بإنتظار الردّ اليمني الذي تقول مصادر ميدانية أنه بات حتمياً وسيكون مشابهاً للردّ الايراني وان كان بمستوى مختلف، بدأت الاسئلة "المصيرية" تطرح عن مصير المنطقة ككل بعد هذا الردّ وكيفية ردّ الإسرائيليين على الردّ اذ من غير الممكن ان تتعامل تل ابيب بالطريقة التي تعاملت بها بعد الردّ الايراني، خصوصاً أن ايران كانت المعتدى عليها في سوريا عبر قصف سفارتها وتملك الشرعية الدولية، في الوقت الذي بدأ اليمن الحرب على اسرائيل في 7 اكتوبر وبالتالي لا يمكنها تكريس فكرة تهشم الردع لصالح صنعاء.
تتوقع مصادر مطلعة أن تحصل جولات متفرقة بين إسرائيل واليمن، اي ان يرد اليمن فترد إسرائيل على الرد فيرد اليمن مجدداً وهكذا، لكن هذا الشكل من الحرب غير المفتوحة يعني بشكل حاسم الوصول الى مستوى جديد من التصعيد سيكون اليمن متصدراً له في ظل تنصل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من التسوية التي كان كثر يأملون عقدها بين تل ابيب وحركة "حماس" وعليه فإن التصعيد اليمني – الاسرائيلي سيستغل من قبل المحور المتحالف مع حماس ليكون عامل ضغط على اميركا واسرائيل.
لكن المصادر نفسها ترى ان اقتراب موعد الانتخابات الاميركية سيؤدي الى نتائج كارثية على المنطقة، اذ ان تقدم وارتفاع حظوظ الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ستجعل كوابح منع التصعيد ضعيفة جداً، اولاً لان نتنياهو سيشعر ان تمرير الوقت سيفتح فرصا محسومة للذهاب الى معركة من دون ضوابط او قيود، وثانياً لان بدء الحملات الانتخابية وتراجع الديمقراطيين شعبياً سيفرض عليهم مراعاة اليهود في الولايات المتحدة ما سيؤدي الى اعطاء الضوء الاخضر الكامل وتفويضه اكثر في المعركة الحاصلة.
وتشير المصادر إلى أن ارتفاع سقف المواجهة قبل وصول ترامب قد يكون من مصلحة اعداء تل ابيب ايضاً، اذ ان ايصالها الى مرحلة من الاستنزاف لا تستطيع بعدها اكمال المعركة في عهد ترامب قد يكون عملا استباقيا يمنع التدحرج الى حرب شاملة في المنطقة. لذلك فإن التصعيد الذي سيبدأ من اليمن سيترافق مع تصعيد مماثل من العراق، ولا شيء سيمنع "حزب الله" من الاستفادة من اي قصف او استهداف اسرائيلي لتوسيع دائرة المستوطنات المستهدفة في شمال فلسطين المحتلة ما يزيد من ضغط المهجرين على نتنياهو.
ستكون المرحلة المقبلة التي تفصل المنطقة عن الانتخابات الرئاسية الاميركية اخطر مرحلة في الحرب لانها في لحظة فراغ اميركية وعليه فإن اي قرار مجنون او اقله غير محسوب قد يؤدي الى تدحرج سريع جدا للاحداث وانفجار المنطقة بشكل كامل في ظل التصريحات الايرانية عن ان طهران جاهزة لدخول الحرب بشكل مباشر في حال تعرض "حزب الله" لاي تهديد.
وتعتقد المصادر ان فتح مسارات التسوية امر غير ممكن وسيصبح مستحيلا مع مرور الوقت بإنتظار استلام ادارة اميركية جديدة للحكم في واشنطن وعندها سيتخذ القرار اما بالتصعيد او بالتهدئة وانهاء الحرب، وعندها سيلعب للميدان بشكل واقعي وحتمي دورا كبيرا في تحديد مسار الامور ومستقبل الصراع. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تحية للدبلوماسية المصرية
بعد حوالى ١٥ شهراً من الدمار والدم، جاءت خطوة وقف الحرب الوحشية على قطاع غزة التى انتظرها العالم كله، ومما لا شك فيه أن هذه الحرب كانت مدعاة للألم والحزن فى مصر بقيادتها وشعبها على نحو خاص لاعتبارات عديدة، أبرزها الجوار الجغرافى، إضافة إلى روابط الدين والدم.
وطوال هذه الحرب التى وصلت إلى حد الإبادة، خاضت مصر على كافة الأصعدة صراعات عنيفة لوقف نهر الدم المتدفق ليل نهار، ولم تتخل مطلقاً عن مبادئها الرئيسية قبل المفاوضات أو أثنائها، وفى مقدمتها إنهاء الحرب فوراً وحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
لقد أثبتت كل المنحنيات الخطيرة فى تاريخ نضال الشعب الفلسطينى، أن الدور المصرى ثابت وراسخ مهما حاولت قوى دولية أو إقليمية زعزعته أو إزاحته، بفضل موقعها الجغرافى وابتعادها عن الأطماع، إضافة إلى علاقاتها التاريخية والسياسية مع فصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة.
ويعرف القاصى والدانى، أن مصر بذلت جهوداً دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى اتفاق تهدئة طوال حرب «طوفان الأقصى»، وأجرت محادثات مع جميع الأطراف، سواء من حركتى «حماس» و«الجهاد الإسلامى»، أو القيادة الإسرائيلية فى «تل أبيب»، لضمان وصول المفاوضات إلى نتيجة إيجابية.
وقد استطاعت مصر عبر جهودها الدبلوماسية والمخابراتية، إقناع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بقبول اتفاق هدنة يقوم على أساس التزام متبادل بوقف الأعمال العدائية فى قطاع غزة، ووضع نهاية حاسمة للحرب التى خلفت خسائر ضخمة فى الأرواح وتدمير المنشآت والممتلكات، وتركت صدمة غير مسبوقة فى كل بيت عربى.
وحرصت مصر خلال بنود الصفقة على إعادة الإعمار فى غزة، بما يشمل إرسال مواد البناء والمساعدات الإنسانية، لوقف الجوع والتهجير، وهو ما كان يؤلم قلب كل مصرى على وجه الخصوص.
تؤمن مصر بأن الفترة الحالية فترة اضطراب سياسى فى العالم أجمع، وفى المنطقة خاصة، ولذلك تسعى للحفاظ على استقرار المنطقة من خلال جهود دبلوماسية وأمنية تتعلق بالأوضاع فى فلسطين وليبيا والسودان، وهى البلدان الثلاثة التى تربطها بها رابطة جوار فى الشرق والغرب والجنوب، وتتحرك الدبلوماسية المصرية فى هذه الملفات عبر عقيدة راسخة تتمثل فى الحلول السلمية والمساعدات الإنسانية.
تحية للدبلوماسية المصرية العريقة التى تعمل دون عنتريات فارغة أو خطابة جوفاء، لسلامة المنطقة كلها، والتحية والفرح لشعب فلسطين وأهل غزة الذين واجهوا الإبادة بالثبات والنصر، وأنا على ثقة أنهم مهما طال الزمن منتصرون.