الجديد برس:

طالب مسؤولون وخبراء وإعلاميون إسرائيليون حكومة الاحتلال بضرورة إنهاء الحرب في غزة، نظراً لعواقبها السلبية والوخيمة على مكانة “إسرائيل” الدولية واقتصادها، وذلك بعد أن طالت الطائرات اليمنية المسيّرة “تل أبيب” وفشل دفاعات الجيش الإسرائيلي في اعتراضها، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس حكومة الاحتلال السابق، إيهود أولمرت، تحذيراته من أن استمرار الحرب سيكلف “إسرائيل” ثمناً باهظاً ودموياً، محذراً من حرب شاملة قد تتسبب في خسائر فادحة لـ”إسرائيل”، حتى وإن تسنى لها هزيمة حزب الله ولبنان.

ومن جهته شدد رئيس مجلس “الأمن القومي” الإسرائيلي سابقاً، غيورا آيلاند، على ضرورة إنهاء الحرب في قطاع غزة، لتجنب تأثيراتها السلبية على مكانة “إسرائيل” الدولية والاقتصاد والتوتر الاجتماعي، مشيراً إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب.

وقال مذيع في القناة الـ13 الإسرائيلية إن “الطائرة المسيّرة التي أطلقتها جماعة الحوثي من اليمن انفجرت في تل أبيب، وأسفر الانفجار عن مقتل رجل يبلغ من العمر 50 عاماً وإصابة 9 آخرين”، مؤكداً- نقلاً عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري- أن صفارات الإنذار لم تُطلق أثناء الحادث.

وفيما أعرب نوعام أمير، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “مكور ريشون” للقناة الـ14 عن دهشته من أن الطائرة المسيّرة لم تُعترض طوال رحلتها، أشار إلى أن جميع أجهزة الأمن كانت نائمة وفشلت في تجهيز الدفاعات الجوية.

ووصف يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في “يديعوت أحرونوت”، الحادث بالفشل الكبير للجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الانفجار وقع على مقربة من منطقة استراتيجية مهمة، وهي مقر للسفارة الأمريكية في “تل أبيب”، مما يعكس الفشل الأمني الكبير.

وأشار أودي سيغال، وهو مقدم برامج سياسية في القناة الـ13 الإسرائيلية، إلى أن نتنياهو سيحاول أثناء زيارته القادمة للكونغرس الأمريكي تقديم صورة متماسكة باللغة الإنجليزية عن كيفية إدارة الحرب، لكنه في الداخل يدعي عدم معرفته بالتفاصيل الدقيقة، وهو ما يثير تساؤلات بشأن أهليته للقيادة.

من جانبها أكدت مقدمة برامج سياسية في قناة “كان 11” إيالا حسون، أن التحقيقات أظهرت فشل الاستخبارات الإسرائيلية في فهم تهديد حركة حماس وتحليل المعلومات الاستخبارية بشكل صحيح، مما أدى إلى عدم التنبؤ بهجوم 7 أكتوبر الماضي.

ولفتت إلى أن التحقيق الذي أجرته الاستخبارات نفسها أشار إلى وجود استهتار بحماس وفشل في تقدير تأثير العقيدة والدين في قراراتها، فضلاً عن عدم الشك في تناقضات المعلومات المتاحة، كما أظهر أن منهجية الاستخبارات كانت تركز على ملاءمة المعلومات للمفهوم السائد بدون البحث في التناقضات.

هآرتس: نتنياهو يخاف من الحوثيين

وفي سياق متصل، أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يخاف من الحوثيين في اليمن، وأنه لو استطاع، لكان قد تهرب من الرد هذه المرة أيضاً، كما كان يفعل دائماً.

وفي مقال للمحلل الاقتصادي نحميا شترسلر، بعنوان “بيبي خائف أيضاً من الحوثيين”، استعادت الصحيفة لحظة دخول قوات صنعاء معركة طوفان الأقصى للمرة الأولى، في 19 أكتوبر 2023، من خلال إطلاق 4 صواريخ “كروز” وعدة طائرات مسيّرة على “إيلات” (أم الرشراش).

ورأت الصحيفة أن السفينة الحربية التي أرسلها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البحر الأحمر، لم تلحق ضرراً حقيقياً بالحوثيين، ففهم العالم على الفور أن “إسرائيل” ضعيفة ومستباحة.

وبحسب شترسلر، فإن خوف نتنياهو، وإحجامه عن الرد بقوة غير متناسبة، وتركه الأمر للأمريكيين والبريطانيين لحماية “إسرائيل”، حوّل “إسرائيل” إلى “الصبي المضروب في الشرق الأوسط”، المحاط بحلقة من النار.

ورأى شترسلر أن الحوثيين أدركوا ضعف نتنياهو، فأطلقوا نحو “إسرائيل” 200 صاروخ وطائرة مسيّرة في الأشهر الـ9 الماضية، وهاجموا السفن في البحر الأحمر من أجل شل حركة الملاحة البحرية إلى ميناء “إيلات”، ونجحوا.

واعتبر شترسلر أن الهجوم اليمني على “تل أبيب” كان دليلاً دامغاً على أن “سياسة الاحتواء الجبانة” التي ينتهجها نتنياهو لم تفلح مع الحوثيين، كما لم تفلح مع حماس أو حزب الله أو إيران، مذكراً بادّعائه أن حماس مردوعة قبل 7 أكتوبر، وبتزود حزب الله بـ130 ألف صاروخ، وبفشل نتنياهو في مهمته الرئيسة ضد إيران وهي وقف برنامجها النووي.

وشدّد شترسلر على أنه لو كان باستطاعة نتنياهو التهرب من الرد هذه المرة أيضاً لفعل، ولكن الهجوم هذه المرة كان على المركز الاقتصادي – المالي – التكنولوجي لـ”إسرائيل”، وعلى الرغم من أن نتنياهو كان جباناً ضعيفاً، إلا أنه أدرك أنه إذا لم يرد، فستستمر الهجمات، وستصاب “تل أبيب” بالشلل، وسيجد الاقتصاد نفسه في أزمة ضخمة وبطالة رهيبة من شأنها أن تعرض كرسي نتنياهو للخطر.

وتوقفت الصحيفة عند ادعاء نتنياهو الدائم بأنه “الرجل القوي”، وعند الهوة التي تفصل بين خطابه وبين أدائه على الأرض، وذكّرت بهجومه على نفتالي بينيت ويائير لابيد، أثناء توليهما الحكم، من زاوية ضعفهما أمام إيران، ثم قوله الأسبوع الماضي “في الشرق الأوسط يقدرون القوي والمصمم، وليس الضعيف والواهن”.

وأكدت الصحيفة أن نتنياهو ليس الأقوى والأكثر تصميماً، بل الأضعف والأوهن، وأن حماس هاجمت “إسرائيل” في 7 أكتوبر بعد أن فهم يحيى السنوار منذ فترة طويلة أنه لا توجد صلة بين تهديدات نتنياهو الخطابية وبين أفعاله على الأرض.

وبالعودة إلى العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة، أكدت الصحيفة أن سجالاً اندلع حول حفاظ “إسرائيل” على الغموض أو إعلان مسؤوليتها عن الهجوم علناً، وأن نتنياهو حسم الأمر لصالح نشر علني مكثف، لمبررات شخصية، حيث كان المهم بالنسبة إليه استعادة صورة “الرجل القوي” التي انهارت في 7 أكتوبر.

وختمت الصحيفة بالتأكيد أن “الرجل القوي” الذي يبحث عنه الناخب الإسرائيلي كان سيهاجم اليمن في وقت مبكر من 19 أكتوبر، أو بعد ذلك مباشرة، عندما أمطر الحوثيون “إسرائيل” بـ200 صاروخ وطائرة مسيّرة، و”لأنه لم يفعل، فقد حصل الهجوم على تل أبيب، الذي أثبت مرة أخرى أن نتنياهو أحقر رجل في تاريخ إسرائيل، وأنه ضعيف ومسوف وجبان أيضاً”.

وكانت الطائرة المسيّرة اليمنية “يافا” قد اخترقت أجواء فلسطين المحتلة من جهة البحر، يوم الجمعة، وسقطت في شارع “شالوم عليكم” في “تل أبيب”، ما أدى إلى وقوع أضرار كبيرة نتيجة اصطدامها بأحد المباني، واعترف الاحتلال بقتيل.

ووقع الانفجار في أحد أضخم شوارع “تل أبيب” وفي منطقة أمنية تعج بالأبراج والسفارات والدفاعات الجوية الإضافية، لا سيما القنصلية الأمريكية التي تبعد عشرات الأمتار عن مكان الانفجار.

وبعدها، استهدفت غارات إسرائيلية معادية، يوم السبت، منشآت تخزين النفط في ميناء الحديدة، غربي اليمن، في عدوان تبناه المتحدث باسم جيش الاحتلال، وأكدت وزارة الصحة بصنعاء أنه أسفر عن ارتقاء 6 شهداء وأكثر من 80 جريحاً.

وأكد قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، أن “العدو الصهيوني اختار أهدافه في الحديدة في سياق استهداف الاقتصاد اليمني”، وأن “لديه هدفاً آخر، استعراضي، وهو مشاهد النيران والدخان المتصاعد لتصوير ضربته بصورة الإنجاز الكبير”، موضحاً أن “العدو يريد من مشاهد النيران أن يصور لجمهوره الغاضب والخائف أنه حقق إنجازاً كبيراً ووجه ضربةً موجعة لليمن”.

وعلى الرغم من العدوان الإسرائيلي، أكد الحوثي قائلاً إن “العدو لم يعُد آمناً في ما يسمى تل أبيب، وهي مشكلة حقيقية للعدو ومعادلة جديدة ستستمر بإذن الله، وتدل على فشل الحُماة والعملاء”.

مشاهد استهداف موقع هام في "يافا" مايسمى "تل أبيب" المحتلة بطائرة يافا المسيرة مع مشاهد افتتاح المعرض pic.twitter.com/GW6gi58JI8

— الإعلام الحربي اليمني (@MMY1444) July 23, 2024

https://www.aljadeedpress.net/wp-content/uploads/2024/07/فيديو-جديد-للطائرة-المسيرة-اليمنية-التي-ضربت-تل-أبيب-وهي-قادمة-من-جهة-البحر.mp4

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: حکومة الاحتلال أن نتنیاهو تل أبیب إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحليل معمق- زعيم الحوثيين يقود “محور المقاومة” الخارج عن الخدمة  

يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ خاص

ملخص:
تتناول المقالة دور جماعة الحوثي في قيادة “محور المقاومة” بعد تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة نتيجة مقتل حسن نصر الله وتراجع الميليشيات الشيعية الأخرى. تسلط المقالة الضوء على التحولات الإقليمية والدولية التي جعلت الحوثيين في موقع أكثر مركزية في استراتيجية إيران، مع التركيز على هجماتهم في البحر الأحمر ودورهم كقوة إقليمية ناشئة.

أعلنت جماعة الحوثي استئناف هجمات البحر الأحمر لاستهداف السفن الإسرائيلية، مع انتهاء مهلة 4 أيام فرضها زعيم الحركة يوم الجمعة الماضية. في وقت يبدو الحوثيون وحدهم في “محور المقاومة” الإيراني وباتوا يتحدثون باسمه مع خروجه عن الخدمة بانكفاء حزب الله اللبناني، وتراجع الميليشيات العراقية وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وفي وقت سابق الأسبوع الجاري، هاجم عبدالملك الحوثي، زعيم الحركة، القوات السورية وعملياتها الأمنية في الساحل حيث “الطائفة العلوية” واُتهمت القوات الجديدة بارتكاب انتهاكات وقتل مدنيين بدافع الانتقام.

وقال عدنان الجبرني الباحث اليمني المتخصص في متابعة الجماعات المسلحة التابعة لإيران إ “كلمة عبدالملك الحوثي بشأن أحداث سوريا، هي أول تدشين رسمي لتصدره قيادة المحور تعبوياً خلفا لحسن نصر الله، الذي كان يخرج بخطابات خاصة، للحديث عن تطورات ساحات المحور”.

وعلى النقيض من حزب الله، الذي وافق على وقف إطلاق نار شامل مع إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني، رفض الحوثيون إنهاء هجماتهم بشكل دائم ما لم يتم التوصل إلى نهاية نهائية للصراع في غزة.

متظاهرة في بغداد، تحمل صورة للأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله بعد تأكيد خبر اغتياله، في 28 سبتمبر 2024-أ.ف.ب الحوثي/ نصر الله

في الماضي القريب كان حسن نصر الله الأمين العام السابق لحزب الله -الذي قتلته إسرائيل العام الماضي- يتصدر المشهد في الحديث عن أعضاء محور المقاومة وتقديم التهديدات بل هو من وضع أسس “وحدة الساحات”. عندما قُتل نصر الله بشخصيته الوازنة داخل المحور توجهت الأنظار نحو اليمن للإشارة أن زعيم الحوثيين سيكون بديلاً ملائماً لقيادة المحور في المنطقة.

ويقول ناصر قنديل الصحافي اللبناني الموال لـ”حزب الله” إنه بعد مقتل نصر الله يتحمل “سماحة السيد عبدالملك الحوثي عبء المحور وهو أهل لحمل المسؤولية”.

ولطالما رأت جماعة الحوثي في حزب الله نموذجاً يحتذى به في الاستراتيجية العسكرية والسياسية؛ ودائماً ما كان “عبدالملك الحوثي” يرى في حسن نصر الله صورة للقائد فكان يظهر وكأنه نسخة منه! ويرى قادة الحوثيين في حزب الله السردية الخاصة بالمقاومة الشيعية، ونهج الحرب التكتيكية غير المتكافئة. كانت المهمة والصورة النمطية العسكرية والأيدولوجية متشابهة.

وحتى قبل حرب غزة كان الحوثيون قد بدأوا في تقديم أنفسهم كقادة للشيعة في شبه الجزيرة العربية؛ وبديلاً جيداً للجماعات الشيعية الخليجية التي عانت من طلب “حزب الله” لمغادرة لبنان، بعد اتفاقات وضغوط خليجية على حزب الله.

إدارة ترامب.. فشل العقوبات على الحوثيين يحرك القوات الأمريكية الحوثيون مركز إقليمي جديد لتصدير الثورة الإيرانية… صنعاء بدلاً من طهران وبيروت!  اغتيال حسن نصر الله فرصة لزعيم الحوثيين مسلحون موالون لجماعة الحوثي يشاركون في تجمع قبلي مسلح لدعم استئناف الهجمات ضد السفن الإسرائيلية، في صنعاء، اليمن، في 11 مارس 2025. (تصوير: محمد محمد/شينخوا) لماذا الحوثيون؟!

بعد الحرب على قطاع غزة زادت عزلة الحوثيين الدولية بسبب استمرار هجمات البحر الأحمر، التي قالت الجماعة اليمنية إنها تقوم بذلك تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة التي تعرض لحرب إبادة وحشية من الاحتلال الإسرائيلي.

رغم ذلك منحت هجمات البحر الأحمر حركة الحوثيين مقعداً رئيسياً في طاولة محور المقاومة التابع لإيران، بعد أن اعتقدت الجماعة أنها تُدفع بعيداً منذ اتفاق العاشر من مارس/آذار 2023 بين السعودية وإيران برعاية صينية. وسعوا وجودهم في العراق وأصبحوا ملهمين لبقية المحور وعقب اغتيال نصر الله أمين عام حزب الله قدموا أنفسهم كقادة المحور الإقليميين. لذلك كانت الدعاية الإيرانية منتظمة في تصوير الحوثيين القوة أو “الهدية الإلهية” للدفاع عن إيران ورؤيتها للسياسة الخارجية خارج الحدود -حد تعبير سابق لقاسم لسليماني قائد فيلق قدس الذي قُتل بغارات أمريكية في 2020 وكررته وسائل الإعلام الفارسية مراراً خلال الأسابيع الماضية.

الآن يبدو أن المحور بأكمله خارج الخدمة، ولم يبق سوى الحوثيين، مع خسارة حزب الله وانكفاءه على نفسه، وخروج سوريا من فلك إيران، وتراجع الميليشيات الطائفية العراقية عن عملياتها وشعورها بالتعرض لضربة موجعة مع خسارة دمشق، واتهامات لطهران بالتخلي عنهم وعن حزب الله. كما أن الطابع المنقسم لميليشيات الحشد الشعبي يجعلها أقل قوة.

لذلك يشكل الحوثيون جماعة أكثر تماسكا مع هيكل قيادي موحد، على غرار «حزب الله». يدير الحوثيون بشكل منفرد أجزاء من اليمن، وأظهروا قدراتهم العسكرية من خلال استهداف المصالح الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر، وتهديد منافسي إيران الإقليميين، مثل المملكة العربية السعودية، وحتى مهاجمة الموانئ الإسرائيلية بصواريخ بعيدة المدى.

عامل حاسم آخر هو روسيا. حيث ترى إيران للعلاقة الحوثية الروسية الناشئة باعتبارها فرصة فريدة لتعزيز نفوذها الإقليمي. ومن خلال التحالف مع روسيا، يمكن لطهران ممارسة ضغط أكبر على المنافسين في المنطقة والاستفادة من موقف الحوثيين لتعطيل المصالح الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.

وتقول إميلي ميليكين الباحثة في “المجلس الأطلسي” إن تحقيق الحوثيين للزعامة الجديدة سيأتي من خلال البدء في “إعلان مسؤولياتهم خارج الحدود اليمنية والاضطلاع بدور أكثر مركزية في استراتيجية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي.

وأضافت: بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تعطي إيران الأولوية للجهود الرامية إلى تسليح الحوثيين بالتقنيات التي يمكن أن تزيد من تأثير عمليات الحوثيين، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة مثل الصواريخ التي تم الحصول عليها من دول أخرى مثل روسيا.

استراتيجية إيران الجديدة بعد حزب الله.. الحوثيون الخيار الواعد
ما الذي يعنيه نتنياهو ب”تغيير واقع الشرق الأوسط”؟

 

الحاجة لإبقاء المحور يعمل

غيّرت عمليات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة، ديناميكيات المنطقة والتي اعتبرت أكبر اختبارات إيران ومحور المقاومة، خلال العام الماضي شاهدنا نتائج مبكرة لهذا الاختبار مع سقوط المحور الذي بناه قاسم سليماني قائد فيلق قدس وأسطورة إيران في السياسة العسكرية الخارجية.

لذلك بات يُنظر إلى جماعة الحوثي على نطاق واسع على أنها “الوحيدة الناجحة والناجية” في المحور، وأصبحت الآن أكثر جرأة بفضل ظهورها العالمي وشعبيتها المتزايدة بين الجماهير العربية والإسلامية بسبب هجومها البحري. وعلى الرغم من أن الحوثيين يقولون إنهم يزرعون “علامتهم الخاصة”، بدعم من حملة دعائية فعالة، لكنهم يؤكدون أنها تتفق مع أفق الاستراتيجية الإيرانية.

حرب شاملة في الشرق الأوسط تقترب هل سيلعب الحوثيون دورا أكبر في صراع الشرق الأوسط؟

وساهم محور المقاومة قبل سبتمبر/أيلول 2024 في خروج إيران من العزلة الدولية؛ وستحتاج بقاء صورة المحور قيد العمل كتهديد، حتى لو كان الأمر عبر الحوثيين وحدهم للإبقاء بعيداً خاصة مع تزايد شبح العزلة التي تهدد بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعودة سياسة “الضغوط القصوى” على طهران، وربما التعرض لحرب. وتشير صحيفة “همشهري” التابعة لبلدية طهران في مقال بعنوان “لماذا لا نفاوض أمريكا” إن مواجهة الولايات المتحدة عبر الحوثيين، وقدرتهم على الهجمات يمكن أن يساهم في هزيمة الولايات المتحدة، ودفع الهيمنة الأمريكية التي تريد استهداف البلاد إلى الوراء.

المرشد الأعلى في إيران يلتقي وفد من الحوثيين في 30/07/2024، (khamenei.ir)

وعادة ما استخدمت إيران نفوذها على الحوثيين، كأداة تفاوض مع الغرب لدفعها لتتراجع في ملف التفاوض النووي خاصة بعد 2015م أو لمواجهة العقوبات الدولية. وفي هجمات البحر الأحمر اكتسب النظام الإيراني أداة ضغط قوية لمواجهة الضغوط الغربية. على سبيل المثال فرض الغرب عقوبات في مارس/آذار 2024 على النفط الإيراني، بما في ذلك احتجاز ناقلات نفط. وفي 14 مارس/آذار أعلن الحوثيون أن هجماتهم ستستهدف السفن التي تسافر إلى المحيط الهندي في طريقها إلى رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا. وبعد عدة أيام من إعلان الحوثيين، أصدرت إيران، تحذيراً جديداً من جانبها، حيث صاغت التهديد كرد فعل على الإجراءات الأمريكية لفرض عقوباتها على قطاع الطاقة الإيراني. وقال قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني، الأدميرال علي رضا تنكسيري، “إذا تم الاستيلاء على نفطنا وناقلاتنا في أي مكان في العالم، فسنرد بالمثل”. وأضاف أن عصر “الاستغلال الأجنبي للموارد الإيرانية مع الإفلات من العقاب قد انتهى”.

تعرف إيران أن التحولات بعد السابع من أكتوبر تصنع سياسات جديدة في المنطقة وتريد أن تكون جزءاً منها. ويقدم السياسيون في طهران الحوثيين وهجماتهم في البحر الأحمر كصورة للتهديد الذي يمكن تشكله. وكتب باحث إيراني قريب من الحرس الثوري ممتدحاً هجمات الحوثيين. ويقول “وحقيقة أن القيادة تقول إننا لسنا في موقف ضعف وأن إيران والمقاومة لم تضعفا هو لهذا السبب (إمكانية إغلاق البحر الأحمر بشكل كامل)، ومن المهم أن نؤمن أولاً أن مصير المنطقة لن يتحدد إلا من خلال دور إيران، وأن أميركا نفسها فهمت ذلك قبل الشعب الإيراني!”.

في الوقت ذاته فإن النظام الإيراني يستمر في الترويج لعالم متعدد الأقطاب تستعد لحجز مكان فيه، مع دخولها فجأة في تحالف من نوع ما مع كل من موسكو والصين اللتان تملكان حق نقض قرارات مجلس الأمن. وساهمت الانقلابات العسكرية في أفريقيا على القوى الاستعمارية الغربية في إيجاد موطئ قدم لإيران في معظم دول الساحل والقرن الأفريقي. مستخدمة دعايتها بدعم الحوثيين لمواجهة القوى الاستعمارية في البحر الأحمر، واستعراض أسلحتها في هزيمة –إلى حد ما- الولايات المتحدة وبريطانيا على يد الحوثيين كمصنع سلاح متقدم بإمكانه ردع محاولات العودة الاستعمارية إلى مناطقهم. وبالفعل أبدت مالي والنيجر اهتماماً بالأسلحة الإيرانية وفي مقدمتها طائرات “شاهد” المسيّرة التي يهاجم بها الحوثيون السفن والأراضي الفلسطينية المحتلة.

هددت إدارة ترامب باستخدام الإجراءات العسكرية إذا فشلت العقوبات الاقتصادية على الحوثيين- جرافيك يمن مونيتور ما الذي سيحدث؟

منحت هجمات البحر الأحمر جماعة الحوثي التحوّل من فاعل محلي داخل اليمن إلى فاعل إقليمي؛ وهو أمر كانت تطمح له الجماعة منذ انقلابها في سبتمبر/أيلول 2014عادة ما أخذ زعيم الحركة تقمص حسن نصر الله هدفاً لبلوغ الهدف المنشود؛ والذي يعني بالضرورة أن يكون الحوثيون أكثر ارتهاناً لإيران التي ستزيد تسليح الجماعة لتنفيذ خطط المستقبل.

تجد إيران نفسها أمام خط إجباري في دعم الحوثيين في اليمن لإبقاء عجلة محور المقاومة تدور -ولو ببطء ودون أفق- والتهديد بإشعال حرب في المنطقة إذا تعرضت لهجوم -وهو ما تتعرض له اليوم- حتى لو كان ذلك يعني حدوث تأثير سلبي لعلاقتها مع المملكة العربية السعودية التي بدأت علاقتهما تشهد انفراجه خلال العامين الماضيين.

ويبدو أن الولايات المتحدة في عهد ترامب تريد الضغط على إيران من خلال تدمير ما تبقى من محور المقاومة كجزء من الضغوط القصوى. وحذرت السفيرة دوروثي شيا، القائمة بالأعمال المؤقتة لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: “ستتخذ الولايات المتحدة إجراءات ضد الحوثيين إذا استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وعلى إسرائيل”. ويشير التهديد إلى أن ترامب سيسمح بعمل عسكري أمريكي ضد الجماعة، ربما على نطاق أوسع من الضربات على المنشآت العسكرية الحوثية التي أجريت خلال إدارة بايدن. وهو ما يُحتمل استهداف قادة الجماعة وهو القرار الذي ترددت ورفضت إدارة بايدن اتخاذه. كما أن إسرائيل المتفرغة دون قتال في غزة والجبهة اللبنانية قد توسع هجماتها ضد الحوثيين.

فلسطين والبحر الأحمر في الاستراتيجية الإيرانية الحوثيون و”الحشد الشعبي” العراقي يعلنان تنسيق الهجمات.. هل تطوق إيران منطقة الخليج؟!

مقالات مشابهة

  • خطة إعمار ودولة فلسطينية.. خبير: التغير بالموقف الأمريكي جعل نتنياهو لا ينام
  • أخبار العالم | جيش الاحتلال يواصل خروقات وقف إطلاق النار في غزة.. وروسيا تعلن لأمريكا شروطها لإنهاء الحرب مع أوكرانيا
  • تحليل معمق- زعيم الحوثيين يقود “محور المقاومة” الخارج عن الخدمة  
  • زعيم الحوثيين: تنفيذ قرار حظر عبور السفن “بدأ فعلاً”
  • محمد رمضان يرد بقوة على هجوم داعية: “مدفع رمضان” مستمر!
  • ماسك: هجوم إلكتروني من أوكرانيا وراء تعطل “إكس”
  • ويتكوف يصل الدوحة.. هل يسعى نتنياهو لاستئناف الحرب؟
  • الخارجية الفلسطينية تدين استخدام الاحتلال الإسرائيلي “التجويع والتعطيش” أداة في حرب الإبادة بقطاع غزة
  • ساعات تفصلنا لانتهاء المهلة التي حددها زعيم الحوثيين باستئناف الهجمات على إسرائيل والبحر الأحمر
  • ماسك: “إكس” تعرضت إلى هجوم سيبراني ضخم