وصف الحاخام الأكبر السابق للطائفة اليهودية في النمسا موشيه فريدمان، إسرائيلَ بأنها دولة مارقة منبوذة وإجرامية، وأكّد أن الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين منذ أكثر من 10 أشهر عارٌ يصمت عنه العالم، بل إنه يساعد الدولة الصهيونية في جريمتها بأشكال مختلفة.

ورأى فريدمان -في حوار خاص مع الجزيرة نت- أن دولة إسرائيل بشكلها الذي قامت عليه منذ 1948، سوف تزول في غضون سنوات قليلة، وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون آخر "ملوك" دولة إسرائيل.

وأكّد أن نتنياهو ومن يحيطون به، بما في ذلك ما يسمى "مجلس الحرب"، يدركون أن إسرائيل تسير بسرعة فائقة على طريق الزوال، موضحا أن إدراك رئيس الوزراء ذلك الواقع يدفعه إلى الاستمرار في حربه ضد الفلسطينيين.

فريدمان:

زوال إسرائيل سيكون بقيام دولة فلسطين الديمقراطية لكل مواطنيها، وعلى اليهود أن يثقوا في أن الفلسطينيين سيحترمون معتقداتهم، بالرغم من جرائم إسرائيل.

 

وردًّا على سؤال بشأن إمكانية الوصول إلى حلّ الدولتين، قال الحاخام إن الواقع الذي فرضته إسرائيل جعل هذا الحلَّ مستحيلا، ورأى أن زوال إسرائيل سيكون بقيام دولة فلسطين الديمقراطية لكل مواطنيها من العرب والمسلمين واليهود، وستمتد من النهر إلى البحر.

وأشار إلى أن على اليهود أن يثقوا في أن الفلسطينيين سيتعاملون معهم في ظل تلك الدولة الديمقراطية باحترام شديد لمعتقدهم، بالرغم من الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حقهم.

وحول تشخيصه لمرض إسرائيل، هل هو في كونها دولة يهودية، أم لأنها تعتنق الصهيونية التي هي في الأصل أيديولوجيا بروتستانتية إنجيلية؟ أوضح الحاخام موشيه فريدمان أن العلة تكمن في الأيديولوجيا التي وصفها بأنها في النزع الأخير.

ورفض الرجل المقارنة بين حرب الإبادة التي يتعرّض لها الفلسطينيون وبين المحرقة (الهولوكوست) التي تعرّض لها اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، موضحا أنه وغيره ينحدرون من عائلات نجت من المحرقة، حيث كانت هناك فرصة للهروب، وكانت معسكرات الاعتقال توفر المياه ووسائل العيش لهم، على عكس ما يحدث للفلسطينيين.

فريدمان:

كما حوسب قادة ألمانيا النازية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فإنّ قيادات إسرائيل ستحاسب في القريب العاجل على جرائمها

وأكد الحاخام الأكبر السابق للطائفة اليهودية في النمسا، على أنه كما حوسب قادة ألمانيا النازية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فإن قيادات إسرائيل ستحاسب في القريب العاجل على جرائمها، وذلك توطئة لتعايش الفلسطينيين واليهود في دولة ديمقراطية تكون جزءا طبيعيا من الشرق الأوسط.

ووصف أزمة التجنيد الإجباري لليهود الأرثوذكس المتدينين بما يخالف معتقداتهم، بأنها أزمة وجودية لكلا الطرفين: المتدينين والدولة، موضحا أن هذه الأزمة وصلت إلى طريق مسدود، ومنبّها إلى أنّ من الخطأ الاعتقاد أنّ هؤلاء المتدينين الرافضين للخدمة في الجيش يعارضون الحرب على الفلسطينيين، بل إنهم أشدّ تطرفا في دعمهم للحرب من نتنياهو نفسه.

ونصح فريدمان هؤلاء المتدينين (الحريديم) الذين وصلت نسبتهم إلى 40% من تعداد إسرائيل، بالتوقف عن دعم الحرب على الفلسطينيين، حتى يكون رفضهم للانضمام إلى الجيش منطقيا!

وأوضح أن محكمة العدل الدولية لديها تفويض قوي بإصدار عقوبات على إسرائيل، لكنها تخضع لضغوط هائلة. إلا إنه عاد وقال إن القضية أمام محكمة العدل الدولية والأخرى أمام المحكمة الجنائية الدولية، تكملان بعضهما بعضا، وسوف تسفران عن نتائج إيجابية تغير من قواعد اللعبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لطالما تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقف صارمة تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رافضًا التفاوض المباشر معها أو تقديم أي تنازلات قد تُفسر كضعف أمام المقاومة الفلسطينية.

هذه المواقف تُرجمت إلى لاءات واضحة أبرزها: لا لوقف الحرب، لا للخروج من غزة، لا لتبادل الأسرى، لا لعودة النازحين إلى شمال القطاع، ولا لرفع الحصار، لا للانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر.

لكن بعد أشهر من جولات المفاوضات التي تواصلت أحيانا وانتكست أحيانا أخرى، وبعد تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بضرورة وقف إطلاق النار قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، تم الإعلان في العاصمة القطرية الدوحة عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

الإعلان الذي صدر في 15 يناير/كانون الثاني 2025، كشف عن هشاشة وضعف الموقف الإسرائيلي، ما يتنافى مع ما نطق به نتنياهو عندما أعلن عن لاءاته. وأثار هذا الاتفاق الذي جاء بعد مفاوضات شاقة، تخللتها اتهامات متبادلة بين الأطراف المعنية، تساؤلات حول مدى صلابة المواقف الإسرائيلية السابقة.

إعلان

وفي المقابل، فإن حركة حماس تمسكت بمطالبها الأساسية المتمثلة في وقف العدوان وانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع، كشروط أساسية للقبول بأي اتفاق، وهو ما حققته في النهاية.

تحطيم اللاءات

الاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل ويبدأ سريانه الساعة الثامنة والنصف من صباح غد الأحد بتوقيت غزة، نسف كل هذه اللاءات المزعومة، ففيه ستوقف إسرائيل القصف وحرب الإبادة التي بدأتها منذ (470) يوما، وراح ضحيتها ما يصل إلى 47 ألف شهيد وأكثر من 110 ألف مصاب، وستسحب قواتها بشكل تدريجي من غزة، بحيث ينتهي تواجدها بشكل كامل في القطاع بنهاية المرحلة الثانية من الاتفاق.

وفي حين تمسك نتنياهو بالتواجد العسكري في ممر فيلادلفيا، فإن الاتفاق نص على أن تخفض إسرائيل قواتها تدريجيا في منطقة الممر، كما نص على فتح معبر رفح والسماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود يوميا.

أما تبادل الأسرى، فقد نجحت حماس في فرض مطالبها على الاحتلال، فعلى سبيل المثال، وبحسب المرحلة الأولى للاتفاق، تُطلق إسرائيل سراح 30 طفلا وامرأة فلسطينية من سجونها مقابل كل محتجز إسرائيلي تطلقه، كما تُطلق إسرائيل سراح 50 أسيرا فلسطينيا مقابل كل مجندة إسرائيلية محتجزة لدى حماس.

ومقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال من كبار السن والمرضى، تطلق حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من كبار السن والمرضى والجرحى المدنيين.

صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أشارت إلى أن هذا التحول يعكس تغيرًا في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث باتت الحكومة تُولي أهمية أكبر لتجنب التصعيد طويل الأمد.

وفي تعليقه على الاتفاق يقول رئيس معهد أبحاث اﻷمن القومي في جامعة تل أبيب، تامير هايمان، في نقاش على قناة 12 الإسرائيلية، إن حماس ستبقى صاحبة السيادة في قطاع غزة، وهذا يتناقض مع أحد أهداف الحرب، وهذا قد يسمح لها في نهاية اﻷمر بتعزيز قوتها.

إعلان

بدوره، يؤكد يوسي يهوشوع محلل الشؤون العسكرية في قناة "i24" أن "نتيجة هذه الصفقة تشير إلى إخفاق نتنياهو سياسيا، وإلى إخفاق الجيش ورئيس اﻷركان هرتسي هاليفي في تنفيذ المهمة وفي تحقيق اﻻنتصار على حماس الذي كثيرا ما وعدوا به.

صمود وضغوط

ويبدو أنه مع صمود المقاومة رغم كل ما تعرضت له من قصف واستهداف لقادتها، فضلا عن تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، وجد نتنياهو نفسه مضطرًا للتخلي عن لاءاته، وربما لم يكن في وضع يسمح له بالتمسك بمواقفه السابقة، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي داخل إسرائيل لاسيما من أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس، وضغوط المجتمع الدولي، خاصة بعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

كما أن استمرار العدوان على غزة كلف إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا، خصوصًا مع الانتقادات الدولية المتزايدة لانتهاكات حقوق الإنسان.

لذلك، فإن الاتفاق الأخير يأتي بتكلفة سياسية كبيرة لنتنياهو، فقد تراجعت لاءاته التقليدية الرافضة لوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة أو لتقديم أي تنازلات، هذا التراجع قد يضعف شعبيته، خاصة بين قاعدته اليمينية التي ترى في الاتفاق خضوعًا لشروط المقاومة الفلسطينية.

وبالنسبة لحماس، يمثل الاتفاق انتصارًا سياسيًا ومعنويًا، فالحركة استطاعت فرض شروطها، بما في ذلك وقف إطلاق النار المتبادل وتخفيف الحصار وتبادل الأسرى، وهي مكاسب ستُعزز من شعبيتها داخل غزة وخارجها، حيث ترى الحركة أنها نجحت في انتزاع تنازلات من إسرائيل بفضل صمودها.

كما أن الاتفاق يتيح لحماس إعادة ترتيب أوراقها داخليًا، من خلال تحسين الظروف المعيشية في غزة، وتعزيز قدراتها العسكرية، والتحضير لجولات مستقبلية من المفاوضات أو المواجهات.

وأخيرا، فإن التوصل للاتفاق بعد كل الجولات السابقة، هو رسالة للمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن أي تجاهل لها سيؤدي إلى تصعيد مستمر يؤثر على استقرار المنطقة بأسرها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • غزة قبل النزوح الأخير.. "سننام مرتاحين وسيتوقف شلال الدم والخوف".. حكايات عائلات فلسطينية تشتت
  • نتنياهو: الرئيسان بايدن وترمب منحا “إسرائيل” الحق في العودة للقتال  
  • لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
  • خبير بالشأن الإسرائيلي: نتنياهو يهدف لتضييق فرحة الفلسطينيين بقرار وقف إطلاق النار
  • حماس: أرغمنا إسرائيل على وقف عدوانها والانسحاب رغم محاولات نتنياهو إطالة أمد الحرب
  • نتنياهو: ترامب سيدعم عودة إسرائيل للحرب في حال انتهاك الاتفاق
  • نتنياهو: ترامب سيمنح إسرائيل الدعم الكامل للعودة إلى الحرب في هذه الحالة
  • نتنياهو: ترامب سيدعم إسرائيل للعودة للحرب إذا تم خرق اتفاق غزة
  • ما الرسائل التي ارادت “صنعاء” ايصالها لـ”احتلال” و”الفلسطينيين” على السواء
  • عاجل | مصادر للجزيرة: الوسطاء مارسوا ضغطا على نتنياهو بضرورة الانتهاء من موافقات الحكومة الإسرائيلية اليوم