سودانايل:
2025-03-17@14:59:40 GMT

أوراق شمعون المصري… رواية متجاسرة

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد

إن كان الأديب العالمي الأستاذ نجيب محفوظ قد قدم ملحمة أولاد حارتنا بتجاسر أدبي ينحو بإتجاه مكثف لتاريخ الخليقة منذ أن تبدت له في مورثاتها المشرقية المجللة بالرموز والنصوص في قالب يستلهمهما ويغوص في اعماقهما ويقتطف منهما عملا ابداعيا متخيلا وواقعيا. يسرد فيها عذابات الإنسان واشواقه وتطلعاته لقيم العدل وتحققه ونواياه في الاحتفاظ بما أنجز من تلك القيم دون أن تتآكل بفعل آفة هي سمة الحارة المائزة وجوهر مادتها التي ترتد إليها كلما بلغ من الكمال مبلغا.

آفة ما إنفك الظلم يعيش عليها كلما شاءت له الاقدار أن ينيخ بكلكله على كاهل أهل الحارة... تلكم هي آفة النسيان.. والنسيان هو غفوة العقل وغفلة الضمير عما يقيم الحياة ببعدها الإنساني عندما يُتاح له بعد جهيد جهيد أن يصرع الظلم بمباركة (الجد الأكبر)... هكذا نفذت بصيرة نجيب الفنية لتوظيف الموروث الديني في تلك الملحمة بتجاسر لا يجرؤ عليه إلا كاتب تمكن من أدوات عمله وعلمه كما فعل نجيب محفوظ.
قد يكون من العسير تصور أن كاتباً قد يأتي بعد الأستاذ نجيب ليفتح مغاليق ذلك الموروث ليصيغ منه قصصاً أو أوراقاً فيما يُمكن أن يُسمى أدب السير والرحلات بتوظيف المخيال في التاريخ ليسجل ملحمة أخرى هي أقرب للمجازفة منها لأي شئ آخر... ليطل عمل روائي ملحمي مبدع تتداعى فيه الأحداث بصورة مدهشة فينتقل الحكي كما ورد في العديد من سور القرآن- حتى ليصعب على القارئ فرز الخيال من التاريخ، بل في أحيان قد تحمله الدهشة ليعاود التأمل في السرد من خلال نص قرآني متنقلاً بين سور البقرة وآل عمران والأعراف والكهف وغيرها في سيرة بني إسرائيل. ليجد نفسه أمام ملحمة جديدة مستلهمة هذه المرة من القصص القرآني وإن بجراة أقل ومباشرة أكثر مما فعل الأستاذ نجيب، لكنها لا تقل عظمة لا في النوع ولا في المحتوى... فرواية (أوراق شمعون المصري) هي حكاية التيه الذي ضُرب على بني إسرائيل في الوصول الي الأرض المقدسة ليكابد الإنسان أهوال التيه وليكتشف أنه ليس في البيداء ولا في الصحاري ولا في مكابدة الأسفار وتواصل التسيار، وإنما بالنظر للداخل في أغوار النفس البشرية، حيث يستكنُّ اليقين ويقيم المقدس وتتفجر ينابيع الحكمة وتنصت الروح لذلك الصوت الأبدي الذي جُبلت على سماعه من لدن بدء الخليقة...
فبرغم أن الرواية تبدو توديناً ليوميات رحلة التيه في عمق برية سينا، وأنها عذاب حاق ببني إسرائيل، إلا أنها تفاجئ القارئ بنهاية تفضح مشروع التسلط والتغول على حق الآخرين في أرضهم بمبرر "الميعاد" لشعب الله المختار وبالتالي تنسف فكرة "المشروع الصهيوني" برمته وكل ما اكتنفه من أساطير ودعاية مدعومة بآلة اعلامية ماضية ... فبرغم أن الهدف من الرحلة التي تم تدوينها كان يصبو للوصول للأرض المقدسة، إلا أن الكاتب يقرر بعد كل ذلك الرهق المضني من "سِفر الخروج" البحث عن الأرض المقدسة ليست سفراً قاصداً وإنما فكرة جسدها الكاتب بذكاء مفرط في قوله على لسان شمعون المصري :(أن الأرض تتقدس حين تسود فيها عدالة السماء، فإذا عمّ فيها الظلم والجور فهي أرض ملعونة ولن يشفع لها بيت ولا حجر، وعلمت أن الإنسان هو أسمى ما على الأرض وأن الرب يسرّه أن تعمر القلوب بالإيمان على أن تُعمر بيوته بقلوب خاوية... ص 538) هكذا إذن توجد الأرض المقدسة حيثما وجدت اشتراطاتها المندغمة في العدالة وعمار القلوب بالإيمان. لا وطن يُختلق اختلاقاً ولا أرض تُغتصب اغتصاباً بتصور من وعد لم يتحقق لنبي مرسل.
فكما تبدأ الرواية بالرحيل ودون أن تنتهي الرحلة يختار كاتب الأوراق ألا بستأنفها ويتمسك بأثر النبي - موسى- لقيم حيث أقام الي أن تنتهي حياته ليكون قد أصاب هدفه بعد عهد تطاول فيه الارتحال والتيه. لينعم هو بحياة أبدية مستقرة حينما يسدل جفنيه لمعانقة محبوبته (زوجه- أروى) ليقرر أن تكون نهايته في الموضع الذي قضت فيه نحبها، ثم يسأل القارئ في ختام أوراقه - المتخمة بالمتعة والممتدة على مدار ستون عاماً وثمانية أشهر - أيّاً مَن كان ذلك القارئ أن يدعو له بالرحمة والغفران... لينقل الكاتب للقارئ تلك الوصية بمشاعر أمينة لتثير في النفس نوازع شوق متجدد لشمعون المصري، وليرتبط معه القارئ بوشيجة حب قد لا يدري كنهها أو أصل منبعها، وبلا شك تمتد تلك الآصرة بذات الحب والتقدير لعبقرية مؤلف هذا العمل المتاجسر د. أسامة عبد الرؤوف الشاذلي.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

هكذا نسج الاحتلال الإسرائيلي رواية كاذبة لتبرير مجزرة بيت لاهيا

قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن جيش الاحتلال يستخدم ادعاءات مفبركة لتبرير المجزرة التي ارتكبها في بيت لاهيا شمال القطاع، أمس السبت، وراح ضحيتها صحفيون وناشطون في العمل الإغاثي.

وأوضح أن ‏البيان الذي نشره الناطق باسم جيش الاحتلال لتبرير مجزرة بيت لاهيا، "يثبت مجددا أن هذا الجيش وقادته يرتكبون الجريمة ثم ينسجون الأكاذيب والفبركات من وحي خيالهم الإجرامي المريض".

ولفت إلى أنه يحاول تضليل الرأي العام العالمي باتهامات باطلة ضد ضحايا المجزرة، وادعاءات ليس عليها أي دليل، "وتضخيم إنجازهم الوهمي بهذه الجرائم وإعطاءها صورة تخالف حقيقتها، بوصفها عمليات أمنية وبمشاركة ما يسمى الشاباك".

أكاذيب لتبرير المجزرة

وكشفت الحكومة في غزة، أن تفاصيل تتعلق بأكاذيب لجيش الاحتلال، ومنها، أن ‏الصورة المعرفة للشهيد بلال أبو مطر ليست صورته، "وهذا دليل على عشوائية الاحتلال واختلاقه لمبررات كاذبة".



‏وأضاف أن الاسم الكامل المدرج في البيان للشهيد محمود اسليم، ليس صحيحا وهو يعود لشخص آخر ما زال على قيد الحياة، أما الشخص المذكور في البيان باسم "صهيب النجار" فهو لا يعمل ضمن الطاقم ولم يكن بين شهداء المجزرة أساسا.

كما أوضح أن الاسم المدرج للشهيد محمد الغفير ليس صحيحا، متسائلا: "إذا كان جيش الاحتلال ومخابراته لا يعرفون اسمه كاملا، فكيف يملكون المعلومات المذكورة عنه؟".

وبين أن الشخص المذكور باسم "مصطفى حماد" ويصفه بيان الجيش بـ"الإعلامي والناشط"، لم يكن ضمن الطاقم، وليس له علاقة بالعمل الإغاثي أو الإعلامي.

ولفت المكتب الإعلامي إلى أن بعض الأسماء جرى تداولها إعلاميا على بعض وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يثبت عدم صحتها ويتم التدقيق في هوية شهداء المجزرة.


 وقال إن هذا يعني أن جيش الاحتلال اعتمد على جمع هذه البيانات والأسماء الخاطئة، وألصق بها التهم والادعاءات المذكورة على عجل ودون تكليف نفسه عناء البحث والتحقق.

‏وشدد المكتب على أن جريمة جيش الاحتلال في بيت لاهيا بحق الطاقم الإغاثي والإعلامي المرافق له، تمت عن سبق إصرار وترصد، إذ إنه قصفهم مرتين بعد ملاحقتهم، وكان الجيش على دراية وإطلاع بطبيعة عملهم الإغاثي الذي وثقته طائراته المسيرة وكاميراته التجسسية المنتشرة بالقرب من مكان الجريمة.

وختم "الإعلامي الحكومي" بيانه بالتأكد أن محاولات التضليل والكذب التي يمارسها جيش الاحتلال وناطقوه، "لن تعفيهم من المسؤولية عن هذه الجريمة".

وكان تسعة فلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون، في استهداف طائرة مسيرة للاحتلال لطواقم عمل مؤسسة "الخير" الخيرية، في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

مطالبات لبريطانيا بالتدخل

من جانبها خاطبت مؤسسة المساعدات الطبية لفلسطين المسجلة في بريطانيا، الحكومة البريطانية، لاتخاذ إجراءات من أجل حماية العاملين في المجال الإغاثي، بعد المجزرة التي ارتكبت بحق نشطاء الإغاثة والصحفيين العاملين في مؤسسة الخير الخيرية المسجلة في بريطانيا رسميا.

????MAP calls on the UK Government to take immediate, effective action to protect humanitarian workers following an attack by Israeli forces on a vehicle carrying aid workers from the UK-registered charity Al Khair Foundation and journalists, in northern Gaza, on Saturday 15 March. — Medical Aid for Palestinians (@MedicalAidPal) March 16, 2025

وقدم النائب البريطاني، تعازيه إلى أسر الشهداء وطلب من الحكومة البريطانية التحقيق في الموضوع، فيما غردت شخصيات أخرى للمطالبة بدعم المؤسسة التي تقدم العون في غزة.

Distressing news from Gaza. My heart and deepest condolences goes out to the Al Khair Foundation following the shocking killing of their volunteers and journalists in Gaza. I will be personally contacting the charity, which has offices in my constituency and writing to the… — Shockat Adam MP (@ShockatAdam) March 15, 2025
Less than an hour ago Israel broke the ceasefire in Gaza to kill humanitarian aid workers in Palestine. All worked for the British charity @alkhair Don’t get angry, get even. Punish the Zionists by donating to Al Khair by phoning their hotline 03000 999 786 in answer to the Beit… pic.twitter.com/r7pd2RrU3m — Yvonne “Newcastle” Ridley (@yvonneridley) March 15, 2025

مقالات مشابهة

  • هذا موعد إنطلاق أول رحلة للحجاح الجزائريين نحو البقاع المقدسة
  • محمود الشحات أنور: البيت الطيب يخرج زوجة حسنة .. فيديو
  • أمانة العاصمة المقدسة تطلق مبادرة بسطة خير السعودية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية
  • هكذا نسج الاحتلال الإسرائيلي رواية كاذبة لتبرير مجزرة بيت لاهيا
  • تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة
  • الرقم الصعب .. ما أوراق دمشق للضغط على الموحدين الدروز؟
  • أوراق «القوة» الإيرانية تظهر.. الكشف عن إنجاز عسكري جديد
  • إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركا
  • تأملات في الكتابة عن العبقرية
  • أمانة العاصمة المقدسة توقّع 13 مذكرة لتعزيز البيئة الاستثمارية في مكة