يضغط رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، أوزغور أوزيل، بقوة من أجل دفع البلاد نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، في لهجة جديدة تشير إلى توجه جديد لدى زعيم المعارضة التركية، الذي كان قبل أشهر قليلة في مقدمة المرحبين بمبادرة الرئيس رجب طيب أردوغان التي هدفت إلى تليين السياسة الداخلية وإنهاء حقبة الاستقطاب السياسي التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضي.



وفي أكثر من لقاء ومناسبة، رفع أوزيل بشكل متسارع من سقف مطالباته لإجراء انتخابات مبكرة في البلاد قبل موعدها المحدد عام 2028، كما دعا حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى العمل مع حزبه من أجل تأمين أصوات النواب المطلوبة في البرلمان لتمرير قرار يقضي بالذهاب في هذا الاتجاه.

واعتبر أوزيل الذي التقى مع أردوغان ثلاثة مرات خلال ما يقل عن شهرين في سابقة لم تشهدها تركيا على مدى العقدين الأخيرين، أنه يقدم فرصة للرئيس التركي من خلال مطالبته بتقديم موعد الانتخابات، للفوز بولاية رئاسية جديدة بعدما استنفد الأخير حظوظه القانونية في الترشح بعدما فاز بولايتين رئاسيتين، كان آخرهما في عام 2023.



وينص الدستور التركي على إمكانية ترشح الرئيس، الذي فاز بولايتين رئاسيتين للانتخابات في حال تم إقامتها مبكرا خلال الفترة الثانية من ولايته، حيث من الممكن لأردوغان في حال توجهت البلاد إلى انتخابات جديدة في أي وقت قبل الموعد المقرر في عام 2028، الترشح لولاية جديدة تمتد 5 سنوات.

وتحدى أوزيل خلال حديث سابق له، أردوغان لخوض الانتخابات مجددا والفوز بفترة رئاسية جديدة، في حال كان يعتقد أنه لا يزال يتمتع بالشعبية اللازمة كما كان عليه الحال في انتخابات عام 2023.

ما أسباب توجه أوزيل الجديد؟
شهدت تركيا في أيار/ مايو عام 2023 انتخابات رئاسية وبرلمانية انتهت بفوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة تمتد إلى عام 2028، متغلبا على منافسه كمال كليتشدار أوغلو، الزعيم السابق لحزب "الشعب الجمهوري"، الذي خاض الانتخابات حينها مرشحا عن تحالف الطاولة السداسية الذي عقدته أحزاب المعارضة للإطاحة بالرئيس التركي.

كما تمكن "تحالف الجمهور" بقيادة الرئيس التركي من الفوز بأغلبية المقاعد في البرلمان، الأمر الذي أفقد المعارضة فرصتها للحصول على أداة للضغط على أردوغان عبر الحصول على الأغلبية البرلمانية.


لكن أردوغان تعرض لخسارة غير مسبوقة في الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 آذار /مارس الماضي، حيث خسر حزب العدالة والتنمية العديد من بلديات المدن الكبرى وبلديات المقاطعات لصالح "الشعب الجمهوري"، سيما في الولايات الرئيسية مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.

وأطلقت صحف تركية على تقدم "الشعب الجمهوري" على "العدالة والتنمية" ليصبح الحزب الأكثر حصولا على أصوات الناخبين لأول مرة منذ عقود، وصف "الموجة الحمراء"، في إشارة إلى لون الحزب المعارض الذي احتكر أجزاء واسعة من الخارطة التركية.

ورفع هذا الفوز من أسهم أوزيل بشكل كبير لدى معسكر المعارضة في تركيا، حيث تحول إلى أول زعيم لحزب "الشعب الجمهوري" يعيد أكبر أحزاب المعارضة إلى صدارة الأحزاب الأكثر حصولا على أصوات الناخبين منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، الأمر الذي ساهم في تعزيز موقفه كزعيم جديد للمعارضة وصل إلى كرسيه بعد انقلاب داخلي قاده مع رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، ضد كمال كليتشدرا أوغلو الذي خسر أمام أردوغان مرارا طوال 13 عاما من تزعمه لـ"الشعب الجمهوري".

وتأتي دعوة أوزيل إلى إجراء انتخابات مبكرة، بعد خوضه في مسار تطبيع العلاقات بين المعارضة والحزب الحاكم، الذي أسفر عن زيارات متبادلة بين الرئيس التركي وزعيم المعارضة، حيث استقبل كل منهما الآخر في مقر حزبه بالعاصمة أنقرة.

وكان أوزيل سار في هذا التواجه الذي دعا له أردوغان، على الرغم من المعارضة الشديدة التي قوبل بها من قبل العديد من أجنحة المعارضة التركية، لاسيما من حزبه "الشعب الجمهوري". كما وضع أوزيل نفسه في سبيل هذا التوجه في مواجهة مباشر مع حزب الحركة القومية، حليف أردوغان في "تحالف الجمهور" الحاكم.

الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، يرى أن" هذا التحول يعكس أولا فشل رهان أوزغور أوزيل على نهج الانفتاح على أردوغان كوسيلة لتغيير ديناميكيات السياسة الداخلية ولدفع أردوغان إلى التخلي عن شراكته مع الحركة القومية". 

ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن "إثارة مسألة الانتخابات المبكرة تنطوي على الكثير من المخاطر على المعارضة قبل أردوغان، فأي دفع بهذا الاتجاه قد يأتي بنتائج عكسية خصوصا أن الشارع يريد التخلص من حقبة الاستقطاب والتركيز على المشكلة الاقتصادية". 

في السياق، ذاته يرى الباحث التركي علي أسمر أن "المطالبة بانتخابات مبكرة هي رسالة من أوزغور أوزيل إلى الناخبين المعارضين للتشديد على وجود معارضة قوية على رأس عملها في تركيا، وذلك من أجل تخفيف حدة الانتقادات التي طالته بسبب اجتماعه مع أردوغان أكثر من مرة بعد توليه رئاسة حزب الشعب الجمهوري".

لذلك، يسعى زعيم المعارضة التركية لإرسال رسائل طمأنة إلى قاعدته الشعبية من خلال المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، حسب حديث أسمر لـ"عربي21".

الضغط الاجتماعي
لا يستطيع حزب الشعب الجمهوري حتى في حال تحالف مع كافة أحزاب المعارضة التركية، دفع البلاد نحو انتخابات مبكرة دون موافقة تحالف الجمهور الحاكم، الذي يملك الأغلبية في البرلمان التركي.

كما لا يستطيع التحالف الحاكم الذهاب بمفرده نحو الانتخابات المبكرة، حيث ينص الدستور التركي على ضرورة موافقة 360 نائبا على الأقل، في حين يملك حزبي العدالة والتنمية والحركة القومي  معا 321 مقعدا في البرلمان.

و"لا تمتلك المعارضة الأصوات البرلمانية الكافية للدعوة لانتخابات مبكرة. والخيار الواضح لديها هو الضغط الاجتماعي للدفع بهذا الاتجاه"، حسب علوش الذي استبعد أن يكون مثل هذا الخيار مطروح حاليا على أجندة أوزيل.

ويضيف الباحث لـ"عربي21"، أن "أوزيل يستخدم من جانب الانتخابات المبكرة كورقة ضغط على أردوغان ومن جانب آخر لاحتواء التيار المعارض لسياسة التطبيع مع الحكومة داخل حزب الشعب الجمهوري".




كما أن أوزيل "أصبح أكثر ميلا للتفكير في مزايا العودة إلى السياسة المستقطبة لأن أردوغان يستخدم عملية التليين لتقويض قدرة حزب الشعب الجمهوري على استثمار نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة لزيادة الضغط على الحكومة"، وفقا لعلوش.

وكانت تركيا شهدت خلال السنوات الأخيرة مرحلة من الاستقطاب السياسي الشديد بعد تحول البلاد إلى النظام الرئاسي، حيث تسبب تدرع المكونات السياسية خلف التحالفات في تصاعد حدة الخطاب السياسي الداخلي.

ومع انتهاء فترة الانتخابات الأخيرة، دعا الرئيس التركي أحزاب المعارضة التركية إلى تليين السياسة الداخلية، الأمر الذي لاقى قبولا لدى أوزيل في البداية، قبل أن يتوجه نحو مسار المطالبة الحثيثة بالانتخابات المبكرة،

و"يحتاج المشهد السياسي في تركيا لمرحلة هادئة بعد حالة الاستقطاب الحادة خلال الانتخابات التركية"، يقول أسمر لـ"عربي21"، موضحا أن "حزب الشعب الجمهوري متلهف كثيرا للانتخابات القادمة ويرغب بإجرائها بشكل مبكر"، وذلك بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات المحلية.

ومع مرور البلاد بأزمة اقتصادي تلقي بظلالها بشكل مباشر على المواطنين بسبب تراجع القدرة الشرائية لليرة وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، رفع أوزيل شعار "إما الانتخابات أو المعيشة" في وجه أردوغان"، في محاولة للحشد الضغط الشعبي لدفع الحكومة نحو التوجه نحو انتخابات مبكرة.

لكن وفقا لعلوش، فإن "أردوغان يريد التركيز على إنجاح الخطة الاقتصادية وهذا يتطلب تجنب العودة إلى حالة عدم اليقين السياسية".

ويوضح أن "الحالة الوحيدة التي قد تدفع أردوغان لقبول الانتخابات المبكرة هي نجاح التعافي الاقتصادي وهذا ما لا يمكن تصوره قبل النصف الأول من ولايته الحالية".


وبعد إعادة انتخاب أردوغان العام الماضي، تخلت تركيا عن السياسة غير التقليدية بالإبقاء على الفائدة منخفضة، وأطلقت العنان لتشديد السياسة النقدية، ورفعت سعر الفائدة الرئيسي على دفعات متتالية من 8.5 بالمئة إلى 50 بالمئة.

جاء ذلك ضمن خطة اقتصادية يقودها بشكل أساسي فريق اقتصادي مكون من وزير المالية محمد شيمشك، ونائب الرئيس جودت يلماز، ورئيس البنك المركزي  فاتح قره خان، من أجل خفض معدلات التضخم المرتفعة وجذب المستثمرين الأجانب.

وفي هذا السياق، يشدد أسمر على أن خيار التوجه إلى انتخابات مبكرة عند الحزب الحاكم "غير مطروح، لأن الاقتصاد التركي في تحسن مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا، والعلاقات الدولية لتركيا جيدة حاليا لذلك لا يوجد أي مبرر لإقامة هذه الانتخابات المبكرة".

إلا أن "المعارضة ستظل  تطالب بهذا الأمر كي تثبت لقاعدتها الشعبية أن أمور المعارضة في تركيا على ما يرام وأن هذه التقاربات مع الحزب الحاكم هو مجرد سياسية مصالح مشتركة"، حسب تعبير أسمر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية تركيا أردوغان تركيا أردوغان اوزغور اوزيل سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات المبکرة حزب الشعب الجمهوری المعارضة الترکیة العدالة والتنمیة انتخابات مبکرة أحزاب المعارضة الرئیس الترکی فی البرلمان فی ترکیا من أجل فی حال

إقرأ أيضاً:

أمين الشعب الجمهوري بالجيزة يطالب بالاستماع لأراء أولياء الأمور حول “البكالوريا”

رحب رفعت عطا، أمين حزب الشعب الجمهوري بمحافظة الجيزة، بالحوار المجتمعي الذي بدأته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أمس حول مقترح تعديل نظام الثانوية العامة واستبداله بنظام البكالوريا، مشيرًا إلى أهمية دراسة المقترح من كافة جوانبه ليمكن التوصل لأفضل نظام ممكن بالتشاور مع الخبراء والمعنيين، خاصة وأن قضية الثانوية العامة تمس كل الأسر المصرية.

وأكد أمين حزب الشعب الجمهوري في بيان له اليوم، أن نظام الثانوية العامة بشكله الحالي به الكثير من المشاكل ويشكل أزمة ضاغطة على الكثير من أولياء الأمور والطلبة.

وشدد على أن تطوير التعليم منظومة متكاملة يجب أن تتكامل فيما بينها فتطوير التعليم الأساسي يكمله وينجحه منظومة جديدة للثانوية العامة وكذلك التعليم الجامعي فالمستهدف من التعليم هو بناء إنسان واعي، كما أن الجمهورية الجديدة التي نطمح إليها لن تقوم إلا على أكتاف الشباب المتعلم الواعي من أبناء الشعب المصري.

وثمن عطا تصريح وزير التربية والتعليم، الدكتور محمد عبداللطيف بأن نظام البكالوريا الجديد يعتمد على تطوير المهارات الفكرية والنقدية لدى الطلاب بدلًا من الاعتماد على الحفظ والتلقين.

وأضاف: يجب أن تكون هناك آلية واضحة لتنفيذ هذا الهدف وتدريب المدرسين على تنفيذ ذلك، كما أنه يجب أن تكون هناك ضوابط صارمة في وضع درجات التقييمات المستمرة للطلاب منعًا لاستغلالها بشكل سلبي، كما أن فكرة إتاحة دخول الإمتحان مرتين يعطي الطلاب فرصة ثانية لتعويض أي قصور، فامتحان الفرصة الواحدة ليس مقياسًا لقدرة الطالب .

وطالب، أمين حزب الشعب الجمهوري بالجيزة، إلى أنه يجب قبل تنفيذ نظام البكالوريا الجديد أن يتم عمل حلقات نقاشية مع أولياء الأمور والاستماع لآرائهم بالإضافة للخبراء والمختصين، وتوعيتهم بالنظام الجديد فلأولياء الأمور دور أساسي في إنجاح أو إفشال أي نظام جديد فدور الأسرة لا يقل شيئًا عن دور المدرسة.

مقالات مشابهة

  • محكمة أمريكية تؤيد إسقاط تهم ضد ترامب في قضية "انتخابات جورجيا"
  • خبير بالشؤون الإسرائيلية: نتنياهو يتخوف من خوض انتخابات مبكرة في إسرائيل «فيديو»
  • خبير الشؤون إسرائيلية: نتنياهو متخوف من خوض انتخابات مبكرة
  • خبير شؤون إسرائيلية: نتنياهو يتخوف من خوض انتخابات مبكرة
  • أردوغان: تركيا موجودة في سوريا وغزة.. نتدخل في الأحداث ولا نترك شيئا للصدفة
  • تركيا تحتجز مسؤولاً من المعارضة بتهمة التلاعب في عطاءات
  • قيادي بـ«الشعب الجمهوري»: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خطوة لحل الأزمة
  • مرشح الحزب الحاكم في موزمبيق يؤدي اليمين رئيسا للبلاد
  • أمين الشعب الجمهوري بالجيزة يطالب بالاستماع لأراء أولياء الأمور حول “البكالوريا”
  • المعارضة في زيمبابوى تدعم مشروع قانون لتمديد ولاية الرئيس منانغاغوا