يواجه الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، على الأرجح نائبة الرئيس، كامالا هاريس، في الانتخابات الرئاسية، بعد أن أنهى الرئيس جو بايدن مسعاه لإعادة انتخابه وتحرك أغلبية مندوبي الحزب الديمقراطي لدعمها، لكن السباق الانتخابي لا يقتصر على الاثنين، حيث يخوضه أيضا عدد من المرشحين المستقلين ومن أحزاب أخرى.

وفيما يلي قائمة بالمرشحين في الانتخابات الأميركية، المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل:

الحزب الجمهوري: دونالد ترامب

حصل ترامب (78 عاما) على ترشيح الحزب الجمهوري في مؤتمر الحزب في يوليو الماضي بولاية ميلووكي، بعد أيام فحسب من نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي.

وهذه هي محاولته الثالثة للوصول إلى البيت الأبيض.

وبث حادث إطلاق النار رسالة قصيرة من الوحدة قبل أن يعود ترامب إلى مزيجه المعتاد من الكلام الطنان والتظلم، مكررا ادعاءه بأن الديمقراطيين "سرقوا انتخابات 2020".

ووصف ترامب الذي تولى السلطة بين عامي 2017 و2021، الاتهامات غير المسبوقة التي واجهها في 4 قضايا جنائية بأنها "هجوم سياسي ليس فقط ضده لكن أيضا ضد مؤيديه"، واصفا حملته بأنها "انتقام" من أعداء سياسيين.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب

وأصبح ترامب في مايو الماضي، أول رئيس أميركي سابق يُدان بارتكاب جريمة، ولا يزال يواجه اتهامات بالسعي لتخريب انتخابات 2020. ورفض مزاعم منفصلة حول الاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني بعد ترك منصبه، لكن المدعين استأنفوا الحكم. وينفي ترامب ارتكاب أي مخالفات.

ومن غير المرجح أن تصل القضايا المتبقية إلى المحاكمة قبل الانتخابات، بعد أن قضت المحكمة العليا الأميركية بأن الرؤساء يحق لهم التمتع بالحصانة من الملاحقة الجنائية بسبب أفعالهم الرسمية.

كما تأجل الحكم الصادر في نيويورك على ترامب، بتهمة تزوير وثائق للتستر على دفع أموال لنجمة أفلام إباحية.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تعهد ترامب بإحداث تغيير جذري في علاقة الولايات المتحدة مع حلف شمال الأطلسي، وبتقديم "حل" للحرب الأوكرانية من خلال محادثات سلام محتملة قد تتطلب تنازل كييف عن أراض.

وجعل ترامب من الهجرة قضية رئيسية في حملته الانتخابية المحلية، ووعد بالترحيل الجماعي، وإنهاء حق المواطنة بالولادة، وحظر السفر الموسع على أشخاص من بلدان معينة، من بين إجراءات أخرى.

وعن الإجهاض، قال ترامب إن القوانين التي تنظم الإجهاض يجب أن تترك للولايات كل على حدة، مشيرا إلى إنه لا يؤيد حظر تحديد النسل.

كما تعهد بإلغاء الكثير من جهود إدارة بايدن في التصدي لتغير المناخ.

الحزب الديمقراطي: كامالا هاريس

قالت هاريس (59 عاما) إنها تعتزم انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي والفوز بالانتخابات، بعد أن أنهى بايدن مسعاه لولاية ثانية وأيدها، وسط اضطرابات الحزب بعد أدائه الضعيف في مناظرة 27 يونيو أمام ترامب.

ويتيح ترشحها عن الديمقراطيين، تقديم رؤية مختلفة للولايات المتحدة تناقض قائمة أولويات ترامب، وقد يساعد الحزب على إحياء ائتلافه من الناخبين الشباب والملونين ونساء الضواحي.

والتف الديمقراطيون سريعا حول هاريس، عضوة مجلس الشيوخ الأميركي السابقة، المدعية العامة السابقة لكاليفورنيا.

لكن قد يتحداها مرشح آخر على نيل ترشيح الحزب في مؤتمره في شيكاغو، بين يومي 19 و22 أغسطس المقبل.

نائبة الرئيس الأميركي كاملا هاريس

وأصبحت هاريس، ذات البشرة الداكنة ومن أصول آسيوية، أول امرأة وشخص ملون يتولى منصب نائب الرئيس، بعد أن اختارها بايدن لتكون نائبته في انتخابات 2020.

وستصبح أول امرأة تتولى منصب الرئيس في تاريخ البلاد الممتد 248 عاما، إذا فازت في نوفمبر المقبل.

ومثل بايدن، تظهر استطلاعات الرأي أن هاريس ستواجه سباقا متقاربا مع ترامب، مع تعادل كليهما بنسبة 44 بالمئة في حال خوضهما السباق وجها لوجه، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز/إبسوس يومي 15 و16 يوليو.

وكانت هاريس واجهة حملة بايدن في قضية الإجهاض في وقت أصبحت فيه المسألة قضية رئيسية، بعد أن ألغت المحكمة العليا الأميركية في عام 2022 قرار "رو ضد وايد" التاريخي عام 1973.

كما كُلفت ببحث قضايا كثيرة تبدو مستعصية على الحل، تضمنت الأسباب الجذرية للهجرة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة والقيود المفروضة على حقوق التصويت.

وكمرشحة رئاسية، من المتوقع أن تلتزم إلى حد كبير بقواعد اللعبة التي يتبعها بايدن في السياسة الخارجية بشأن القضايا الرئيسية، مثل أوكرانيا والصين وإيران، لكنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة، وفق رويترز.

ومواقفها تجاه المناخ والطاقة تماثل تلك التي يتبناها بايدن، الذي جعل مكافحة تغير المناخ أولوية قصوى.

وفي مجال الأعمال والاقتصاد، يُنظر إلى هاريس على أنها صديقة للتكنولوجيا حتى حين تناولت قضايا مزعومة تتعلق بمنع المنافسة والخصوصية، وسعت إلى طمأنة المانحين بأنها تدعم الرأسمالية.

وأيدت المجموعات العمالية الرئيسية، مثل الاتحاد الدولي لموظفي الخدمة والاتحاد الأميركي للمعلمين، مسعى هاريس للفوز بالرئاسة.

ماريان وليامسون

دعت الكاتبة صاحبة الكتب الأكثر مبيعا وخبيرة المساعدة الذاتية ماريان وليامسون (72 عاما)، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، إلى مؤتمر ديمقراطي مفتوح بعد انسحاب بايدن من السباق، قائلة: "يجب ألا تتم ببساطة مباركة أي شخص ليصبح مرشحا".

الكاتبة الأميركية ماريان وليامسون

وأعادت ماريان وليامسون إطلاق حملتها الرئاسية لعام 2024 ببرنامج قائم على "العدل والحب" بعد أقل من شهر من انسحابها، وتعهدت بمكافحة "رؤية ترامب المظلمة والاستبدادية".

وترشحت وليامسون سابقا عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لعام 2020، لكنها انسحبت من ذلك السباق قبل بدء أي تصويت.

مستقلون: روبرت إف. كنيدي الابن

يخوض كنيدي (70 عاما)، الناشط المناهض للقاحات، السباق مستقلا بعد أن نافس بايدن في البداية على ترشيح الحزب الديمقراطي.

وكنيدي هو نجل السناتور الأميركي روبرت إف. كنيدي، الذي اغتيل عام 1968 أثناء حملته الانتخابية الرئاسية.

وأثار إعلان مفاجئ لكنيدي الابن خلال مباراة نهائي دوري كرة القدم الأميركية (سوبر بول)، ركز على علاقته بعمه الرئيس السابق جون إف. كنيدي، غضب أفراد عائلته ودفعه إلى الاعتذار.

روبرت إف. كنيدي الابن

وأبدى كنيدي دعما قويا لإسرائيل وشكك في الحاجة لوقف إطلاق النار لستة أسابيع، الذي يدعمه بايدن.

وقال إنه ينظر إلى الوضع على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة باعتباره أزمة إنسانية، ويعارض جدار ترامب الحدودي.

كما تعهد بإلغاء بنود رئيسية في مشروع قانون المناخ الذي وقعه بايدن بشأن الإعفاءات الضريبية، التي يقول إنها تساعد صناعة النفط.

واتخذ مواقف مختلفة بشأن حقوق الإجهاض، بما في ذلك القيود المفروضة على متى يمكن للمرأة الوصول إلى الإجهاض.

وقال لرويترز إنه يعتقد أن كل عملية إجهاض هي "مأساة" لكنها يجب أن تكون من حق المرأة طوال فترة الحمل.

وتعرض كنيدي لانتقادات بسبب تقديمه معلومات طبية مضللة على مدار سنوات بشأن اللقاحات، لكنه يقول إنه سيظل يسمح للأميركيين بالحصول عليها.

وقالت حملته أيضا إن دودة دخلت دماغ كنيدي منذ سنوات وماتت هناك، لكنه تعافى تماما.

واختار كنيدي المحامية الثرية نيكول شاناهان لمنصب نائب الرئيس. وتقول حملته إن كنيدي مدرج رسميا في أوراق الاقتراع في عدد قليل من الولايات الخمسين، منها كاليفورنيا وميشيغان ويوتا.

كورنيل وست

قال الناشط السياسي والفيلسوف والأكاديمي، في يونيو، إنه سيدشن مسعى من طرف ثالث للوصول لمنصب الرئيس، قد يجتذب الناخبين التقدميين ذوي الميول الديمقراطية.

الناشط السياسي كورنيل وست

وسعى وست (71 عاما) في البداية للترشح عن حزب الخضر، لكنه قال في أكتوبر إن الناس "يريدون سياسات جيدة بدلا من السياسات الحزبية" وأعلن ترشحه كمستقل، حيث يعد بالقضاء على الفقر وتوفير السكن.

حزب الخضر:  جيل ستاين

تحاول الطبيبة جيل ستاين (74 عاما) تكرار مسعى الترشح عن حزب الخضر كما فعلت في عام 2016.

جيل ستاين

وتتهم ستاين الديمقراطيين بـ"الحنث بوعودهم تجاه العمال والشباب والمناخ مرات كثيرة، بينما لم يقدم الجمهوريون حتى مثل هذه الوعود أصلا".

حزب التحرريين: تشيس أوليفر

دعا حزب التحرريين كلا من ترامب وكنيدي إلى التحدث في مؤتمره في أواخر مايو الماضي، واختار في النهاية تشيس أوليفر، (38 عاما)، الذي ترشح لمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا عام 2022، وحصل على اثنين بالمئة من الأصوات.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحزب الدیمقراطی ترشیح الحزب بایدن فی بعد أن

إقرأ أيضاً:

هل تختلف كامالا هاريس حقا عن جو بايدن؟

في 21 أغسطس/آب الفائت، اعتمد الحزب الديمقراطي الأميركي رسميا نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس مرشحة رسمية عن الحزب في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024)، وذلك عقب إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، إثر أداء هزيل في مناظرة أمام الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب أواخر يونيو/حزيران، أسال الكثير من الحبر حول مدى اللياقة العقلية لبايدن، الذي كان يتعرض بالفعل لحملات سخرية واسعة من الجماهير وانتقادات كبيرة من الخصوم، بسبب تراجع حضوره الذهني، وهو ما استفاد منه ترامب بشدة لتعزيز موقفه في السباق الرئاسي المنتظر.

في الواقع، كان ترامب يقترب من تحقيق انتصار انتخابي "إكلينيكي"، خاصة في أعقاب رصاصة أخطأت هدفها بمليمترات قليلة في 13 يوليو/تموز الماضي، تاركة ترامب مع جرح في أذنه اليمنى وطريقا ممهدا نحو البيت الأبيض. لكن اختيار كامالا هاريس رسميا لخوض الانتخابات بدلا من بايدن خلط الأوراق بشدة، على الأقل وفقا لنتائج استطلاعات الرأي. على سبيل المثال، يشير استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" وصحيفة "واشنطن بوست" ومعهد "إبسوس" حتى يوم 13 أغسطس/آب تقدم كامالا على ترامب وسط صفوف الناخبين المسجلين بنسبة 49% مقابل 45%، فيما أظهر استطلاع آخر لشبكة "سي بي إس" تفوق المرشحة الديمقراطية بنسبة 51% مقابل 48% للمرشح الجمهوري.

اقرأ أيضا list of 1 itemlist 1 of 1من سيدعم إسرائيل أكثر: هاريس أم ترامب؟end of list

بشكل لا يقل أهمية، أظهر استطلاعان لصحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا كوليدج -نُشرت نتائجهما يوم 10 أغسطس/آب- تقدم هاريس على ترامب بفارق 4 نقاط مئوية كاملة (50% مقابل 46%) في 3 ولايات متأرجحة هي ويسكونسن، وميشيغان وبنسلفانيا. والولايات المتأرجحة هي تلك الولايات التي لا تتمتع بميول ديمقراطية أو جمهورية حاسمة، وغالبا ما تكون نتائج التصويت فيها مؤثرة بشدة في النتيجة النهائية. هذا ولا تعطي الاستطلاعات حتى الآن إشارات واضحة إلى نتائج السباق الرئاسي المنتظر، لكنها تشير بوضوح إلى تحسن موقف الديمقراطيين بعد تنحي بايدن وصعود هاريس، كما تلفت النظر ربما للارتباك الذي تواجهه حملة ترامب التي صُممت لاستهداف نقاط ضعف بايدن، ولا تزال تتكيف بعد مع مواجهة مرشح جديد، أصغر سنا، وأكثر لباقة وحضورا، وأوسع شعبية وسط فئات بعينها على ما يبدو.

ومع اعتدال كفة المنافسة الانتخابية، يتابع العالم بمزيج من الترقب والقلق هوية ساكن البيت الأبيض المحتمل، بين ترامب، الرئيس السابق الذي اختبره العالم 4 سنوات كاملة ويمتلك قائمة مثيرة من الحلفاء المتحمسين والخصوم الألدّاء على السواء، مع قائمة أخرى لا تقل أهمية من السياسات المثيرة للجدل التي تثير المخاوف في مناطق عدة حول العالم، من الجوار الأميركي القريب في المكسيك إلى الحلفاء الغربيين على الضفة المقابلة للأطلسي، وليس انتهاء بالشرق الأوسط، خاصة مع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي تشارف عاما كاملا، وبين هاريس التي ستكون حال نجاحها أول امرأة تتبوأ المقعد الأكثر نفوذا في العالم، والتي يراها كثيرون مجرد امتداد سياسي لرئاسة بايدن، لكن مع وجه أكثر حيوية وشبابا، فيما يعتقد آخرون أن رؤيتها تختلف (نسبيا) عن بايدن في بعض الملفات، وتتراوح من الاقتصاد والبيئة إلى السياسة الخارجية.

من الاقتصاد إلى الذكاء الاصطناعي

على صعيد الاقتصاد، أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الناخبين يثقون في هاريس أكثر من ترامب حين يتعلق الأمر بالاقتصاد، ومن ثم فإن المسائل الاقتصادية تعد من نقاط القوة المفترضة التي ترتكز عليها المرشحة الديمقراطية في حملتها. أكثر من ذلك، كشف موقع أكسيوس الإخباري أن هاريس تخطط لأن تنأى بنفسها حتى عن النقاط التي لا تحظى بشعبية في سجل جو بايدن الاقتصادي، الذي شهدت البلاد في عهده زيادة واضحة في معدلات التضخم منذ عام 2021، ما يدفع المرشحة الجديدة لسلوك خط جديد في الملف الاقتصادي، وتقديم نفسها إعلاميا على أنها "نسخة مختلفة من الديمقراطيين قادرة على تلافي أخطاء جو بايدن"، بالطبع دون أن توجه انتقادات صريحة لسجل الإدارة التي انتمت إليها في هذا الشأن. ويخبر مستشارو هاريس المرشحة الرئاسية أن 80% من البالغين في الولايات المتحدة -حسب استطلاعات مؤسسة جالوب- غير راضين عن توجهات البلدان الاقتصادية، وهو ما يدفع هاريس لمحاولة إبراز اختلافها عن بايدن وليس عن ترامب وحده.

وبحسب أكسيوس، فإن جزءا من خطة هاريس يكمن في التراجع بهدوء عن مواقف سابقة لها كانت قد اتخذتها أثناء حملتها لمحاولة نيل بطاقة الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في 2019، لكن دون أن تقدم اعتذارا صريحا عن تلك المواقف، مثل موقفها السابق الداعي لإلغاء تجريم عبور الحدود بشكل غير قانوني، وموقفها المناهض لصناعة التكسير الهيدروليكي، وهي عملية استخراج البترول والغاز بوسائل ميكانيكية حديثة والتي يرى بعض الخبراء أن لها تأثيرات بيئية سيئة. وأبعد من ذلك، تتجه هاريس لنسخ بعض من أفكار ترامب الشعبوية الاقتصادية، مثل فكرة إلغاء الضريبة على الإكراميات للعاملين في مجال الخدمات والمستشفيات، وهي مسألة تحظى بأهمية كبيرة في بعض الولايات مثل ولاية نيفادا، إحدى كبريات الولايات المتأرجحة.

لكن هذا لا يعني أن هاريس سوف تتبنى رؤية إستراتيجية أكثر ميلا لليمين في العموم، بقدر ما ستحاول التحلي بقدر أكبر من البراغماتية عبر الادعاء أن وجودها في السلطة دفعها لتغيير نظرتها نسبيا تجاه بعض القضايا، وهو ما سيسهم في تعزيز صورتها كسياسية مرنة. وبشكل عام، تركز كامالا هاريس في خطتها الانتخابية على مشاكل الطبقة الوسطى بشكل أساسي، وتحاول أن تقدم نفسها باعتبارها المنقذة لهذه الطبقة، التي تهتم بخفض تكاليف الرعاية الصحية والإسكان والغذاء، كما تقدم نفسها كبطلة في مواجهة الشركات الكبرى التي تتحكم في الأسعار، في مقابل دونالد ترامب الذي يناصر أباطرة الشركات وأصحاب المليارات بحسبها، في محاولة لإبراز "تباين" بينهما وبين ترامب يمكن توظيفه في الدعاية الانتخابية.

من المرجح المرجح أن سياسة كمالا هاريس الاقتصادية ستثير حفيظة اليمين الذي يرى توجه هاريس في ملف الاقتصاد بمثابة "إجابات شعبوية كسولة" على الأسئلة الاقتصادية الصعبة (الجزيرة)

قبل أيام، كشفت كامالا هاريس الملامح الرئيسية لخطتها الاقتصادية، التي تشمل بناء ملايين المنازل الجديدة ومساعدة المشترين الساعين لامتلاك أول مسكن لهم من خلال خصم ضريبي فريد من نوعه لهذه الفئة يبلغ 25 ألف دولار يمكن أن يستفيد منه زهاء 4 ملايين أسرة. وأكثر من ذلك، وعدت هاريس بأنها في حال انتخابها ستفرض أول حظر من نوعه على التلاعب بأسعار منتجات البقالة بطريقة تستغل المستهلكين على نحو غير عادل لزيادة أرباح شركات المواد الغذائية.

تشير العديد من التقارير الاقتصادية في الواقع إلى أن برنامج كامالا هاريس الانتخابي يظهر قدرا من الاصطفاف مع الطبقة الوسطى لم يظهره ولم يصل له جو بايدن على الإطلاق، وبحسب تقرير مطول للشبكة الإخبارية الاقتصادية "سي إن بي سي" فإن برنامج هاريس الانتخابي يمثل تصعيدا حادا على صعيد ما أسمته "الشعبوية الاقتصادية" والتي تستبطن تدخلا أكبر من الدولة في الاقتصاد، مقارنة ببايدن الذي كان قد سحب بالفعل الحزب الديمقراطي إلى اليسار اقتصاديا أكثر فأكثر مقارنة بأسلافه الديمقراطيين.

غير أن كامالا هاريس سوف تسعى في الوقت نفسه إلى أن تقدم بعض المبادرات لنخبة الأعمال حتى لا تخسر كل أصواتهم ودعمهم، في الوقت الذي تستجيب براديكالية لإحباط الناخبين من الطبقة المتوسطة بسبب ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار السلع والضروريات اليومية، عبر تدخل أكثر عدوانية من الدولة لصالح المستهلكين، وليس من الواضح بعد كيف ستعمل هذه الموازنة الاقتصادية الصعبة، لكن المرجح أنها ستثير حفيظة اليمين الذي يرى هذه السياسات بمثابة "إجابات شعبوية كسولة" على الأسئلة الاقتصادية الصعبة التي تستهدف حوز رضا الجماهير بدلا من إصلاح المشاكل الأساسية للاقتصاد.

هناك مسألة أخرى في سياسات هاريس تتعلق بالاقتصاد بصورة غير مباشرة، وهي قضية الذكاء الاصطناعي التي يظهر فيها -حسب صحيفة بوليتيكو- اختلاف بين رؤية هاريس ورؤية بايدن، إذ ترى هاريس ضرورة التدخل الحكومي بشكل أكبر في هذه المسألة لأن شركات التكنولوجيا لو تُركت بلا إشراف ومحاسبة ستعطي الأولوية للربح على حساب قيم الديمقراطية والسلامة المجتمعية. وفي منطقة وسطى، يميل بايدن أكثر إلى إلزام الشركات بالمعايير الطوعية التي تضعها لنفسها في هذا الصدد، في حين يقف ترامب في الجهة المقابلة مع فكرة التنظيم المنخفض للذكاء الاصطناعي، والتي تجد صدى كبيرا في وادي السيليكون. وأخيرا، فيما يتعلق بمسائل المناخ أظهر استطلاع للرأي -أجراه مركز أسوشيتد برس بالتعاون مع مركز نورك لأبحاث الشؤون العامة- أن الديمقراطيين خاصة الشباب منهم يثقون في أن كامالا هاريس ستتناول قضية المشاكل البيئية بشكل أفضل من الرئيس الحالي جو بايدن.

أغلب المراقبين يرون أن كامالا هاريس إذا فازت بالانتخابات فستحافظ على الخطوط العريضة ذاتها لسياسات الرئيس جو بايدن الخارجية (الفرنسية) السياسة الخارجية وفلسطين

ربما يكون ملف السياسة الخارجية من أكثر الملفات التي يستخدمها منتقدو كامالا هاريس داخل الولايات المتحدة للنيل من حظوظها، فهي في نظرهم تفتقر للخبرة الكافية في هذا الصدد، في حين يقول مؤيدوها إنها تعلّمت الكثير عن السياسة الخارجية بحكم عملها مع جو بايدن، وإنها اختارت بذكاء ألا تعبر عن رؤيتها الكاملة في السياسة الخارجية خلال فترة عملها السابقة حتى لا تثير المشاكل مع رئيسها. لكن بعيدا عن هذين الرأيين، فإن أغلب المراقبين يرون أن كامالا هاريس إذا فازت بالانتخابات فستحافظ على الخطوط العريضة ذاتها لسياسات الرئيس جو بايدن الخارجية، وتحديدا في ملفات الصين وإيران والدعم القوي لحلف شمال الأطلسي ودعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، حيث ستكون عهدتها امتدادا طبيعيا لسياسات بايدن في هذه الشؤون.

وبحسب المفاوض السابق في الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، فإن أقصى ما يمكن توقعه من هاريس في السياسة الخارجية هي أن تكون أكثر نشاطا من بايدن، لكن دون أي تغييرات جوهرية في السياسات، وهو ما يقودنا للمسألة الأكثر أهمية بالنسبة للمواطنين في العالم العربي، وهي مدى تأثير نتائج الانتخابات الأميركية على دعم الولايات المتحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، خاصة أن حقبة الرئيس جو بايدن قد شهدت ما يرقى إلى المشاركة الفعلية الأميركية في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة. ورغم ذلك، يعتقد معظم المتابعين العرب -وهناك دلائل عديدة على صحة هذا الاعتقاد- أن عهدة ترامب يمكن أن تكون أسوأ بكثير من رئاسة بايدن بالنسبة للفلسطينيين. في المقابل، يأمل البعض -ومنهم المؤيدون لحقوق الفلسطينيين في أميركا- أن تقدم هاريس أداء "أكثر إنصافا" في هذا الملف.

غير أن تاريخ المرشحة الديمقراطية لا يبشر بالكثير من الخير بالنسبة لأولئك الحالمين بسياسات أميركية أكثر عدالة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فلدى كامالا هاريس علاقات قوية مع "إيباك" وهي أكبر جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، وقد صرحت سابقا أثناء عضويتها في مجلس الشيوخ بأنها "لن تدخر جهدا لضمان دعم أمن إسرائيل وممارسة حقها في الدفاع عن نفسها"، كما أنها شاركت في دعم مشروع قانون يعترض على الإدانة الدولية للمستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة، وحتى عام 2020 كانت تصرح برفضها أي جهود للتحقيق الدولي مع إسرائيل بشأن الانتهاكات التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، لكنها لا تتمتع على الرغم من ذلك بعلاقة شخصية قوية مع السياسيين في دولة الاحتلال كالتي يتمتع بها الرئيس جو بايدن، الذي وصف نفسه مرارا دون غضاضة بأنه "صهيوني".

لكن في الحرب الأخيرة ضد غزة، أظهرت هاريس لهجة مختلفة نسبيا عن سجلها السابق، وكانت للمفارقة أعلى صوتا من رئيسها جو بايدن في انتقاد النهج الذي تتخده دولة الاحتلال في حربها، رغم تأكيدها على إيمانها الراسخ بما تسميه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وقد صرحت هاريس بوضوح أن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لتخفيف الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، كما أنها كانت من أول الوجوه في إدارة بايدن التي طالبت بالوقف الفوري للحرب حتى قبل الرئيس نفسه.

الكاتب: من المؤكد أن هاريس لن تكون منحازة للحقوق الفلسطينية، لكنها لن تكون خيارا مثاليا لإسرائيل أيضا، على النقيض من ترامب الذي يفخر بأنه قدم لدولة الاحتلال ما لم يقدمه لها أي رئيس أميركي آخر عبر التاريخ. (مكتب الصحافة الحكومي)

بشكل عام، يُعتقد أن هاريس لن تختلف بشكل جذري عن الرئيس الحالي جو بايدن على صعيد التعامل مع الانتهاكات الصهيونية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنها على الأرجح سوف تواجه انتقادات أشد لهجة منه تجاه الانتهاكات الإسرائيلية إذا ما تولت الرئاسة، خاصة أن هاريس تملك علاقات وثيقة بالجناح الأكثر تقدمية في الحزب الديمقراطي الذي ضغط على بايدن من أجل تعديل موقفه تجاه الفلسطينيين، وطالبه بفرض قيود على تصدير الأسلحة التي تستخدمها دولة الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة بقطاع غزة. وعلى جانب آخر، تعرف هاريس جيدا أن شعبية بايدن قد اهتزت بشكل كبير نتيجة موقفه من الحرب وشعور قطاع كبير من الناخبين العرب والتقدميين بأنه كان شريكا فعليا في حرب الإبادة، ومن ثم قد تحاول إذا ما نجحت أن تظهر ميلا ولو بسيطا عن خط بايدن المتحيز تماما لإسرائيل.

يؤكد هذه النظرة المحلل السياسي الأميركي ميتشيل بليتنيك في مقال على موقع "ميدل إيست آي"، موضحا أن الذين يأملون في أن تختلف سياسة هاريس بشكل جذري عن جو بايدن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو أنها ستنحرف عن الدعم الأميركي الثابت لدولة الاحتلال سيصابون بخيبة أمل عميقة، لكن ما يبعث على قدر من التفاؤل بالتغيير هو أن حرب الإبادة على غزة كانت واحدة من الأسباب التي قصمت شعبية بايدن ودفعته للتنحي في النهاية، وهذا ما سيضع هاريس أمام حقيقة أنه ينبغي عليها تجنب إغضاب قطاع لا بأس به في الشارع الأميركي.

بحسب بليتنيك، لعبت الحرب على غزة دورا أكبر بكثير مما يريد المحللون والخبراء في واشنطن الاعتراف به في الإطاحة بجو بايدن، إذ أصبح بايدن بمواقفه المنحازة ضد الحقوق الفلسطينية عبئا سياسيا كبيرا على الحزب الديمقراطي، الذي أدرك أنه لن يستطيع على الإطلاق الفوز بولايات مثل ميشيغان أو جورجيا أو ويسكونسون، بعد خسارة قطاعات عريضة من الناخبين العرب والمسلمين والتقدميين. ويرى بليتنيك أن هاريس في النهاية ستكون رغم عيوبها أفضل من بايدن لأن الأخير شريك كامل في الإبادة الجماعية ويداه ملطخة بالدماء على نحو صريح، في حين تذكر العديد من المصادر أن هاريس كان لها رأي خلف الكواليس أكثر انتباها لمعاناة الفلسطينيين، وأكثر إصرارا على ضرورة إرسال المزيد من المساعدات والضغط على دولة الاحتلال لتمريرها.

بالنسبة لبليتنيك، فإن هاريس قد تكون أقرب لموقف أغلب الديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية، فهم يؤيدون دولة الاحتلال ويرون فيها الحليف الأهم لبلادهم في الشرق الأوسط، لكن لديهم في الوقت نفسه خطوط حمراء فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية، مثل باراك أوباما الذي أخبر دولة الاحتلال في عام 2014 أنه يوافق على إطلاق إسرائيل الصواريخ على قطاع غزة، لكنه لا يريد أي غزو بري للقطاع، ويعد جو بايدن خروجا على هذه الاتجاه السائد لدى الديمقراطيين، ومن ثم يرى بليتنيك أن هاريس لن تصل على الأرجح لدرجة "التطرف" التي وصل إليها بايدن في حال وصولها إلى المقعد الرئاسي.

في الخلاصة، من المرجح أن تكون رئاسية كامالا هاريس في الشؤون الخارجية بمثابة عودة إلى التقاليد السياسية التقليدية للحزب الديمقراطي والتي ربما تجاوزتها انحيازات بايدن الشخصية. وأبعد من ذلك، من المؤكد أن بايدن كان الرئيس الأخير المنتمي إلى الصقور القدماء الموالين بشدة لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، وأن قيادات الحزب القادمة سوف تميل للتعبير عن الجيل الجديد الأصغر سنا الذي يتبنى مواقف "أكثر توازنا" تعّبر عن التركيبة المتنوعة لناخبي الحزب الديمقراطي. وقد لا تتبنى هاريس توجهات تقدمية في ذاتها، لكن إدارتها المُحتملة سوف تكون أكثر تأثرا بهذه التوجهات، وأكثر رغبة في تبني سياسات أكثر اتساقا. ومن المؤكد أن هاريس (أو أي سياسي أميركي آخر ديمقراطي أو جمهوري) لن تكون بطلا للحقوق الفلسطينية، لكنها لن تكون خيارا الأفضل لإسرائيل، على النقيض من ترامب الذي يفخر بأنه قدم لدولة الاحتلال ما لم يقدمه لها أي رئيس أميركي آخر عبر التاريخ.

مقالات مشابهة

  • هل تختلف كامالا هاريس حقا عن جو بايدن؟
  • من سيدعم إسرائيل أكثر: هاريس أم ترامب؟
  • بدء التصويت بالبريد في انتخابات الرئاسة الأميركية
  • بوتين يقول إنه يدعم هاريس في انتخابات الرئاسة الأميركية
  • بابتسامة ساخرة.. بوتين يتحدث عمّن يفضل في انتخابات الرئاسة الأميركية
  • بابتسامة ساخرة.. بوتين يتحدث عن من يفضل في انتخابات الرئاسة الأميركية
  • بوتين يكشف من تدعم روسيا بين ترامب وهاريس مؤكدا: بايدن كان المفضل لنا
  • بوتين يدعم كامالا هاريس ضد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية
  • هاريس وسياسات بايدن الاقتصادية والخارجية
  • وزير العدل الأميركي يحذر من جهود حثيثة من جانب إيران للتأثير في حملات انتخابات الرئاسة الأميركية