سودانايل:
2024-11-14@03:06:10 GMT

آرنولد توينبي: أنا آسف جداً

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

اشتكي د. حيدر إبراهيم مرة من مقاطعة المثقفين لمحاضرة قدمها. وقلة عناية صفوتنا بطلب المعرفة في مظانها قديمة. فقد حكي لي د. قمرالدين قرنبع أنهم استضافوا في معهد الدراسات الأضافية بجامعة الخرطوم فيلسوف التاريخ الانجليزي آرنولد توينبي في النصف الثاني من الستينات. ولم يحضر لمحاضرته أحد وهو الرجل صاحب النظرة النافذة في منزلة السودان في فريقيا.

والنصيحة: كنت هناك ولم أحضر أنا ايضاً. وحضر د. يوسف عايدابي وخرج مغتماً من المحاضرة وكتب مقالات في الصحف بعنوان "آرنولد توينبي: آسف جداً".
واستفدت من العنوان لاحقاً وكتبت كلمتين عن الأزهري والمحجوب عنوانهما "أزهري او المحجوب: آسف جداً" في جريدة الميدان، يارب! ولم يقيض لي الله بعد مراجعة أسفي حيال مأثرة الرجلين كما يفعل بعض جيلي ومن تبعهم بإحسان او بغيره. فأنا ملحد حيال القداسة التي تحيط قديماً ومؤخراً بالرجلين وأتمني ألا اتوب عن نقضي لمساهمتيهما في السياسية. وقد عبرت عن اسفي هذا للمحجوب و"جهولجا" يوم لقيته في النصف الثاني من الستينات بحضرة حبيبنا الشاعر المجذوب. وتلك قصة اخرى.
قلت أن صفوة الخرطوم تثاقلت عن دعوة معهد الدراسات الإضافية لداعي المعرفة بعلم توينبي. وقال قرنبع أنه خاف على توينبي من الصدمة حين يحضر ويري المقاعد خالية على عروشها. وفكر قرنبع وقدر. ولا تعوز الحيلة قرنبع. فقد اشتهر أنه هو الذي اخترع كل أنواع السلفيات التي تمنحها جامعة الخرطوم لموظفيها من سلفية ضائقات وشدة. فما توجع قرنبع من نقص في المال حتى اقنع الجامعة بوجوب تخصيص سلفية لنوع ضائقته واستفاد وافاد من جاءوا بعده.
قلت أن قرنبع خشي أن يأتي توينبي ويكتشف أن الخرطوم هي عاصمة للجاهلية الأفريقية العربية. وكان قرنبع موفور الحيلة. ألم يخرص النديم المتطفل الذي أفسد الجلسة بإصراره على مناقشة الماركسية وبرهان انها نظرية ناقصة في مجلس أنس وندامي! لقد فعل قرنبع ذلك ولم يتكلف غير تخصصه في اللامعقول. فلما الحف الرجل في الحديث عن نقص الماركسية قال له قرنبع: "يا أخ ممكن بالله. انت الماركسية ناقصة كم صفحة؟" وقيل إن الرجل صمت عن الكلام المباح عن نواقض الماركسية حتى الصباح.
قلت أن قرنبع واسع الحيلة وسرعان ما تفتق عن حيلة ماكرة يضع بها العروش علي كراسي محاضرة توينبي. فطاف بداخليات الجامعة واتصل بالفراشين من وردية الليل وأغراهم بلبس جلاليبهم وحضور المحاضرة. وتعهد لهم أن الجامعة، بجانب تقديرها الأكاديمي لوجودهم في محاضرة توينبي بالطبع، ستصرف لهم "أوفرتايم" جزاء تكرمهم بالحضور. واشترط عليهم امراً واحداً وهو الامتناع عن الاسئلة والتعليق أو المحاضرة الموازية المشهورة في ندوات الفكر المزعومة عندنا.
وقد يقول قائل لماذا احتاج قرنبع إلى هذا الاشتراط والمحاضرة بالإنجليزية على كل حال والفراشون متحدثون بغيرها. وغيرها ليست العربية بالطبع، بل هي لغات حمدها في بطن صديقنا ابو الجعافر الناشط النوبي بلسانه. وهذا اعتراض وجيه علي شرط قرنبع ولكن الدنيا ما معروفة. فبعض الناس لا يمنعه الجهل بشيء من الخوض فيه والافتاء بشأنه. بل أن هذا هو الديدن عندنا. فلربما كان هناك مرمطون سابق مع مستر ويلس أو مكمايكل او هدلستون بيه وأنس بنفسه العلم بالإنكليزية فهماً وكتابة. ولربما طرب هذا المرمطون (معاش) وحن للأيام الخوالي فأبت أريحيته الا بالتطوع بسؤال من شاكلة دونكي مي رايد يو خرطوم بلس بياستر تو . . . ياجنابو.
زادت كلمات العمود عن مقررها. ونقول للمشفقين أن المحاضرة انتهت ولم يعكر صفوها أحد. وقبض المرمطونات أوفرتايم الاستماع الي توينبي. وربما لاحظ توينبي صمت الجمهور ولكنه لا بد قد اعجب بدماثته. وخلا فؤاد الصفوة من علم الرجل حتى اشتكي حيدر بآخرة من تقاعس الصفوة. وقلنا نجدد الذكري فالذكري ناقوس يدق وين مش عارف.
• تخلص قرنبع بظرف عبثي من دعوة من أخي المرحوم زين العابدين لمشاهدة فيلم ما.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

من صاحب المقامات الذي عجز عن تحقيق طلب الأمير؟

(الجزيرة)

وعن بداية قصته مع تأليف المقامات، يروى أن الحريري كان يوما في المسجد، فدخل على القوم رجل فصيح اللسان فاستعطف القوم ببليغ كلامه، فنال عطاياهم. وقيل له من أين الرجل: قال من سروج، وهي بلدة كانت في سوريا قبل 100 عام، وهي اليوم سرج بجنوب تركيا.

وكتب الحريري قصة هذا الرجل ووصف دخوله على القوم في المسجد، وكانت تلك أولى مقاماته.

وعرض المقامة على الأمير، فأعجب بها، فعمل له 10 مقامات، وعرضها الأمير على أهل مجلسه، فقالوا: هذه صنعة لا يمكن لهذا الرجل أن يأتي بها.

فاستقدم الأمير الحريري وطلب منه أن ينشئ رسالة بليغة في المجلس، فانتحى جانبا ولم يفتح الله عليه بشيء، فانصرف إلى بلدته خزيان أسفا، وهناك أتم مقاماته التي بلغت 50 قصة، وعندها أقر له الناس بالفضل.

وذاعت شهرة مقامات الحريري حتى إنه أجاز بتوقيعه 700 نسخة ذهبت في الآفاق.

وجاء في مطلع المقامة الدمشقية: حكى الحارث بن همام قال: "شخصت من العراق إلى الغوطة، وأنا ذو جرد مربوطة، وجدة مغبوطة، يلهيني خلوّ الذّرع، ويزدهيني حفول الضّرع. فلمّا بلغتها بعد شقّ النّفس، وإنضاء العنس، ألفيتها كما تصفها الألسن، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين".

وكان الحريري متواضعا، وأقر في مقدمة مقاماته بأنه قلّد بديع الزمان الهمذاني، أول من ابتدع فن المقامة. غير أن مقامات الحريري تميزت بالمغالاة في الصنعة والإسراف في الألاعيب اللغوية.

وحسب ما ورد في حلقة برنامج " تأملات"، فقد أنشأ كثيرون مقامات، لكن الحريري ظل أشهرهم وأعجزهم.

وكان للحريري، وهو عربي، ضِياع قرب البصرة فيها 18 ألف نخلة، وله كتاب في بيان ما يغلط فيه خاصة المتعلمين سماه "درة الغواص في أوهام الخواص"، وله كتاب أيضا في الإعراب.

12/11/2024

مقالات مشابهة

  • خبير نفساني يكشف 5 أسرار لربط قلب الرجل بزوجته
  • امتحان الصبر على المكارِه..!
  • تتويج جون كراسينسكي بلقب الرجل الأكثر جاذبية لعام 2024
  • رئاسة أركان قوات السلطان المسلحة تنظم ندوة الإدارة الرياضية
  • ترامب .. وإغراء زعامة الرجل القوي
  • من صاحب المقامات الذي عجز عن تحقيق طلب الأمير؟
  • حكم قطع صلاة الفرض لأمر مهم عند الفقهاء
  • توعية طلبة جامعة صحار بمخاطر المخدرات
  • مع مكي في اربعينيته وتبقى الذكرى
  • هوكشتين يروّج لاستئناف وساطته