ما هو المنطق في تتويج المهزوم حاكما مطلقا؟
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
رشا عوض
تتكرر في الاعلام العسكركيزاني هذه الايام فكرة ” ان لا يتحول ما حققه الدعم السريع في الميدان الى مكاسب سياسية او اقتصادية او تقنين لوجوده ضمن المؤسسة العسكرية للدولة”
هذا الكلام يطرح سؤالا منطقيا: لماذا يجب ان تتحول هزائم وتراجعات الجيش في الميدان وفرار جنوده الى دول الجوار الى مكاسب سياسية واقتصادية؟ ما هو المنطق في تجريد المنتصر ميدانيا من اي مكاسب سياسية او اقتصادية واصدار حكم بالغاء وجوده في الدولة نهائيا وفي ذات الوقت يتطلع الطرف المهزوم لتحقيق اقصى المكاسب السياسية والاقتصادية ويرغب في فرض سلطة استبدادية مطلقة تستأصل كل خصومه المدنيين والعسكريين من الدولة السودانية؟
هذه” الرغائبية الطفولية” تعكس مدى الغرور الارعن الذي يتصف به هؤلاء القوم! وهو غرور ممزوج بالغباء!
فهم يعتقدون ان طبائع الاشياء وقواعد المنطق يجب ان تتعطل تماما وتتغير تبعا لمصالحهم ورغباتهم! فهم فوق اي منطق واي قانون!
المنطق الذي يحرم المنتصر من اي مكسب من باب اولى ان يحرم المهزوم وبدرجة اعلى ، اما اذا اردنا وضع اساس اخلاقي متين لتوزيع المكاسب السياسية والاقتصادية في السودان بعد الحرب، بحيث يكون هذا الاساس متعاليا على نتائج الميدان العسكري ومتجاهلا لها ، فيجب ان نتفق على “عملية تاريخية ” لتحويل رصيد الحرب باكمله من انتصارات وهزائم الى الطرف الذي اجبر على دفع فاتورة الحرب التي لم يخترها! الحرب التي اذاقته ويلات الرعب والموت والنزوح والتشرد والجوع والمذلة وفقدان كل عزيز في صراع سلطة وثروة غايته التحكم الانفرادي والمستبد في مصيره! هذا الطرف هو الشعب السوداني! الذي يستحق ان ينال حريته وكرامته في اطار حكم مدني ديمقراطي يحرره من تسلط اي بوت عسكري، سواء بوت الجيش او بوت الدعم السريع او اي مليشيات كيزانية او قبلية، واحد المحطات الرئيسة والمفصلية في هذا الطريق هي اعادة بناء المنظومة العسكرية الامنية في سياق اعادة تأسيس للدولة السودانية ككل، لطي صفحة الحروب وفتح صفحة البناء والتنمية والحرية.
هذا هو المنطق الوحيد المقبول من الناحية الاخلاقية والعقلانية الذي يسمح بمنع تحويل مكاسب الميدان العسكري لرصيد سياسي واقتصادي، وحتى هذا المنطق الاخلاقي لا بد ان ينطوي على قدر محسوب من الواقعية ، بمعنى ان الاطراف المتقاتلة كقيادات وكمقاتلين كي تتوقف عن القتال وتختار السلام تحتاج الى معالجة حكيمة لاوضاعها في اطار تسوية تحقق بعض وليس كل مصالحها ، المهم ان لا يكون ضمن بنود التسوية سيطرة على الحكم تتوكأ البندقية وتعيق اعادة التأسيس، ما عدا ذلك يجب التفاوض الجاد حوله حتى ننجح في اسكات البنادق.
ماذا يحدث لو رفضنا هذا المنطق الاخلاقي؟
مؤكد سوف يشتغل منطق القوة والامر الواقع ، اي منطق ان المنتصر في الميدان العسكري حتما سيحول انتصاره الى رصيد عسكري ورصيد سياسي وقوة اقتصادية ولن يسمح للطرف المهزوم ان يسلبه ذاك الرصيد عبر ابواق اعلامية مشروخة، الوسيلة الوحيدة لتجريد الطرف المنتصر من مكاسبه هي تغيير وضعية الميدان العسكري بحيث ينتصر المهزوم!
وهذا المنطق لن يوقف الحرب في المدى المنظور بل سيؤدي الى استطالتها ومضاعفة تعقيداتها وتبعا لذلك مضاعفة العذاب والمعاناة للمواطنين الابرياء وفتح الباب على مصراعيه لتقسيم البلاد الى مناطق نفوذ متصارعة.
ايقاف الحرب يستوجب ان تتفق كل الاطراف العسكرية والمدنية على استحالة عودة عجلة الزمن الى الوراء وحتمية الانتقال التاريخي الى مربع جديد.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المیدان العسکری
إقرأ أيضاً:
«وقف الأب».. تتويج لمسيرة التطورات النوعية في الحملات الرمضانية
دبي: «الخليج»
قصة نجاح عالمية مبهرة وملهمة لما يعدّ اليوم أكبر حراكاً إنسانياً وطنياً في العالم، يشارك فيه مجتمع الإمارات بأكمله، في مشهد يقدم أروع نموذج للعطاء في سبيل المساهمة في دعم شعوب الأرض للتغلب على تحدياتها الأكثر إلحاحاً بدءاً من الجوع وبما لا يقف عند تحديات التعليم والصحة.
هذا الحراك الاستثنائي رسخته سلسلة النجاحات التي حققتها الحملات الرمضانية التي اعتاد على إطلاقها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال الشهر الفضيل، متوجاً هذه النجاحات خلال العام الحالي بإطلاق حملة «وقف الأب»، لتكريم الآباء في دولة الإمارات بإنشاء صندوق وقفي مستدام بقيمة مليار درهم، يخصص ريعه لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين وغير القادرين.
القصة بدأت عام 2020، بحملة «10 ملايين وجبة»، لتشهد تطورات نوعية غير مسبوقة في ظل ما حظيت به من تفاعل كبير وتجاوب شامل من مجتمع الإمارات، فجاءت هذه التطورات بالتوسع حجماً عبر حملة «100 مليون وجبة» عام 2021، ثم «مليار وجبة» عام 2022، بعدها شهدت سلسلة الحملات نقلة نوعية، بالتحول نحو الوقف من خلال حملة «وقف المليار وجبة» عام 2023، مستهدفة تأمين شبكة مستدامة لمواجهة تحديات الجوع في الدول والمناطق الأقل حظاً.
ثم جاءت حملة «وقف الأم» في تحول نوعي ومبتكر، مستهدفة في المقام الأول تكريم الأمهات والثاني أن يأتي هذا التكريم عبر المساهمة باسم الأم في إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم لتوفير التعليم لملايين الأفراد في العالم وهو من القطاعات المهمة في تمكين المجتمعات والنهوض بها.
واليوم، تستكمل هذه الحملات، سلسلة نجاحاتها وتطورها النوعي، بإطلاق حملة «وقف الأب» التي تستهدف، هذا العام، قطاعاً حيوياً جديداً يعاني تحديات عالمية كبيرة وهو قطاع الرعاية الصحية، حيث شهدت الحملة قبل أن تبدأ تجاوباً فاق النجاحات السابقة، فما الذي ترسخه هذه الحملة الجديدة في مسيرة الحملات الرمضانية؟ وكيف تطورت هذه الحملات وصولاً إلى هذه المكانة المتفردة؟
في صدارة أهدافها العليا، تضاعف «وقف الأب»، الدور المهم لسلسلة الحملات في ترسيخ القيم والسمات الأساسية التي يتميز بها مجتمع الإمارات ومع انطلاقها تماشياً مع إعلان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص 2025 ليكون «عام المجتمع» في دولة الإمارات تحت شعار «يداً بيد»، تعمل «وقف الأب»، باستهدافها تكريم الآباء، على المساهمة في تعزيز التماسك المجتمعي وإعلاء دور الأب في تحقيق هذا التماسك بما يمثله من ركيزة قوية لاستقرار الأسرة وكونه القدوة والسند ومصدر القوة والحكمة والأمان في حياتنا جميعاً.
وثاني القيم والسمات الإماراتية التي تواصل الحملة تعزيزها هي قيمة العطاء التي أصبحت منظومة راسخة وثقافة مجتمعية شاملة وهوية تعرف بها الإمارات عالمياً عاصمة للإنسانية، حيث نجحت سلسلة الحملات في جعل الإمارات، كما يقول صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، في تأكيده أهدافها «لنكون من أكثر الشعوب عطاءً وتراحماً وتعاطفاً مع معاناة غيرنا».
وضمن أهدافها المهمة أيضاً، تواصل «وقف الأب» تأكيد أهمية قيم التكاتف المجتمعي ومحبة الخير للجميع وتقديم نموذج لما يمكن أن تصنعه هذه القيم من فارق في تحقيق الإنجازات ومواجهة التحديات ومع ما تخدمه الحملة من تعزيز هذه القيم في مجتمع الإمارات، فإنها تبث عبر نجاحاتها رسالة إلى العالم أجمع بأهمية هذا التكاتف في معالجة التحديات الملحة التي تواجه البشرية، وقدرة العالم على التغلب عليها، بالتضامن بين دوله وشعوبه.
وبتركيز «وقف الأب» هذا العام، على الرعاية الصحية، فإنها تضيء على أهمية هذا القطاع في تمكين الإنسان وحماية حياته وتحقيق استقراره، حيث إن الإنسان أولوية جميع المشاريع والمبادرات التنموية.