وملفات عالقة، بعد نحو شهر من سقوط نظام بشار الأسد وبعد عقود من سطوته على لبنان كان فيها أشبه بخاصرة رخوة لسوريا.
اليوم، يعود ملف الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة، إذ يطالب أهالي هؤلاء بإصدار قانون عفو عام عنهم، ويضعون مطلبهم في إطار العدالة التي وعد بها الرئيس عون وبعده سلام.
احتجاج يطالب بالإفراج عن الإسلاميين المحتجزين بسجن رومية في لبنان يوم 5 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية) مطالب الأهاليبعد 3 أيام على سقوط نظام الأسد، توجّه العشرات من أهالي الموقوفين الإسلاميين إلى سجن رومية للمطالبة بالعفو العام عن أبنائهم والإفراج عن السجناء، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الأسير.
إعلانمن ناحية، يعتبر أهالي الموقوفين الإسلاميين أن سقوط نظام الأسد أسقط سبب توقيف أبنائهم، وأنهم يدفعون ثمن مناصرة الثورة السورية، واتهموا على إثرها بـ"الإرهاب" لأسباب مختلفة، إما للقتال إلى جانب الفصائل المسلحة ضد النظام، وإما لتأييدهم الثورة ومناصرتها.
لكنّ أصواتا سياسية وقضائية أخرى ترى أن العفو عن جميع الموقوفين الإسلاميين مطلب غير عادل باعتبار أن شريحة منهم متهمون بقتال الجيش اللبناني في معارك مختلفة، ومن بينها معركة جرود عرسال البقاعية عند الحدود اللبنانية السورية (2014).
يقول ممثل لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين في لبنان محمود أبو عيد، في حديثه للجزيرة نت، إنهم يعلقون آمالًا كبيرة على اقتراح قانون العفو بعد "سنوات من المطالب والاحتجاجات التي لم تلق صدى".
وأحد أقارب أبو عيد هو من السجناء الموقوفين الإسلاميين، ويدعى الشيخ خالد حبلص، وقد كان إمام مسجد، وهو موقوف في سجن رومية منذ عام 2015 ومتهم بالضلوع في أحداث أمنية شمالي لبنان والتحريض في خطب الجمعة لصالح الفصائل المنضوية في الثورة السورية.
ويرى أبو عيد أن سقوط النظام السوري يجب أن يكون مناسبة لإعادة النظر فيما يصفها بـ"المظلومية التي لحقت بالموقوفين الإسلاميين".
اعتصام أمام قصر الشعب بدمشق للمطالبة بالضغط على حكومة لبنان لإطلاق المعتقلين السوريين في سجن رومية (شترستوك) من هم الموقوفون الإسلاميون؟الموقوفون الإسلاميون هم مجموعة من السجناء اللبنانيين المنتمين بشكل رئيسي للطائفة السنية، بالإضافة إلى بعض السجناء السوريين والفلسطينيين.
بدأ استخدام هذا المصطلح بعد عام 2000 للإشارة إلى هؤلاء السجناء المتهمين بالتورط في أحداث أمنية وتفجيرات، والقتال في سوريا مع جبهة النصرة وغيرها، والاشتباكات ضد الجيش اللبناني.
وخلال السنوات الأخيرة، أصدرت المحكمة العسكرية أحكامًا متنوعة بحق هؤلاء الموقوفين وصلت إلى المؤبد والإعدام، في حين يقضي آخرون سنوات سجن طويلة من دون محاكمات وأحكام.
إعلانوتعود جذور قضيته، بحسب الناشط الحقوقي ومحامي الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح -في حديث خاص للجزيرة نت- إلى أحداث جرود الضنية شمالي لبنان (2000).
2000: شرارة أحداث الضنيةفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1999، ألقى بعض المجهولين إصبعا من الديناميت على كنيسة مار جاورجيوس بمنطقة الزاهرية-طرابلس (شمالي لبنان)، على إثرها أوقف الجيش عددا من الإسلاميين، ثم أفرج عنهم لعدم وجود دليل يدينهم، لاحقا لجأ بعض هؤلاء إلى "جرد النجاص" في أعالي الضنية.
وفي الليلة الأخيرة من عام 1999 والرابع من يناير/كانون الثاني 2000، خاض الجيش اللبناني معركة قاسية في جرود الضنية ضد الجماعات الإسلامية، تسببت في مقتل عدد من العسكريين، كما قتل الجيش بعض الإسلاميين وألقى القبض على آخرين.
ولاحقًا، أُفرج عن معظمهم عام 2005 -بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري- على إثر قانون عفو عام صدر ليشمل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
2007: الشرارة الثانية ومعركة نهر الباردبدأت الشرارة باشتباكات مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان عام 2007 بين الجيش اللبناني وحركة فتح الإسلام التي أسسها شاكر العبسي عام 2006.
اندلعت المعركة إثر هجوم مقاتلي "فتح الإسلام" على مراكز للجيش اللبناني في محيط المخيم، مما أدى إلى مقتل ضابط و27 عسكريا وعدد من المدنيين، فتحوّل سريعا مخيم نهر البارد إلى ساحة معركة عنيفة تسببت في دمار هائل بالمخيم وتهجير عشرات الآلاف من أهله.
استمرت معركة نهر البارد نحو 4 أشهر بين 20 مايو/أيار و3 سبتمبر/أيلول 2007، وسقط فيها 166 قتيلا للجيش اللبناني ونحو 220 قتيلا من فتح الإسلام، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
وحتى الآن، لم يُعد إعمار المخيم بالكامل، والجيش اللبناني يطوق بحواجز أمنية جميع مداخله.
يقول محمد صبلوح إن "أحداث نهر البارد تسبب في اعتقال أكثر من 500 مدعى عليه صُنفوا بالموقوفين الإسلاميين، ثم بُرئ منهم نحو 45 فقط بعد نحو 14 عامًا من السجن. وما بين 150 و170 موقوفا إسلاميا حُكم عليهم بسنتين سجنا، وحُكم على آخرين 15 عامًا سجنا، في حين حُكم عدد صغير بأحكام مؤبدة وإعدامات".
معركة نهر البارد عام 2007 استمرت نحو 4 أشهر وأسفرت عن قتلى ودمار هائل بالمخيم وتهجير عشرات الآلاف من أهله (شترستوك) 2011: الشرارة الثالثة والثورة السورية إعلانبرزت قضايا الموقوفين الإسلاميين عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011 بعد موجة تعاطف بالمناطق ذات الغالبية السنية مع الثورة، وتحديدًا تلك التي عانت من بطش النظام السوري مثل طرابلس، أثناء وجود الوصاية السورية ووجود جيش نظام الأسد في لبنان (1975-2005).
وتسببت حرب سوريا في إشعال فتنة في طرابلس بين منطقة باب التبانة (ذات الغالبية السنية المعارضة للنظام) ومنطقة جبل محسن (وهي ذات غالبية علوية كانت مؤيدة للنظام) المتاخمة لها والتي يفصلهما شارع صغير.
وحتى عام 2014، عاشت هاتان المنطقتان 21 جولة قتال، سقط على إثرها عشرات القتلى المدنيين من الجانبين، وانتهت بقرار سياسي وحكومي وبخطة أمنية بعد إلقاء القبض على عشرات الشبان الذين أضيفوا إلى قائمة الموقوفين الإسلاميين.
2013:في يونيو/حزيران 2013، خاض الشيخ أحمد الأسير معركة دامية بمنطقة عبرا قرب مدينة صيدا ذات الغالبية السنية (جنوبي لبنان)، ووقعت المعركة إثر اشتباك مسلح لشباب من مسجد بلال بن رباح بقيادة الأسير ضد عناصر من حزب الله والجيش اللبناني، وتسببت في سقوط عشرات المدنيين والعسكريين، وألقى بعدها الجيش القبض على عشرات الشبان.
وطوال تلك الحقبة، تجاوز عدد الموقوفين الإسلاميين 5 آلاف شخص، وكان معظمهم في سجن رومية في بيروت، وتحديدًا في المبنى "باء".
وبعد القبض على الأسير في أغسطس/آب 2015 حكم عليه بالإعدام، وفي عام 2021 أصدرت المحكمة العسكرية حكما ثانيا بسجنه 20 عاما وتجريده من حقوقه المدنية بتهمة الضلوع في أحداث قرية بحنين شمالي لبنان عام 2014 والاشتباك مع الجيش اللبناني.
يرى صبلوح، وهو أحد محاميّ الدفاع عن الأسير، أن هناك مظلومية لحقت به، ويعود إلى الفيلم الاستقصائي "عبرا.. من أطلق الرصاصة الأولى" الذي نشر على الجزيرة، و"يكشف فيها الأسير بشهادته الأولى المؤامرة السياسية التي ورطته في المعركة"، بحسب صبلوح.
إعلان
وثائق الاتصال
يقول صبلوح إن شريحة واسعة من الموقوفين الإسلاميين قد سُجنوا استنادا إلى "وثائق الاتصال" الصادرة عن وزارة الدفاع اللبنانية، وصدرت أكثر من 11 ألف "وثيقة اتصال" بحق شباب متهمين بالتخابر والقتال إلى جانب تنظيمات إسلامية بسوريا.
وكانت "وثائق الاتصال" تصدر عن مديرية المخابرات بالجيش اللبناني من دون إذنٍ قضائي من النيابة العامة، بل تستند إلى معلومة أو إخبار أو شبهة حول أحد ما، ثم تُعمم باسم صاحبها على مختلف الأجهزة والحواجز الأمنية، وقد سجن عدد كبير من الشبان بموجب هذه الوثائق، وفقا لصبلوح.
لكن حكومة الرئيس السابق تمام سلام أصدرت عام 2014 قرارا ألغى وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع باعتبارها غير شرعية ولا تستند إلى إشارة قضائية.
وحاليا، يبلغ عدد الموقوفين الإسلاميين نحو 400 موقوف، بينهم 170 سوريًا، والباقي لبنانيون مع عدد من الفلسطينيين، وقد أُفرج عن المئات منهم مع انتهاء محكومياتهم، في حين بقي المئات قيد الملاحقة الأمنية، بحسب محمد صبلوح.
ويوجد معظم الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية داخل المبنى "باء"، الذي اشتهر بلقب "مبنى الموقوفين الإسلاميين"، ويوجد القليل منهم بالمبنيين "جيم" و"دال"، وعدد قليل في ثكنة الريحانية تحت الأرض، وبعضهم بسجن الرملة البيضاء.
وثمة نحو 55% موقوفا إسلاميا من دون محاكمات و45% محكوما بأحكام مختلفة، وغالبية الأحكام بنيت على شهادات قُدِّمت تحت الضغط والتعذيب، وهو ما أثبتناه مرارا، حسب صبلوح.
يعتبر محامي الموقوفين الإسلاميين أن سقوط نظام الأسد، ووصول قيادات من الثورة السورية إلى سدة الحكم بسوريا، "يجب أن يدفع القضاء اللبناني إلى إسقاط الأحكام بحق من دفع ثمن مناصرة الثورة السورية، في حن أن القضاء نفسه لم يصدر أي حكم بحق من قتال إلى جانب النظام السوري".
منظر عام يظهر سجن رومية في لبنان (رويترز) مشروع قانون جديدتفيد مصادر سياسية وحقوقية بأن ملف الموقوفين الإسلاميين سوف يطرح على طاولة الحكومة التي سيشكلها نواف سلام، وهو طرح مصحوب بحراك واسع للجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين وهيئة علماء المسلمين الذين نفذوا اعتصاما أمام سجن رومية للمطالبة بالعفو عن السجناء نهاية عام 2024.
إعلانبرلمانيا، قدمت كتلة "الاعتدال البرلمانية" (تضم النواب أحمد الخير ووليد البعريني ومحمد سليمان وسجيع عطية وعبد العزيز الصمد وأحمد رستم) مسودة مشروع قانون منقحة لاقتراح قانون العفو العام وتخفيض العقوبات عن السجناء.
وتعتبر الكتلة أن القانون حاجة ضرورية بسبب الاكتظاظ في السجون، وهي تعاني من عجز مالي ولوجستي في رعاية السجناء، ناهيك عن أن شريحة واسعة من سجناء لبنان يعانون من بطء شديد في المحاكمات وتبقى قيد التوقيف لأشهر وسنوات من دون إصدار حكم يثبت التهمة الموجهة إليهم.
ويرى حقوقيون أن اقتراح كتلة "الاعتدال" البرلمانية بشأن العفو العام لا يقدم تبريرا قانونيا لمنح العفو العام بما ينسجم مع "الحق العام" ومبدأ العدالة والمساواة أمام القانون وبما يضمن إنصاف الضحايا، واقتصرت على ربطه بمفهوم "العدالة الانتقالية".
ويقضي اقتراح قانون العفو العام، بحسب كتلة "الاعتدال"، إلى العفو العام على كل السجناء اللبنانيين، كما يطال الاقتراح السجناء السوريين، شرط ترحيلهم إلى بلادهم فور الإفراج عنهم.
تقول الفقرة الأولى من الاقتراح "يمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ إصدار هذا القانون، سواء التي حركت فيها دعوى الحق العام أو لم تحرك، وفي حال تحريكها سواء التي صدرت بنتيجتها أحكام أو لا تزال عالقة أمام المحاكم في أي من مراحلها".
وسبق أن قدمت بعض القوى السياسية اللبنانية اقتراحات قوانين عدة للعفو العام، لكن أهالي الموقوفين الإسلاميين كانوا يعترضون عليها باعتبار أنها لا تشملهم.
وفي هذا الإطار، يصف وزير العدل السابق إبراهيم نجار، في حديثه للجزيرة نت، مطلب العفو في لبنان بالمطلب المزمن خصوصا فيما يتعلق بملف الإسلاميين، وفق تعبيره، ويقول "عادة ما يطالب مناصرو العفو العام بتقصير السنوات السجنية من 9 إلى 6 سنوات، وهو ما أراه هرطقة قانونية، فإما أن يكون هناك جرم يعاقب عليه، وإما لا يوجد جرم يُعاقب عليه".
إعلانوللسلطة التشريعية، برأي نجار، الحق بإصدار قانون العفو سواء كان عاما أو خاصا. ولكن "لا يمكن أن يقتصر على فئات دون أخرى، لأن ذلك يتعارض مع مبادئ القانون. ولا توجد دولة في العالم قامت بذلك"، ويدعو الوزير السابق إلى أن تكون هناك مقاربة دقيقة ومتحفظة للعفو العام.
وفيما يتعلق بالموقوفين الإسلاميين، يقول نجار "لا يمكن أن أتحفظ عن مسألة الإفلات من العقاب، فقانون العقوبات بلبنان ليس له علاقة بالقضية السورية الداخلية، وحين كنت وزيرًا قلت إنه إذا صدرت أحكام ضد متهمين لبنانيين وسوريين يجب أن نتبادل المسجونين اللبنانيين في لبنان والسوريين في سوريا، إذ لا بد من وقف الاتجار بالقانون لأغراض سياسية".
كتلة الاعتدال البرلمانية بلبنان قدمت مشروع قانون منقحا لاقتراح قانون العفو العام وتخفيض العقوبات عن السجناء (الفرنسية) المحكمة العسكريةلطالما يثير القضاء العسكري في لبنان جدلا قانونيا واسعا، ويأخذ حيزا كبيرا من النظام القضائي اللبناني، رغم صفته الاستثنائية، في حين يشكو حقوقيون ومواطنون من توسيع نطاق صلاحيات المحكمة العسكرية، وإحالة كثير من الملفات إليها بدل إحالتها للمحاكم المدنية.
ويصدر أحكام المحكمة العسكرية بلبنان ضباط وليس قضاة، وبالتالي يعتبر بعض القانونين أن أحكامها لا تراعي المبدأ الدستوري الذي ينصّ على وجوب محاكمة المواطنين سواسية أمام المحاكم المدنية ذاتها. في حين يعتبر مناصرو المحكمة العسكرية أن "إيجابيتها تكمن في سرعة أحكامها".
ومن المفترض أن يشمل عمل المحكمة العسكرية القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب والتعامل مع إسرائيل والتجسس لمصلحتها، وجرائم الأسلحة والمتفجرات، وملاحقة الجرائم الواقعة على العسكريين وعلى الجيوش الأجنبية مثل قوات اليونيفيل العاملة جنوبي لبنان.
لكن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة -بحسب تقرير لـ"المفكرة القانونية"- سبق أن أوصت لبنان منذ عام 1978، ومجددا في عام 2018، بإلغاء اختصاص القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين وضمان شروط المحاكمة العادلة أمامه. أما الموقوفون الإسلاميون، فإن الأحكام بحقهم صدرت عن المحكمة العسكرية.
إعلانوقد شهد عهد المحلل العسكري العميد منير شحادة، وهو رئيس سابق للمحكمة العسكرية، إصدار مئات الأحكام بحق هؤلاء الإسلاميين.
وفي حديث خاص للجزيرة نت، يقر شحادة بأنه مؤيد للعفو عن الموقوفين الإسلاميين ولكن بشروط، فيقول "حين كنت رئيسا للمحكمة العسكرية أصدرت أحكاما بحق من انتسب إلى فصائل مسلحة كانت مصنفة دوليا على أنها إرهابية مثل تنظيم الدولة والنصرة، وكان حكمها 3 سنوات"، وهناك ثلاث درجات من تصنيف "الإرهابيين"، وفق حديثه، "الانتماء، والانتماء مع المشاركة في القتال، وارتكاب جرائم قتل".
في الفترة السابقة للحرب السورية، يقول شحادة "كانت المحكمة العسكرية تعطي أحكاما مخففة لمنتمين لتنظيمات إرهابية، أما بعد الحرب فكنت أصفهم بمن غُرر بهم، وأعطيهم أحكاما مخففة إذا كانت انتماءاتهم ببداية الأحداث السورية".
شحادة: أؤيد العفو العام عمن انتسبوا للمنظمات المصنفة إرهابية بسوريا ولم يرتكبوا جرائم (الجزيرة)وفي وقت لاحق، يكمل شحادة "بعدما اتضح ارتكاب الجرائم من قبل هذه المنظمات، كنا نعتبر أن على الشباب مسؤولية كبرى في وعيهم بهذه المنظمات، ومن صار ينتسب لها كان حكمه مختلفا ومشددا".
ومن هذا المنطلق، يقول شحادة إنه يؤيد العفو العام عمن انتسبوا إلى "المنظمات المصنفة إرهابية بسوريا ولم يرتكبوا جرائم حتى من دون سقوط النظام". ولكن من ارتكبوا جرائم "لا يمكن العفو عنهم بعفو خاص. علما أن كل من كان منتسبا للجيش الحر في سوريا لم نكن نحاكمه، كنا نبرئه".
في المحكمة العسكرية، من يستلم الملف هو النيابة العامة العسكرية، وقاضي التحقيق العسكري وهو مدني، بحسب شحادة، يواجه المتهم بأقواله بناءً على الملف الذي فتح في الجهاز الأمني، و"ربما هناك حاجة لتخفيف صلاحياتها وتحويلها إلى المحاكم المدنية وأن يقتصر تعاملها على الملفات العسكرية فقط. ولكن في قضايا الإرهاب، لا يمكن التعامل إلا بالمحكمة العسكرية لأن وتيرة عملها سريعة".
إعلانويشير شحادة إلى أنه كان أول رئيس لمحكمة عسكرية، وزار سجن رومية واجتمع بالموقوفين الذين لديهم ملفات في المحكمة العسكرية، و"هناك كثير من الملفات التي تأخذ وقتا طويلا، أحيانا بسبب المتهم والمحامي، وأحيانا الملف الواحد يكون فيه عدة متهمين، مما قد يعطّل الجلسة، إذا لم يكن جميع المتهمين والمدافعين حاضرين، وقد يتسبب بتأجيل الجلسات".
في المحكمة العسكرية، هناك أكثر من 8 آلاف ملف، بحسب شحادة، أما الموقوفون الإسلاميون فـ"من لا يقاتل الجيش كنا نصدر بحقهم أحكاما مخففة، لكن المتهمين بقتال الجيش اللبناني، أو شارك في القتال ضده كانت أحكامه قاسية ولا تتعامل معه المحكمة العسكرية مثل من قاتل في سوريا".
وبعد التحولات التي يشهدها لبنان ومع بداية عهد رئاسي جديد، يجد شحادة أنه يمكن إصدار عفو خاص عن الإسلاميين باستثناء من ارتكب جرائم مثبتة بحق الجيش اللبناني. أما الباقون "فيمكن إصدار عفو عنهم باعتبار أنها مرحلة ومرت، وهناك من غُرر بهم ماديا وعقائديا، ويجب أن نمنحهم فرصة جديدة".